دمشـق تصـر على تسلم وديعـة رابين أولاً

24-12-2008

دمشـق تصـر على تسلم وديعـة رابين أولاً

أظهرت الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت إلى أنقرة، امس الاول، أن الجولة العملية السادسة من المفاوضات غير المباشرة مع سوريا، التي كانت منعقدة في الوقت نفسه في العاصمة التركية، لم تحقق الاختراق المطلوب قبل الانتخابات في الدولة العبرية، وهو ما دفع المتنافسين الرئيسيين على منصب رئاسة الحكومة الإسرائيلية زعيمة كديما تسيبي ليفني وزعيم الليكود بنيامين نتنياهو الى انتقاد محاولات أولمرت فرض أمر واقع يسبق فتح مراكز الاقتراع.
ونقلت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي عن مصادر في الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة التركية قولها إنه ليست هناك فرصة البتة للتقدم في المفاوضات مع سوريا قبيل الانتخابات العامة في ١٠ شباط المقبل في اسرائيل. وأشارت هذه المصادر إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد يستعد على ما يبدو للتعامل بهذا الشأن مع الإدارة الأميركية المقبلة وليس الآن.
وبث المراسل السياسي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي ما اعتبره تفاصيل ما جرى امس الاول في مفاوضات الجولة السادسة من المفاوضات السورية الإسرائيلية بوساطة تركية. وقال إنه بعد اجتماع مجاملة مع الرئيس التركي عبد الله غول عقد أولمرت اجتماعا على انفراد مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان استمر أربع ساعات. وخلال هذه المدة كان مستشارون من الجانبين يدخلون غرفة الاجتماع لتقديم معطيات تتعلق بالمفاوضات.
وبدا أن الإنجاز الوحيد في هذه الجولة هو رفع مستوى المفاوضين، حيث كان رئيسا الحكومتين الإسرائيلية والتركية مباشرة يتوليان المهمة، من دون معرفة الجهة السورية التي كانت في الطرف الثالث. وأشار المراسل إلى أن مكتب أولمرت رفض الإجابة حول ما إذا كان الرئيس السوري هو من يرأس الجانب السوري في هذه الجولة. لكن المراسل قال إن الجواب عن هذا السؤال هو على ما يبدو سلبيا، وليس الأسد هو من كان يفاوض عن الجانب السوري.
وكانت الطريقة التي أديرت بها هذه المفاوضات غير المباشرة هي باستخدام الهاتف، حيث كان مسؤولون أتراك ينقلون الى مسؤولين سوريين المعطيات المتوفرة في أحاديث أردوغان وأولمرت. كما رفض مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية تأكيد ما إذا كانت قد نشرت على طاولة أولمرت وأردوغان خريطة هضبة الجولان المحتلة.
وشدد مراسل القناة الثانية على أن أولمرت وأردوغان كانا يتوقان لإحداث تقدم في مفاوضات المسار السوري، لكن الأسد بدا متحفظا حيث اشترط لكل خطوة الحصول أولا وقبل كل شيء على »الوديعة« التي تحدد سلفا قبول إسرائيل بالانسحاب التام من الهضبة. أما أولمرت فقد رفض تقديم هذه الوديعة وسعى للحصول على صيغة التفافية ومعقدة تحدد ليس فقط تعهدات إسرائيل وإنما كذلك الالتزامات السورية بهذا الشأن.
وخلص إلى أن عدم إصدار بيان مشترك عن المحادثات التي جرت في أنقرة يعني أن الظروف لم تنضج قبل أقل من شهرين من الانتخابات الإسرائيلية لإعلان أي تقدم فعلي.
وأوضح معلقون إسرائيليون أن زيارة أولمرت إلى أنقرة، واجتماعه مع أردوغان، كانا المحاولة الأخيرة لترك بصمته على السياسة الإسرائيلية بشأن الجولان. ومن الجائز أن هذا ما دعا المتنافسين الرئيسيين من الليكود وكديما إلى انتقاد خطوات أولمرت علنا معربين عن شكهما بالشريك السوري.
فقد أعلنت ليفني، وزيرة الخارجية الإسرائيلية، أن »على سوريا أن تعلم أن إسرائيل تريد السلام. غير أن معنى السلام أولا وقبل كل شيء هو الكف عن تأييد حماس والتوقف عن تدريب رجالها وعن تزويدهم بالأسلحة، وكذلك وقف تزويد حزب الله بالأسلحة«.
أما نتنياهو الذي سبق وتفاوض مع السوريين بشكل غير مباشر للانسحاب من الهضبة المحتلة، فأعلن أن »المطالب المختلفة التي تعرض على الأسد عديمة القيمة من دون الأمر المركزي، ألا وهو وجوب بقاء
إسرائيل على هضبة الجولان«. وكان نتنياهو قد قال، في الجولان قبل يومين، »نحن لا نعرف ما يوشك اولمرت الاتفاق حوله من خلف الأبواب المغلقة، لكننا جئنا لنقول بشكل جلي: حكومة برئاسة الليكود ستبقى في هضبة الجولان«.
وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز اشترط مؤخرا لإبرام السلام مع سوريا أن تقطع العلاقات مع إيران والقدوم لزيارة القدس المحتلة. وقال حينها إنه »لا بديل عن المفاوضات المباشرة مع الزعامة الإسرائيلية».

وأكد بيريز في أحاديثه، وفقا لصحيفة »يديعوت أحرونوت«، أن السوريين يلعبون لعبة مزدوجة وخطيرة، فمن جهة يتحدثون عن السلام، ومن جهة أخرى يواصلون تهريب كميات هائلة من السلاح لحزب الله في لبنان ويعززون العلاقات مع إيران. وبحسب أقواله، فإن إسرائيل لن تتنازل عن هضبة الجولان مقابل فروع إيرانية على جبال لبنان.
إلى ذلك، نشرت »معاريف« نتائج استطلاع أظهر أن ٥٨ في المئة من الإسرائيليين يعارضون الانسحاب الإسرائيلي الكامل من هضبة الجولان، وأن ٢٧ في المئة فقط يؤيدون مثل هذا الانسحاب. ويرى ٤٦ في المئة من المستطلعة آراؤهم أنه لا ينبغي لإسرائيل الانسحاب من الهضبة حتى مقابل اتفاق سلام يثبت نفسه على مر سنوات، وحتى بعد قطع العلاقات السورية الإيرانية.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إقرأ أيضاً:

تفاصيل الملف السوري في أجندة زيارة أولمرت إلى أنقرة
أولمرت يدفع باتجاه محادثات مباشرة مع دمشق ودمشق تنتظر استلام أوباما ونتائج الانتخابات الإسرائيلية  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...