استمرار السجال اللبناني وسوريا هي الحاضر الغائب
من المتوقع أن ينتقل السجال السياسي حول موضوع تمثيل لبنان في القمة الفرنكوفونية إلى طاولة مجلس الوزراء اللبناني ، مساء اليوم، من دون استبعاد احتمال حدوث مواجهة بين وزراء الأكثرية ورئيس الجمهورية إميل لحود، وخاصة أن فريق الرابع عشر من آذار قرر <الانضباط> سياسيا تحت سقف <تنزيه> الموقف الروماني، و<استنكار تطاول> رئاسة الجمهورية اللبنانية على الرئيس الفرنسي جاك شيراك، وهو الموقف الذي لاقى أصداء سلبية لدى بعض المرجعيات الروحية المسيحية، في حين بدأ الترويج ل<حل وسط> ستتقدم به الدولة الرومانية ويقضي بتوجيه الدعوة إلى <الجمهورية اللبنانية> تاركة لحكومة الرئيس فؤاد السنيورة خيار تسمية الوفد الذي سيمثل لبنان.
وبدا أن هذا المخرج لاقى صداه لدى بعض قوى الأكثرية، وتحديدا المسيحية منها، وذلك على قاعدة أن لا يتمثل لبنان لا برئيس الجمهورية ولا برئيس الحكومة بل بوفد وزاري موسع، إلا أن أوساط رئيس الجمهورية سارعت إلى رفض هذا الاقتراح، وقالت إنه على الدولة التي تستضيف القمة أن توجه الدعوة إلى الرئيس اللبناني حسب الأصول، وإننا سننتظر 48 ساعة للحصول على رد روماني رسمي وإلا فإن الموضوع سيتخذ أبعادا سياسية مختلفة.
وفي موازاة الانشغال بالموضوع الفرنكوفوني، عاد رئيس لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سيرج برامرتز، امس، الى بيروت، وسط حديث عن توجه لديه لاعتماد استراتيجية جديدة في التعامل مع الاعلام، من اجل وضعه دورياً في اجواء عمل اللجنة على عكس التكتم الذي ساد المرحلة السابقة، وذلك وفق استنتاجات بعض من التقوه في بيروت في الساعات الاخيرة.
وقد عقد، مساء امس، اجتماع دام اكثر من ساعتين بين برامرتز ووزير العدل شارل رزق في مكتب الاخير في وزارة العدل، حضره مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا والمحقق العدلي في قضية الرئيس الحريري القاضي الياس عيد بالاضافة الى القضاة جوسلين ثابت وشكري صادر ورالف رياشي.
وفيما رفضت اوساط وزير العدل التعليق على نتائج الاجتماع وهو الاول من نوعه بعد عودة برامرتز من نيويورك وتجديد مهمته لمدة سنة كاملة، علم ان القاضي الدولي طلب من الحكومة اللبنانية تقديم مساعدة في ما يتصل بالملفات التي تتابعها، فضلا عن مواكبة التحضيرات اللبنانية المكثفة لانشاء المحكمة ذات الطابع الدولي.
وعلم أن رزق أبلغ برامرتز والجانب اللبناني بأنه تلقى رسالة من الأمانة العامة للأمم المتحدة، وأنه قرر في ضوئها إيفاد القاضيين رياشي وصادر إلى لاهاي بين الخامس والسابع من تموز المقبل للاجتماع بعدد من القضاة في محكمة العدل الدولية للبحث معهم
في الصيغة النهائية للاتفاقية التي ستبرمها الحكومة اللبنانية مع الأمم المتحدة حول إنشاء المحكمة، والتي ستعرض لاحقا على مجلس الوزراء للموافقة عليها.
في هذه الأثناء، قال الرئيس الأميركي جورج بوش في مؤتمر صحافي عقب القمة الأميركية الأوروبية في فيينا، إن المشاركين في القمة تحدثوا عن لبنان <وحاجته لأن يكون حراً من التأثير السوري>. أضاف: <لقد عملنا معا في الأمم المتحدة لتوجيه رسالة واضحة الى السوريين: اتركوا لبنان وشأنه، دعوه يصبح ديموقراطية حرة، الأمر الذي يشكل جزءا ضروريا على طريق طرح أسس السلام في الشرق الأوسط>.
وأعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان باتيست ماتيي خلال مؤتمر صحافي <إنه مثلما سبق وقلنا مراراً، ليس هناك تدخل من فرنسا في شؤون لبنان الداخلية>. وأضاف أن <القرار الذي اتخذته رومانيا بصفتها الدولة المضيفة لقمة الفرنكوفونية لا يفاجئنا نظراً إلى المواقف التي عبّر عنها مجلس الأمن الدولي حول قضية الانتخابات الرئاسية في لبنان>.
وأوضح <أن المسألة لا تتعلق بشخص بل بحرص على التماسك بين المواقف المتخذة في إطار الامم المتحدة ومواقف الفرنكوفونية>.
وأعلن قصر الاليزيه أن الرئيس شيراك سيستقبل غدا الجمعة النائب سعد الحريري، فيما قالت مصادر لبنانية في باريس إن النائب وليد جنبلاط الموجود في أوروبا سيجتمع بكل من قادة منظمة الاشتراكية الدولية ومفوض الاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية خافيير سولانا.
وكان الحريري قد تحدث، أمس، أمام أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي <عن التدخل السوري المستمر في شؤونه الداخلية>، وأسف للمنحى الطائفي الذي اتخذه موضوع المشاركة في الفرنكوفونية، وقال: <نحن مجبرون على احترام الدستور، ولكن على رئيس الجمهورية ألا يقوم بحملات على رؤساء الدول وعلى الدول، وليس فرنسا وحدها، فهو لم يبق دولة واحدة صديقة للبنان. فليتحمل مسؤولياته ومسؤولية كلامه وليتذكر الكلام الذي قاله منذ شهر ونصف أو شهرين>، معتبرا أن <موقع الرئاسة محمي أصلا. الدستور يحمي موقع الرئاسة، وليس إميل لحود>.
وسارعت أوساط الرئيس لحود للرد على الحريري بالقول إن مواقفه <جزء من الخطة الموضوعة بينه وبين شيراك والتي تستهدف موقع رئاسة الجمهورية اللبنانية لإضعافه وتهميشه>، وأشارت إلى أن <صداقة> الحريري مع بعض الدول <تفوح منها رائحة المصالح والصفقات والاتفاقات والالتزامات>!
وأكدت أوساط لحود ليل أمس أنه سيزداد صلابة <بعدما تأكد له أن شيراك يقف وراء قرار استبعاده شخصيا وليس الحكومة الرومانية وذلك وفق تأكيدات المسؤولين الرومانيين عبر بعض القنوات الدبلوماسية>.
وأضافت إن المسالة مبدئية وإذا قرر رئيس الجمهورية تمريرها ستكون سابقة دستورية وسياسية خطيرة جداً، وهذا الأمر أبلغه رئيس الجمهورية إلى بعض المرجعيات الروحية.
ولمّحت أوساط لحود إلى صدور <أمر عمليات> إلى قوى الرابع عشر من آذار من أجل تعويض ما أسمته <الخسائر المتتالية لهذا الفريق منذ سنة وحتى الآن>.
بدورها، اعتبرت هيئة المتابعة لقوى 14 آذار أن موقف رومانيا، الدولة المضيفة للقمة، هو موقف بعيد كل البعد عن الاعتبارات الداخلية اللبنانية، ولا سيما الاعتبارات الطائفية والمذهبية، كما أنه لا يشكل استهدافا أو مساسا بموقع رئاسة الجمهورية اللبنانية، إنما هو ينطلق بوضوح من قواعد القانون الدولي، وقرارات مجلس الامن.
وأضافت ان عدم تمكن مؤتمر الحوار حتى هذه اللحظة من إقالة لحود رغم الإجماع على وجود أزمة في رئاسة الجمهورية، <لا يعني إطلاقا أن قوى 14 آذار قد تخلت عن مطلب إسقاطه وهو الذي لا يتمتع بأي شرعية دستورية أو سياسية>.
واستنكرت قوى 14 آذار <تطاول ما يعرف بالمكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية على الرئيس الفرنسي، الذي برهن على الدوام أنه من أكبر أصدقاء لبنان ومن أكبر الداعمين لسيادته واستقلاله ووحدته الوطنية>.
في المقابل، أعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون إثر اجتماع طارئ للتكتل أمس، أن قضيّة مشاركة رئيس الجمهورية في قمة الفرنكوفونية <غير قابلة للتسوية فإذا أراد رئيس الجمهوريّة القيام بتسوية ما، سنغلق له طريق المطار. إما أنه رئيس كامل وإما أنه ليس رئيساً. وسنواجه كل تعد على موقع الرئاسة سواءً أتى من الداخل او الخارج>، وطالب الدولة الفرنسية بإعادة النظر في موقفها وكذلك الحكومة الرومانية، <لئلاّ تسيء إلى العلاقات بين رومانيا ولبنان ولا يقلص دور فرنسا في لبنان ولا يمكن للسياسة الفرنسية أن تكون رهنا بأشخاص>.
وأعلن عون أن التكتل سيتوجه في الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم الى المجلس الدستوري في الحدث لمقابلة الاعضاء ومعرفة سبب تمنعهم عن النظر في الطعون المقدمة إليهم في الانتخابات النيابية وفي القانون الجديد للمجلس، محذراً من أنه إذا لم يتجاوب أعضاء المجلس فستتخذ إجراءات أخرى تصعيدية، بينها الاعتصام ورفع دعوى قضائية ضدهم وفق قانون العقوبات.
وقال عضو في تكتل التغيير ان الخطوة الثانية بعد الاعتصام هي درس إمكانية الانسحاب من مؤتمر الحوار الوطني.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد