4 % حصة الدول النامية من الإنتاج الثقافي العالمي
أفاد تقرير للأمم المتحدة أن دولاً غربية معدودة تفرض سيطرة محكمة على التجارة العالمية في المواد الثقافية، وأن خمساً منها هي المُصَدِّر الرئيس لهذه المنتجات، وأن الدول النامية المستهلك الأساس، وأن حصة الدول العربية مجتمعة من هذه التجارة العالمية لم تتجاوز واحداً في الألف عام 1994 وثلاثة في الألف عام 2002.
وأكّد التقرير، الذي تناول التدفق العالمي للمواد الثقافية بين عامي 1994 و2002 (اعتبر عام 2002 آخر عام تتوافر فيه إحصاءات كاملة للتجارة العالمية للمواد الثقافية) أن غالبية التجارة العالمية في هذا الميدان تجرى بين الدول الصناعية، وأن الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا هي المصدِّر الرئيس لهذه المنتجات في حين تُنتج الصين وبريطانيا والولايات المتحدة لوحدها أكثر من 40 في المئة من مُجمل إنتاج السوق العالمية للمواد الثقافية التي تقدر بحدود 1.3 ترليون دولار سنوياً.
وطبقاً للتقرير الذي أعدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو) استناداً لأرقام منظمة التجارة العالمية، فإن الدول النامية لا تزال تجرّ أرجلها بصعوبة في ميدان التنافس بتجارة المواد الثقافية حيث سجَّلَ إنتاج أفريقيا وأميركا اللاتينية معاً أقلّ من أربعة في المئة من مجموع السوق العالمية.
وقد صدّرت الولايات المتحدة ما قيمته 9226.8 بليون دولار عام 2002 (16.9 في المئة من الحصة العالمية) وأوروبا 31670.8 بليون دولار (57.9 في المئة)، وأفريقيا 206.2 مليون دولار (أربعة في الألف)، وآسيا 11577.5 بليون دولار (21.2 في المئة)، والدول العربية مجتمعة 168.2 مليون دولار (ثلاثة في الألف من الحصة العالمية).
وأشار التقرير، المكوَّن من 98 صفحة، إلى أن عولمة الاقتصاد العالمي رفعت صادرات المواد الثقافية من 38 بليون دولار من مجموع حجم التجارة العالمي عام 1994، إلى 60 بليوناً عام 2002. ويحلِّل التقرير تدفق التجارة في أصناف متعددة من المواد الثقافية، كوسائل الإعلام المطبوعة، ووسائل الإعلام المسجَّلة، والفنون المرئية، ووسائل الإعلام المسموعة، ثم قدّم أرقاماً مقارنة حول حجم التجارة بين الدول الرئيسية المنتجة للمواد الثقافية، وبين المناطق الإقليمية.
وفي مجال الدول المنفردة، برزت بريطانيا بعد الولايات المتحدة كأكبر مصدِّر للمواد الثقافية عندما سجّلت 8.5 بليون دولار في مبيعاتها عبر البحار. أعقبتها الصين في المركز الثالث بتصديرها ما قيمته 5.2 بليون دولار. لكن من جهة أخرى كانت الولايات المتحدة أكبر مستورد للمواد الثقافية بحجم بلغ 15.3 بليون دولار، تعقبها بريطانيا (7.8 بليون)، وألمانيا (4.1 بليون). وبالمقارنة، سجّلت دول أميركا اللاتينية ودول البحر الكاريبي ثلاثة في المئة فقط من المجموع الكلي لتجارة المواد الثقافية، مقابل أقل من واحد في المئة سجلتها دول جنوب المحيط الهادي وأفريقيا مجتمعة.
وأفاد التقرير أنه في الوقت الذي تقدم فيه العولمة إمكانات كبيرة للبلدان في نَشر ثقافاتها ومواهبها الخلاقة، «إلا أنه لم تكن جميع البلدان قادرة على الاستفادة من هذه الفرصة، مما ينبغي على منظمة التجارة دراسة هذه الظاهرة». وحذَّرَ من «أن القيم الثقافية للبلدان النامية ستبقى مهمَّشة ومعزولة ما لم يتكاتف المجتمع الدولي لمساعدة هذه البلدان على المساهمة في تجارة المواد الثقافية».
وجاءت الدعوة إلى تقديم المساعدة الدولية في القطاع الثقافي عقب قرار اتخذته الدول الأعضاء في «اليونيسكو» في 20 تشرين الثاني (أكتوبر) 2005 لتبني معاهدة دولية جديدة تهدف إلى تنمية التنوع في التعبير الثقافي، على رغم اعتراض الولايات المتحدة القويّ. وتُعطي المعاهدة (يلزم توقيعها من 30 دولة، في الأقل، من 191 دولة عضو في «اليونيسكو» كيّ تصبح نافدة المفعول) الحق للحكومات بتقديم الدعم المالي لصناعة المواد الثقافية عند الضرورة، وحماية الثقافة المحلية ضد التأثير الأجنبي غير المرغوب به، والحفاظ على القيم والعادات والتقاليد لمختلف المجتمعات، وحماية ثقافات الأقليات، واللغات الميتة أو تلك التي في طريقها للاندثار.
وفي توضيح للتقرير للدور الذي تلعبه الروابط التجارية القوية بين الدول المتجاورة في نشر الثقافات، لم يكن غريباً أن تصبح كندا والمكسيك من بين أكبر خمس أسواق للمواد الثقافية الأميركية، في حين كانت كندا أيضاً مصدراً رئيســـــياً لواردات الولايات المتحدة من هذه المواد. وعلى نحو مماثل فإن تجارة الصين الثقافية مرتبـــــطة بهونغ كونغ المجاورة والمناطق الجغرافية الناطقة بالصينــــية كسنغافورة، وكانت البرازيل (الناطقة بالبرتغالية) المُصدِّر الرئيسي لموادها الثقافية لسيدتها الاستعمارية السابقة، البرتغال، في حين تصدِّر جنوب أفريقيا ثقافتها إلى زامبيا وموزمبيق وزيمبابوي المجاورة.
وضع الدول العربية في التقرير
وتكشف دراسة «اليونيسكو» ومنظمة التجارة أن الدول العربية مجتمعة صدَّرت من المواد الثقافية خلال عام 2002 ما قيمته 168.2 مليون دولار (ما يعادل 0.3 في المئة من الحصة العالمية)، وقد توزَّع هذا الرقم بمقدار 2.7 مليون دولار من منتجات تراثها الشعبي (0.2 في المئة من الحصة العالمية)، و62.8 مليون دولار من الكتب (0.6 في المئة) و4.1 مليون من الصحف والدوريات، (0.1 في المئة) و4.2 مليون من المواد المطبوعة الأخرى (0.2 في المئة) و13.3 مليون من المواد الإعلامية المسجّلة (0.1 في المئة)، و79.9 مليون من الفنون المرئية (0.8 في المئة) و1.3 مليون من المواد السمعية (بنسبة اثنين من عشرة آلاف من الحصة العالمية).
أما مجمل صادرات الدول العربية لعام 1994 فقد بلغت 63.4 مليون دولار (0.1 في المئة من الحصة العالمية)، وقد توزَّع هذا الرقم بمقدار 100 ألف دولار من منتجات تراثها الشعبي (واحد من 10 آلاف من الحصة العالمية)، و16.6 مليون دولار من الكتب (0.2 في المئة) و6.1 مليون دولار من الصحف والدوريات (0.2 في المئة) و1.1 مليون دولار من المواد المطبوعة الأخرى (0.1 في المئة) و1 مليون دولار من المواد الإعلامية المسجّلة (واحد من عشرة آلاف من الحصة العالمية)، و11.4 مليون دولار من الفنون المرئية (0.2 في المئة) و200 ألف دولار من المواد السمعية (واحد من 10 آلاف من الحصة العالمية).
وجاءت السعودية في المرتبة الرابعة بين الدول العربية (بعد المغرب، ولبنان، ومصر) من حيث صادرات منتجاتها الثقافية التي بلغت 6.102 مليون دولار عام 2002. وتوزَّعت هذه على الشكل التالي: 8300 دولار من منتجات التراث الشعبي، و2.268 مليون دولار من الكتب، و647.6 ألف دولار من الصحف والدوريات، و37500 ألف دولار من المواد المطبوعة الأخرى، و1.964 مليون دولار من المواد الإعلامية المُسجَّلة، و598300 ألف دولار من الفنون المرئية، و577700 ألف دولار من المواد الإعلامية السمعية.
وعلى نحو غير متوقع، تفوَّق المغرب على مصر في صادرات منتجاته الثقافية ليحتل المرتبة الأولى بين البلدان العربية بعد أن سجَّل ما قيمته 80.326 مليون دولار، ثم لبنان (55.453 مليون دولار)، ومصر ثالثاً (10.717 مليون دولار) وتونس في المرتبة الخامسة (5.249 مليون دولار)، ثمَّ الأردن (4.417 مليون دولار)، سورية (2.327 مليون دولار)، والجزائر (2.109 مليون دولار)، وعُمان (1.141 مليون دولار)، والسودان (432 ألف دولار)، والبحرين (337 ألف دولار)، وقطر (139 ألف دولار).
لكن في المقابل احتلت السعودية المرتبة الأولى بين البلدان العربية من حيث وارداتها للمواد الثقافية عندما سجّلت رقماً بلغ 94335 مليون دولار، توزَّع على الشكل التالي: 304 آلاف دولار من المنتجات التراثية، و30.131 مليون دولار للكتب، و869900 دولار للصحف والدوريات، و3.895 مليون دولار للمواد المطبوعة الأخرى، و24.907 مليون دولار للمواد المُسجَّلة، و25.897 مليون دولار للفنون المرئية، و8.329 مليون دولار للمواد الإعلامية المسموعة.
واحتل المغرب المرتبة الثانية من حيث اســـــتيراده للمنتجات الثقافية (79.524 مليون دولار)، ولبنان ثالثاً (54.912 مليون دولار)، ثم تونس (42.334 ملــيون دولار)، ومصر (33.330 ملـــيون دولار)، وعُمان (18.959 مليون دولار)، وقطر (16.263 مليون دولار)، والبحرين (15.156 مليون دولار)، والسودان (8.943 مليون دولار)، وسورية (1.724 مليون دولار).
المصدر :الحياة
إضافة تعليق جديد