من يذكر عائشة أرناؤوط
استضاف مهرجان المتنبي الشعري الدولي ثلاث شاعرات من سوريا والإمارات وليبيا في إطار دورته السادسة التي تناول فيها العلاقة بين الشعر والسياسة، وطاف بها بين خمس مدن سويسرية.
وعلى الرغم من الفرق الواضح بين رؤية هذه العلاقة من منظور الشعراء العرب والأوروبيين، فإن الشاعرة العربية كان لها موقفها المحدد من تلك الإشكالية.
فالإماراتية خلود المعلا قالت على هامش المهرجان الذي دام أسبوعا واختتم أمس- إن الشاعرة هي أكثر عرضة من غيرها للتأثر بالأحداث التي تدور في المجتمع بما بها أيضا من تفاعلات سياسية، ولأن الشاعر كائن مرهف، فهو أسرع في الانفعال مع الأحداث من غيره.
لكن خلود المعلا لا ترى أن تأثير السياسة على الشعر هو لغوي بالضرورة أي أن يكون مرتبطا بالواقع السياسي حرفيا، فالعلاقة (بين الشعر والسياسة) تظهر من خلال حالات القلق من المستقبل والمعاناة من القهر وخيبة الأمل والشعور بالإضطهاد، وكلها مشاعر تؤثر في النص الشعري بشكل كبير، ليظهر مواكبا للواقع من خلال المفردات الشعرية التي تعكس حالة القلق.
وتتفق الشاعرة الليبية خلود الفلاح مع هذا الرأي، وترى أن تأثير السياسة على شعر المرأة قد لا يبدو واضحا أو مباشرا، بل يكون من خلال انعاكاسات هذا الحدث في النصوص.
وتقول "لاشك أن انكسار الهزيمة سيبدو في النص الشعري، حتى وإن لم يكن لهذا النص علاقة مباشرة مع تلك الهزيمة، وكذلك هو الحال مع نشوة الفرح بالإنتصار أو الشعور بالاعتزاز الوطني".
وتصف خلود الفلاح الحركة الشعرية النسائية في ليبيا بأنها تتقدم بشكل لافت للنظر، وأن هناك أسماء تضع بالفعل معالم حركة شعرية ليبية مثل أعمال سميرة البوزيدي وخديجة الصادق وسعاد سالم، إذ تضع الشاعرات الليبيات الآن أعمالا تصفها بالمتفردة وليست نسخا باهتة خاوية المضمون.
في المقابل تصف الشاعرة السورية المخضرمة عائشة أرناؤوط الأعمال الشعرية التي قرأتها "الخلودين" في مهرجان المتنبي الشعري بأنها تسجل تطورا كبيرا في التعامل مع النصوص الشعرية، لأن شعر المرأة أكثر حميمية من أعمال الرجال.
وتقول عائشة أرناؤوط أن أعمال الشاعرات العربيات تطورت في السنوات الأخيرة، فلم يعدن يركزن على الحب على الرغم من أهميته، بل يتطرقن إلى الواقع الذي نعيشه في حياتنا اليومية.
وأشارت إلى أن هذا يؤكد زيادة الوعي القومي لدى المرأة العربية، مما جعلها تتأثر أكثر فأكثر وتميل إلى تناول موضوعات مختلفة، لها علاقة بالوجود والكون والآخر والإنسانية جمعاء، بكل ما تحمله من معاني تشكل المحاور الأساسية في الحياة.
لكن أرناؤوط ترفض أن يكون ذلك من تأثير العولمة، لأن الكون في أصله قرية واحدة والبشر سواسية أما الحكومات فهي التي وضعت تلك الحدود ورسمت هذه الحواجز.
وتصف انفعال المرأة بالموقف السياسي بأنه تفاعل مع حالة إنسانية، ويعكس قوة النص الشعري مدى جدية هذا التفاعل، فالصدق في التعبير، هو الذي جعل مرثية الخنساء تعيش قرونا، وحول موقفا آنيا وحدثا تاريخيا إلى قصيدة شعرية تعيش على مدى العصور والأجيال.
جدير بالذكر أن عائشة أرناؤوط مواليد دمشق 1946. استقرت في فرنسا منذ عام 1978, وتحمل الجنسيتين السورية والفرنسية. ومتزوجة من الفنان السوري صخر فرزات ، حصلت على البكالوريا 1965, وأهلية التعليم 1966, وليسانس الأدب الفرنسي من جامعة دمشق 1977, ودبلوم الدراسات المعمقة من السوربون 1985, ودبلوم في البروتوكول من باريس 1991, وحضرت عدة دورات في السمعيات والبصريات والتلفزيون في دمشق وباريس. عملت في وزارة التربية ـ بالبرامج التعليمية من 69 - 1977.
عضو اتحاد الكتاب العرب , وعدد من لجان التحكيم.
بدأت النشر في الصحف والمجلات الأدبية منذ عام 1960, وقدمت بعض قصائدها في المحطات الإذاعية العربية. لها مشاركات في الندوات الشعرية التي عقدت في دمشق , وأمريكا,وألبانيا, وتونس, وفرنسا, وإيطاليا, والأردن.
دواوينها الشعرية: الحريق 1981 ـ على غمد ورقة تسقط 1986 ـ الوطن المحرم 1987, وديوان بالفرنسية بعنوان: مشروع قصيدة 1979. حصلت على الجائزة الأولى لمسابقة القصة القصيرة من لبنان 1961. ترجم بعض شعرها إلى الإنجليزية واليوغسلافية, والألبانية.
المصدر: الجزيرة - الجمل
إضافة تعليق جديد