فلسطينيو سورية الأوفر حظاً بين فلسطيني الدول العربية
يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سورية عام 2007 بنحو 453 ألف شخص وسيصل هذا العدد الى 488 ألف لاجئ فلسطيني بحلول عام 2010 تبعاً لمعدل النمو الذي يصل الى نحو 2.5 في المئة سنوياً. وبحسب معطيات المجموعات الإحصائية السورية يقيم 68.8 في المئة من هؤلاء في العاصمة السورية دمشق، والمخيمات القائمة في ضواحيها مثل اليرموك وسبينة وجرمانا وخان الشيخ والسيدة زينب وذانون والرمدان والحسينية. في حين يتوزع الباقون (31.2 في المئة) على المدن الأخرى: اللاذقية وحلب وحماه وحمص ودرعا والمخيمات القائمة فيها، وفي شكل عام يقيم في المخيمات المعترف بها من جانب وكالة الغوث (الأونروا) نحو 30 في المئة من إجمالي مجموع اللاجئين في سورية وترتفع النسبة الى 60 في المئة اذا اخذنا في الاعتبار سكان مخيم اليرموك من اللاجئين الفلسطينيين. وتنتشر في سورية 110 مدارس ابتدائية وإعدادية تابعة للوكالة تستحوذ على النسبة الأكبر من أعداد اللاجئين في سن الدراسة الإلزامي، اضافة الى ذلك تدير الوكالة 23 مركزاً صحياً في المخيمات الفلسطينية في سورية والتجمعات الفلسطينية الأخرى. ولا تشمل الأرقام المذكورة، اعداد العرب الفلسطينيين الذين وفدوا عامي 1967 و 1970 حيث ان هؤلاء غير مسجلين في قيود «الأونروا» في سورية. وعليه فإن العدد الفعلي للاجئين الفلسطينيين في سورية، يتجاوز الرقمين المذكورين اعلاه. بيد ان العدد الأكبر منهم، وصل بعد نكبة 1948، والاقتلاع القسري الذي تعرض له الفلسطينيون، الذي ادى الى طرد 580 ألفاً من الفلسطينيين خارج ارضهم، ووصل من بين هؤلاء 85 الفاً الى سورية، يمثلون 10 في المئة من اللاجئين عام 1948، واستمرت عمليات الترحيل المحدودة للفلسطينيين الى سورية، حتى نهاية النصف الأول من الخمسينات. وتعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سورية، في شكل اساس، الى مناطق صفد وحيفا والناصرة وطبريا و90 في المئة من اللاجئين هم من الجليل والساحل الفلسطيني. ونتيجة ظروف سياسية واجتماعية واقتصادية، مرتبطة بما يتعرض له الشتات الفلسطيني من أزمات، فقد جاءت الى سورية عام 1956، أعداد من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ودول مضيفة أخرى، وشكل هؤلاء فئة خاصة من حيث تعامل القانون السوري معهم، وإن كانوا أضيفوا الى الكتلة الأساسية التي وفدت سنة 1948، والسنوات التي تلتها. وإثر عدوان 1967 قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بطرد 460 ألف فلسطيني من الضفة الغربية والقطاع، بحسب معطيات الجامعة العربية وتقديرات صندوق النقد العربي عام 1991. وأدت عمليات الطرد القسري الجديدة الى مجيء اعداد اخرى من الفلسطينيين الى سورية، ولا تتوافر معطيات احصائية لأعداد هؤلاء المقتلعين الجدد. وبسبب الأحداث التي شهدها الأردن عام 1970، بين المقاومة الفلسطينية والحكومة الأردنية التي أدت الى طرد المقاومة من الأردن، وفد الى سورية اعداد قليلة من الفلسطينيين المنضوين في صفوف المقاومة مع عائلاتهم قيل ان عددهم ما بين 50 و 60 ألفاً حتى نهاية عام 2006. وفي حين تم تسجيل الوافدين عام 1956 في قيود «المؤسسة» و «الأونروا» فإنه لم يتم تسجيل موجتي 1967 و 1970، في شكل رسمي عدا بعض الحالات الفردية، ولا يعتبر هؤلاء سوريين لجهة التصنيف القانوني لوضعهم. إذ على رغم ان القانون السوري الخاص بمنح الجنسية يشترط الإقامة المتتالية مدة خمس سنوات في سورية، فإن الموقف الرسمي القائل بالحفاظ على «الهوية الوطنية للفلسطينيين» حال دون منح اللاجئين الفلسطينيين في سورية الجنسية السورية، على رغم إقامتهم عقوداً في هذا البلد، وفي المقابل تمت معاملتهم تماماً كالمواطن السوري، وهذا ما يتميز به اللاجئون الفلسطينيون في سورية عن بقية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث يمنع الفلسطيني من العمل في أكثر من 73 مهنة في إطار الاقتصاد اللبناني، وفي مصر حيث يُمنع حامل الوثيقة المصرية من دخول الأراضي المصرية من دون تأشيرة مسبقة يصعب الحصول عليها في غالب الأحيان. ويتمتع الفلسطيني في سورية بحرية التنقل والسفر والعودة شأنه شأن المواطن السوري تماماً. وبحسب مراحل اللجوء الى سورية يمكن الحديث عن اربع فئات من اللاجئين الفلسطينيين.
1- اللاجئون الذين وفدوا الى سورية عام 1948: يشكل هؤلاء الكتلة الأكبر، وتشرف على شؤونهم «مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين» التي تم تشكيلها بمرسوم جمهوري عام 1949 و «غايتها تنظيم شؤون اللاجئين الفلسطينيين العرب، ومعونتهم، وتأمين مختلف حاجاتهم، وإيجاد الأعمال المناسبة لهم». واتبع ذلك، بصدور القانون 260 العام 1956، الذي ساوى بين العربي والفلسطيني والمواطن السوري، في كافة المجالات الوظيفية، والمهنية، والعلمية عدا ما يخص الانتخاب والترشيح لعضوية مجلس الشعب، وفي المقابل يحق للاجئ الفلسطيني الانتخاب والترشيح الى كافة الاتحادات والنقابات في سورية.
ويؤدي اللاجئون الذين وفدوا الى سورية عام 1948 خدمة إلزامية عسكرية في «جيش التحرير الفلسطيني»، ويحصلون على وثائق سفر خاصة باللاجئين الفلسطينيين، لتسهيل الانتقال من وإلى سورية، كما أن لهم الحق في العمل، والتدرج الوظيفي الى أعلى الدرجات في السلم الوظيفي. ويشار إليهم دوماً بعبارة: «من هم في حكم السوريين» وخصوصاً عند التسجيل في المعاهد والجامعات السورية المختلفة.
2 – اللاجئون عام 1956: تم تسجيل هؤلاء على قيود «مؤسسة اللاجئين» وعلى قيود «الأونروا»، وينطبق عليهم ما ينطبق على المنتسبين الى الفئة الأولى، ما عدا أنهم لا يستطيعون دخول سوق العمل، إلا من خلال التعاقد بصفة موقتة. وهذا يعني أنهم لا يستطيعون التدرج في وظائف حكومية، ولا يخضعون للخدمة الإلزامية في «جيش التحرير الفلسطيني» الذي تأسس في عام 1964.
3 – اللاجئون عام 1967: من استطاع تسجيل نفسه في قيود «المؤسسة» من هؤلاء، فإنه يعامل معاملة فئة اللاجئين عام 1956، أما بالنسبة الى غير المسجلين، فإنهم يعاملون معاملة الأجنبي، إذا كانوا من حملة وثائق السفر المصرية (قطاع غزة) ومعاملة العربي المقيم إذا كانوا من حملة جوازات السفر الأردنية (الموقتة).
4 – لاجئو عام 1970: تعتبر أوضاع هذه الفئة، الأكثر تعقيداً، إذ ان الغالبية العظمى منهم لا تملك وثائق، بعد إلغاء أو انتهاء مفعول جوازات السفر الأردنية التي كانوا يحملونها، أما القسم الآخر فيحمل وثائق سفر للاجئين الفلسطينيين تصدر عن الحكومة المصرية (بالنسبة الى أبناء قطاع غزة). ويتوجب على حملة الوثائق المصرية، تجديد إقاماتهم في سورية دورياً كل سنة. وثمة تقييدات على دخولهم سوق العمل، وإن كانوا لا يعانون تمييزاً في الخدمات الصحية والتعليمية. أما من فقدوا جوازاتهم الأردنية فليس مطلوباً منهم الحصول على بطاقة إقامة، لكنهم في المقابل لا يستطيعون التحرك خارج سورية، ولا يستطيعون الدخول الى سوق العمل في شكل منتظم. ولا توجد قوانين واضحة في التعامل مع هؤلاء، ما يجعلهم الفئة الأكثر معاناة بين الفئات المذكورة آنفاً.
ويعيش اللاجئون في المخيمات في مناطق وأحياء تجمع أهالي قرى المنشأ في فلسطين، ما أدى الى الحفاظ على بعض العادات والتقاليد، ونرى في اليرموك، على سبيل المثال لا الحصر، تجمعاً لأهالي طيرة حيفا في حارة خاصة بهم جنوب المخيم، وأهالي صفورية في وسطه، وتعود أصول اللاجئين الفلسطينيين في سورية الى 300 قرية في الجليل والساحل الفلسطيني، وتتبع 16 مدينة هي مراكز أقضية في فلسطين، وقد ساهم اللاجئون الفلسطينيون في العمل الفدائي منذ بداياته في عام 1965 وقدموا حتى عام 2006 11 ألفاً بين شهيد وجريح، بحسب معطيات مؤسسة أسر شهداء فلسطين في دمشق، وعبر اللاجئون عن وحدة المصير مع أهلهم أثناء انتفاضة عام 1987 ثم انتفاضة الأقصى عبر التظاهر في المخيمات والاعتصام أمام الصليب الأحمر ومقرات الأمم المتحدة، أو عبر عرض الرسوم وتنظيم المعارض في شوارع دمشق والمخيمات جنباً الى جنب مع الشعب السوري وشرائحه المختلفة. هذا فضلاً عن التبرعات المالية والعينية للانتفاضة في المخيمات والمدن السورية.
نبيل محمود السهلي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد