85% نسبة المشاريع الوهمية في سوريا
الخطة الخمسية العاشرة تؤكد على أهمية دور القطاع الخاص وعلى أهمية رفع نسبة مساهمة القطاع الخاص في كافة قطاعات الاقتصاد الوطني وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بوسطي معدل نمو 7% مع نهاية الخطة وتفعيل المشاركة المؤسساتية للقطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وزارة الصناعة ووزارة الاقتصاد والتجارة ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ونائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية تصدر يومياً عن هذه الجهات الوصائية تصريحات تؤكد في مجملها على أهمية وضرورة تطوي قطاع الأعمال للنهوض بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية لتكون القوة المحركة لعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال وضع إستراتيجية شاملة لتطوير قطاعات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية مع كافة الجهات المعنية.
وانطلاقاً من ذلك صدر القانون رقم 71 لعام 2001 وحدد الهيئة الوطنية للتشغيل بتقديم القروض للعاطلين عن العمل لإقامة مشاريع أسرية صغيرة ومتوسطة وأشغال عامة، إضافة إلى تقديم المشورة في إدارة هذه المشاريع والجدوى الاقتصادية منها، وقد افتتحت مكاتب للهيئة في كافة المحافظات لاستقبال طلبات الاقتراض ومتابعة وتدقيق هذه الطلبات.
المحصلة بعد سنوات، فساد وممارسات خاطئة من خلال مجلس إدارة الهيئة.
الإدارة تقدمت بدراسات لا علاقة للهيئة بها تحت بند (أشغال عامة) ومن هنا بدأ الفساد، وكانت المطالب العامة تتلخص في:
تسهيل إجراءات الحصول على القروض.
تسهيل منح التراخيص الإدارية من مجالس المدن والبلديات.
تخفيض قيمة الفائدة وتبسيط الضمانات.
تحفيز المشاريع التي تستوعب يد عاملة أكثر.
إلغاء بند الأشغال العامة وتحويله إلى الموازنة الاستثمارية لوزارة الدولة والمقدرة بـ 25% من ميزانية الهيئة.
تأطير وتسهيل منح القروض وخاصة البنوك والتراخيص من مجالس المدن والبلديات والفواتير على المقترضين.
وبعد سنوات تغيرت التسمية إلى هيئة التشغيل وتنمية المشاريع في عملية هروب من الواقع السائد، القانون 71 لعام 2001 يهدف إلى القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل وتمويل المشاريع على المستويات الأسرية والصغيرة وقد بدأ دور الهيئة وفق أسس وقواعد نظرية ممتازة تهدف للوصول بسوريا إلى أعلى نسبة للقضاء على البطالة وكان من أهداف الهيئة تحليل المشاريع اقتصادياً ومالياً ومتابعة تلك المشاريع لتكون ناجحة ومحققة للأهداف المنشودة سواء للمقترض أو للاقتصاد الوطني بشكل عام لكن والحق يقال أن الهيئة وجدت نفسها تتخبط في ميدان مواجهة الأطر التشريعية ونظم الإجراءات التي تخضع إنجاز معاملات الإقراض والتراخيص والضمانات التي هي تخضع للروتين والبيروقراطية القاتلة أمام طالب التمويل من جهة وأمام البنوك المودعة وقساوة شروطها من جهة أخرى وهذا ما يضرب الأهداف النبيلة الوطنية التي تم من أجلها إحداث الهيئة، ففي طيلة عمل الهيئة لمدة خمس سنوات مولت 82 ألف مشروع 131 قرضاً إضافياً 33 قرض توسعة وكانت التكاليف بنحو 16.133 مليار ليرة سورية كانت هناك قروض وهمية وغير منفذة بلغت 27 بالمائة من هذه القروض وهي الوحيدة التي تمتعت بنجاح باهر لأنها دعمت من قبل مدراء الفروع ورؤساء البنوك لأنها كانت تخصهم وهم بالأصل ليسوا بحاجة لهذه القروض أو بالأحرى لم يكونوا عاطلين عن العمل بل أفرغوا محلاتهم ومعاملهم من محتويتها بناء على تعليمات الهيئة والبنوك ومن ثم أخذوا قروض وعلى نفس الآلات السابقة طبعاً بعد طلائها وتحديثها بناء على طلب اللجان المرتشية وحتى قسم منهم لم ينفذ مشروعه نهائياً بل ذهب واشترى بالمبلغ سيارة أو بيت أو تزوج أو ما شابه ذلك.
ونعود لدراسة الآثار السلبية على المقترضين:
- للقضاء على آفة اجتماعية واقتصادية يجب أن يكون هناك تسهيلات، وبما أن الهيئة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء أما كان بالأحرى بها إصدار القانون ملزماً كل الوزارات بالتعاون مع الهيئة وعدم ترك المقترض يتخبط بروتين الوزارات بكل أنواعها ولطالما كان القانون وحسب المادة 24 منه تعفي المقترض من تكاليف كل تلك المعاملات والتراخيص ووجع القلب، إذاً لماذا تم إرهاقهم بجزء كبير من المبلغ وبزمن طويل من عمر المشروع ألا يعني هذا هدم قاطرة النمو والتطوير والتحديث وسحقهم تحت عجلاتها المجنزرة!؟
- إن إفشال مشاريع الهيئة خطة اقتصادية تهدف إلى تدمير البنى التحتية للعاطلين وتحويلهم بأقل من خمس سنوات إلى مجرمين أو سفاحين أو قتلة أو مهربين وبذلك يكون دخل المجتمع بشراً لابد منه عندما يركع صاحب المشروع هو وكفلائه، ألا يريد الكفلاء الاقتصاص منه!؟
- هنا نرى الكثير من المستفيدين لجئوا إلى الهجرة القسرية خارج سوريا إما هرباً من الملاحقات القضائية أو هرباً من الكفلاء ومطالبتهم بالالتزام بما لا يلزم ونكون هنا أضفينا آفة على آفة جديدة لتكتمل الحلقة المفقودة من التخلف والبؤس والحرمان والفساد الاجتماعي.
أنشأت الهيئة بكتلة مالية مقدارها خمسين مليار ليرة سورية القسم لأعظم منها هبات وتبرعات من دول مانحة أجنبية وعربية وهيئات إقليمية وقسم بسيط ساهمت به سوريا وكان الهدف من ذلك القضاء على آفة البطالة، ولكن ما نراه الآن إتخام جيوب العاملين فيها بشكل مفزع وإفقار المقترضين بشكل مخيف قد تكون نتائجه أسوء مما نتصور متمثلاً ببيع بيوتهم وممتلكاتهم.
قامت الهيئة بانتداب عدد من الموظفين وإعطائهم 100 بالمائة من قيمة رواتبهم ليصبحوا أكثر ثراء وهذا كله على حساب الصندوق وكذلك إيفادهم إلى الخارج للتدريب، وعلى حسب الأهواء والواسطات وطرد قسم منهم إن كان يعارض بفكرة أو يدلي بشيء قد يساعد الهيئة على النهوض الاقتصادي أو يساعد مقترض أو أي عمل لا يتناسب وأهواء المدير المسؤول.
كانت نفقات المشرفين على الهيئة والعاملين فيها توازي القروض الممنوحة أي أن الصندوق أصبح عرضة للانتهاك والتلاعب وما تغير المدراء العاملين أربع مرات بخمس سنوات إلا دليلاً على النهب والسلب الممارس بحق الصندوق وهذا ما يجبر الهيئة على تسديد العجز عن طريق الفوائد الممغنطة على المقترضين.
بموجب القانون 71 على الهيئة أن تقدم 20 بالمائة من قيمة القرض هبة أو منحة على سبيل المساعدة للمقترض، أين هذه الهبة ومن سرقها!؟
وبموجب القانون نفسه على الهيئة متابعة المشاريع كل شهر بشهر ومساعدة المقترض على الأداء الجيد وحثه على العمل والإنتاج ومساعدته إذا تعثر مالياً وتسويقياً، إذاً أين نحن من هذه التطبيقات؟
وهل 33 قرضاً توسيعياً و133 قرضاً إضافياً على مدار خمس سنوات في إحدى المحافظات كافية؟
وهل هذا يعتبر إنجاز بالرغم من أن معظم المقترضين طالبوا بالمساعدة والتوسع فكانت توضع أمامهم آلاف العثرات وهذا يعني أن القائمين على الهيئات والوزارات كانوا يضعون آلاف العصي في دولاب مقترض واحد من تجديد الرخص وتجديد عقد الشراكة والرسوم والضرائب والأمثلة كثيرة وما وقوف البلديات بوجه المقترضين إلا سياسة مفتعلة بغرض إرهاقهم بالمعاملات المملة مالياً واجتماعياً واقتصادياً!
أما كان بالأحرى مساعدة العاطلين المقترضين ودفعهم للأمام لركب هذه القاطرة المزعومة (النمو) بدلاً من دهسهم تحت عجلاتها المجنزرة!؟
عضو لجنة متابعة قال: تم تشكيل لجنة متابعة وبالانتخاب فقامت مديرة الفرع في إحدى المحافظات بحلها لأنها قامت بدراسة معظم المشاريع المغلقة أو التي أصحابها باعوها بخسارة أو هربوا، وأؤكد أن المشاريع الفاشلة والوهمية بلغت 85% وهذا ما تؤكده الملاحقات القضائية.
ولكن نحن لازلنا نؤكد على دعم المشاريع الصغيرة لامتصاص البطالة!!
نزار عادلة
بورصات وأسواق
إضافة تعليق جديد