لافروف يتهم الاطراف "المؤثرة" على المعارضة السورية بتشجيعها على مواصلة القتال
اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاثنين الاطراف "المؤثرة" على "المعارضة السورية" بتشجيعها على مواصلة القتال بدلا من دفعها الى الجلوس على مائدة المفاوضات. وقال لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو "لسنا نحن الذين نتمتع بالتأثير الحاسم على المعارضة" السورية و"اعتقد ان الذين يتمتعون بهذا التأثير لابد ان يبذلوا الجهد لتنفيذ اتفاقيات ومبادئ جنيف" وتشجيع المعارضة على "الجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة لمناقشة برامج ومواعيد المرحلة الانتقالية". وتابع ان "بعض" الذين شاركوا في اتفاق جنيف "يفضلون ان يوحدوا المعارضة ليس على قاعدة المفاوضات وانما على قاعدة مواصلة الاعمال القتالية".
ويتضمن اتفاق جنيف مبادىء لعملية انتقالية في سورية وتم تبنيه في 30 حزيران/يونيو في جنيف من جانب مجموعة العمل حول سورية ولا يتضمن هذا الاتفاق دعوة الرئيس بشار الاسد الى التنحي.
إلى ذلك شكك لافروف بنوايا الدول الغربية تجاه سورية وخاصة لجهة التوصل لحل سلمي للأزمة فيها قائلا "لو كان اللاعبون الخارجيون مهتمين بتطبيق بيان جنيف القائم على التوازن فالمفروض بهم ان يسعوا للبدء بالحوار بين السوريين وليس استبداله بتراكيب اجتماعية وفرض تشكيلات في الخارج على غرار /حكومة بالخارج/ ".
ولفت لافروف في حوار مع صحيفة الأهرام المصرية إلى أن لدى روسيا "انطباعا بأن الشركاء الغربيين لا يريدون للسوريين انتقالا متفقا حوله بل يريدون تغييرا فظا للنظام بالقوة المسلحة وانهم على هذا الأساس بالذات يحاولون توحيد صفوف المعارضة".
وجدد لافروف موقف بلاده الداعم للحل السلمي في سورية عن طريق الحوار مؤكدا أن روسيا لا تقف الى جانب اى من الاطراف وتتعاطف مع الشعب السوري كما كانت منذ البداية مع سرعة وقف إراقة الدماء وضد العنف المسلح ايا كان مصدره ومع التسوية السلمية للأزمة من خلال الحوار الشامل الواسع بين السوريين انفسهم.
وأجرى لافروف مقارنة موضوعية بين مواقف روسيا ومواقف الأطراف الدولية الأخرى المعنية بالأزمة في سورية مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تدين فيه روسيا على الدوام اي انتهاك لحقوق الانسان فى سورية من اي جهة كانت تقوم الاطراف الخارجية الاخرى وبلا ترو بتاييد المعارضة المسلحة حتى انها تبرر ما تقوم به هذه المجموعات المسلحة من أعمال إرهابية.
وشدد وزير الخارجية الروسية على ان روسيا وعلى النقيض من لاعبين دوليين واقليميين آخرين كثيرين تواصل الاتصالات سواء مع الحكومة السورية او مع قطاع واسع من القوى المعارضة مضيفا.. إننا نبذل الجهود من أجل تشجيع كل القوى في سورية على بدء المفاوضات وحملها على التخلى عن تبنى الخيار العسكرى.
وعبر لافروف عن استغراب روسيا أن يرى البعض في مواقفها ما يعرقل الحوار بين الأطراف في سورية وخاصة أنها تستند إلى صيغة تلقى مباركة دولية لتعزيز التسوية فى سورية وبما يتفق مع القرارين 2042 و2043 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي وبيان جنيف الصادر عن مجموعة العمل في الثلاثين من حزيران الماضي.
وأوضح لافروف أن الاتفاق في جنيف لم يتطرق لمثل هذه التشكيلات التي يتحدث عنها البعض اليوم بل جرى الاتفاق حول تحفيز حكومة الجمهورية العربية السورية والمعارضة على تشكيل هيئة ادارة انتقالية على اساس الوفاق المتبادل ولذا فاننا وكذلك كل المشاركين الاخرين فى مجموعة العمل الدولية فى جنيف مدعوون إلى العمل مع كل الأطراف بما فيها الحكومة السورية.
وأشار لافروف إلى أن الحكومة السورية استجابة لدعوة مجموعة العمل الدولية حددت ممثلها فى المفاوضات حول موضوع تشكيل هيئة الادارة الانتقالية اما المعارضة فترفض تحديد ممثليها وهو ما يؤيدها فيه زملاؤنا الغربيون.
ووضع وزير الخارجية الروسي التعاون التقني العسكرى بين سورية وروسيا في نصابه القانوني مؤكدا أنه موجه نحو دعم القدرات الدفاعية لسورية فى مواجهة الخطر الخارجى المحتمل وهذا ما تثبته الصادرات العسكرية الروسية الى سورية التي تتسم بطابع دفاعي ولا تتناقض مع المعاهدات الدولية.
وتساءل لافروف كيف يوفق الغربيون بين إعلان مبادئء القانون الدولى الذى اقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1970 الذي ينص على انه ما من دولة تستطيع تنظيم او دعم أو تمويل العمليات المسلحة التى تستهدف الاطاحة بالقوة بنظام دولة أخرى وما يقومون به من تقديم مختلف انواع الدعم لفصائل المعارضة المسلحة ناهيك عن أن مقاتلى القاعدة يقاتلون أيضا في سورية وهو ما يدفع الغرب الى التفكير فى احتمالات ان يقع ما يصدرونه من أسلحة بشكل غير شرعي إلى سورية فى ايد غير أمينة.
واعتبر وزير الخارجية الروسي انه بات من الواضح انه لو قامت كل البلدان التى اتفق ممثلوها فيما بينهم فى جنيف حول الأساس المتوازن للتسوية السياسية للازمة في سورية بالضغط على الحكومة وعلى كل مجموعات المعارضة على حد سواء وارغامهم على وقف كل العمليات القتالية والجلوس إلى مائدة المفاوضات لكانت فرص نجاح المبعوث الدولي إلى سورية الأخضر الابراهيمى أكبر بكثير.
وقال إننا نضع دائما نصب أعيننا التمسك بمبادئ إعلاء القانون الدولي ورفض المعايير المزدوجة لدى تحديد الخط السياسي الخارجي لروسيا وهذه القاعدة تحكم تصرفاتنا تجاه القضايا الدولية وما يحدث فى الشرق الاوسط بما فى ذلك فى سورية ليس استثناء كما اننا ندافع عن ثبات المبادئ الأساسية للقانون الدولى من احترام استقلالية الدول ووحدة اراضيها وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية.
وأضاف لافروف أننا ننادى بقوة من اجل توطيد السلام العالمى والأمن والاستقرار وندافع عن حقوق كل الشعوب بمن فى ذلك السوريون فى تقرير مصائرها بانفسها دون املاءات خارجية ومن بابا ولى بدون اى تدخل عسكرى خارجي ويلقى مثل هذا الموقف المسؤول من جانب روسيا تفهم الاخرين فى العالم وفى المنطقة وبين السوريين انفسهم كما ان القوى السياسية التى طالما انتقدت سياسات روسيا الاتحادية فى السابق بدأت تتفهم مواقفنا تجاه الأزمة في سورية وتأكيدا على ذلك فقد بدأ اكبر عدد من اللاعبين المنخرطين فى الشأن السوري يستمعون الينا وبدأ اسم "بيان جنيف"يتردد كثيرا.
وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أن اتصالاته مع نظرائه في البلدان العربية بما فى ذلك على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك تنفي الافتراضات حول أن السياسة الروسية تجاه سورية أثرت سلبا على مكانة روسيا فى الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وتابع لافروف :بالطبع يظل هناك فى مختلف بلدان العالم بما في ذلك منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وفى سورية نفسها من يتمسك باسقاط النظام الحاكم بكل الاشكال ودون اعتبار لأن هذا النهج محفوف بوقوع مزيد من الضحايا بين المدنيين لكن هؤلاء لا يهتمون بانقاذ اكبر عدد من البشر من خلال وقف اطلاق النار وبدء الحوار بين الحكومة والمعارضة بل يهتمون اكثر بالاجهاز على النظام بأى ثمن.
وأكد وزير الخارجية الروسي أن هؤلاء واذ يبتغون تنفيذ اجندتهم الجيوسياسية يحاولون تمرير رؤاهم غير المستقلة تجاه سورية وتشويه مواقف روسيا وللاسف ليس من السهل دعوة هؤلاء إلى الاهتداء بالعقل السليم لكنهم ومع ذلك يظلون اقلية فى الغالب الأعم.
وبخصوص تقييمه للموقف الايراني من الازمة في سورية لفت لافروف إلى أن إيران تولي اهمية كبرى للجهود المبذولة لمنع التدخل الخارجى في الشؤون السورية الداخلية وقد جرى تسخير كل قدرات حركة عدم الانحياز التى عقدت قمتها فى العاصمة الايرانية في آب الماضي لخدمة هذه الاهداف كما ان ايران انضمت إلى بيان جنيف الذى توصلت إليه مجموعة العمل حول سورية والذى نص بالاجماع على مباركة معايير عملية التحول السياسى إلى النموذج الجديد لادارة الدولة وقد شارك الوفد الايرانى مع ممثلى مصر وتركيا في الجهود الاقليمية الرامية الى وضع احكام بيان جنيف حيز التنفيذ كما ان ايران شأنها شأن روسيا ايدت مبادرة الإبراهيمى حول وقف اطلاق النار خلال أيام عيد الأضحى التي وللأسف لم يكتب لها النجاح.
وتابع الوزير لافروف أنه على الرغم من كل ما تشهده المنطقة من أحداث فإن حل القضية الفلسطينية يظل حجر الزاوية للسياسة في المنطقة وينبغي الا تكون فيه الاوضاع المضطربة التى تعصف بالمنطقة مبررا للتوقف عن العمل فى هذا الاتجاه بل على العكس فمن الواجب وفى مثل هذه الظروف بالتحديد استئناف المفاوضات التي يمكن ان تترك تاثيرا طيبا على المناخ العام فى المنطقة.
وقال إن الأمريكيين رفضوا عقد الاجتماع الوزاري التقليدي للجنة الرباعية الدولية على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي في نيويورك بينما ظلت روسيا تنادي بقوة لعقد الاجتماع الوزارى وهو ما حظى بتأييد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وعبر لافروف عن قلق بلاده من استمرار الاستيطان الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مؤكدا أن ذلك لا يساعد على تحقيق الأجواء المناسبة لسرعة استئناف عملية المفاوضات على الأسس الدولية المشروعة المعترف بها.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد