الإيدز: 500 حالة إصابة في سورية
الايدز.. سيدا.. نقص المناعة البشرية.. كلها اسماء ارتبطت في أذهان الناس بمسبب واحد وهو العلاقات الجنسية غير الشرعية وبالتالي المحاكمة القاسية والمؤلمة لمرضاه والاسئلة السخيفة والمزعجة والمهينة..والاحتقار والازدراء ليس من الناس العاديين فقط بل من الأهل (الزوج, الابن, الأب, الأم..)
هذا ما حصل مع الشابة البريطانية (كمبرلي 27 سنة) التي تصدرت صورتها معظم الصحف البريطانية حيث انتقل إليها مرض الايدز عن طريق طبيب أسنانها المصاب والذي قضى نحبه وتركها تنتظر مصيرها المحتوم.. المرعب, ولم يكن أحد يتخيل إصابتها نظراً لحياتها البريئة التي تعيشها.
ورجحت لجنة التحقيق إصابتها عن طريق وخز الطبيب يده بالإبرة من خلال القفازات المطاطية الطبية دون أن يدري وهكذا اختلط دمه بدمها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف الحذر والحيطة من أمثال هؤلاء المصابين (اطباء, حلاقين) والذين من حقهم العيش والاندماج في المجتمع وبممارستهم لمهنتهم قد يتسببون في زيادة نسبة الاحصائيات الطبية للمصابين بمرض الايدز.. أرقام مخيفة تقض مضاجع النائمين على وسائد اللامبالاة وعدم الحذر.
حقائق كثيرة عن هذا المرض وأساليب عديدة للوقاية ما زالت غامضة, بسبب ثقافة الخجل, وارتباط الايدز بوصمة تمنع الناس من طلب مصادر المعرفة أو التحدث عن فيروس نقص المناعة البشري كسبب لمرض خطير يؤدي إلى الموت, كما أن الوصمة تمنع المصابين بالفيروس من البحث عن سبل الحصول على الرعاية الصحية والارشاد النفسي والاجتماعي.
في تحقيقنا حاولنا تشخيص الداء والاستفسار وسؤال المعنيين.. فالتشخيص خطوة العلاج الأولى..
د.هيثم سويدان رئيس دائرة مكافحةالايدز في وزارة الصحة: مرض الايدز من أخطر الأمراض التي شهدها المجتمع الانساني بانعكاساته الإنسانية والصحية والاجتماعية والاقتصادية وهناك 70 مليون شخص في العالم مصابون بمرض الايدز قضى منهم حوالى 30 مليون شخص, وأوضحت جميع الدراسات الوبائية أن هناك ثلاث طرق رئيسية للعدوى هي:
1- الاتصالات الجنسية, وتشكل سبباً مهماً للعدوى, أكثر من 80% من حالات عدوى الايدز.
2- عن طريق الدم الملوث أو أحد مشتقاته, ويكون ذلك عن طريق استعمال المحاقن الملوثة (أو شفرات الحلاقة أو أدوات الوشم والختان الملوثة) بدم شخص مصاب.
ومن الجدير بالذكر أن كافة أكياس الدم المقطوفة في القطر يتم فحصها للتأكد من سلامتها قبل نقلها للإخوة المواطنين.
3- من الأم الحامل المصابة إلى الجنين: وهنا قد تحدث العدوى أثناء الحمل أو الولادة أو ما بعدها عن طريق الرضاعة الطبيعية ويقدر خطر الفيروس من الأم الحاملة للعدوى إلى جنينها من(20%-30%).
وأسباب العدوى بالنسب المئوية:
العلاقات الجنسية 60%, عدوى من الزوج إلى الزوجة 14%, الدم الملوث 10%, الشذوذ الجنسي 9%, المخدرات 4%, الأم للجنين 3%.
وهنا يجب لفت الانتباه إلى الطرق التي لا تنقل العدوى بفيروس نقص المناعة البشرية وهي: 1- السعال والعطاس والمصافحة.
2- استعمال دورات المياه والمسابح.
3- الحشرات بجميع أنواعها إذ إن فيروس الايدز لا يعيش ويتكاثر في خلايا الحشرات, والبعوض عندما تلدغ شخصاً ما تأخذ الدم منه ولا تعطيه إياه ولا تلدغ شخصاً آخر قبل أن تهضم كمية الدم من الوجبة السابقة.
