01-07-2008
شيء من الجنون مع نون: الخمير و الفطير
لطالما اعتدت الجلوس في مقهى النوفرة من وقت لآخر و أحببت ذلك السحر الذي في طعم كوب الشاي (الخمير) و الذي لا يحلو لي أن أرتشفه سوى في القسم الخارجي من المقهى حيث أستمتع بمنظر المارة و أراقب الزبائن على اختلاف لهجاتهم و لغاتهم و أشكالهم و هم يدخلون و يخرجون و يسحرهم طعم كوب الشاي تماماً كما يسحرني..
اليوم قررت أن لا أتجه إلى مقهى النوفرة كعادتي بل أردت أن أشرب قهوة (موكاتشينو) إيطالية في واحد من أرقى المقاهي في دمشق مطبقاً للمقولة الشهيرة (عمرو ما حدا يرت)..
الحقيقة هي أنه و بعد أن أصبح ثمن كيلو البندورة (الوطنية) ستون ليرة سورية عداً و نقداً و تفقيطاً لم أعد أجد أن المئة و ستون ليرة كثيرة على كوب القهوة (الطلياني) فعلى الأقل هذه القهوة (أفرنجية) و (ماركة) و قد جالت البحر المتوسط كي تصل إلى شفاهنا العربية المتعطشة لكل شيء أفرنجي حسب نظرية عقدة الخواجة المتأصلة فينا حتى العظم كما أنه يكفي أن أحمل الكوب الكرتوني الأنيق الذي كُتب عليه إسم المقهى معي حتى يعرف كل من في الشارع أني من رواد المقهى المذكور آنفاً فتتغير نظرة الناس نحوي بشكل تلقائي و أتحول بفضل كوب الكرتون من مواطن عادي من أبناء الطبقة الوسطى إلى صفوف الطبقة المخملية..
و بمناسبة الحديث عن الطبقات فلطالما كنت أتخيل المجتمع كقوالب الجاتو الجميلة المصنوعة من عدة طبقات و التي نراها في الأعراس.. تلك الطبقات البيضاء المزينة الحلوة المذاق أما هذه الأيام فأتخيل المجتمع كفكي سمكة قرش: قسم علوي و قسم سفلي و في كل قسم عدد كبير من الأسنان الحادة التي ستمزق بكل شراسة أي شيء يمر في (الوسط) و بما أني أنظر إلى نفسي على أني من الطبقة الوسطى فقد بت أحلم بهذه الأسنان الحادة تنقض عليّ و تنهشني فأستيقظ مذعوراً..
و بمناسبة الحديث عن الذعر فهل أخبرتكم عن الذعر الذي يصيبني حين يبدأ (موتور) الماء العائد لبيت جارنا أبو جميل بالدوران؟؟ و هل أخبرتكم عن سحر الليالي الشتوية التي تفرض علينا الرومانسية رغماً عنا مع أول نسمة هواء تضرب الأسلاك الكهربائية فتبدأ الألعاب النارية بفضل الشرارات الكهربائية مترافقة مع صوت لا يوصف ثم ينقطع التيار الكهربائي فارضاً على كل سكان الحي سهرة رومانسية حالمة على أضواء الشموع هذا إلى جانب تعاون أسلاك الهاتف مع أسلاك الكهرباء التي تعمل أيضاً على تأمين أفضل الأجواء الرومانسية للمواطنين إذ أنها تنقطع هي الأخرى كي لا يتسبب رنين الهاتف بإفساد هذه اللحظات الرائعة التي لا تنسى..
و بمناسبة الحديث عن النسيان فأنا أعتقد العاملين في كل من طوارئ الهاتف و الكهرباء و الاستعلامات (147) ينسون سماعاتهم مرفوعة أو أنهم ينسون الرد على اتصالات المواطنين و في حال ردوا فهم بالتأكيد ينسون كل قواعد و أصول اللباقة فلا يستعملون عبارات مثل: (صباح الخير مساء النور من فضلك و من بعد إذنك) و التي يبدو أنها سقطت سهواً من قاموس اللغة العربية التي تعلموها..
و بمناسبة الحديث عن اللباقة و الذوق و الإتيكيت فأنا هنا أشيد بإتيكيت و لباقة و ذوق العاملين في شركات الاتصالات الخليوية.. فبالرغم من الاشتراك الشهري الذي تدفعه رغماً عن أنفك و أنف أبيك و بالرغم من أسعار البطاقات المسبقة الدفع التي تقفز قفزة جديدة بين الحين و الآخر دون معرفة السبب و بالرغم من ضعف عروضهم و سذاجتها و اقتصارها على مسابقات سخيفة لن تأتي عليك سوى بالمزيد من الفواتير العالية و "الوحدات" الضائعة (و لماذا تعب القلب و العروض أصلاً طالما أنه لا منافسة حقيقية) و بالرغم من إحساسك بأن هذه الشركات (عم تقنصك قنص) إلا أن خدمة الزبائن حتى و إن لم تكن تقدم لك شيئاً حقاً إلا أنك على الأقل تخرج راضياً بعد أن تحصل على ابتسامة و كلمة حلوة من وجه حسن في النهاية..
