الوطن يستثمر والمشاريع الاغترابية إما "افتراضية" أو"إستغرابية"

13-05-2007

الوطن يستثمر والمشاريع الاغترابية إما "افتراضية" أو"إستغرابية"

الجمل – حسان عمر القالش: بدأت بالأمس  في قصر الأمويين للمؤتمرات في دمشق نشاطات وفعاليات مؤتمر المغتربين السوريين الثاني تحت عنوان (الوطن يستثمر), والذي يختتم مساء اليوم الأحد في تدمر بحفل استقبال للمغتربين تليه أمسية فنية. وحاولت الحكومة أن تعبر عن النوايا والغايات الاستثمارية التي جمعت من أجلها أكثر من 700 مغترب سوري جاؤوا من "كل جهات الأرض على حسابهم.." كما قالت وزيرة المغتربين بثينة شعبان. فالمغترب المتجول في الجناح الخاص الذي  توزعت فيه مكاتب وأقسام صغيرة للشركات الراعية للمؤتمر من القطاعين العام والخاص اضافة الى "رشـّة" من ثلاث أو أربع مؤسسات وجمعيات خيرية, سيـظـن بنفسه اذا ما توقف أمام قسم "وزارة السياحة" وكأنه زبون أو مستثمر "افتراضي" من حيث نوعية الكتيبات والبروشورات الموزعة عليه ذات الطابع التجاري والرقمي الغالب عليها مقابل الطابع الترويجي السياحي التعريفي.
وفي حين لم يـغـب حبيب الملايين "اقتصاد السوق" عن الحدث, حيث عرّف وزير التجارة والاقتصاد بهذه السياسة الاقتصادية مطولا, وكذلك أتى عليها نائب رئيس الوزراء  السيد الدردري الذي اعترف بأن سوريا تأخرت في عملية الانفتاح الأمر الذي أثر سلبا على التطور الاقتصادي, وقال "هناك تمهل في اصدار بعض القوانين الناظمة لقطاع الاعمال في ظل نموذج اقتصاد السوق ما انعكس سلبا على المنافسة الشريفة وجذب الاستثمار".. كنا نتحدث في هذه الأثناء مع السيد فارس الريشان رجل الأعمال السوري المقيم في أستراليا الذي قال بأنه يسعى لأن يكون هو وغيره من المغتربين "بـذرة سوريـّة بفكـر من الخارج" وأنه يدير أعمالا وتجارة بين الصين وهنغاريا وأوروبا, فـ"لم لا يكون له فرع هنا في سوريا؟" وأجاب بنفسه عن سؤاله بأنه" ليس هناك من تنسـيق مع المغترب السوري عندما يكون في سوريا" وأن التنسيق حاليا هو موجود مع المغتربين في بلاد اغترابهم فقط.
وقد امتدح السيد بسـام الشاهين الناشط في المجال الشبابي في أستراليا بحماسة هذا التنسيق مبديا اعجابه بوزيرة المغتربين الدكتورة شعبان التي زارتهم هناك وحاضرت في الجامعات في جلسات نقاش مفتوحة ردت فيها على أسئلة الحضور بمن فيهم من عرب وأستراليين "أكثروا من الأسئلة عن العراق ولبنان واستطاعت الوزيرة اقناعهم بوجهة النظر السورية". ولاحظ بسـام غياب العناصر الشابة من المغتربين فـ"ليس المهم نحن بقدر أهمية الأجيال الجديدة new generation ", وأسهب في الكلام عن شبه غياب للاعلام السوري عندهم في أستراليا في مقابل قوة الاعلام اللبناني والعراقي والاماراتي, كما تحدث عن وجوب أن تميّـز وزارة المغتربين في تعاملها مع العائلات والأسـر بين ما سمـّاه " العائلات الفـتـيـّة" و" العائلات المهاجرة من زمن طويل".
وكان لـطرطوس حصة في لقاءاتنا على هامش المؤتمر فالدكتور ماهـر طيار من صافيتا والذي يملك شركة استثمارية في بلد اغترابه ألمانـيا, روى لـ"الجمل" ماتعرض له من "ابتزاز" السلطات المحلية في صافيتا وطرطوس عندما كان يعمل على بناء منشأة صناعية في بلدته صافيتا وكيف اتهم بتزوير تواقيع رسمية.., لكنه رغم ذلك يحلم ويسعى لانشاء جامعة خاصة هناك.
في هذه الأثناء التي كنا نلتقي فيها المغتربين على هامش المؤتمر, والتي طالت كثيرا حيث بدا واضحا بأن التنظيم غير مكتمل, فلا نداءات عبر مكبر الصوت تعلن عن النشاط الحالي (عرض, ورشة عمل..), كانت صورة الاعلاميين السوريين الأكثر الحاحا على المشهد, فمنهم من ظل يلاحق وزير الخارجية وليد المعلم ليأخذ منه تصريحا حصريا لجريدته "الرسمية" , ومنهم من أخذ يترصـد الشخصيات الهامة ماليا  بحكم معرفته بوجوهها تاركا المغترب العادي, وبقي الكثيرين ممن اجتهدوا في التواصل مع الحضور المغترب باهتمام ولهفة, حتى أن أحد المغتربين علّق على ذلك بالقول:" الصحافة شغـّالة والكل يقول احكي احكي بعكس ماكان يحدث عندما كنا ننادي الصحافي فيهرب منا!".
وكان صوت السيدة ليزا بلهجتها السوريـّة المعدّلة انكليزيا قد نادانا لنسمعها تتجادل مع أحد أفراد تنظيم المؤتمر من وزارة المغتربين وتقول له :" you have no elegant  ليس عندكم اللباقة الكافية لا في استقبالنا ولا في التنظيم..يجب أن تميّزو من هو المغترب, فهو ليس الآتي من الخليج بل نحن الآتين من أستراليا والدول الأمريكية وندفع أكثر من 1500 دولار ثمن تذكرة الطائرة" وليـزا كانت عزمت من فترة بسيطة أن تبقى في الوطن, الا أنها لم تستطع التأقلم مع منظومة العيش و"الحاجة الدائمة للواسطة في كل شيء" التي احتاجت اليها لتسجيل ابنتها في المدرسة, ولم تهـن عليها نفسها وهي الجامعية والحاصلة على شهادات عليا بألا تجد عملا الا كعاملة استقبال في أحد الفنادق.
وكاد المظهر الأنيق لطاقم المشرفين على الضيافة من شباب وشابات بأطقمهم السوداء وربطات العنق فستقية اللون أن يجعلنا نحسدهم على فرصة عملهم ربما, لولا أن دردشة مع أحدهم والذي طلب منا عدم ذكر اسمه وضعتنا في صورة الواقع, فهذا الشاب المتخرج من كلية الآثار في جامعة دمشق والذي يحضر للماجستير, كان قد حصل على المرتبة الثانية في مسابقة وزارة الثقافة لصالح مديرية آثار ريف دمشق ولم يتم توظيفه, وهو الآن وبعد ثلاث سنوات من العمل "سيكيوريتي, أي رجل أمن" في شركة خاصة براتب 8000 ليرة ومن الساعة الحادية عشرة ليلا الى السابعة صباحا, قـرر أن يهاجـر..وربما سيحل قريبا ضيفا "مغتربا" على المؤتمر الثالث للمغتربين عندما يأتي.


الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...