ومن شروط انتقال العدوى بفيروس نقص المناعة البشرية, التعرض للسوائل الخطرة الملوثة بالفيروس كالدم والسائل المنوي والافرازات المهبلية, على أن يكون تركيز الفيروس مرتفعاً وهو ما يسمى الجرعة المعدية ويعد المصابون بالأمراض المنقولة جنسياً أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية من غيرهم.
ويفرق د.هيثم بين المصاب بفيروس نقص المناعة البشرية والمريض بالايدز ويتابع قائلاً: المصاب بفيروس نقص المناعة البشري لا تبدو عليه أي أعراض مرضية, أما المريض بالايدز فهو شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشري وتظهر عليه أعراض مرضية (أعراض فقدان المناعة) وهذا يعني أن كل مريض ايدز مصاب بفيروس نقص المناعة البشري ولكن العكس غير صحيح, فالمصاب بفيروس نقص المناعة البشري بدون أعراض فقدان المناعة ليس مريضاً بالايدز ولكنه قادر على نقل العدوى للآخرين لأنه يكون في فترة الحضانة وهي الفترة ما بين دخول الفيروس إلى الجسم (حدوث العدوى) إلى بداية ظهور أعراض المرض, وفي الايدز تتراوح فترة الحضانة من ستة أشهر إلى أكثر من عشرين عاماً وتنقسم الفترة الأولى من 4 أسابيع إلى ثلاثة أشهر وتسمى النافذة »الصمت المخبري« وهي الفترة ما بين العدوى بالفيروس وظهور الأجسام المضادة في التحليل, والفترة الثانية تبدأ من نهاية الصمت المخبري إلى بداية ظهور أعراض المرض (ترفع حروري -نقص في الوزن -تعرق ليلي -ضخامات في العقد اللمفاوية -انتانات صدرية وسل, سرطان جلدي »كابوزي« أخيراً اعتلال الجهاز العصبي..) وغيرها.
ويتم الكشف عن الفيروس المسبب للايدز فقط من خلال إجراء فحص الدم في المخابر المعتمدة من وزارة الصحة, ويجري هذا التحليل مع المشورة المناسبة في مراكز الارشاد والمشورة حول الايدز بشكل سري ومجاني, وهذه الخدمة موجودة في كل محافظات القطر, والتحليل طوعي, وتعني النتيجة السلبية لاختبار الايدز أن الشخص غير مصاب بفيروس الايدز وتعني النتيجة الايجابية أن الشخص حامل لفيروس الايدز وينقل العدوى للآخرين ولا يعني أنه مريض.
هل يجب حجر وعزل مرضى الايدز؟
عن هذا السؤال يجيب د.هيثم مؤكداً بالنفي: لاضرورة لحجر ولا عزل مرضى الايدز لأنه من المعروف أن المرض لا ينتقل بالمخالطة العارضة بالمنزل أو العمل (كالمصافحة, السعال, العطاس أو الطعام و الشراب) ومن منطلق عدم التمييز ضد مرضى الايدز أو وصمهم, وبالنسبة لموضوع العدوى منهم عن طريق جرح أو..فالارشاد الذي يقدمه المدربون ذوو الخبرة بالطب أو علم النفس في مراكز عديدة (تنظيم الأسرة, صحة المجتمع, دور العبادة, مراكز الأمراض المنقولة جنسياً) يقي ويحمي الآخرين من الإصابة وانتقال العدوى.
وهنا لابد أن يكون الارشاد سهل المنال, والمعلومات التي يقدمها المرشد خالية من التناقض, إضافة إلى السرية التامة, ومن العوامل غير المساعدة على التواصل الجيد مع المصاب:
اللوم الدائم, التحقيق, التشبث بالرأي, الانفعال, السخرية, وهناك حقوق للمصابين مستقاة من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان منها المادة (12): »لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته, ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات« أخيراً تقدم وزارة الصحة العلاج مجاناً لمرضى الايدز وتأتي أهمية الدواء كونه يحافظ على الجهاز المناعي من التدهور ويطيل فترة الحضانة مع تأخير ظهور الأعراض المرضية والأمراض الانتهازية وتوجد خطورة عند توقف استعمال الأدوية ومن دواعي استعمالها ظهور أعراض مرضية (أعراض المرحلة السريرية ا لرابعة حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية)
وبالنسبة لبلدنا فقد تأسس البرنامج الوطني لمكافحة الايدز عام 1987 ,قبل ظهور أي حالة عدوى بفيروس الايدز في سورية وذلك لدرء خطر هذا المرض,وكذلك تم تأسيس لجنة وطنية لمكافحة الايدز يرأسها وزير الصحة, وتضم ممثلين من كافة الجهات الرسمية والشعبية من وزارات ومؤسسات حكومية ومنظمات شعبية ونقابات وجمعيات.
