معلمات سعوديات يلجأن لـ"صلاة القبر" للتدريب على "الخشوع"

18-11-2006

معلمات سعوديات يلجأن لـ"صلاة القبر" للتدريب على "الخشوع"

بعد انتشار ظاهرة تعليم الصغيرات طرق غسل وتكفين الميت، وتصوير أهوال عذاب القبر والجحيم على يد  بعض المعلمات السعوديات في مدارس البنات، ظهرت مؤخرا لدى معلمات في مختلف المراحل التعليمية طريقة جديدة للتدريب على "الخشوع" عبر أداء ركعتي صلاة أو أكثر في أجواء تقارب أجواء القبور، وهي طريقة اعتبرها بعض علماء الدين بدعة، في حين أكدت مسؤولة في إحدى ادارات التعليم أنه لا يجوز التدخل في قناعات المعلمات التعبدية ما دامت بعيدة عن عملهن الوظيفي.

 وتستلزم ما بات يعرف بـ"صلاة القبر"- التي لا تشكل ظاهرة واضحة بحسب الكثيرين- اللجوء الى زاوية في غرفة مظلمة، واستحضار وحشة القبر وتدريب النفس على استرجاع الشعور بالهيبة والخوف والخشوع لله تعالى أثناء أداء الصلوات المفروضة والنوافل. وتصف "أمل. غ" وهي معلمة لغة عربية بالمرحلة الابتدائية في جدة، تجربتها مع أخريات من زميلاتها في أداء "صلاة القبر" بأنها تساعدها على الخشوع والرهبة أثناء أدائها الصلاة المفروضة "هي عبارة عن ركعتين فقط يؤديهما الشخص بعد منتصف الليل في مكان مظلم أو حجرة مظلمة يستشعر معها أجواء القبر وما فيه من وحشة"، وذلك بحسب التقرير الذي أعدته الزميلة حليمة مظفر ونشرته جريدة "الشرق الأوسط" مؤخرا.

- وتقول أمل إنها لا تمارس بشكل دائم  إنما "فقط بضع مرات، تمرينا للإنسان على استعادة الخشوع والخوف في صلاته التي يؤديها لله تعالى خمس مرات يوميا"، وتكمل "لقد مارستها بضع مرات بعد أن شعرت بأن صلواتي أصبحت اعتيادية ولست خاشعة فيها، وبعد أدائها شعرت براحة كبيرة عندما أصبحت أصلي الفرائض وأنا خاشعة متذكرة الموت والخوف من القبر ومهابة الوقوف أمام الله سبحانه وتعالى".

وتؤكد أمل أنها تعرفت على هذه الطريقة التعبّدية عبر إحدى صديقاتها،"شكوت لإحدى صديقاتي- وهي داعية حاصلة على درجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية- بشعور من الضيق يلازمني وكوني أفتقد الخشوع في الصلاة، فنصحتني بأن أقوم بأداء هذه الطريقة في الصلاة".

وتنفي أمل أي محاولة منها في البحث عن فتوى من العلماء الثقات، أو تتبع وجود هذه المسألة في كتب الدين والعقيدة والتأكد من صحتها، وتبرر موقفها بالقول "هذه الصلاة ليست فرضا دائما، ولهذا أعتبرها مجرد علاج روحي أو دواء فقط لا غير، وليست بدعة".

- أما المعلمة خديجة محمد، فاستهجنت هذه الطريقة التي سمعت بها أيضا من بعض المعلمات أثناء إحدى جلساتهن،"لكنهن مقتنعات، معتبرات أن ذلك مجرد حل لمشكلة يواجهها بعضهن وهي كونهن افتقدن الشعور بالخشوع والاطمئنان في الصلاة، وذلك في بعض مجالس الذكر النسائية التي  يتناصحن بها". مؤكدة أن هناك بعض "المتشددات دينيا" ذكرن لها أنهن يخصصن في منزلهن حجرة خاصة مظلمة وموحشة لأداء هذه الصلاة وهن يستذكرن الموت وعذابه.

وتشير خديجة إلى أن بعض المعلمات المقتنعات بهذه الطريقة في طلب الخشوع أثناء الصلاة يحاولن مناصحة طالباتهن بها، سواء أثناء الدرس أو خارجه، وتقول "كما ينصحن زميلاتهن فهن أيضا يروجن لها عند الطالبات، خاصة أن كثيرات منهن يجدن أسلوب التخويف أجدى مع المراهقات"، مستشهدة بما كانت تخصصه مدارس البنات في السابق من محاضرات دعوية حول غسل الميت وتكفينه وعذاب القبر، التي تقدمها داعيات ومغسلات موتى تستضيفهن المدارس لتقديم تجارب عملية أمام الطالبات.

وتقول الطالبة وعد الحربي إنها سمعت إحدى المعلمات تتحدث عن هذه الصلاة أثناء الدرس، لكنها لم تسمها بصلاة القبر، وقالت "أشارت إلينا بضرورة استحضار الخشوع في الصلاة، ومن تعجز عن ذلك فلتحاول الصلاة في حجرة مظلمة مرة واحدة".

أما الطالبتان أريج الجهني، وأروى عبد الله فتؤكدان عدم سماعهما بهذه الصلاة من إحدى معلماتهن، وقالتا: "لم نسمع بها، رغم الدعوة المستمرة منهن لنا بأداء الصلاة المفروضة".

- من جهته يوضح الداعية الإسلامي السعودي صالح الشمراني أن هذه الطريقة التعبدية لا أساس لها في الدين، وقال "الأصل في أمور الحياة كالأكل والملبس وغيرها الإباحة، أما الأصل في كل عبادة فهو التحريم حتى يكون عليها دليل من الكتاب أو السنّة، وهذه عبادة مستحدثة مبتدعة لم يقم عليها دليل لا من كتاب الله ولا من السنّة المطهرة".

ويرى الشمراني، الأستاذ في معهد العلوم الشرعية بجدة أنه من "الأولى أن يتبع ما ورد في الكتاب والسنّة، ومن ذلك ما ذكر في صلاة الليل عن الرسول عليه السلام"، ويضيف: "من أراد أن يتعظ بالموت والقبر فعليه بزيارة القبور، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها، إنها تذكركم الآخرة)".

- من جانبها، أوضحت خديجة الشافعي مديرة إدارة التوعية الإسلامية في إدارة التعليم بجدة أن هناك بعض المعلمات لديهن قناعات فردية خاصة بهن، وإدارة التعليم لا تتدخل بها إذا مارسنها بعيدا عن عملهن التعليمي، وأضافت: "هذه القناعة التعبدية ما دامت خاصة بالمعلمة لا نستطيع سوى تقديم النصح والتوجيه، فنحن لن نوجه تعميما لجميع المدارس من أجل سلوك فردي خاص".

وأشارت الشافعي إلى وجود همزات وصل بين إدارة التوعية الإسلامية في إدارة التعليم وبين مختلف مدارس البنات من خلال مشرفات المصلى، وقالت "في كل مدرسة يتم اختيار معلمة لديها الرغبة في العمل الدعوي، وهي مشرفة المصلى، نعدها من خلال دورات دعوية لتأهيلها في توعية زميلاتها والطالبات، وهي أيضا تعتبر مراقبة للممارسات غير الشرعية التي توصلها لنا لكي نتخذ الإجراء المناسب"، مؤكدة أن هذه الممارسات الشخصية عادة ما تتم معالجتها بشكل غير مباشر مع المعلمة حفاظا على عدم إثارة التوتر في المدارس.

المصدر: العربية نت


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...