داعية مصري يطالب بإعادة بناء الكعبة

22-02-2007

داعية مصري يطالب بإعادة بناء الكعبة

لاكثر كم 1400 عام ظلت الكعبة رمزا لوحدة المسلمين يستقبلونها في صلواتهم الخمس ويتوجهون اليها في شعائر الحج كل عام الا ان داعية بوزارة الاوقاف يري انه ان الاوان لمراجعة بناء الكعبة واعادة هيكلتها كما ارسيت قواعدها علي يد الخليل ابراهيم والذبيح اسماعيل - عليهما السلام - بدعوي ان الكعبة - بوضعها الحالي - لم تعد شرعية امؤسف لأن التشكيك فى شرعية بناء الكعبة يأتى فى الوقت الذى تعصف فيه الفتن بالمسلمين فتحاك المؤامرات للوقيعة بين السنة والشيعة، وتجرى معاول الهدم على قدم وساق لمحو المسجد الأقصى، وتلاحق المسلمين تهمة الإرهاب أينما ذهبوا، وكأن الأمة الإسلامية لم يعد ينقصها إلا «شرعية الكعبة»!

الدراسة أعدها أحمد على عثمان إسماعيل - مشرف الدعوة بأوقاف القاهرة الجديدة - وحملت عنوان «السرد التاريخى للكعبة المشرفة»، وأكد فيها أن الشكل البنائى العام للكعبة الشريفة كان مستطيلا بيضاويا، وليس مربعا كما هى اليوم، وخلص من بحثه إلى أن شكل الكعبة الحالى «غير شرعى»، واستند فى كلامه لحديث منسوب للسيدة «عائشة» - رضى الله عنها - حيث قال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم: «لولا أن قومك حديثو العهد بالإسلام لبنيت الكعبة على ما كانت عليه أيام الخليل إبراهيم عليه السلام». أشار الشيخ عثمان فى دراسته المودعة تحت رقم 1486 بمجمع البحوث الإسلامية إلى أن الكعبة تم بناؤها اثنتى عشرة مرة، وأن الملائكة - عليهم السلام - أول من قاموا ببنائها، ثم آدم - عليه السلام - ثم نبى الله «شيت»، فإبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ثم «قريش» فعبد الله بن الزبير - رضى الله عنه، ثم الحجاج بن يوسف الثقفى، فالسلطان «مراد خان»، وأخيرا خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود.

كما ذكرت الدراسة أن الملائكة بنوا الكعبة المشرفة لتكون فى مقابلة البيت المعمور فى السماء، وأن آدم - عليه السلام - بناها من خمسة جبال، تولت الملائكة إحضار الحجارة منها، وهذه الجبال هى «طور سيناء، حراء، طور زيتا، جبل لبنان، والجودى». حسبما يرجح الشيخ «عثمان» فى دراسته، فإنه ربما يكون آدم والملائكة قد شاركوا سوياً فى عملية البناء الأولى، مع الأخذ فى الاعتبار أن البناء كان بالحجارة فقط، دون أية مواد مساعدة، وكانوا يبنون كل يوم صفاً واحداً من الحجارة - حسبما جاء فى الدراسة - ولما انتهى «إبراهيم» - عليه السلام - إلى موضع الحجر الأسود طلب من إسماعيل - عليه السلام - أن يأتيه بحجر ليكون موضعاً لبداية الطواف، فأتاه «جبريل» الحجر الأسود، وتوضح الدراسة أن الشكل الأول للكعبة فى عملية البناء الأولى كان بيضاوياً مستطيلا، بارتفاع تسعة أذرع، وطول الضلع الشرقى اثنان وثلاثون ذراعا، والغربى واحد وثلاثون ذراعا. ثم تنتقل الدراسة من زمن سيدنا «آدم» - عليه السلام - إلى زمن «قريش»، حيث عزمت علي بناء الكعبة بعدما أصابتها السيول الغزيرة، وأجمعت على ألا تدخل فى بنائها مالا حراما، وعندئذ تداعى بعضها، وهو الجزء الملاصق لحجر إسماعيل، وهو الأمر الذى تجاوزه «عبدالله بن الزبير» بعد الخلفاء الراشدين متما بناء الكعبة على النحو الذى كان يريده النبى - صلى الله عليه وسلم - فكعبها وربعها على قواعد إبراهيم - عليه السلام - ثم جاء الدور على «الحجاج بن يوسف الثقفى» الذى بناها على قواعد «قريش»، أى بالشكل الذى لاتزال عليه حتى يومنا هذا، وهو ما يراه «الشيخ عثمان» فى حاجة إلى التعديل ليكون على النحو الذى بناه «إبراهيم» - عليه السلام - حيث طالب فى دراسته باستكمالها لما تعرضت له من حوادث متعددة أدت للانتقاص من بنائها الصحيح، وخاصة أنها هدمت أكثر من مرة بسبب النزاعات الطائفية بعد تعرضها للضرب بالمنجنيق على يد «الحصين بن نمير» قائد جيش «يزيد بن معاوية»، ثم على يد «الحجاج بن يوسف الثقفى»، أثناء حصاره لابن الزبير واحتراقها فى عهد الأخير أيضا. يقول الشيخ «أحمد على»: إن مجمع البحوث الإسلامية ناقش الدراسة، ثم أصدر ما يؤكد صحة المادة العلمية، ولكن المجمع فى الوقت نفسه رفض الجزء الخاص بمخاطبة السلطات السعودية، وبالتالى رفض البحث بكامله، كما تم تشكيل لجنة بوزارة الأوقاف لمناقشتى، ولم أكن أتوقع هذه السلبية فى الحوار الذى لم يتطرق نهائيا للمصادر التاريخية التى اعتمدت عليها، بل اتهمونى - والكلام للشيخ «عثمان» - بإثارة القضايا الخلافية التى لا عائد من ورائها سوى إحداث بلبلة بين الناس، وبعد ذلك تم نقلى من مسجد الفتح، حيث كنت إماما وخطيبا هناك وأول من صمم موقعا إلكترونيا للمسجد يضم التفسير والحديث والفقه والسير والأخلاق والدعوة والخطب الدينية فى شتى المناسبات، ولكننى فوجئت بموقف الشيخ «فؤاد عبدالعظيم» وكيل الوزارة لشئون المساجد بمعاقبتى لأننى لم أحصل على إذن من الهندسة المركزية لإنشاء موقع على الإنترنت، وبعد هذه الواقعة تم إلغاء الموقع، وتم انتدابى إلى مسجد الحمد بالتجمع الثالث بالقاهرة الجديدة، ثم انتهى بى الأمر إلى أن أصبحت مشرف دعوة بأوقاف القاهرة الجديدة، لا أقوم بأى دور حقيقى، فهذا المنصب غير موجود نهائيا فى الهيكل الوظيفى لوزارة الأوقاف الذى يبدأ بإمام ثم مفتش فمدير إدارة ثم وكيل وزارة، وأخيرا وكيل أول وزارة - كما يقول الشيخ «على عثمان»!

فى الوقت نفسه فإن دراسة «السرد التاريخى» للكعبة المشرفة قوبلت برفض علماء الأزهر مؤكدين أن هناك أماكن مقدسة فى الإسلام لا يجوز المساس بها أو تغييرها، وقد وصل بعضهم فى تفنيد الدراسة إلى اعتبارها محاولة لإحداث بلبلة بين جمهور المسلمين، حيث يسعى صاحب الدراسة لعمل «فرقعة» طلبا للشهرة، حتى إن كان ذلك على حساب الدين وجوهره، والإساءة إلى الثوابت! يقول «د. منيع عبدالحليم» - عميد كلية أصول الدين الأسبق: إن الحديث الذى استند إليه الشيخ صاحب الدراسة قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكنه لم يفعله، ومادام لم يفعله فلا يجوز لنا كمسلمين التعرض لهذا الأثر أو تغييره لقداسته، ومن يتلاعب بهذه القدسية فهو جاهل وعابث يرغب فى الشهرة أو الوجاهة، ويوضح «د. منيع» أن تلك ليست المرة الأولى التى تثار فيها هذه المسألة، حيث جرى بحثها من قبل عندما هاجم «الحجاج بن يوسف الثقفى» الكعبة المشرفة وضربها بالمنجنيق فحطم الكثير من جدرانها، وقد أجمع الصحابة والتابعون فى ذلك الوقت على عدم المساس بالكعبة لاستكمال ما نقص منها، كما تكررت تلك الواقعة فى عصر خلفاء «بنى أمية» الذين طالبوا بإعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم - عليه السلام - فرفض العلماء كى لا تزول قدسيتها أو يقل بريقها فى نفوس المسلمين باستمرار هدمها وتغيير معالمها من وقت لآخر!

أما «محمد عبدالعليم العدوى» - رئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية أصول الدين - جامعة الأزهر الأسبق - فيقول: بناء الكعبة على ما هى عليه الآن أقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما وضع الحجر الأسود، وذلك فى عهد قريش، ثم حدث أن أراد عبدالله بن الزبير - رضى الله عنه - أن يرفع جزء الكعبة الذى يسمى الحجر ليصل إلى نفس الارتفاع، كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - شرع فى استكمال بناء الكعبة فعلا، إلا أن الخليفة «عبدالملك بن مروان» لم يتثبت من هذا الحديث، فقام الحجاج بن يوسف الثقفى بهدم ذلك الجزء، وتم ذلك فعلا، وظلت الكعبة على ما هى عليه الآن، ثم تولى هارون الرشيد الخلافة ففكر فى رفع هذا الجزء الذى يسمى الآن بـ «حجر إسماعيل» إلا أن الإمام «مالك» - رضى الله عنه - أفتاه حينها بأن الكعبة ستظل على هذا الوضع كما أقرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لهارون الرشيد : دع هذا البناء كما أقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يكون ملعباً للملوك!

وأكد «العدوى» أن علماء الأمة الإسلامية أجمعوا على بقاء الكعبة على ما هى عليه لاسيما أن ما يسمى بـ «حجر إسماعيل» هو جزء من الكعبة، لا تجوز الصلاة فيه كما لا يجوز الطواف من داخله، أما صلاة السُنة «النوافل» فتجوز، وعلق العدوى على الدراسة قائلا: إن إثارة مثل هذه القضايا التى أجمع عليها علماء الأمة بمثابة فتنة وفحشاء وفرقة! «د. مصطفى الشكعة» - عضو مجمع البحوث الإسلامية - فجر مفاجأة مؤكدا أن هذه الدراسة لم يتم عرضها على المجمع، وأنها مرفوضة لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ارتضى وجود الكعبة على ما هى عليه حتى إن «الحجاج بن يوسف» عندما هدمها وبناها «عبدالله بن الزبير» لرغبته فى إقامتها على قواعد إبراهيم من جديد ثم جاء بعده «أبوجعفر المنصور» - أحد أمراء «بنى أمية» - وأراد أن يبنيها من جديد، وأخذ رأى الإمام «مالك»، فإنه رفض، حيث يعد ذلك تلاعبا بأول بيت وضع للناس فى الأرض! وأضاف «د. الشكعة» أن الكعبة مكتملة منذ نزول الإسلام بصورتها الحالية وبحدودها لا تزيد ولا تنقص، فقد طاف بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهى على هذا، وقال للناس: خذوا عنى مناسككم، وبالتالى فلا يليق بتاتا أن نشكك الأمة فى مناسكها وعقائدها، بدلا من البحث عما يجمع شمل الأمة ويوحدها، ويضيف «الشكعة» إن الثابت أن حجر إسماعيل من البيت وحينما يطوف الناس يشملونه بطوافهم، وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذى استدل به داعية الأوقاف كان يعنى منه إدخال «حجر إسماعيل» فى حدود البيت عند الطواف باعتباره ضمن قواعد «إبراهيم»، وأجمعت الأمة على ذلك، ولو أراد الرسول - صلى الله عليه وسلم - استكمال الكعبة لأكملها، فليس هناك داعٍ لافتعال اضطرابات وفتن بين المسلمين! أما «د. عبدالغفار هلال» - أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر - فيؤكد أن الكعبة هى بيت الله الحرام وتعد بمثابة مصدر اطمئنان وأمان للمسلمين، وقد أراد الله للبشرية أن تسير على موقف قويم فأرسل لهم مبشرين ومنذرين، لكن هدم الكعبة الآن وإعادة بنائها سوف يؤدى إلى اختلاف المسلمين والنزاع فيما بينهم، وهذا ما خشى منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل عند تفكيره فى هذا الأمر.

«د. عبدالصبور شاهين» - أستاذ متفرغ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة - وصف دراسة «على عثمان» بأنها كلام لا يعتد به باعتباره نوعا من الفوضى والعشوائية تخترق العقيدة الإسلامية، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اختار الكعبة لأن تكون على ما هى عليه، ولم يحدث بالبيت تغيير وقد قبض الله سبحانه وتعالى حياة نبيه - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أتم قواعد الإسلام، وأقام بناءه، فلا يجوز إدخال أى تعديل على الكعبة المشرفة. موقف الشيخ «فؤاد عبدالعظيم» - وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد من دراسة «السرد التاريخى للكعبة المشرفة» جاء أكثر حدة لاسيما أنه اتهم صاحبها الداعية «أحمد على عثمان» بأنه يثير المشاكل والزوابع الإعلامية سعيا وراء الشهرة الزائفة، كما أكد أن البحث الذى تقدم به يفتقد لأية أدلة أو براهين علمية، لذلك تم رفضه.

نعمات مجدي

المصدر: روز اليوسف

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...