ومجموع الحالات المصابة حتى نهاية عام 2007 (279) حالة وهم سوريون, منها (119) حالة وفاة و(222) حالة من غير السوريين, منها (11) حالة وفاة.
- هل هناك حالات إصابة نقلت عبر المعالجات السنية:
الدكتور محمد منير أبو شعر,عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الايدز: لم تسجل في سورية أي إصابة بمرض الايدز نقلت عبر المعالجات السنية,لأنه على الرغم من أن فيروس الايدز شرس جداً وهو داخل الجسم,إلا أنه ضعيف المقاومة جداً خارجه ,وسريع التلف ,يسهل القضاء عليه بالاجراءات القياسية لتعقيم الأدوات ,وفي الولايات المتحدة الامريكية سجلت عدة حالات من مرض الايدز بعد المعالجات السنية (وكما جاء في بداية التحقيق عن إحدى المريضات المصابات في بريطانيا) وتبين بعد استجواب المرضى والفحوصات الطبية أن هؤلاء المرضى نقلت لهم العدوى عبر الممارسات الجنسية الشاذة.
ولاداعي للخوف وتخويف المريض من انتقال عدوى الايدز عبر المعالجات السنية ..لأن معظم أدوات طبيب الأسنان تستعمل لمرة واحدة ,وخاصة إبر المحاقن والمشارط ,كما توجد احتياطات معروفة دائماً,وليست حديثة التطبيق وقد جاء مرض الإيدز ليعطيها أهمية مضاعفة ,منها:
1-استخدام الأدوات ذات الاستعمال الواحد لمنع العدوى (ماصات اللعاب,إبر التخدير والمشارط..,)
2-التعقيم الفعال لكل أدوات المرضى,سواء أكانوا حاملي الفيروس أم لا.
3-غسل الأيدي جيداً قبل ارتداء القفازات وبعد نزعها .
4-استعمال مناشف ورقية ذات استعمال واحد.
5-ارتداء قناع الوجه-والرداء الأبيض باستمرار
أخيراً علينا جميعاً إعلان الحرب العالمية ضد هذا المرض الذي لم يلق سلاحه بعد ونراه كل يوم يتابع احتلاله للعالم والحذر والوقاية هي الوسيلة الوحيدة للنضال ضد هذا المرض في غياب المعالجة واللقاحات الفعالة.
- الأستاذ الدكتور كامل عمران, جامعة دمشق - علم الاجتماع ونائب عميد كلية الآداب للشؤون العلمية: يعد مرض الإيدز أخطر مشكلة صحية تواجه البشرية في الوقت الراهن وهو المشكلة الصحية الوحيدة التي جرت مناقشتها على مستوى الجمعية العامة للأمم المتحدة, وتشير الإحصائيات إلى أن الغالبية العظمى من ملايين المصابين بفيروس الإيدز (90%) هم أولئك الذين اتخذوا لأنفسهم سلوكيات مشبوهة تضرب بعرض الحائط بكل ما تقضي به أعراف المجتمع والشرائع السماوية من قيم وعادات اجتماعية ويمر الشخص المصاب بعدة مراحل قبل أن يلقى مصيره المحتوم ولا تظهر عليه من المرحلة الأولى علامات المرض ولا يشكو من أي أعراض, ويبدو سليماً معافى كغيره من الناس وقد لا يدري هو نفسه أنه يحمل في جسمه فيروس الإيدز! وقد تدوم المرحلة الأولى (دور الحضانة) ما بين ستة أشهر وحتى عدة سنوات وهنا تكمن الخطورة, أما الإصابة فتتركز في الفئات العمرية من 20-49 سنة وتعادل 84% من حجم الإصابة وهو ما يهدد المجتمع ومستقبله, لأن الإصابة تتركز في الفئات الشابة ,من هنا يأتي التركيز على دور القيم والعادات الاجتماعية كونها تمس العلاقات الاجتماعية بكافة صورها, وهي قيود وضوابط تنظم الميول والدوافع الأنانية وتكبتها, وبذلك تعمل على التماسك الاجتماعي, فهي أنماط سلوكية, فكرية وعملية علينا أن نفكر ونعمل تبعاً لها, حتى ينتظم التعامل والاتصال بين الناس وحتى يكون هناك عنصر من عناصر التنبؤ في الحياة فيعرف كل فرد ما يتوقعه من غيره من سلوك, وما يتوقعه غيره منه من تصرفات, وبذلك يكون هناك بحق مظهر متحد في الأفكار والتصرفات يدل على التماسك الاجتماعي, والأسرة هي التي تزود الفرد بالرصيد الأول من القيم والعادات الاجتماعية كقيم العلم, والوفاء, الصداقة والعمل الجاد والمتقن فالعلاقات الزوجية السليمة المبنية على الإخلاص والوفاء المتبادل هي خير حصن يحمي من شر الإيدز.
