جحافل تيمورلنك تعود إلى حارم
الرجل الأبيض والرجل الأسود كلاهما دمه أحمر، والمسيحي كما المسلم كلاهما يعبد الله، والسني والشيعي لمن لا يعرف يتبعان محمداً ويهتديان بتعاليم القرآن والسنة ويلتقيان عند كعبة إبراهيم ويقبلان الحجر الذي قبله الوثنيون من قبلهم. والمؤيد والمعارض يزعمان محبة سوريا، غير أن الجميع يستبطنون في أمعائهم شيئاً من الخراء، وهم غير قادرين على التطهر منه تماماً، لأن الوجود الواقعي للبشر مبني على الصراع والكراهية، على الرغم من كل رسل المحبة الذين جاؤوا من عند الرب، فقتل الناس بعضا منهم وحوّلوا رسالة من لم يقتلوه إلى فتوى لكراهية الآخر: قل لي من تكره أقل لك من أنت ومن أي فرجٍ أتيت.. كلاب بافلوف تعوي في أمعائنا وفروجنا وأوديب ينكح الأمهات ويقتل أولاده منهن انتقاماً من نفسه. المجلس الوطني يبيع الوطن، التنسيقيات تنشر الخراب وتوزع الفوضى، و"ميليشيات الحرية" تعيد احتلال البلاد بمرتزقة الأعداء... الثورات برسم البيع والشبيح هو كل من لا يوافق هوى الثورجيين، ومدينة حارم مازالت صامدة بوجه جحافل المغول الذين قادهم إليها تيمورلنك قبل 612 عاماً فحاصروها تسعة أيام قبل أن يتمكنو من اقتحام قلعتها وحرق بيوتها وذبح رجالها وسبي نسائها وفلاحة أراضيها بعد رش الملح فيها انتقاماً من بسالة أبنائها.. ستمئة واثني عشر عاماً نامت عساكر تيمور الأعرج على أطراف حارم ثم استيقظت بقوة الكراهية التي جمعت الأفغاني بالتركي، والباكستاني بالسعودي، والشيشاني مع التركماني، حيث لا رابط بين هذا الخليط الخرائي سوى رائحة الكراهية التي تعيد رش أراضي حارم بالملح واليباس..
ومازال في قلعة حارم أربعون جندياً يدافعون بما تبقى من ذخيرتهم عن سمعة إبراهيم هنانو التي يقصفها الحاقدون بصواريخهم تدعمهم الدولة نفسها التي احتلت أنطاكية وترغب اليوم بقضم حارم تحت زعم المنطقة العازلة .. حارم ببساتينها التي أطلق عليها اسم غوطة دمشق الصغرى، أيام كان لدمشق غوطة تنتج الفواكه وليس حثالة المجرمين المنتشرين تحت أشجارها كالثمار المعفنة ولا تشتهيها سوى بهائم الوهابية وثعالب الغرب..
فالخيار العسكري للمعارضة جاء كنتيجة حتمية لرفضهم الحوار السياسي؛ وإقدام التنسيقيات المستمر على اغتيال النخب الوطنية سوف يستدعي المؤيدين بعد حين إلى الرد بالمثل دون الالتفات إلى سياسات السلطة العقلانية مع "جماعة النادمين"، الأمر الذي سيضاعف نزيف الدم السوري وإفراغ البلاد من نخبها وإلحاقها بالصومال وأفغانستان حيث تسرح وتمرح ضباع الوهابية وثعالب الإخونجية التي تتعاون اليوم على انتهاك حرمة حارم وكأنها بلدة إسرائيلية!؟
غير أن الجانب الجيد في الأمر أن ميليشيات المعارضة تنهي بغزوها هذا زعم حمايتها للمدنيين، كما تنسف إدعاءها الجهاد باسم المسلمين، عدا عن تغوطها على شعار الحرية الذي تقتلنا به منذ أشهراً عشرين من أجل كسب رضا الدول الممولة بزعم غيرة الدين .. فقد كانت الحرية على مر التاريخ نبراساً للأمم إلى أن تعهدتها التنسيقيات السورية ـ السعودية بالكذب والدجل، فصرنا نرى الأحرار يتظاهرون وهم يرددون بغضب «كس أختك حرية»..
وحارم بلدة سورية نموذجية عائلاتها من قوميات وأديان ومذاهب متنوعة يجمعهم عبر التاريح مشيئتهم المشتركة بحماية الثغر الشمالي لبلاد الشام ، حيث كانت تتوقف جحافل الغزاة قسريا عند أبواب قلعتها، آشوريون ويونان ورومان وسلاجقة ومماليك وفرنسيون، واليوم وهابيون وإخونجيون وأتراك من سلالة السفاح جمال باشا، فعاقبوها تباعا جراء صمود وبسالة أبنائها، غير أن الغزاة ذهبوا جميعا فيما ظلت حارم شامخة كقلعتها، وأهلها اليوم يرفضون تسليم بلدتهم والتنازل عن سيادتهم لمجموعات غريبة من المرتزقة والمجرمين.. لقد أحببت مدينة حارم على السمع قبل أن أراها وقررت أنني عندما أتقاعد سأذهب وأعيش في ربى هذي الأرض المقدسة وبين أهلها الكرام حتى يتوفاني الله.. وذكروني بتعهدي هذا لاحقاً بعدما تحط الحرب أوزارها..
مسرّة: غالباً ما ألتقي أصدقاء من قدامى المعارضين، وقد أضحوا اليوم من أشد المؤيدين، فنتصافح و نضحك من سخرية الأقدار ونتذكر أيام زمان ونتساءل عن المتسلقين وأولاد السلطة الذين آذونا لنعرف أن أغلبهم يعمل اليوم مع المعارضة.. والأمر لا يفاجئنا، فهم كانوا مستثمرين في السلطة وصاروا مستثمرين في المعارضة، ومازال هناك حمير يتظاهرون ويقاتلون من أجل أوهام الحرية السلفية والديمقراطية السعودية.. ولك تفووووه.
هامش: الطائفية كالخلايا السرطانية النائمة في كل جسد، تظهر عندما تضعف روح الإنسان وتنتشر في أعضائه حتى تخرجه من مجمل الحياة الصحية والطبيعية، ولا شفاء منها بغير العلاج الكيماوي أو الاستئصال..
نبيل صالح
التعليقات
ماذا قدم العربجيون غير
وثني ... اضم صوتي الى صوتك من
آخ منك و من نارام سرجون
لا تكفروا بالعروبة
الله يا استاذ نبيل
كلمات أم دموع
ولما ذا بعد حين؟؟؟؟
ولما ذا بعد حين؟؟؟؟
زمن الوثنية خير من هذا الزمن
لا زلنا نفوت الفرصة تلو
الله يرحم ابوكن بس قلولي كيف
أليس غريبا ألا يوجد مندسون
يسلم قلمك
انا بشك بوجود اشخاص جيدون
هل تعتقد استاذ نبيل أن الحرب
٢٢كلمة
اين العقلاء
في بدايات تاريخ البشرية كان
احلى كلام
من الافجر
نداء
يجب أن لاتسقط حارم
.....حارم كربلاء سوريا
...بكاء سوري
رجاء الرد على هذا السؤال بشكل صريح
أفكار حسب الحالة؟
تعليقا على النقطة 6 للسيد المراقب
في سوريا الكثير من الأحبة
لا تعليق على التعليق؟
أحلم بديكتاتور
السيد نبيل المحترمتحيبة طيبة
مجرد أسئلة
بانتظار غودو
مقاربات
إجابات منطقية.
تشيرالأخبار أن آلاف المقاتلين
لنتألم بصبر لا بصمت
من طيز حمد
الهجرة شمالاً
زمن غريب
ويبقى الميدان هو القول الفصل
واعلامنا يلوث البئر الذي يشرب منه ويقتلنا بكبريت الهيدروجين
رايك استاذ نبيل عن ما يجري بغزة
السؤال الذي يراودني كلما قرأت
إضافة تعليق جديد