من الذي يخرب العلاقات السورية– الأمريكية: دمشق أم واشنطن؟

22-11-2007

من الذي يخرب العلاقات السورية– الأمريكية: دمشق أم واشنطن؟

الجمل: علاقات دمشق – واشنطن، ظلت لفترة طويلة غير مستقرة، وعلى وجه الخصوص خلال فترة ولاية الرئيس جورج بوش الأولى والثانية التي شارفت على الانتهاء، هذا ويجمع كل الخبراء والمحللين أن عدم استقرار علاقات دمشق – واشنطن يعود بشكل أساسي إلى تعمد واشنطن استخدام مختلف الحيل والأساليب للدفع باتجاه عدم استقرار هذه العلاقة.
* مثلث الذرائع الأمريكية:
تقع سوريا بين المناطق الثلاثة الأكثر سخونة وتوتراً في منطقة الشرق الأوسط: لبنان، العراق، وفلسطين. وتأسيساً على ذلك، ظلت الإدارة الأمريكية تستخدم هذه المناطق الثلاثة في حملة بناء الذرائع التقليدية ضد سوريا، وذلك على النحو الآتي:
• لبنانياً: سوريا هي المسؤولة عن الاغتيالات وحالة عدم الاستقرار وتهريب السلاح، والتدخل في الشأن اللبناني بهدف تقويض استقلال وسيادة لبنان.
• عراقياً: سوريا هي المسؤولة عن تسلل المسلحين الذين يستهدفون قتل الأمريكيين.
• فلسطينياً: سوريا هي المسؤولة عن إيواء ودعم الحركات الإرهابية الفلسطينية التي تهدد أمن واستقرار ووجود إسرائيل، وتعرقل عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية.
أما حملة بناء الذرائع "غير التقليدية" ضد سوريا فيمكن استعراضها على النحو الآتي:
• تعمل سوريا من أجل دعم النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط.
• تقوم سوريا بالانخراط في تطبيق برنامج لإنتاج أسلحة الدمار الشامل، الكيميائية والبيولوجية والنووية.
• تقدم سوريا المزيد من التسهيلات العسكرية لروسيا على النحو الذي جعل من الموانئ السورية بمثابة قواعد للأسطول البحري الروسي.
• تمثل سوريا عنصراً هاماً من العناصر المكونة لـ"محور الشر".
* توظيف المثلث: البعد التفاعلي في "نظرية المؤامرة":
تمثل سوريا نقطة تفاعلية هامة على خارطة السياسة الأمريكية الشرق أوسطية، ويشير التشغيل "التفاعلي" لهذه الخارطة بأن الإدارة الأمريكية تطبق مبدأ الضربة الاستباقية بطل حذافيره إزاء كافة معاملاتها التفاعلية مع سوريا، وبكلمات أخرى:
• كل "فعل" سوري له "رد فعل" أمريكي تم إعداده "مسبقاً" داخل الإدارة الأمريكية.
• كل "فعل" أمريكي يتم تصميمه بشكل "مسبق" من أجل الحصول على "رد فعل" سوري مفترض أمريكياً.
متابعة السيناريو التفاعلي عن طريق تحليل "الأفعال" و"ردود الأفعال" التي تقوم الإدارة الأمريكية بإعدادها مسبقاً إزاء سوريا، هي متابعة تؤدي إلى تجميع مادة هائلة لدارسي العلاقات الدولية، وعلى وجه الخصوص المهتمين بإسقاطات نظرية المؤامرة على العلاقات الدولية وطبيعة النظام الدولي.
* "أشباح" واشنطن: من يقف وراء نظرية المؤامرة؟
اشتهرت مقاطعتا سيليزيا الألمانية ولانكتير البريطانية بماكينات صناعة الغزل والنسيج، أما العاصمة الأمريكية واشنطن فقد اشتهرت بـ"ماكينات" غزل ونسيج المؤامرة. بكلمات أخرى، فإن السيطرة على عملية صنع واتخاذ القرار في الإدارة الأمريكية قد تم اقتسامها على النحو الآتي:
• عملية صنع القرار: وتقوم بها اللوبيات وجماعات المصالح الأمريكية، ويأتي في مقدمتها اللوبي الإسرائيلي الذي يسيطر على عملية صنع واتخاذ القرار الأمريكي إزاء منطقة الشرق الأوسط وعلى وجه الخصوص القرارات المتعلقة بسوريا.
• عملية اتخاذ القرار: ويقوم بها المسؤولون الأمريكيون.
وعلى غرار اقتسام النفوذ على مراحل عملية صنع واتخاذ القرار، فقد استطاعت "أشباح" واشنطن أن تمارس نفوذاً غير مسبوق على المكون البيروقراطي الخاص بعملية صنع القرار، وهو المكون الذي يمثل الهيكل الرئيسي لـ"قوام" القرار السياسي الأمريكي..
"أشباح" واشنطن التي تقوم بصنع قرارات متعلقة بسوريا وبالشرق الأوسط تتضمن:
• اليهودي الأمريكي إيليوت إبراهام، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي.
• اليهودي الأمريكي ديفيد فورمزر، مستشار شؤون الشرق الأوسط بمكتب ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي.
• اليهودي الأمريكي ديفيد ولش، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط.
• اليهودي الأمريكي ديفيد شينكر، محلل الشؤون السورية واللبنانية والشرق أوسطية في مكتب وزير الدفاع الأمريكي.
إضافة إلى هذه المجموعة، توجد نخبة أخرى تعمل بجانبها تتمثل في: جون بولتون، ميعراف فورمزر (زوجة ديفيد فورمزر)، فريدريك كاغان، وغيرهم من عناصر جماعة المحافظين الجدد.
إن وجود اليهود الأمريكيين المكثف بهذا الشكل هو المسؤول الأول عن "مأساة" السياسة الأمريكية إزاء سوريا والشرق الأوسط، وعلى ما يبدو فإن مأساة السياسة الخارجية الأمريكية إزاء سوريا والشرق الأوسط سوف تستمر لفترة طويلة قادمة وذلك لأن السيطرة اليهودية لا تقتصر فقط على الحزب الجمهوري وإنما على الحزب الديمقراطي أيضاً، والذي أكدت الإحصائيات على أن وجود العناصر اليهودية فيه يفوق ما بداخل منافسه الجمهوري.
* علاقات دمشق – واشنطن إلى أين؟
حتى الآن لا يوجد هدف واضح أو محطة محددة تسير نحوها قاطرة العلاقات الأمريكية – السورية وكل ما يشير إليه المشهد الحالي هو:
• إمساك دمشق لزمام المبادرة في المطالبة بالسلام والتعاون.
• إمساك واشنطن لزمام المبادرة في المطالبة بعدم التعاون وعدم التفاهم وعزل ومحاصرة دمشق.
وعلى خلفية "رغبة" دمشق في التعاون و"نفور" واشنطن منه، برز السؤال المحرج للغاية أمام الإدارة الأمريكية والذي يتمثل في:
لماذا تقوم واشنطن بفبركة وتزوير المعلومات من أجل خلق الذرائع الهادفة لإعطاء واشنطن المبررات لمعاداة ومحاصرة وربما استهداف سوريا سواء بالوسائل الدبلوماسية أو بالوسائل العسكرية؟ أو بالأحرى، ما الذي تريده واشنطن من دمشق على وجه الدقة؟ إذا كانت واشنطن تريد لبنان، فقد خرجت منه سوريا، وإذا كانت تريد العراق، فسوريا غير موجودة في بغداد، وإذا كانت تريد فلسطين، ففي فلسطين توجد إسرائيل وليس سوريا.
العلاقات الدولية، بحسب حقائق علم العلاقات الدولية، هي إما علاقات "تعاون" تؤدي إلى التكامل والانسجام في المصالح، أو علاقات "صراع" تؤدي إلى "نزاع" وتضارب في المصالح، ولكي نوضح ذلك نشير إلى الآتي:
• إن رد الحقوق السورية العادلة والمشروعة يقود إلى "انسجام المصالح".
• إن عدم رد الحقوق السورية العادلة والمشروعة يقود إلى "تضارب المصالح".
وعلى ما يبدو سوف يمضي وقت طويل وتقع المزيد من الخسائر وسوف تلحق بالمصالح الأمريكية الأضرار الفادحة، وبعدها سوف تتأكد الإدارات الأمريكية بأنه لا يمكن بناء العلاقات مع سوريا في ظل عدم رد الحقوق العادلة والمشروعة الذي لا يؤدي إلا إلى "تضارب المصالح" مهما حلقت طائرات الشبح والـ"يوتو" التجسسية الأمريكية في سماء منطقة شرق المتوسط.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...