أما العمل المتقن والمخلص سواء بالنسبة للعاملين بنقل الدم أو طبيب الأسنان والصائغ الذي يثقب أذن طفلة بآلة حادة ومعقمة والممرض الذي يقوم بتعقيم أدوات الجراحة وغيرها والتي تقوم كلها على قيمة الإخلاص في العمل جميعها أساليب شخصية تدفع عنا الإصابة بمرض الإيدز.
كما علينا أن نستخدم القيم الدينية لفئات الناس التي يمكن أن تؤثر بها فتتكون عادات وأنماط سلوكية تحمي الفرد والمجتمع وأن نستخدم قيم العقل والعلم عند الفئات التي تؤمن بذلك.
- الشريط الأحمر.. هو العلامة العالمية للوعي عن عدوى فيروس الإيدز, تم ابتكارها من قبل تجمع الفنانين في نيويورك عام ,1991 ويرمز الشريط إلى العناية والاهتمام بأولئك الذين يعيشون مع عدوى فيروس الإيدز, وأولئك المرضى, والدعم والأمل بنجاح البحث عن لقاح وعلاج يوقفان العذاب والألم.
- ورغم كثرة النشاطات والمؤتمرات والندوات في بلدنا عن الإيدز إلا أن الإعلام ما زال مقصراً في هذا المجال فلا يكفي مسلسل واحد على سبيل المثال (كسر حاجز الصمت) لنشر الوعي عن هذا المرض والعبرة... على الرغم من النجاح الذي حققه كما إن أغلبية صحفنا تكتفي بتغطية الندوات والمؤتمرات وإجراء اللقاءات ونشر الإحصائيات وفي أيام المناسبات.
ونقترح هنا إتاحة الفرصة نحن الصحفيين - للقاء المرضى ونشر قصصهم وعلى لسانهم (آمالهم- آلامهم- سبب الإصابة- و...و...) مع مراعاتنا لأخلاقيات المهنة (دون نشر اسم المصاب أو إجباره على التحدث,أو...) وأعتقد أن هذه الطريقة من أفضل الوسائل للوقاية والابتعاد عن مسببات المرض والحذر .
حقائق لابد من معرفتها
- 1981 أولى حالات الإصابة بالإيدز في الولايات المتحدة الأميركية.
- 70 مليون شخص في العالم مصابون بالإيدز قضى منهم 30 مليون شخص.
- متوقع حتى عام 2015 وفاة مليوني طفل جراء الإصابة بالمرض.
- أول منطقة لازدياد معدل الإصابات, في أوروبا الشرقية.
- المنطقة العربية ثاني أكبر منطقة لازدياد المعدلات فتصل لحدود 30%.
- البعوض لا ينقل الإيدز.. لأنه يأخذ الدم ولا يعطيه.
- لا عزل ولا حجر لمرضى الإيدز.
- من 6 أسابيع إلى ثلاثة أشهر يكون المصاب قادراً على نقل العدوى.
- فحص الإيدز لا يجري إلا عند طلبه, ودون الحاجة لإعطاء الاسم.
رويدة سليمان- محمد عكروش
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد