موسكو تهدّد بإعادة الغرب إلى أرض الواقع والعرب إلى المراقبة

11-02-2012

موسكو تهدّد بإعادة الغرب إلى أرض الواقع والعرب إلى المراقبة

اتهمت روسيا، أمس، دولا غربية بتأجيج الصراع في سوريا عبر إرسال أسلحة إلى المعارضة والضغط عليها لمواصلة رفض التحاور مع النظام، مؤكدة استعدادها لاستخدام «تدابير صارمة» إذا ما حاولت تلك الدول استخدام مجلس الأمن أداة ضغط بهدف التدخل بالشؤون الداخلية لسوريا، وأكدت أنها لا تتفق مع ذرائع الدول الغربية حول ما يسمى التدخل الإنساني ولا يمكن أن تسمح به، ولا باشتراك تحالف دولي وخاصة الأحلاف العسكرية بالتدخل في النزاع الداخلي لمصلحة طرف واحد. عربات تابعة للشرطة السورية وخوَذ على الأرض جرّاء التفجير الذي استهدف مركزاً أمنياً في حلب أمس (أ ب أ)
في هذا الوقت، انتقد الملك السعودي عبد الله استخدام موسكو وبكين حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن «يدعم بشكل كامل مبادرة الجامعة العربية» التي تدعو الرئيس السوري بشار الأسد الى التنحي، ووصفه بأنه «بادرة غير محمودة»، معتبرا ان «ثقة العالم بالأمم المتحدة اهتزت»، فيما سيطرح وزراء الخارجية العرب، خلال اجتماعهم في القاهرة غدا الاحد، تعيين موفد عربي خاص وإيفاد بعثة مراقبين مشتركة من الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا.
وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، في ندوة في واشنطن، إن رؤية أنقرة للمنطقة هي «أنظمة سياسية جديدة تستند إلى مطالب الشعوب وإلى الاندماج الاقتصادي واستخدام كل الوسائل السلمية المتاحة لتجنب سفك الدماء». وأضاف «نحن ضد أي طغيان وضد اي تدخل خارجي في المبدأ»، لكن «لا يمكن ان نكون صامتين حيال ما يجري في سوريا». ورأى ان المشاكل مع سوريا هي مع النظام وليس مع الشعب، قائلا «سيكون لدينا علاقة مميزة مع سوريا الجديدة، لا يمكننا التضحية بعلاقتنا مع الشعب السوري مقابل دعم النظام على المدى القصير». وأعلن تأييد أنقرة إنشاء مجموعة «أصدقاء سوريا»، داعيا الى العمل لإيصال المساعدات الانسانية الى الشعب السوري. وقال «ندعو الى تبلور وعي دولي وأن يتحقق ذلك من خلال مجموعة مثل اصدقاء سوريا الديموقراطية او اي تسمية اخرى يمكن مناقشتها». وكانت وزارة الخارجية الاميركية اعلنت أول أمس ان مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان سيزور المغرب وفرنسا والبحرين لبحث موضوع تأليف «مجموعة أصدقاء سوريا» ودعم المعارضين ووقف العنف. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند «بعد الفيتو المزدوج في مجلس الامن، فقد اجبرنا على العمل خارج الامم المتحدة، ولهذا فإننا نعمل على ارضية جمع الاصدقاء معا».
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمام اجتماع للدبلوماسيين الروس في موسكو، «إن تطبيق السيناريو الليبي في سوريا، أي دعم أحد طرفي الحرب الأهلية، سيضر بالاستقرار الدولي وسيزعزع المبادئ التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة».
وأضاف إن «روسيا تدعم سعي الشعب السوري وجميع الشعوب الأخرى إلى حياة أفضل والعدالة، وتدين العنف مهما كان مصدره، كما أنها تسعى إلى ضمان احترام المبادئ الأساسية للقانون الدولي التي تعتبر حجر الأساس في نظام العلاقات الدولية بأكمله». وأشار إلى أن من بين هذه المبادئ «احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية».
وقال نائبه سيرغي ريابكوف إن «الدول الغربية وعبر تحريضها المعارضين السوريين على أعمال متعنتة شريكة في تأجيج الأزمة». وأضاف إن «السلطات السورية أكدت استعدادها لإجراء استفتاء سريع حول الدستور وتنظيم انتخابات، وعليه فإن مسؤولية البحث عن حل لوقف إهراق الدماء تقع على المعارضة» التي ترفض التفاوض مع السلطات السورية.
ورفض ريابكوف الانتقادات التي وجهت إلى روسيا لاستخدامها «الفيتو». وقال «لقد حاول البعض وبسبب الفيتو الروسي - الصيني على مشروع القرار في مجلس الأمن أن يتهم روسيا بأنها مسؤولة عن حمام الدم. هذا محض افتراء. إن المسؤولية تقع على الذين لديهم تأثير على المعارضة ويعجزون عن كبحها ومطالبتها بأن تقبل اقتراح الحكومة البدء بحوار فعلي، بما أن دمشق مستعدة لذلك».
وتابع ريابكوف، خلال زيارة إلى كولومبيا، إن «قيام الدول الغربية بتحريض المعارضة السورية على القيام بأفعال لا يمكن التسامح معها، فضلا عن أن من يرسلون أسلحة ويقدمون لهم النصح والتوجيه يشاركون في عملية تصعيد الأزمة».
وقال ريابكوف «المجلس التابع للأمم المتحدة ليس أداة للتدخل في الشؤون الداخلية وليس الوكالة التي تقرر ما هي الحكومة المقبلة في هذا البلد أو ذاك»، مضيفا «إذا لم يتفهم الشركاء الأجانب ذلك سنضطر لاستخدام تدابير صارمة لإعادتهم إلى أرض الواقع. إن روسيا لا تتفق مع ذرائع الدول الغربية حول ما يسمى بالتدخل الإنساني ولا يمكن أن تسمح به، ولا باشتراك تحالف دولي وخاصة الأحلاف العسكرية بالتدخل في النزاع الداخلي لصالح طرف واحد».
وأقر مجلس «الدوما» الروسي بيانا يدين قيام الغرب «بالتدخل في شؤون الدول الأخرى وفرض قرارات من الخارج عليها»، ويدعو الى «الحيلولة دون تكرار السيناريو الليبي وأي تدخل خارجي يهدف إلى تغيير القيادة السورية الحالية». وناشد «طرفي النزاع السوري التوقف عن استخدام القوة ومباشرة العمل لإيجاد حل مقبول من خلال الحوار البناء».
واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن «التأكد من صحة الأخبار عن وجود عناصر القوات الخاصة القطرية والبريطانية على أراضي سوريا هو مهمة قد يقوم بها المراقبون العرب».
وكان موقع «دبكا» الإسرائيلي نقل عن مصادر عسكرية واستخباراتية أن «قوات خاصة قطرية وبريطانية تعمل مع القوى المتمردة بصورة خفية في مدينة حمص السورية».
وقال مصدر في السفارة البريطانية في موسكو إنه لا يوجد أي عسكريين بريطانيين في سوريا حاليا، مؤكدا أن كل التصريحات بهذا الشأن عارية عن الصحة تماما.
وأعلنت بكين انها عقدت اجتماعا مع مجموعة من المعارضة السورية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليو وايمين ان زيارة ممثلين عن هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي الى بكين كانت مرتقبة منذ فترة طويلة وغير مرتبطة بالفيتو الصيني في مجلس الامن.
وقال الملك السعودي عبد الله، خلال لقائه المشاركين في مهرجان الجنادرية، «نحن في أيام مخيفة... مخيفة: ومع الأسف الذي صار في الأمم المتحدة في اعتقادي هذه بادرة ما هي محمودة أبدا. بادرة كنا وكنتم نعتز بالأمم المتحدة تجمع وما تفرق تنصف وما يتأمل منها إلا كل خير وإلى الآن نحن نقول إن شاء الله. لكن الحادثة التي حدثت ما تبشر بخير لأن ثقة العالم كله في الأمم المتحدة ما من شك أنها اهتزت».
وأضاف «الدول مهما كانت لا تحكم العالم كله أبدا أبدا، بل يحكم العالم العقل، يحكم العالم الإنصاف، يحكم العالم الأخلاق، يحكم العالم الإنصاف من المعتدي، هذا الذي يحكم العالم، لا يحكم العالم من عمل هذه الأعمال كلها. ولكن يا إخواني إن شاء الله إنكم من الصابرين، وسنصبر ونصبر حتى يفرجها الله، والله يمهل ولا يهمل». 

وقال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية احمد بن حلي، ان وزراء الخارجية العرب سيدرسون الأحد اقتراحا بإيفاد بعثة مشتركة من الجامعة والأمم المتحدة إلى سوريا. وقال بن حلي «هناك مقترح من قبل الأمين العام للجامعة العربية (نبيل العربي) لتشكيل بعثة مشتركة للمراقبة في سوريا بالتنسيق مع الأمم المتحدة سيتم طرحه أمام الاجتماع المرتقب لوزراء الخارجية العرب الأحد في القاهرة».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن الاربعاء الماضي ان الجامعة العربية ستعيد بعثة المراقبين التابعة لها الى سوريا، مضيفا ان العربي ابلغه هاتفيا نيته بهذا الصدد طالبا منه تعاون الامم المتحدة في هذه المهمة الجديدة.
وتوقع دبلوماسي غربي مقيم في لندن، امس، ان تسمي الجامعة العربية موفدا خاصا الى سوريا. وقال الدبلوماسي «يبدو انهم (الوزراء العرب) يستعدون لتسمية موفد خاص، ونحن نشجع هذه الخطوة وننتظر بفارغ الصبر للعمل مع الشخص الذي سيسمونه كائنا من كان». وتابع انه قد يكون هناك «اقتراح لصالح انشاء مجموعة اصدقاء سوريا او قرار بإنشاء شيء مشابه» خلال الاجتماع.
واتهمت دمشق اطرافا «مدعومة من دول عربية وغربية» بتنفيذ التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مقرا للامن العسكري ومقرا لقوات حفظ النظام في حلب، ما اسفر عن مقتل 28 شخصا وجرح 235.
وجاء الاتهام في رسالة وجهتها وزارة الخارجية السورية الى الامين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الامن والامين العام لمنظمة التعاون الإسلامي والأمين العام لجامعة الدول العربية ومجلس حقوق الانسان في جنيف حول هذين التفجيرين.
وذكرت الرسالة التي نشرتها وكالة  (سانا) أن «هذا العمل الإرهابي المشين يأتي في إطار الحملة الظالمة التي تتعرض لها سوريا، والتي تدعمها وتمولها بعض دول المنطقة وتحرض عليها وسائل إعلامية معروفة يثبت دعمها للمجموعات الإرهابية والمسلحين الذين يقتلون المدنيين الأبرياء ويدمرون البنى التحتية وقطارات وحافلات نقل الركاب والمدارس وأنابيب النفط والغاز ومحطات الطاقة الكهربائية والمؤسسات العامة والخاصة».
وتابعت ان «هذه الجريمة اقترفتها فئات تتلقى دعما من بعض الدول العربية والغربية في مخالفة لالتزاماتها العربية والدولية وإمعانا منها بإلحاق الضرر بأمن سوريا وسلامة مواطنيها»، مشيرة إلى أن «بعض دول المنطقة تقوم بتجييش إقليمي ودولي ضد سوريا تحت ذرائع انسانية في الوقت الذي تستضيف فيه جماعات إرهابية مسلحة اتخذت من القتل وسيلة لها للوصول إلى أهدافها التدميرية».
وأكدت الرسالة أن «سوريا إذ تؤكد حقها في حماية مواطنيها ومحاربة الإرهاب والعنف ووضع نهاية لهما، فإنها تطالب مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في مكافحة الإرهاب وتنفيذ قراراته في هذا المجال. وهي تطلب ممن يستضيف ويدعم ويمول ويسلح هذه المجموعات الارهابية تسليمها هؤلاء المجرمين والارهابيين بموجب القانون الدولي والقرارات المتعلقة بمكافحة الارهاب».
واستهدف الانفجار الأول، الذي نجم عن انفجار «سيارة مفخخة»، فرع الأمن العسكري في منطقة حلب الجديدة، فيما وقع الانفجار الثاني الناجم عن «عملية انتحارية بسيارة مليئة بالمتفجرات» في حي العرقوب، مقر كتيبة قوات حفظ النظام في حلب.
واتهمت «سانا» «مجموعات ارهابية مسلحة بتفجير عدد من المنازل في حي بابا عمرو في حمص بعد تفخيخها بهدف ترويع المواطنين وإعطاء انطباع بأن الجيش يقوم بقصفها». وكان المرصد قال، اول امس، «قتل 83 شخصا، غالبيتهم في حمص».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...