فَهْمُ سببِ التدخُّلِ الروسيِّ في سوريّة
الكاتب: Samuel Charap, Elina Treyger, Edward Geist ترجمة - لينا جبور
يتناول هذا التقرير أسئلة بخصوص، أين – خارج أوراسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي وتحت أي ظروف– يمكن لروسيا أن تتدخل مرة أخرى، عبر تحليل العوامل التي تدفع صناع القرار في موسكو على التدخل. تمت معالجة هذه الأسئلة في جزأين اثنين. أولاً، فحص قرار تدخل روسيا في سورية عن كثب في أيلول/سبتمبر 2015. يمكننا أن نفهم بشكل أفضل ما الذي قد يدفع القرارات المستقبلية إلى تصعيد تدخلات روسيا إلى المستوى الذي شهدناه في سورية، وذلك بعزل العوامل السياسية والعسكرية الرئيسة التي عجلت التدخل في قضية سورية. كما أنه يعطينا أساساً لمقارنة تلك القضية بقضايا التدخلات الروسية الأخرى على نطاق أقل في الآونة الأخيرة.
ثانياً، نستمد رؤى بخصوص نهج موسكو، من حالات التدخل الأخيرة على نطاق أقل. ويمكننا أيضاً رسم تصورات لما يجب تغييره في تلك الحالات من أجل زيادة حجم التدخل الروسي.
الملخص التنفيذي للتقرير
فاجَأ التدخُّلُ العسكريُّ الروسيُّ في الحرب السورية، الذي بدأ في أيلول/سبتمبر 2015، حتى أقرب المراقبين لسياسة موسكو الخارجية والأمنية. كان الرأي المتفق عليه منذ مدّة طويلة بين مراقبي روسيا، هو أنه لن تتمَّ دعوة الجيش للانخراط في حملات عسكرية خارج البلاد أبعد بكثير من الحدود القريبة، وهو الجوار المباشر لروسيا في أوراسيا ما بعد الاتحاد السوفياتيّ. كانت رهانات روسيا في نظام الرئيس بشار الأسد في سورية مهمة بشكل واضح، لكن فكرة أن الكرملين سيخاطر بقواته لإنقاذه كانت مستبعدة. ومع ذلك، هذا ما حدث بالضبط.
النتائج الأساسية
•نتج قرار التدخُّل في سورية عام 2015 عن التقاء غير عاديٍّ لعوامل المحركات السياسية وعوامل التمكين للجانب العسكريّ.
•تبرز ثلاثة عوامل سياسية كمحرك رئيس للقرار: تصوّر أنّه يمكن منع النتيجة العسكرية السلبية الوشيكة –المتمثلة في انهيار نظام الأسد– بالتدخل؛ الاعتقاد بأنه سيكون لهذه النتيجة تأثيرات أمنية خطيرة؛ والرأي القائل: إنَّ الوسائل البديلة (مثل الدبلوماسية) أثبتت فشلها.
•شكّلَ العديد من العوامل التمكينية الخاصة بالنزاع السوري شروطاً مسبقة ضرورية للتدخل: الوصول الجوي إلى المنطقة، والإذن باستخدام الموانئ والقواعد الجوية، ووجود حلفاء على الأرض.
•كان التدخل أقل من أن يكون مباشراً: كالذي رأيناه في سورية في عام 2015، ولكنه أكبر من مجرد الدبلوماسية، إذ يتطلب الحضور في منطقة النزاع والتهديد (كما هو الحال في أفغانستان)، ويَعد بفوائد جيوسياسية كبيرة (كما في ليبيا). إن عدم وجود تهديد مباشر والحد الأدنى من المكافأة الجيوسياسية يفسِّران سبب محدودية تورط الدبلوماسية الروسية في اليمن حتى الآن.
•من غير المرجح أن تتدخل روسيا على نطاق مماثل لتدخلها في سورية 2015، في أي من الدول الثلاث الأخرى التي تمت ملاحظتها في هذا التقرير –ليبيا واليمن وأفغانستان. حيث تغيب محرضات التدخل فيها حالياً.
•ومع ذلك، في حالة ظهور محركات أو محرضات للتدخل كالتي وجدت في سورية –تمثيلاً لا حصراً، تقدم "داعش" في شمال أفغانستان– سيجعل روسيا تزيد من حدود تدخلها.
في ضوء هذه الرقابة التحليلية، من المهم طرح سؤال حول أين يمكن أن تفاجئ روسيا الولايات المتحدة مرة أخرى عن طريق الانخراط في تدخل عسكري خارج منطقة أوراسيا ما بعد الاتحاد السوفياتيّ. وسيحدد مدى النجاح النسبي لعملية روسيا في سورية احتمالات التدخل المستقبلية.
يتناول هذا التقرير أسئلة حول أين وتحت أي ظروف، يمكن أن تتدخل روسيا خارج منطقة أوراسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، وتحليل العوامل التي تدفع عملية اتخاذ القرار في موسكو تجاه التدخل. نعالج هذه الأسئلة في جزأين. أولاً، نبدأ بالبحث عن كثب في قرار تدخل روسيا في سورية في أيلول/سبتمبر 2015. بعد عزل العوامل السياسية والعسكرية الرئيسة التي أدت إلى التدخل في قضية سورية، يمكن لنا أن نفهم بشكل أفضل ما الذي يمكن أن يدفع القرارات المستقبلية لتصعيد التدخلات الروسية إلى المستوى الملحوظ في سورية.
كما أنه يوفر لنا أساساً لمقارنة حالة التدخل الروسية في سورية بالنسبة للتدخلات الروسية الأخرى الأقل حجماً في السنوات الأخيرة.
ثانياً، نستمد رؤى ثاقبة من هذه الحالات الأخيرة في ما يتعلق بنهج موسكو تجاه الإجراءات على نطاق أقل. يمكن لنا أيضاً أن نستخلص ما الذي تغيّر في تلك الحالات لزيادة حجم تدخل روسيا.
التوصيات
•يجب على صانعي القرار المدنيين والعسكريين الأمريكيين افتراض أنّ روسيا لن تحجم عن التدخل في أي صراع يؤثر في مصالحها.
•يجب أن يتوقع الجيش الأمريكي وجود قوات روسية، حتى وإن كانت على نحو سري أو بأعداد قليلة، في أي منطقة نزاع تقريباً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وما بعدها. يجب أن يكون المخططون دائماً على دراية بالمصالح الروسية في كل بلد من بلدان المنطقة، ويتوقعون منافسة على أساس النفوذ والتأثير في تلك الدول التي حققت فيها موسكو اختراقات دبلوماسية وسياسية - عسكرية.
الجمل بالتعاون مع مركز دمشق للدراسات
إضافة تعليق جديد