الحمصي مستلهماً فنون الفيديو الزرقاوية
الجمل : يبدو أن السيد مأمون الحمصي قد اعتزل اللعب في المنتخب الوطني للمعارضة وقرر الاحتراف خارج البلاد وعينه ربما على النادي الباريسي للمعارضة.
اذا كان يريد للأمور والأوضاع أن تنصلح فلماذا مغادرة البلاد؟ من يريد الاصلاح يعمل عليه من داخل البلاد, جملة قالها بلال بأنفاس واثقة وملامح مستهجنة. أما قتيبة فسأل عن سبب مغادرته للبلاد فأجبناه من سياق مافهمناه أنه يريد نشر الديمقراطية في سوريا..فعلّق قتيبة من دون اكتراث ومن دون النظر الينا: اذا عنا مافي ديمقراطية وين في؟! ومن وجهة نظر أميرة فالموضوع لم يستحوذ على اهتمامها ولا تعليقها واستمرت في مطالعة برنامج حواري سياسي على قناة لبنانية, فالـ talk show اللبناني صار رغيف خبز يومي عند السوريين.
غريب كيف أن كثير من السوريين فوتوا فرصة رؤية أحد ممثليهم السابقين تحت قبة البرلمان يتحدث اليهم عبر شريط فيديو مسجل بثته أغلب المحطات اللبنانية والعربية! ربما يكون ذلك من حسن حظهم وحظ "المعارضة" في آن معا. فلم يكن تشويه الحمصي في شريطه المصور للمعارضة "الحقّة" كالتشويه الذي لحقها من خدام مثلا, ومن فاته رؤية شريط الفيديو واكتفى بقراءة الخبر عبر الصحف والانترنت قد وفرّ على نفسه مزيدا من الغرق في أعماق الحيرة التي يعانيها السوري تجاه "المعارضة" كمفهوم وكأشخاص, ووفر أيضا مزيدا من "هز البدن" والانفعال كرد فعل لابد منه لمن تابعه.
يظهر النائب السابق "مكرفتا" وهو يجلس وعلى يمين الشاشة العلم السوري – الذي يتمسح فيه الجميع– ومن خلفه ملصق كبير لخريطة سوريا – ينقصها لواء اسكندرونة – كتبت عليها أسماء اعلانات المعارضة السورية بالاضافة لربيع دمشق, وألصقت في شرق الخريطة وغربها صورتا المعارض السوري كمال اللبواني والدكتور عارف دليلة, وغاب عن الشريط أي حرفيّة تصويرية أو اعلانية أو سياسية, بل كانت رداءة الصوت والصورة تذكر وتستحضر الأسلوب الزرقاوي والقاعدي في "منتجة" رسائلهم المتلفزة!
وكان من بين من فاته مشاهدة شريط الفيديو الدكتور عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان والذي قال بأنه (تفاجأ مثل كثير من الناس الذين تفاجئوا) بالخروج المفاجئ للسيد الحمصي من البلاد, واضاف بأن الرجل قد (حورب برزقه), وأن السلطة السياسية بدورها تتقن صناعة معارضين نجوم لها.
بالعودة الى النائب المغادر, يطرح البعض نظرية الـdouble agent أو العميل المزدوج, فالظن كبير في أن السلطة تحاول زرع النائب السابق في صفوف المعارضة الخدّامية ليستقي لها أخبارها, هذه احدى نظريات الشارع في محاولة تفسير الحدث, نظرية أخرى أكثر واقعية ومعقولية ترى فيما حدث وخصوصا في الاخراج الاعلامي المبتذل والمقصود محاولة من البعض للنيل من مصداقية أي فكر نقدي أو معارض والقاء النسب المئوية الضئيلة لأي تأييد شعبي لهذا الفكر في غياهب الرفض والاستهجان والاحتقار الجماهيري, وبالتالي تكريس صورة المعارضة على أنها اما "معارضة صالونات" : مثقفين ومفكرين, أو "معارضة عمالة" : نموذج خدام – البيانوني.
لاشك أن الشارع السوري بات ينظر للمعارضة نظرة ريبة وشك دون أن تتزحزح عن ذهنه مفاعيل "نظرية المؤامرة" أو الـconspiracy theory , ولم يعد يميز الغث من السمين,بعدما ضاقت الفروق بين المعارض والانتهازي والمثقف وصاحب الرأي!
في هذا الزمن الهمايوني الذي لاطعم له ولا لون, زمن تنقل فيه البندقية من كتف الى كتف, وتشرى فيه الذمم. . زمن لم يعد فيه تمايز أو فروقات بين اليمين واليسار. . صار من السهل اللعب بوجدانات الشعوب, وخداع الرأي العام وتكييفه.
الجمل:حسان عمر القالش
إضافة تعليق جديد