و بمناسبة الحديث عن الوجوه فأعداد الوجوه الفنية الجديدة في ازدياد عام بعد عام لدرجة ما عدت تستطيع حفظ أسمائهم و تمييز أصواتهم التي هي عبارة عن نسخ رديئة مستنسخة عن نجوم معينين فذاك من فصيلة جورج وسوف و تلك من نمرة نجوى كرم و ذاك من ستايل عمرو دياب و تلك من مدرسة نانسي و تلك تسير على منهج هيفا..
و بمناسبة الحديث عن المناهج و المدارس فأنا هنا أود أن اسأل إلى أين يتجه قطاع التعليم بدءاً من الروضات و الابتدائيات حتى الجامعات؟؟ و الجواب بالتأكيد نحو الأسفل..
فالمدارس ما عادت مدارس و المعلمون و المعلمات من أصحاب الضمائر باتوا عملة نادرة و إن وجدوا فوجودهم بات يقلق راحة أصحاب الضمائر المشوهة و محاولاتهم النبيلة في سبيل تحقيق شيء في زمن اللاشيء تُقابل بالرفض الشديد و كل عمليات تحبيط الهمم و العزائم التي تدفع أصحاب الضمائر (المناضلة) في سبيل البقاء إلى حافة اليأس و طبعاً حافة اليأس قد باتت مزدحمة هذه الأيام و لم يعد فيها موطئ قدم خاصة أن المجاميع المطلوبة للدخول إلى الجامعات في ارتفاع و ارتفاع يوماً بعد يوم و مجرد القاء نظرة على مفاضلة العام الماضي كفيلة بجعل الطالب يصاب بالإحباط فيتجه إلى تلك الحافة التي سبقه إليها ذويه أيضاً، إذ أن عدم قدرة الأهل على تأمين مصاريف الدراسة الجامعية لأبنائهم خاصة بعد أن أصبح العلم تجارة رائجة هذه الأيام بدءاً من التعليم المفتوح و انتهاءً بالتعليم الخاص و بموازاة التعليم الموازي و مروراً بكل نصاب جعل من معهده الخاص فرعاً من فروع جامعات لندن و باريس بفضل كذبة مفبركة بشكل جيد لا يروح ضحيتها إلا البسطاء الذين لا يريدون سوى تقديم العلم لأبنائهم عل هذا العلم يساعدهم على شق طريقهم في هذه الأيام الصعبة.. و طبعاً و بما أنه (ما حدا أحسن من حدا) فقد قررت المدارس الخاصة بما فيها الروضات رفع أسعارها هي الأخرى ربما بهدف تعويد الأهالي على (حل كيسهم) منذ نعومة أظفار أطفالهم (روداج يعني) قبل أن يصل هؤلاء الاطفال إلى مرحلة التعليم الجامعي أو ربما لأنهم يريدون تطبيق مقولة (عجبك عجبك ما عجبك هز بـ...) فإن لم تكن قادراً على تأمين أقساط مدارسهم فلا تتفلسف و اقبل بالأمر الواقع و بالمدارس الحكومية التي باتت تشبه أي شيء إلا المدارس.. و بهذه المناسبة يسعدني أن أبارك لشعبنا بكوننا نسفنا شعار (العلم للجميع) من أساسه و قضينا على مقولة (العلم نور) بل و استبدلناها بمقولة أبلغ و هي: (العلم نار) و نار يا حبيبي نار..
و بمناسبة الحديث عن النار فحتى النار ستصبح عملة نادرة قريباً خلال الشتاء المقبل بعد مكرمة إعادة توزيع الدعم و بطاقات المازوت..
بالفعل تمخض الجمل فولد فأراً!!
فبعد كل هذه الدراسات لوضع آلية تحد من تهريب المازوت المدعوم و بعد كل تلك الاجتماعات و المداولات و الصد و الرد و الاخذ و العطاء كانت عصارة فكر أصحاب القرار في بلدنا هذا القرار الذكي بجعل الناس العاديين الذين لا تنقصهم هموم أخرى (بضم الألف) يدفعون ثمن جرائم المهربين و كل من يمد لهم يد المساعدة و ذلك برفع الدعم و إعادة توزيعه.. لا و الله بالفعل قرار ذكي و الله محييكم!!
و طبعاً و في حال قرر المواطن أن يصمت أمام هذا القرار (علماً أن الصمت ليس قراراً اختيارياً) و أن يبلع الموس على الحدين دون أن يصدر صوتاً و ذلك كي لا يفلت المهربون بعملتهم الشنيعة و لا يضيع مازوت البلد إلا أنه و بالتأكيد سيشعر بضرورة أن (يبق البحصة) حين يعيش آلية إعادة توزيع الدعم على أرض الواقع و على الهواء مباشرة.. نعم آلية توزيع الدعم من خلال (البونات) التي عادت بنا إلى أيام الماضي الجميل حين كان دفتر العائلة يضم إلى جانب أفراد العائلة الكريمة (تنكة سمنة) و (محارم كنار) و (فوط زهور)..
نعم!!
