شحنة أسمدة ترفضها الجمارك وخمس جهات أخرى والمالية والصناعة توافقان
يروى أن صياداً اصطاد سمكة كبيرة وبدأ يجرها في البحر حتى وصل إلى الشاطئ إلا أن قواه خارت قبل أن يصل بها فنام في قاربه حتى الصباح وعندما استيقظ وجد أن السمكة هيكلاً عظمياً وقد أكلها السمك فهاله المنظر وترك القارب يعدو عدواً.
شحنة من السماد المستورد مخالفة للمواصفات محملة على ظهر سفينة ترسو في المرفأ من تاريخ 17/10/2010 وحتى تاريخه بين رفض الجمارك ووزارة الزراعة لها لكونها مخالفة للمواصفات والمقاييس وبين إصرار الصناعة ممثلة بهيئة المواصفات والمقاييس على اعتبار الشحنة مطابقة للمواصفات السورية على الرغم من إثبات مخابر جامعتي تشرين والبعث وكلية الزراعة وهيئة البحوث وشركة أسمدة حمص أن العينة مخالفة وممنوعة من الاستيراد بموجب قرار وزارة الاقتصاد إلا أن الإصرار على إدخال الشحنة إلى القطر وتفريغها قائم من قبل هيئة المواصفات والمقاييس التي تخالف الاشتراطات الموضوعة من قبلها فيما يتعلق بالسماد الكيميائي المركب الصلب حيث تشترط ألا يقل مجموع نسب العناصر السمادية الثلاثة الرئيسية الكبرى في الأسمدة المركبة عن 25%.
وقالت مصادر مطلعة أن الاقتراحات تجري للتأثير على وزارة الزراعة لتغيير قرار المواصفة المعتمد لديها وتفصيل مواصفة جديدة على قياس وحجم الشحنة المخالفة وبما يسمح بمرورها فهل تفعلها وزارة الزراعة فالقادمات من الأيام تثبت على أن الشحنة يجب أن تعود من حيث أتت وإلا فتكون الزراعة وضعت نفسها في موقف حرج.
وفي التفاصيل قام أحد التجار باستيراد شحنة من السماد المخالف للمواصفات والمقاييس السورية والممنوع استيراده بموجب القوانين، فقد استندت مديرية جمارك طرطوس في رفضها الشحنة واعتبارها مخالفة لتعليمات الاقتصاد إلى التحاليل التي أجرتها لدى جامعة تشرين والتي نصت على عدم مطابقة البضاعة للمواصفة القياسية السورية رقم 1996/1998 والتي تشترط أن يكون مجموع نسب العناصر السمادية الرئيسية لا يقل عن 25% وأن المجموع بالعينة يساوي 18%، كما أن تحليل جامعة البعث المخبري أشار إلى أن العينة لا تحتوي على النسب المطلوبة وأقل من 25%، وعليه تم الاقتراح بقمع المخالفة وإعادة تصدير البضاعة لاعتبار المخالفة لشرط استيراد بضاعة ممنوعة من هيئة المواصفات والمقاييس فماذا كانت النتيجة؟.. أن صاحب البضاعة اعترض وطلب اللجوء إلى التحكيم بعد أن تم تنظيم مذكرة قضية بأن شحنة السماد المستوردة مخالفة صريحة للمواصفة القياسية السورية وطلبت عدم تفريغ الشحنة من السفينة وإعادة تصديرها واللافت أيضاً أن البيان الجمركي أرفق شهادة مطابقة من شركة SGS وبما يشير إلى أن الشحنة مطابقة للمواصفة السورية.
الزراعة قرار هيئة المواصفات مخالفة
بتاريخ 14/11/2010 أرسلت وزارة الزراعة ردها إلى وزارة المالية حول بيان الرأي بمضمون كتاب الجمارك العامة رقم 2702 حول إرسالية سماد مركب بطيء الذوبان من منشأ ومصدر مصري قالت فيه: إن الأسمدة بطيئة الذوبان لا يتم تسجيلها أو منح موافقات استيرادها المسبقة أو تحليلها من قبل وزارتنا ولا علاقة لنا بها حسب مضمون القرار 99/ت للعام 2004 واعتبرت الزراعة أن كتاب هيئة المواصفات والمقاييس السورية رقم 2596/ص/هـ تاريخ 21/10/2010 المتضمن أن السماد المستورد مطابق للمواصفة بالنظر إلى قرار وزارة الزراعة رقم 99/ت للعام 2004 ويعتبر مخالفة لأن القرار المذكور خاص بالأسمدة سريعة الذوبان ولم يتطرق لمواصفات الأسمدة بطيئة الذوبان أو شروطها الفنية.
مفارقة
والطريف في الأمر أن جواب وزارة الصناعة إلى وزارة المالية حول بيان الرأي بالقضية ورد بتاريخ الزراعة نفسه أي بتاريخ 14/11/2010 تقول فيه وزارة الصناعة وتبين رأيها أنه بالعودة إلى المواصفة القياسية السورية رقم 1996/1998 لاشتراطات الفقرة 3/5 سمحت بأن يحتوي السماد على عنصرين من العناصر الثلاثة السابقة الذكر على الأقل ولكن لم تحدد نسبة هذين العنصرين وبالتالي لا يعتبر السماد مخالفاً للمواصفات القياسية السورية أما فيما يتعلق بالنظر إلى قرار وزارة الزراعة رقم 99/ن لعام 2004 فقد تمت العودة إليه لمعرفة نسبة العناصر في السماد في حال وجود عنصرين أساسيين على الرغم من كونه يخص السماد سريع الذوبان وذلك لعدم تحديد هذه النسبة ضمن المواصفة القياسية السورية رقم 1996/1998 وبالتالي فإن المواصفة القياسية السورية بقيت كما هي دون تحديد نسب العنصرين في السماد المركب ولذلك تعتبر هذه الشحنة مطابقة للمواصفة القياسية السورية المذكورة ولا مانع لدينا من إدخالها للقطر.
للاطلاع وإجراء اللازم أصولاً
بدورها وزارة المالية وجهت الجمارك للاطلاع وإجراء اللازم على ضوء رأي وزارتي الصناعة والزراعة. وحيث إن رأي الوزارتين متناقض قامت مديرية الجمارك العامة بمخاطبة مديريتها في طرطوس للاطلاع وإجراء المقتضى النظامي أصولاً.
والسؤال الذي يتبادر للأذهان ماذا يعني إجراء المقتضى أصولاً، فالزراعة ترفض الإرسالية وتعتبرها مخالفة والصناعة تصر على أن الإرسالية مطابقة للمواصفة القياسية السورية بينما جميع التحاليل حسب نتيجة المخبر التي أجريت على عينات الإرسالية تعتبرها مخالفة ولا تحقق الشروط المطلوبة.
الصناعة تتراجع
تشير المعلومات إلى أنه تم العمل بمضمون قرار الصناعة والبدء بتفريغ الشحنة إلا أن إحدى الجهات قامت بسحب عينات من الشحنة وتحليلها لدى شركة الأسمدة في حمص وكانت النتيجة أن السماد أحادي الفوسفات وهذا السماد ممنوع استيراده بموجب هذه النتيجة وهو ما أقرّت به الصناعة مؤقتاً مطالبة وزارة المالية (مديرية الجمارك العامة) بالعمل على وقف تفريغ وتخليص شحنة الأسمدة لحين تشكيل لجنة تقوم بسحب عينات من تلك الشحنة وتحليلها وعلى ضوء ذلك قامت وزارة الصناعة بتشكيل لجنة برئاسة مهندس من هيئة المقاييس والمواصفات وعضوية كيميائية من الهيئة ودكتور من المؤسسة الكيميائية وكيميائيين اثنين من شركة الأسمدة بحمص مهمتها سحب عينة وتحليلها لدى مخابر هيئة البحوث الزراعية وجامعة دمشق كلية الزراعة.
اللجنة تعتبره مخالفاً
وبعد إجراء التحليل توصلت اللجنة إلى أن السماد موضوع العينة هو أقرب إلى السماد الأحادي السوبر فوسفات نتيجة احتوائه على نسبة ضئيلة من الآزوت 1.5 – 2.1% الممنوع استيراده وفق قرار وزارة الاقتصاد وقد بيّن تقرير اللجنة وتحديداً الأعضاء المندوبين من المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية ومندوبي الشركة العامة للأسمدة أن مجموع نسب العناصر الأساسية N.P وفق التحاليل التي تمت في المخبرين المحددين للعينة لم تتجاوز 17.1% وهذه النسبة أقل من الحد المسموح به في قرار وزارة الزراعة رقم 99/ت حيث إن الحد الأدنى 30% واعتبروه مخالفاً للقرار المذكور كما أن هذه النسبة 17.1% هي أيضاً أقل من النسبة الواردة في المواصفة القياسية السورية رقم 1996/1998.
حيث حددت الحد الأدنى للعناصر الأساسية N.P بـ25% لمجموع عناصر السماد الثلاثة الرئيسية الكبرى وبذلك يعتبر السماد مخالفاً للمواصفة القياسية السورية بينما أكد ممثلو هيئة المواصفات والمقاييس أن المواصفة القياسية السورية سمحت بأن يحوي السماد المركب على عنصرين من العناصر الثلاثة ولم تحدد هذه النسبة للعنصرين في حال احتواء السماد على عنصرين فقط من العناصر الثلاثة الكبرى وعليه فإن المواصفة لم تحدد النسبة الواجب توافرها من عنصر سماد مركب لمثل هذه الحالة.
الكيميائية تقول كلمتها
وبموجب قرار اللجنة المشكلة من قبل وزير الصناعة رفعت المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية تقريرها إلى السيد وزير الصناعة قالت فيه: استناداً إلى التحاليل المخبرية التي أجرتها اللجنة نرى أن العينة التي تم تحليلها لا تتطابق مع المواصفة القياسية السورية الأساسية للسماد المركب نظراً لمخالفتها للحد الأدنى المطلوب توافره وهي نسبة الـ25% ولا تتطابق مع مضمون قرار وزير الزراعة الذي قرر الحد الأدنى لمجموع نسب العناصر الأساسية (N.P) بحيث لا يقل عن 30% وبذلك تكون العينة مرفوضة فنياً للأسباب المنوه عنها وارتأت اللجنة أن السماد المستورد موضوع الشحنة هو أقرب إلى السماد الأحادي السوبر فوسفات لاحتوائه على نسبة ضئيلة من الآزوت والسماد الفوسفاتي الأحادي ممنوع استيراده استناداً إلى قرار وزارة الاقتصاد.
من باب العلم فقط..!!
ومن باب العلم بالشيء أن سعر طن السماد الأحادي هو 6 آلاف ليرة وإن سعر طن السماد الثلاثي هو 17 ألف ليرة فإذا ما كان السماد موضوع الشحنة أحادي السوبر فوسفات بموجب التحاليل المخبرية العديدة التي أثبتت ذلك وإصرار هيئة المواصفات والمقاييس على أنه ثلاثي فإن أرباح الشحنة ستكون ثلاثية بكل ما تعنيه الكلمة ولكم أن تخمنوا.
معذى هناوي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد