انطباعات غربية حول لقاء 100 شخصية معارضة
كثيرة كانت التقارير التي تحدثت عن انشقاقات في صفوف المعارضة، وعن توجهات سياسية مختلفة تحكم مجموعات الداخل والخارج، وأكثر منها كانت الأخبار عن شكاوى المقاتلين من حاجتهم للدعم اللوجستي والعسكري.. وعن محاولة «الإخوان المسلمين» الهيمنة على الأجنحة المعارضة.
وفي هذا السياق، قد لا يقدّم التقرير الذي نشره الباحث في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» ديفيد بولوك جديداً، لكن الجديد كان ما حمله من انطباعات خاصة تعكس سيكولوجية المعارضين إلى جانب ملاحظات تفصيلية عاد بها بعد اجتماعه، ضمن وفد أوروبي، مع أكثر من مئة شخصية معارضة لمناقشة عمليات المراقبة على الحدود، إضافة إلى البحث في مشاركة «الإخوان المسلمين» كما السبل التي يمكن بموجبها أن تساعد الولايات المتحدة المعارضين.. وحتى الإجماع على قبول المساعدة من إسرائيل.
أحد «أقوى الانطباعات»، كما وصفها بولوك، كانت أن «الأمور ليست كما تظهر للعيان». ويوضح قائلاً «من الصعب جداً التأكد على الأرض من هم أولئك الذين كنَت تتحدث معهم فعلاً وأي فئة يمثلون»، ويشرح في هذا الصدد «خلال الرحلة واجهنا عدة مرات أناساً يقولون لبعض منا، بصورة شخصية، شيئاً معيناً ويقولون لآخرين شيئاً مختلفاً تماماً. كما يتحدثون عن بعضهم البعض بطرق مهينة جداً».
ثم يقدم بولوك مثالاً «فاضحاً» عما يقوله: التقينا مع شيخ سوري على الجانب الأردني من الحدود يدير «جمعية الشورى الخيرية»، التي يُفترض أن تكون منظمة إنسانية. وقد قدم لنا عرضاً بليغاً عن العمل الجيد الذي يقوم به وقال إننا جميعاً متساوون، وكلنا نؤمن بالأنبياء الرحماء والرؤوفين. ثم طلب منا أن ندعم عمله الجيد لصالح الشعب السوري. وبعد ذلك الاجتماع، أخذ عضوا فلسطينياً مسلماً من وفدنا جانباً وقال له «كما تعلم، عندما تتحدث إلى هؤلاء الأوروبيين، عليك أن تكون كالثعلب. يتعين عليك أن تقول جميع هذه الأشياء اللطيفة، ولكن كما تعلم إننا لا نعني حقاً أيا منها».
ويعلّق بولوك مستغرباً «انتشار هذا الغموض والازدواجية»، مضيفاً «بناء على ذلك فإن استنتاجي الأول هو: لا تتوصل إلى استنتاجات سابقة لأوانها، حتى حول أولئك الذين تعتقد بأنك تعلم من تتعامل معهم».
أما الانطباع الثاني فتناول «محافظة المسؤولين الأتراك بدرجة مذهلة ليس على المخيمات السورية فحسب، بل أيضاً على المدى الذي يتم فيه إعطاء قوى المعارضة السورية تصريحات للسفر إلى أماكن معينة داخل تركيا وخارجها».
خرج بولوك بهذه الملاحظة بعد لقائه بالمتحدث الرسمي باسم «الجيش السوري الحر»، الذي يعيش في قرية نائية في التلال، على بعد حوالي 20 كيلومتراً من مخيم «أبايدين»، حيث يعيش معظم أعضاء «الجيش الحر» في تركيا. ويعود سبب هذا البعد، وفق بولوك، إلى أن الأتراك لا يريدون أن يلتقي الناس مع أولئك الجنود من «الجيش الحر»، ولا يسمحون لمعظم الناس بدخول المخيم. وفي الوقت ذاته، يضيف بولوك، فإن اللافت للنظر حقاً هو الدرجة التي فقد فيها السوريون السيطرة على بعض مخافر حدودهم، إذ يبدو أن السوريين من جميع الخلفيات أحرار في التنقل بين سوريا وتركيا ولكن برخص تركية فقط.
وفي ما يتعلق بالموقف التركي تجاه حركات المعارضة السورية، يقول بولوك «هناك العديد من الجماعات والحركات السورية المختلفة التي يُسمح لها إقامة مكاتب في تركيا. ولكن هناك أفضلية تركية بارزة لبعض من حركات المعارضة، فأنقرة تحابي جماعة «الإخوان المسلمين» و«المجلس الوطني السوري».
الانطباع الثالث الذي رصده كاتب التقرير كان انتشار»الإخوان» في كل مكان، ليس فقط داخل «المجلس الوطني السوري»، بل بين العديد من جماعات المعارضة، وغالباً خارج سوريا.
وفي السياق، يبدو من الواضح أن «الإخوان» يحاولون الهيمنة على «المجلس الوطني السوري»، فضلاً عن النشاط العام للمعارضة السورية. وقد شهدنا ذلك بصورة عملية جداً، حسب بولوك، عندما «كان «الإخوان» يحاولون تولي قيادة الأمور في الاجتماعات التي عقدناها مع فصائل أخرى ومجموعات غير حزبية وأناس من «الجيش الحر». وقد عارضنا كل محاولة لحدوث ذلك، ولكن في أعقاب عقد بعض الاجتماعات، كان السوريون يأتون إلينا ويقولون، «نحن نأسف إذا جاء «الإخوان» وحاولوا تولي الأمور، ولكننا لسنا منهم، وهم ليسوا منا». وقد حدث ذلك في كثير من الأحيان إلى درجة بحيث أصبح مشكلة».
الانطباع الرابع والأخير كان «عتب» المقاتلين على الغرب الذي لا يدعمهم عسكرياً، في وقت هم يريدون معدات للاتصالات وإمدادات طبية وأسلحة مضادة للدبابات وأخرى مضادة للطائرات، ويعارضون عقد المزيد من الاجتماعات والدعم السياسي والتدريب والتصريحات.
واللافت كان تحميل هؤلاء السوريين إسرائيل مسؤولية منع تقديم المزيد من الدعم الأميركي لهم. وهنا يوضح بولوك قائلاً «بصرف النظر عن استثناء واحد، ساد هذا الرأي بالإجماع تقريباً»، مضيفاً «على الرغم من ذلك التصور الغريب جداً عن قوة إسرائيل أو ربما بسببه، فكلما سألنا إذا قدمت إسرائيل أسلحة أو مساعدة، فهل ستتقبلونها، كان الجواب دائماً يأتي: حتماً».
(«السفير»)
إضافة تعليق جديد