ماذا قالت صحف بريطانيا وأميركا عن مذكرة اعتقال البشير؟
لم يكد مداد مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير يجف حتى انبرى المحللون السياسيون يتناولون ما قد يترتب عليها من تداعيات على كافة الأصعدة، وتبارت الصحف العالمية خاصة البريطانية والأميركية منها في تغطية الحدث بالتعليق والصورة والتحليل.
وكانت المحكمة أصدرت الأربعاء قرارها بناء على طلب مدعيها العام لويس مورينو أوكامبو بإصدار مذكرة الاعتقال متهمة البشير بالمسؤولية غير المباشرة عن ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور.
ولعل موقف صحيفة ذي تايمز البريطانية من القرار اتسم بالوضوح الشديد, إذ أعلنت تأييدها التام لطلب أوكامبو, محذرة في الوقت نفسه المحكمة الدولية من مغبة الدخول في مساومات بشأن الموضوع.
وآثرت الصحيفة التركيز في افتتاحيتها على التعليق الذي أدلى به البشير أمام حشد جماهيري الثلاثاء على المذكرة وقال فيه إن على المسؤولين عن إصدارها أن "يبلّوه ويشربوا مويته".
وذكرت في هذا الصدد أنه ليس في مقدور المحكمة في الوقت الراهن أن تفعل خلاف ذلك. فالبشير –كما تقول- يظل مهيمنا على مقاليد السياسة السودانية بدون منازع إلى حد كبير, ذلك أن الجيش يقف بحزم في صفه, والصين التي تشتري 40% من صادرات النفط السوداني بالكاد تخلت عن دعمه, وروسيا شجبت على الفور مذكرة المحكمة واصفة إياها بأنها تمثل "سابقة خطيرة".
وأضافت أن المحكمة لن تستطيع من الناحية العملية تعقب البشير إلا إذا سافر إلى دولة صادقت على قانون تأسيس المحكمة وسلّم نفسه هناك, وهو ما لا يتعين عليه القيام به على حد تعبير الصحيفة التي وصفت المذكرة بأنها "ضرورية وبالغة الأهمية".
ومع أن الصحفي سايمون تيسدول وصف في صحيفة ذي غارديان إصدار المذكرة بالقرار التاريخي, فإنه أقر بأنه ينطوي على مضامين خطيرة بالنسبة للزعماء السياسيين ممن هم ما زالوا في سدة الحكم أو تقاعدوا مؤخرا.
وأشار في مقال بعنوان "ماذا أمام البشير الآن؟" إلى أنه من غير المرجح أن يكون لقرار المحكمة أي تأثير فوري في إحالة البشير إلى قفص الاتهام أمام المحكمة الدولية في لاهاي أو تحسين ظروف 2.7 مليون نازح من دارفور يعيشون في محنة.
وقال إن الطلب الذي تقدمت به المحكمة لأعضائها من الدول الـ108 المنضوية تحتها، بالتعاون الكامل في ضمان اعتقال البشير قد ينتهي بأن يجد قضاة المحكمة ومدعيها العام أوكامبو أنفسهم "كمن ينفخ في الهواء".
وأضاف أن "الإيعاز بأن البشير يمكن ملاحقته عبر مجلس الأمن الدولي الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية, يبدو هو الآخر أنه لا يصيب الهدف".
ونقل تيسدول في ختام مقاله تأكيد المتحدث الرسمي باسم الرئيس السوداني أن البشير سيحضر القمة العربية في الدوحة الشهر الجاري حسبما هو مخطط.
وخلص إلى القول إنه بالنظر إلى التصريحات المعسولة التي أدلت بها الحكومات الغربية أمس وإلى الهواجس العريضة بشأن زعزعة استقرار السودان, فإن حسابات البشير الراهنة تبدو صحيحة.
أما الصحيفة الأميركية ذي كريستيان ساينس مونيتور فقد وصفت القرار بأنه "نقطة تحول مثيرة للجدل".
وأكدت أن منتقدي القرار يساورهم القلق من أن المذكرة قد تفاقم النزاعات الشرسة في السودان وتثير تساؤلات عن المعايير المزدوجة. لكن الصحيفة تستدرك بالقول إن القرار يظل منطويا على رمزية قوية بالنسبة لضحايا الأزمة في دارفور.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد