الانتخابات تتحدى العنف والمراقبون يتفقدون مراكز اقتراع في دمشق

08-05-2012

الانتخابات تتحدى العنف والمراقبون يتفقدون مراكز اقتراع في دمشق

أجرت سوريا، امس، انتخاباتها النيابية الاولى وفق الدستور الجديد الذي أقر في استفتاء شباط الماضي، واتسمت عمليات الاقتراع بتوتر أقل، ولا سيما في المدن المضطربة، من دون أن يمنع ذلك من وقوع عدد من الحوادث الأمنية التي كانت بارزة في إدلب ومتوسطة في حمص، وكادت تكون معدومة في دمشق لولا إعلان إحدى شبكات الأخبار المحلية مساء أمس عن اختطاف 4 جنود نظاميين من قبل مسلحين ورمي قنبلة صوتية على حاجز عسكري في حي برزة البلد الذي يشوبه التوتر الكبير منذ يومين.
ودان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إجراء الانتخابات مع «استمرار العنف»، ووصفتها واشنطن وباريس بأنها «أقرب الى السخافة» و«مهزلة شنيعة»، فيما أعربت بكين عن أملها أن يساهم هذا الاستحقاق «في تعزيز عملية الاصلاح والاستجابة للمطالب المحقة بحماية مصالح الشعب السوري». سوريون ينتظرون للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية في مركز اقتراع في دمشق أمس (أ ف ب)
الى ذلك، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم، خلال لقائه رئيس وفد المراقبين الدوليين في سوريا الجنرال النروجي روبرت مود، ان حكومته تسهل عمل المراقبين الدوليين. وأشاد مود «بتعاون الجانب السوري في تسهيل عمل البعثة وضمان حرية حركتها دون أي عوائق». وسيبلغ مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان مجلس الامن الدولي اليوم ما آلت اليه خطته.
وفي جولة على بعض مراكز الانتخاب لمراسلنا بدا بعضها مزدحماً بالناخبين وبعضها الآخر متوسط الازدحام. وسجل مراسلو وسائل الإعلام السورية حركة ضعيفة في ريف دمشق، فيما كانت الحركة شبه معدومة في ريف إدلب وجزء من ريف حلب وريف حمص، التي كان الإقبال على الانتخاب فيها متركزاً في الأحياء الهادئة، ولا سيما التي فيها الموالاة.
وكان بارزا بث قناة «الدنيا» فقرة مباشرة على الهواء مساء أمس من منطقة بابا عمرو حيث كان مواطنون يدلون بأصواتهم. وسجلت حوادث ميدانية في حمص تمثلت في هجمات على بعض حواجز حفظ النظام وفقا للإعلام المحلي، وإطلاق نار على حي الزاهرة الذي احتوى مراكز انتخابية، كما أعلنت الشبكات المحلية مصادرة الأمن شاحنة تحمل موادّ متفجرة.
من جهتها، كانت إدلب أكثر عنفاً، حيث انفجرت فيها ثلاث عبوات أدت إلى إصابة ثلاثة عناصر من حفظ النظام، ووقع هجوم في حماه أدى الى مقتل خمسة من عناصر الأمن. وكانت عبوة قد انفجرت بسيارة في ضاحية جديدة عرطوز قرب دمشق وأخرى في قطنا في ريف العاصمة أدتا الى إصابة عدد من الأشخاص وأخرى قرب بلدة السيدة زينب أدت الى وفاة طفل، وذلك وفقا لمصادر حكومية سورية.
لكن ذلك لم يمنع العملية الانتخابية من السير بالوتيرة ذاتها التي جرى بها تنفيذ خطوات التغيير السابقة في «البرنامج الإصلاحي» الذي سبق أن أعلنت عنه القيادة السورية. وتوقعت مصادر في حزب «البعث» أن يفوز الحزب مجدداً بغالبية المقاعد البرلمانية، وأن يقود عملية تشكيل الحكومة المقبلة على الأقل عبر رئيس حكومة بعثي.
وغابت للمرة الاولى منذ عقود لائحة الجبهة الوطنية التقدمية واستبدلت بقائمة الوحدة الوطنية التي تضم الحلفاء التقليديين للبعث، إضافة الى 23 مرشحا مستقلا. ويبلغ عدد الناخبين 14 مليونا مدعوين لاختيار 250 عضواً في البرلمان من بين 7195 مرشحا منهم 710 نساء.
وكان رئيس الحكومة الحالية عادل سفر قال، أثناء الإدلاء بصوته، إن «الحكومة المقبلة ستكون مبنية على نتائج الانتخابات الحالية التي ستفرز أوضاعا سياسية على مستوى مجلس الشعب وسيكون هناك برنامج للحكومة تقدمه إلى المجلس يلبي طموحات المواطنين وتطلعاتهم».
وكان عدد من المسؤولين السوريين قد أدلوا بأصواتهم في مراكز مختلفة بدمشق، مؤكدين أن هذه الانتخابات تشكل «أهم استحقاق دستوري تشريعي في هذه المرحلة المهمة من حاضر سوريا ومستقبلها».
وقال الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي محمد سعيد بخيتان ان «حزب البعث يخوض هذه الانتخابات بقوائم الوحدة الوطنية ومن دون المادة الثامنة من الدستور القديم، معتمدا على قاعدته الجماهيرية الكبيرة وثقته بدوره وإمكانياته وتاريخه النضالي ووفق برنامج انتخابي شامل لجميع نواحي السياسة الاقتصادية والاجتماعية والسياسة العامة، وذلك إلى جانب أكثر من 15 حزباً ومستقلين في تنافس حر ديموقراطي يؤسس لمرحلة من التعددية السياسية في سوريا».
وأكد وزير الداخلية محمد الشعار أن «انتخابات أعضاء مجلس الشعب سارت سيراً طبيعياً، وأن مراكز الاقتراع تشهد إقبالا ملحوظا من الناخبين». وقال «لا مشكلة حتى الآن باستثناء بعض الأمور التي قد تحصل في أي جو انتخابي»، فيما قالت مصادر  إن صندوقا سرق في مضايا، مشيرة الى أن هذه كانت أبرز الحوادث الأمنية، في دمشق وريفها.
وتشارك إلى جانب أحزاب الجبهة العشرة خمسة أحزاب جديدة وتقاطعها خمسة أخرى بسبب «عدم الجاهزية» من جهة، واحتجاجا على «ظروف الانتخابات في ظل الأزمة الحالية». وكانت المعارضة السورية الداخلية قد أعلنت مقاطعتها للانتخابات بسبب استمرار العنف في البلاد، وفقا لما قال المتحدث باسم «هيئة التنسيق الوطنية» منذر خدام، مشيرا إلى ضرورة التطبيق الكامل لخطة أنان.

وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لاي، لمناسبة زيارة وفد من «المجلس الوطني السوري» برئاسة برهان غليون الى بكين، عن الامل في ان يساهم هذا الاستحقاق «في تعزيز عملية الاصلاح في سوريا والاستجابة للمطالب المحقة بحماية مصالح الشعب السوري».
وأعلن ان الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي سيلتقي وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي ونائب الرئيس الصيني تشي جينبينغ. وقال «نأمل ان تعمل الاطراف المعنية في سوريا على تطبيق كامل لتعهداتها من أجل وقف إطلاق النار وانسحاب القوات».
ودان المتحدث باسم الامين العام للامم المتحدة مارتن نيسيركي إجراء انتخابات مع «استمرار العنف». وقال «لا شيء سوى حوار واسع وبلا إقصاء يمكن أن يقود الى مستقبل ديموقراطي حقيقي في سوريا»، مضيفا ان «هذه الانتخابات لا تدخل في هذا الاطار». وتابع «علاوة على ذلك فإن العملية الديموقراطية لا يمكن ان تنجح إذا ما استمر العنف».
وقال بان كي مون، في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن «إراقة الدماء مستمرة في سوريا وهو وضع لا يمكن تحمله وغير مقبول بالمرة، ويتعين ان يتوقف لكي يتسنى بدء حوار سياسي». وكرر ان الاولوية بالنسبة للامم المتحدة هي نشر بعثة المراقبين بالكامل وعددها 300 مراقب أعزل في أقرب وقت ممكن.
وأضاف بان كي مون ان الوضع في سوريا يجعل المجتمع الدولي يشعر «بالقلق الشديد». ودعا «القوات الحكومية وقوات المعارضة الى وقف العنف، ثم يتعين ان يبدأ الحوار بطريقة شاملة للوصول الى حل سياسي يعكس التطلعات الحقيقية للشعب السوري وهذه أولويتنا».
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر «من غير الممكن تنظيم انتخابات في الوقت الذي يحرم فيه المواطنون من حقوق الانسان الاساسية، وتواصل الحكومة الاعتداء يوميا على شعبها». وأضاف ان «إجراء انتخابات تشريعية في مناخ مماثل هو أقرب الى السخافة».
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو الانتخابات بأنها «بمثابة مهزلة شنيعة». وقال ان «الاولوية اليوم مع انتشار سريع لكل مراقبي الامم المتحدة في سوريا وتنفيذ خطة (كوفي) انان برمتها من دون عراقيل». وتابع ان «الشعب السوري سيستعيد عبر العملية الانتقالية السياسية المنصوص عليها في خطة انان والجامعة العربية، القدرة على تقرير مصيره بحرية».

وذكرت وكالة (سانا) ان المعلم رحب، خلال لقائه مود في دمشق، «بعمل البعثة الأممية، مؤكدا لرئيسها استمرار سوريا في تسهيل مهمة البعثة ضمن التفويض المخصص لعملها». وشدد على «أهمية الموضوعية والمهنية في أداء البعثة لنقل حقيقة الواقع السوري الى المجتمع الدولي بعيدا عن التسييس الدائر للملف السوري في مجلس الأمن».
وأشارت الى ان مود «قدم عرضا لعمل بعثته في سوريا، والتقدم الذي تحرزه عن طريق استكمال عددها وإطلاق عملها، مشيدا بتعاون الجانب السوري في تسهيل عمل البعثة وضمان حرية حركتها من دون أي عوائق، كما قدم التعازي بالضحايا السوريين الذين سقطوا جراء الأحداث الأخيرة».
الى ذلك، قال المتحدث باسم بعثة المراقبين نيراج سينغ، في دمشق، ان «مزيدا من المراقبين سيصلون إلى سوريا خلال الأسبوع المقبل لينضموا إلى المراقبين السبعين الموجودين فيها حاليا». وأضاف سينغ ان «المراقبين الموجودين حاليا وزعوا الى عدة مجموعات تمركزت في عدد من المحافظات السورية، حيث هناك أربعة مراقبين في كل من حمص وحماه ودرعا وإدلب، إضافة إلى ثلاث مجموعات تعمل في دمشق وريفها».
وذكرت «سانا» ان «احدى المجموعات جالت (امس) في عدد من أحياء مدينة دمشق وريفها شملت المتحلق الجنوبي ودوار البيطرة والصناعة والمزة جانب بساتين الرازي وحول دار المعلمين ووزارة الإعلام وساحة الأمويين ودوار الجمارك ومنطقة المجتهد وشارع خالد بن الوليد وشارع النصر والمرجة وجسر فكتوريا وقبر عاتكة، بينما قامت المجموعة الثانية بزيارة دوما وحرستا، كما زارت الثالثة جوبر وزملكا وعربين وبرزة وركن الدين».
وزار وفد من المراقبين «مراكز الانتخابات في مديريتي الخدمات الفنية والزراعة والشركة العامة للخيوط القطنية والشركة العامة للسجاد والأصواف في حماه واطلعوا على مجريات عمليات الاقتراع وممارسة الناخبين حقهم الانتخابي. كما زار وفد من المراقبين أحياء طريق الشام والوعر والغوطة ووادي الذهب وعكرمة والإنشاءات وشارع الحضارة في مدينة حمص». وكان مراقبون قد زاروا بلدتي مضايا والزبداني امس الاول.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...