ذكريات لا تنس.. أيام كان يقف فيها المواطن بـ(الدور) لساعات أمام أبواب المؤسسات الاستهلاكية فيشعر بحلاوة (الوحدة الوطنية) و عظمة (التلاحم الشعبي) و يشم (عرق الكادحين) و (تتشابك الأيدي و الأذرع) في صراع على الدور.. إيييه بالفعل كانت أيام سمعت عنها كثيراً و لم أعشها بنفسي و لكن و بفضل حكومتنا العتيدة سنعود إليها و سنعيشها جميعاً من جديد لتكون لنا جميعاً ذاكرة واحدة، ذاكرة وطن.. سنعود.. سنعود إلى أيام البونات و وقفات (العز) على أبواب المؤسسات و لتكن البداية مع بونات المازوت الذي تم تخصيص (1000) ليتر منه في السنة لكل عائلة بغض النظر عن عدد أفرادها.. بونات المازوت التي جاء توزيعها بناءً على دفتر العائلة دون الاخذ بعين الاعتبار الكثير الكثير من الحالات الاجتماعية التي تم تداركها على طريقة (التلحيق) و (التسكيج) و كأن قرار إعادة توزيع الدعم قد هبط فجأة من السماء.. بونات المازوت هذه المكرمة التي تسري إشاعات عن كونها مكرمة لعام واحد فقط و أنها تجربة فريدة لن تتكرر بعد الآن رغم أن المازوت لن يعود ليصبح مدعوماً بعد اليوم مهما (طولنا و قصرنا)..بونات المازوت هذه المادة التي لم يكن قد بدأ سعرها بالارتفاع بعد حتى همَّ سكان الطبقة العليا من قالب الجاتو السوري بشراء كميات كبيرة منها و تخزينها استعداداً لمواجهة ارتفاع سعرها و بذلك يبقى المواطن المعتر هو الحلقة الأضعف في كل هذه العملية (المكرمة) التي تفضل بها علينا جهابذة الاقتصاد.. بونات المازوت التي تم تأسيس سوق سوداء خاصة للمتاجرة بها ما إن بدأ توزيعها و لهذا أنصح التلفزيون السوري و في نهاية النشرة الاقتصادية أن يضيف فقرة تعرض خلاصة بورصة بونات المازوت مع نهاية كل يوم!!
طبعاً ليس المازوت وحده من ارتفع سعره فقد سبقه في اتخاذ هذه الخطوة البنزين الذي ما أن سرت اشاعة عن ارتفاع سعره حتى قفزت كل الأسعار قفزة نحو الأعلى و حين تم العمل بالسعر الجديد فعلياً قفزت الأسعار قفزة أخرى و استمرت الأسعار تقفز قفزتين مع كل عملية رفع كالضفادع و لا نعرف إلى أين ستصل خصوصاً أننا شهدنا بأم أعيننا رؤية أسعار الخضراوات و الفواكه تقفز قفزات عملاقة خلال الشتاء الماضي (بحجة السقعة) حيث وصل سعر الكوسا إلى مئة و خمسون ليرة للكيلو و جرزة البقدونس وصلت إلى خمسة و عشرون ليرة حتى أننا ما عدنا نجرؤ على أن نتطاول على الفجل و نستخدمه ككناية عن الرخص في مقولات يومية مثل (أرخص من الفجل).. و طبعاً مع كل عملية ارتفاع أسعار تظهر التصريحات العبقرية و التي أتى بها أصحابها من خلال دراسة الأسعار في المريخ ربما و التي تقول أن لا ارتفاع سيطرأ على الأسعار (ربما كانت هذه التصريحات تأتي بعد رفع السعر) و بأن كل شيء تحت السيطرة و بأن الرقابة (عيونها عشرة عشرة) و موظفي التموين يعملون بكل طاقتهم (لا أعرف هل يعملون لمصلحة المواطن أم مصلحة جيوبهم) و بأن هناك أرقام هاتفية تم تخصيصها لخدمة المواطن ليشارك في عملية الرقابة و المراقبة و التبليغ عن المتلاعبين بالأسعار و الذين غالباً ما يتمكنون من (تزبيط) أمورهم مع موظفي التموين..
طبعاً و بمناسبة الحديث عن المواد الغذائية فيجب أن لا ننس الأرز و العدس و البرغل و المعكرونة الذين قفزت أسعارهم هم أيضاً هذا عدا عن اختفاء الأرز من الأسواق هذه الأيام مما يجعلني أشعر باقتراب ارتفاع سعره مرة أخرى خلال الأسابيع القليلة المقبلة (للعلم بعض كيلو الرز بالمؤسسة وصل للمئة ليرة و ألف مبروك.. فعلاً كما يقال "العز للرز" علماً أن البرغل لم يعد "يشنق حاله" هذه الأيام فهو أيضاً صار عزيزاً!)..
و بالرغم من كل هذا الغلاء إلى أننا لا نزال نسمع عبر الإذاعات و نشاهد على شاشات التلفزة و نقرأ في الصحف عن المزيد من مراكز التسوق التي تفتح أبوابها أمام روادها فنقرأ الإعلانات هنا و هناك و التي تحمل عبارات رنانة مثل (مفهوم آخر للتسوق)، (للتسوق معنا طعم آخر)، (متعة التسوق) و لكن و مع أول زيارة لهذه المراكز تكتشف أن المفهوم الوحيد الذي وجدته هو مفهوم (العين بصيرة و الإيد قصيرة) و أنك لم تستطع التسوق لأنك طبقت عبارة (شم لا تدوق) و أن متعة التسوق بكل بساطة ليست لأمثالك يا من تستغرب وجود (كنزة T-Shirt) قطنية بقيمة خمسة و عشرون ألف ليرة سورية.. لا يا سيداتي و سادتي هذه الخمس و عشرون ألف ليرة ليست راتب موظف عن شهر من العمل في شركة خاصة محترمة بل مجرد ثمن كنزة قطنية عادية..
و بمناسبة الحديث عن الرواتب فما إن بدأت الإشاعات تسري عن نسبة الزيادة و توقيتها حتى بدأ التجار باتخاذ وضعية التأهب للانقضاض على أي ليرة زائدة تحاول الاقتراب من جيوب المواطن و اختفاء الأرز من الأسواق استعداداً لرفع سعره هو أول الغيث.. الغريب أن الزيادة لم تُطبق إلا على موظفي القطاع العام أما موظفي القطاع الخاص فلم يصلهم من الزيادة إلا زيادة الأسعار و عندها يخطر لي السؤال البريء (شو مشانا نحن موظفين القطاع الخاص؟؟).. يعني مجرد ارتفاع سعر المازوت رفع كل شي بما في ذلك أجرة السرفيس الذي في حال استغنيت عن كل شيء آخر لن تستطيع الاستغناء عنه كونه وسيلة المواصلات التي ستوصلك إلى عملك الذي (بتاكل من وراه عيش)..
و بمناسبة الحديث عن المواصلات فأنا هنا يجب أن أشير إلى أن عودة باصات النقل الداخلي إلى العمل و التمختر في شوارعنا كانت الخطوة الأولى على طريق العودة إلى الوراء و تذكيرنا بالماضي التليد.. طبعاً مشكلة الازدحام موجودة و السرافيس التي تطير طيراناً بغض النظر عن سلامة الركاب لا تزال موجودة، و التكاسي التي يتقاضى سائقوها ما يشاؤون لا تزال موجودة و الطرقات الغير مدروسة و التي تحصد سنوياً أرواح مئات المواطنين لا تزال على حالها و الله محيي الثابت!!
و بمناسبة الحديث عن الثبات و بالرغم من توجيه التحيات دائماً للثابت إلى أننا نلاحظ اصرار فواتير الكهرباء على القفز و نحو الأعلى دوماً خصوصاً أثناء فصل الصيف حيث يزداد الطلب على الكهرباء لتشغيل المراوح و المكيفات التي سيجد فيها المواطن الملاذ الوحيد أمام درجات الحراراة التي ستقفز نحو الاعلى هي الأخرى تضامناً مع كل شيء آخر حولنا آخذ بالنمو..
و بمناسبة الحديث عن النمو و النماء فأنا هنا أود أن اسأل سؤالاً بسيطاً عن مصير أموال المواطنين الذين اشتروا بها أسهماً في شركة مساهمة ثبت فجأة أنها ... و لا بلا ما نقول و بلا ما نسأل..
أخيراً:
خلال السنوات القليلة الماضية و مع كل عملية ارتفاع أسعار بدءاً من المواد الغذائية و انتهاءً بالعقارات كان مسؤولونا يجدون إجابة سحرية و شماعة يعلقون عليها فشلهم المتراكم منذ سنوات.. ترى ما هي الشماعات الأخرى التي ستعلق عليها حكومتنا فشلها في عملية ضبط الأسعار؟؟ و هل ستستخدم تفسيرات عجائبية لارتفاع الأسعار؟؟ أم أنهم كالعادة سيفسرون الماء بالماء و نعود إلى السطر الأول و نبتدي منين الحكاية؟؟؟
كانت هذه كل الحكاية أما الآن فسأخرج من مقهى الخمس نجوم حاملاً كوبي الكرتوني الذي سيجعلني أقفز إلى الطبقة العليا من قالب الجاتو الاجتماعي في مجتمع بات يحكم على الإنسان من خلال كوب كرتون، علاقة مفاتيح، ساعة و جهاز موبايل.. سأخرج و لكني لن أعود إلى بيتي بل سأتجه إلى مقهى النوفرة حيث سأجلس كعادتي في القسم الخارجي أستمتع بارتشاف كاسة الشاي (الخمير) و أنا أراقب المارة و رواد المقهى على اختلاف لهجاتهم و لغاتهم و أشكالهم و هم يستمتعون مثلي بكوب الشاي و يتحدثون عن الغلاء و أزمة السكن و المواصلات و حكاية المازوت و مشكلة التعليم و المستقبل و رغيف الخبز و الماضي التليد و السياسة و النساء و الحب و الوعود الحكومية فيخرجون الخمير و الفطير ثم يرجعون إلى بيوتهم.. و في الغد يعودون إلى ذات المقهى و يبدأون من جديد ذات الحكاية و تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي..
و لا تندهي ما في حدا..
في حدا؟؟
لأ لأ أكيد ما في حدا..
قولكم سمعنا حدا؟؟
لأ لأ ما سمعنا حدا
طيب يعني حكينا هاد كله معقول ما رح يوصل لحدا؟؟
لك لأ لأ لأنو ما حدا لا حدا..
إذا هيك طمنتوني.. سامحونا..
اليوم قررت أن لا أتجه إلى مقهى النوفرة كعادتي بل أردت أن أشرب قهوة (موكاتشينو) إيطالية في واحد من أرقى المقاهي في دمشق مطبقاً للمقولة الشهيرة (عمرو ما حدا يرت)..
الحقيقة هي أنه و بعد أن أصبح ثمن كيلو البندورة (الوطنية) ستون ليرة سورية عداً و نقداً و تفقيطاً لم أعد أجد أن المئة و ستون ليرة كثيرة على كوب القهوة (الطلياني) فعلى الأقل هذه القهوة (أفرنجية) و (ماركة) و قد جالت البحر المتوسط كي تصل إلى شفاهنا العربية المتعطشة لكل شيء أفرنجي حسب نظرية عقدة الخواجة المتأصلة فينا حتى العظم كما أنه يكفي أن أحمل الكوب الكرتوني الأنيق الذي كُتب عليه إسم المقهى معي حتى يعرف كل من في الشارع أني من رواد المقهى المذكور آنفاً فتتغير نظرة الناس نحوي بشكل تلقائي و أتحول بفضل كوب الكرتون من مواطن عادي من أبناء الطبقة الوسطى إلى صفوف الطبقة المخملية..
و بمناسبة الحديث عن الطبقات فلطالما كنت أتخيل المجتمع كقوالب الجاتو الجميلة المصنوعة من عدة طبقات و التي نراها في الأعراس.. تلك الطبقات البيضاء المزينة الحلوة المذاق أما هذه الأيام فأتخيل المجتمع كفكي سمكة قرش: قسم علوي و قسم سفلي و في كل قسم عدد كبير من الأسنان الحادة التي ستمزق بكل شراسة أي شيء يمر في (الوسط) و بما أني أنظر إلى نفسي على أني من الطبقة الوسطى فقد بت أحلم بهذه الأسنان الحادة تنقض عليّ و تنهشني فأستيقظ مذعوراً..
و بمناسبة الحديث عن الذعر فهل أخبرتكم عن الذعر الذي يصيبني حين يبدأ (موتور) الماء العائد لبيت جارنا أبو جميل بالدوران؟؟ و هل أخبرتكم عن سحر الليالي الشتوية التي تفرض علينا الرومانسية رغماً عنا مع أول نسمة هواء تضرب الأسلاك الكهربائية فتبدأ الألعاب النارية بفضل الشرارات الكهربائية مترافقة مع صوت لا يوصف ثم ينقطع التيار الكهربائي فارضاً على كل سكان الحي سهرة رومانسية حالمة على أضواء الشموع هذا إلى جانب تعاون أسلاك الهاتف مع أسلاك الكهرباء التي تعمل أيضاً على تأمين أفضل الأجواء الرومانسية للمواطنين إذ أنها تنقطع هي الأخرى كي لا يتسبب رنين الهاتف بإفساد هذه اللحظات الرائعة التي لا تنسى..
و بمناسبة الحديث عن النسيان فأنا أعتقد العاملين في كل من طوارئ الهاتف و الكهرباء و الاستعلامات (147) ينسون سماعاتهم مرفوعة أو أنهم ينسون الرد على اتصالات المواطنين و في حال ردوا فهم بالتأكيد ينسون كل قواعد و أصول اللباقة فلا يستعملون عبارات مثل: (صباح الخير مساء النور من فضلك و من بعد إذنك) و التي يبدو أنها سقطت سهواً من قاموس اللغة العربية التي تعلموها..
و بمناسبة الحديث عن اللباقة و الذوق و الإتيكيت فأنا هنا أشيد بإتيكيت و لباقة و ذوق العاملين في شركات الاتصالات الخليوية.. فبالرغم من الاشتراك الشهري الذي تدفعه رغماً عن أنفك و أنف أبيك و بالرغم من أسعار البطاقات المسبقة الدفع التي تقفز قفزة جديدة بين الحين و الآخر دون معرفة السبب و بالرغم من ضعف عروضهم و سذاجتها و اقتصارها على مسابقات سخيفة لن تأتي عليك سوى بالمزيد من الفواتير العالية و "الوحدات" الضائعة (و لماذا تعب القلب و العروض أصلاً طالما أنه لا منافسة حقيقية) و بالرغم من إحساسك بأن هذه الشركات (عم تقنصك قنص) إلا أن خدمة الزبائن حتى و إن لم تكن تقدم لك شيئاً حقاً إلا أنك على الأقل تخرج راضياً بعد أن تحصل على ابتسامة و كلمة حلوة من وجه حسن في النهاية..
و بمناسبة الحديث عن الوجوه فأعداد الوجوه الفنية الجديدة في ازدياد عام بعد عام لدرجة ما عدت تستطيع حفظ أسمائهم و تمييز أصواتهم التي هي عبارة عن نسخ رديئة مستنسخة عن نجوم معينين فذاك من فصيلة جورج وسوف و تلك من نمرة نجوى كرم و ذاك من ستايل عمرو دياب و تلك من مدرسة نانسي و تلك تسير على منهج هيفا..
و بمناسبة الحديث عن المناهج و المدارس فأنا هنا أود أن اسأل إلى أين يتجه قطاع التعليم بدءاً من الروضات و الابتدائيات حتى الجامعات؟؟ و الجواب بالتأكيد نحو الأسفل..
فالمدارس ما عادت مدارس و المعلمون و المعلمات من أصحاب الضمائر باتوا عملة نادرة و إن وجدوا فوجودهم بات يقلق راحة أصحاب الضمائر المشوهة و محاولاتهم النبيلة في سبيل تحقيق شيء في زمن اللاشيء تُقابل بالرفض الشديد و كل عمليات تحبيط الهمم و العزائم التي تدفع أصحاب الضمائر (المناضلة) في سبيل البقاء إلى حافة اليأس و طبعاً حافة اليأس قد باتت مزدحمة هذه الأيام و لم يعد فيها موطئ قدم خاصة أن المجاميع المطلوبة للدخول إلى الجامعات في ارتفاع و ارتفاع يوماً بعد يوم و مجرد القاء نظرة على مفاضلة العام الماضي كفيلة بجعل الطالب يصاب بالإحباط فيتجه إلى تلك الحافة التي سبقه إليها ذويه أيضاً، إذ أن عدم قدرة الأهل على تأمين مصاريف الدراسة الجامعية لأبنائهم خاصة بعد أن أصبح العلم تجارة رائجة هذه الأيام بدءاً من التعليم المفتوح و انتهاءً بالتعليم الخاص و بموازاة التعليم الموازي و مروراً بكل نصاب جعل من معهده الخاص فرعاً من فروع جامعات لندن و باريس بفضل كذبة مفبركة بشكل جيد لا يروح ضحيتها إلا البسطاء الذين لا يريدون سوى تقديم العلم لأبنائهم عل هذا العلم يساعدهم على شق طريقهم في هذه الأيام الصعبة.. و طبعاً و بما أنه (ما حدا أحسن من حدا) فقد قررت المدارس الخاصة بما فيها الروضات رفع أسعارها هي الأخرى ربما بهدف تعويد الأهالي على (حل كيسهم) منذ نعومة أظفار أطفالهم (روداج يعني) قبل أن يصل هؤلاء الاطفال إلى مرحلة التعليم الجامعي أو ربما لأنهم يريدون تطبيق مقولة (عجبك عجبك ما عجبك هز بـ...) فإن لم تكن قادراً على تأمين أقساط مدارسهم فلا تتفلسف و اقبل بالأمر الواقع و بالمدارس الحكومية التي باتت تشبه أي شيء إلا المدارس.. و بهذه المناسبة يسعدني أن أبارك لشعبنا بكوننا نسفنا شعار (العلم للجميع) من أساسه و قضينا على مقولة (العلم نور) بل و استبدلناها بمقولة أبلغ و هي: (العلم نار) و نار يا حبيبي نار..
و بمناسبة الحديث عن النار فحتى النار ستصبح عملة نادرة قريباً خلال الشتاء المقبل بعد مكرمة إعادة توزيع الدعم و بطاقات المازوت..
بالفعل تمخض الجمل فولد فأراً!!
فبعد كل هذه الدراسات لوضع آلية تحد من تهريب المازوت المدعوم و بعد كل تلك الاجتماعات و المداولات و الصد و الرد و الاخذ و العطاء كانت عصارة فكر أصحاب القرار في بلدنا هذا القرار الذكي بجعل الناس العاديين الذين لا تنقصهم هموم أخرى (بضم الألف) يدفعون ثمن جرائم المهربين و كل من يمد لهم يد المساعدة و ذلك برفع الدعم و إعادة توزيعه.. لا و الله بالفعل قرار ذكي و الله محييكم!!
و طبعاً و في حال قرر المواطن أن يصمت أمام هذا القرار (علماً أن الصمت ليس قراراً اختيارياً) و أن يبلع الموس على الحدين دون أن يصدر صوتاً و ذلك كي لا يفلت المهربون بعملتهم الشنيعة و لا يضيع مازوت البلد إلا أنه و بالتأكيد سيشعر بضرورة أن (يبق البحصة) حين يعيش آلية إعادة توزيع الدعم على أرض الواقع و على الهواء مباشرة.. نعم آلية توزيع الدعم من خلال (البونات) التي عادت بنا إلى أيام الماضي الجميل حين كان دفتر العائلة يضم إلى جانب أفراد العائلة الكريمة (تنكة سمنة) و (محارم كنار) و (فوط زهور)..
نعم!!
ذكريات لا تنس.. أيام كان يقف فيها المواطن بـ(الدور) لساعات أمام أبواب المؤسسات الاستهلاكية فيشعر بحلاوة (الوحدة الوطنية) و عظمة (التلاحم الشعبي) و يشم (عرق الكادحين) و (تتشابك الأيدي و الأذرع) في صراع على الدور.. إيييه بالفعل كانت أيام سمعت عنها كثيراً و لم أعشها بنفسي و لكن و بفضل حكومتنا العتيدة سنعود إليها و سنعيشها جميعاً من جديد لتكون لنا جميعاً ذاكرة واحدة، ذاكرة وطن.. سنعود.. سنعود إلى أيام البونات و وقفات (العز) على أبواب المؤسسات و لتكن البداية مع بونات المازوت الذي تم تخصيص (1000) ليتر منه في السنة لكل عائلة بغض النظر عن عدد أفرادها.. بونات المازوت التي جاء توزيعها بناءً على دفتر العائلة دون الاخذ بعين الاعتبار الكثير الكثير من الحالات الاجتماعية التي تم تداركها على طريقة (التلحيق) و (التسكيج) و كأن قرار إعادة توزيع الدعم قد هبط فجأة من السماء.. بونات المازوت هذه المكرمة التي تسري إشاعات عن كونها مكرمة لعام واحد فقط و أنها تجربة فريدة لن تتكرر بعد الآن رغم أن المازوت لن يعود ليصبح مدعوماً بعد اليوم مهما (طولنا و قصرنا)..بونات المازوت هذه المادة التي لم يكن قد بدأ سعرها بالارتفاع بعد حتى همَّ سكان الطبقة العليا من قالب الجاتو السوري بشراء كميات كبيرة منها و تخزينها استعداداً لمواجهة ارتفاع سعرها و بذلك يبقى المواطن المعتر هو الحلقة الأضعف في كل هذه العملية (المكرمة) التي تفضل بها علينا جهابذة الاقتصاد.. بونات المازوت التي تم تأسيس سوق سوداء خاصة للمتاجرة بها ما إن بدأ توزيعها و لهذا أنصح التلفزيون السوري و في نهاية النشرة الاقتصادية أن يضيف فقرة تعرض خلاصة بورصة بونات المازوت مع نهاية كل يوم!!
طبعاً ليس المازوت وحده من ارتفع سعره فقد سبقه في اتخاذ هذه الخطوة البنزين الذي ما أن سرت اشاعة عن ارتفاع سعره حتى قفزت كل الأسعار قفزة نحو الأعلى و حين تم العمل بالسعر الجديد فعلياً قفزت الأسعار قفزة أخرى و استمرت الأسعار تقفز قفزتين مع كل عملية رفع كالضفادع و لا نعرف إلى أين ستصل خصوصاً أننا شهدنا بأم أعيننا رؤية أسعار الخضراوات و الفواكه تقفز قفزات عملاقة خلال الشتاء الماضي (بحجة السقعة) حيث وصل سعر الكوسا إلى مئة و خمسون ليرة للكيلو و جرزة البقدونس وصلت إلى خمسة و عشرون ليرة حتى أننا ما عدنا نجرؤ على أن نتطاول على الفجل و نستخدمه ككناية عن الرخص في مقولات يومية مثل (أرخص من الفجل).. و طبعاً مع كل عملية ارتفاع أسعار تظهر التصريحات العبقرية و التي أتى بها أصحابها من خلال دراسة الأسعار في المريخ ربما و التي تقول أن لا ارتفاع سيطرأ على الأسعار (ربما كانت هذه التصريحات تأتي بعد رفع السعر) و بأن كل شيء تحت السيطرة و بأن الرقابة (عيونها عشرة عشرة) و موظفي التموين يعملون بكل طاقتهم (لا أعرف هل يعملون لمصلحة المواطن أم مصلحة جيوبهم) و بأن هناك أرقام هاتفية تم تخصيصها لخدمة المواطن ليشارك في عملية الرقابة و المراقبة و التبليغ عن المتلاعبين بالأسعار و الذين غالباً ما يتمكنون من (تزبيط) أمورهم مع موظفي التموين..
طبعاً و بمناسبة الحديث عن المواد الغذائية فيجب أن لا ننس الأرز و العدس و البرغل و المعكرونة الذين قفزت أسعارهم هم أيضاً هذا عدا عن اختفاء الأرز من الأسواق هذه الأيام مما يجعلني أشعر باقتراب ارتفاع سعره مرة أخرى خلال الأسابيع القليلة المقبلة (للعلم بعض كيلو الرز بالمؤسسة وصل للمئة ليرة و ألف مبروك.. فعلاً كما يقال "العز للرز" علماً أن البرغل لم يعد "يشنق حاله" هذه الأيام فهو أيضاً صار عزيزاً!)..
و بالرغم من كل هذا الغلاء إلى أننا لا نزال نسمع عبر الإذاعات و نشاهد على شاشات التلفزة و نقرأ في الصحف عن المزيد من مراكز التسوق التي تفتح أبوابها أمام روادها فنقرأ الإعلانات هنا و هناك و التي تحمل عبارات رنانة مثل (مفهوم آخر للتسوق)، (للتسوق معنا طعم آخر)، (متعة التسوق) و لكن و مع أول زيارة لهذه المراكز تكتشف أن المفهوم الوحيد الذي وجدته هو مفهوم (العين بصيرة و الإيد قصيرة) و أنك لم تستطع التسوق لأنك طبقت عبارة (شم لا تدوق) و أن متعة التسوق بكل بساطة ليست لأمثالك يا من تستغرب وجود (كنزة T-Shirt) قطنية بقيمة خمسة و عشرون ألف ليرة سورية.. لا يا سيداتي و سادتي هذه الخمس و عشرون ألف ليرة ليست راتب موظف عن شهر من العمل في شركة خاصة محترمة بل مجرد ثمن كنزة قطنية عادية..
و بمناسبة الحديث عن الرواتب فما إن بدأت الإشاعات تسري عن نسبة الزيادة و توقيتها حتى بدأ التجار باتخاذ وضعية التأهب للانقضاض على أي ليرة زائدة تحاول الاقتراب من جيوب المواطن و اختفاء الأرز من الأسواق استعداداً لرفع سعره هو أول الغيث.. الغريب أن الزيادة لم تُطبق إلا على موظفي القطاع العام أما موظفي القطاع الخاص فلم يصلهم من الزيادة إلا زيادة الأسعار و عندها يخطر لي السؤال البريء (شو مشانا نحن موظفين القطاع الخاص؟؟).. يعني مجرد ارتفاع سعر المازوت رفع كل شي بما في ذلك أجرة السرفيس الذي في حال استغنيت عن كل شيء آخر لن تستطيع الاستغناء عنه كونه وسيلة المواصلات التي ستوصلك إلى عملك الذي (بتاكل من وراه عيش)..
و بمناسبة الحديث عن المواصلات فأنا هنا يجب أن أشير إلى أن عودة باصات النقل الداخلي إلى العمل و التمختر في شوارعنا كانت الخطوة الأولى على طريق العودة إلى الوراء و تذكيرنا بالماضي التليد.. طبعاً مشكلة الازدحام موجودة و السرافيس التي تطير طيراناً بغض النظر عن سلامة الركاب لا تزال موجودة، و التكاسي التي يتقاضى سائقوها ما يشاؤون لا تزال موجودة و الطرقات الغير مدروسة و التي تحصد سنوياً أرواح مئات المواطنين لا تزال على حالها و الله محيي الثابت!!
و بمناسبة الحديث عن الثبات و بالرغم من توجيه التحيات دائماً للثابت إلى أننا نلاحظ اصرار فواتير الكهرباء على القفز و نحو الأعلى دوماً خصوصاً أثناء فصل الصيف حيث يزداد الطلب على الكهرباء لتشغيل المراوح و المكيفات التي سيجد فيها المواطن الملاذ الوحيد أمام درجات الحراراة التي ستقفز نحو الاعلى هي الأخرى تضامناً مع كل شيء آخر حولنا آخذ بالنمو..
و بمناسبة الحديث عن النمو و النماء فأنا هنا أود أن اسأل سؤالاً بسيطاً عن مصير أموال المواطنين الذين اشتروا بها أسهماً في شركة مساهمة ثبت فجأة أنها ... و لا بلا ما نقول و بلا ما نسأل..
أخيراً:
خلال السنوات القليلة الماضية و مع كل عملية ارتفاع أسعار بدءاً من المواد الغذائية و انتهاءً بالعقارات كان مسؤولونا يجدون إجابة سحرية و شماعة يعلقون عليها فشلهم المتراكم منذ سنوات.. ترى ما هي الشماعات الأخرى التي ستعلق عليها حكومتنا فشلها في عملية ضبط الأسعار؟؟ و هل ستستخدم تفسيرات عجائبية لارتفاع الأسعار؟؟ أم أنهم كالعادة سيفسرون الماء بالماء و نعود إلى السطر الأول و نبتدي منين الحكاية؟؟؟
كانت هذه كل الحكاية أما الآن فسأخرج من مقهى الخمس نجوم حاملاً كوبي الكرتوني الذي سيجعلني أقفز إلى الطبقة العليا من قالب الجاتو الاجتماعي في مجتمع بات يحكم على الإنسان من خلال كوب كرتون، علاقة مفاتيح، ساعة و جهاز موبايل.. سأخرج و لكني لن أعود إلى بيتي بل سأتجه إلى مقهى النوفرة حيث سأجلس كعادتي في القسم الخارجي أستمتع بارتشاف كاسة الشاي (الخمير) و أنا أراقب المارة و رواد المقهى على اختلاف لهجاتهم و لغاتهم و أشكالهم و هم يستمتعون مثلي بكوب الشاي و يتحدثون عن الغلاء و أزمة السكن و المواصلات و حكاية المازوت و مشكلة التعليم و المستقبل و رغيف الخبز و الماضي التليد و السياسة و النساء و الحب و الوعود الحكومية فيخرجون الخمير و الفطير ثم يرجعون إلى بيوتهم.. و في الغد يعودون إلى ذات المقهى و يبدأون من جديد ذات الحكاية و تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي..
و لا تندهي ما في حدا..
في حدا؟؟
لأ لأ أكيد ما في حدا..
قولكم سمعنا حدا؟؟
لأ لأ ما سمعنا حدا
طيب يعني حكينا هاد كله معقول ما رح يوصل لحدا؟؟
لك لأ لأ لأنو ما حدا لا حدا..
إذا هيك طمنتوني.. سامحونا..
ن. الحموي
من مساهمات القراء
من مساهمات القراء
إضافة تعليق جديد