ما هي طبيعة زيارة المعارضة السورية الخارجية لموسكو
الجمل: تحدثت التقارير الصحفية والإعلامية الإقليمية والدولية الصادرة صباح اليوم ومساء الأمس عن وصول وفد يمثل المعارضة السورية إلى العاصمة الروسية موسكو، وذلك لإجراء المزيد من التفاهمات والمناقشات مع القيادة الروسية حول موقف الكرملين الرسمي الأخير إزاء تطورات أحداث ووقائع فعاليات الحدث السوري: فما هي طبيعة تحركات المعارضة السياسية السورية الخارجية، وما جدوى تحركاتها، وكيف يمكن فهم ذلك على ضوء التوازنات السياسية الداخلية والخارجية المتعلقة ببيئة الحدث السوري؟
* تحركات المعارضة السورية الخارجية: توصيف المعلومات الجارية
سعت عناصر ورموز المعارضة السياسية السورية الخارجية لجهة القيام بالمزيد من التحركات الخارجية وبشكل متزامن مع تصاعد حركة الاحتجاجات السياسية السورية الأخيرة، وفي هذا الخصوص فقد توافرت لهذه المعارضة الخارجية المزايا النسبية الآتية:
• المزايا الإعلامية التسويقية: سعت كبرى الفضائيات التلفزيونية الأمريكية والأوروبية الغربية، إضافة إلى قناة الجزيرة وقناة العربية، وقناة الحرة، والقنوات التلفزيونية التابعة لفريق 14 آذار اللبناني، لجهة القيام بتخصيص جزء كبير من زمن البث لعناصر ورموز المعارضة السياسية السورية الخارجية، مع القيام في نفس الوقت بتغييب وجهة النظر الرسمية السورية سواء عن طريق تجاهل الحقائق أو تشويهها، الأمر الذي أدى إلى عدم العدالة في توزيع الفرص بين الأطراف السورية المتصارعة.
• المزايا المالية والتمويلية: سعت بعض المنظمات والصناديق الخيرية التي تحصل على المال من الإدارة الأمريكية وأجهزتها إضافة إلى بعض العواصم الغربية، والعواصم العربية الحليفة لواشنطن، لجهة القيام بضخ كميات كبيرة من الأموال لرموز وعناصر المعارضة السياسية السورية، بما يتيح لهم المزيد من القدرة في خوض فعاليات المواجهة ضد دمشق.
• المزايا الدبلوماسية: سعت العديد من أجهزة الإدارة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص البيت الأبيض الأمريكي، ومجلس الأمن القومي الأمريكي، والخارجية الأمريكية، إضافة إلى بعض الأجهزة الأمريكية الأخرى لجهة التعامل مع المعارضة السياسية السورية وفقاً لسياسة الباب المفتوح، وعقد المزيد من اللقاءات والمشاورات مع رموز هذه المعارضة من أجل التعرف على تطورات الأحداث والوقائع، ودعم وتعزيز جهود فعاليات هذه المعارضة.
• المزايا الدولية: سعت واشنطن وباريس ولندن إضافة إلى البرتغال، لجهة العمل من أجل تحريك فعاليات (المجتمع الدولي) بما يتيح إصدار المزيد من القرارات التي تعمل من جهة على إضعاف دمشق، وفي نفس الوقت من الجهة الأخرى على تعزيز موقف المعارضة السياسية السورية.
جميع هذه المزايا وغيرها استطاعت المعارضة السورية الخارجية الحصول عليها، ولكن، برغم ذلك فما هو مثير للاهتمام والانتباه تمثل في أن هذه المعارضة لم تستطع تحقيق النجاح، أو حتى إحراز التقدم المطلوب أمريكياً وبريطانياً وفرنسياً، في عملية إضعاف دمشق.
* العاصمة الروسية موسكو: لماذا المحطة الجديدة؟
برغم وجود عدد كبيرمن التقارير الإعلامية والصحفية التي سعت إلى رصد زيارة وفد المعارضة السياسية السورية إلى العاصمة الروسية موسكو، فقد ركزت جميع هذه التقارير على الاهتمام برصد النقاط الآتية:
• يقول أعضاء وفد المعارضة السياسية السورية الزائر للعاصمة الروسية موسكو بأنهم سوف يقومون خلال هذه الزيارة بإقناع القيادة الروسية على ضرورة القيام بإدانة دمشق.
• لن يقوم الرئيس الروسي أو رئيس الوزراء الروسي أو وزير الخارجية الروسي، أو أي من كبار رموز القيادة الروسية بمقابلة عناصر المعارضة السياسية السورية الخارجية.
• حددت موسكو ميخائيل مارجيلوف لمقابلة رموز المعارضة السورية، ومن المعروف أن ميخائيل مارجيلوف هو دبلوماسي روسي يتولى منصب المبعوث الروسي الخاص للقارة الأفريقية.
• سعى محمود حمزة، وهو ناشط سياسي سوري معارض موجود في موسكو إلى توجيه الانتقادات في بعض المنافذ الإعلامية الروسية، ضد موقف موسكو الداعم لدمشق.
• سعى الدكتور رضوان زيادة المعارض السوري المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، لجهة إطلاق التصريحات التي طالبت موسكو بتعديل موقفها الداعم لدمشق.
هذا، وتقول التحليلات بأن المعارضة السياسية الخارجية السورية، قد سعت خلال الفترات الماضية إلى الاكتفاء بالعمل وإجراء الفعاليات السياسية المعارضة ضمن الولايات المتحدة وبعض البلدان الأوروبية الغربية المناهضة لدمشق. ولكن، بفعل فشل الجهود الأمريكية والألمانية والفرنسية والبريطانية والبرتغالية إضافة إلى جهود الاتحاد الأوروبي في القيام بتمرير مشروع القرار الدولي الذي يدين ويستهدف دمشق، فقد وجدت المعارضة السياسية الخارجية السورية نفسها مضطرة لجهة القيام بزيارة موسكو والتفاهم مع القيادة الروسية لإثناءها عن موقفها المعارض لاستهداف دمشق بواسطة مجلس الأمن الدولي.
* أبرز التسريبات حول زيارة المعارضة السورية لموسكو
تحدث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بشكل واضح حول فعاليات المعارضة السياسية السورية الخارجية، قائلاً الآتي:
• يتوجب على جميع أطراف المعارضة الخارجية والداخلية العمل من أجل التفاهم مع دمشق حول الإصلاحات المعلن القيام بها رسمياً بواسطة القيادة السورية.
• لم تقم القيادة الروسية بتوجيه أي دعوة رسمية لرموز وعناصر المعارضة السورية لجهة زيارة موسكو.
• لا توجد أي ترتيبات رسمية روسية لعقد لقاءات أو اجتماعات مع رموز وعناصر المعارضة السياسية السورية الموجودين حالياً في العاصمة الروسية موسكو.
وإضافة لذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية بشكل رسمي وعلني بأن رموز وعناصر المعارضة السياسية السورية قد جاءوا إلى العاصمة الروسية موسكو بناء على دعوة خاصة وجهت لهم بواسطة إحدى الجمعيات الخاصة الناشطة في مجال دعم علاقات التعاون الإقليمي.
التدقيق أكثر فأكثر، أوضح بأن المنظمة الروسية الخاصة الناشطة في مجال دعم علاقات التعاون الإقليمي هي منظمة يترأس مجلس إدارتها الدبلوماسي الروسي (المبعوث الروسي الخاص لأفريقيا) ميخائيل مارجيلوف، والذي ظل خلال العام الماضي يتردد على مناطق النزاعات الأفريقية، وعلى وجه الخصوص إقليم دارفور السوداني وجنوب السودان، وتقول المعلومات بأن هذا المبعوث تربطه صلة وثيقة بوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان.
هذا، وبرغم تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف التي قللت من أهمية زيارة وفد المعارضة السياسية السورية الخارجية إلى العاصمة الروسية موسكو، تجدر الإشارة إلى أن المبعوث الروسي الخاص لأفريقيا ميخائيل مارجيلوف، قد ظل يقوم بالمزيد من التحركات السرية ذات العلاقة بالأبواب والنوافذ الخلفية، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
• بذل مارجيلوف جهوداً كبيرة في ملف الأزمة السودانية، وبرغم ذلك فقد برزت التسريبات القائلة بأن مارجيلوف قد عقد لقاء في إسرائيل جمع بعض رموز متمردي جنوب السودان ووزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان، وكان الاجتماع يتعلق بكيفية تنفيذ سيناريو بيع طائرات هيليكوبتر هجومية روسية لمتمردي جنوب السودان، بعد أن رفضت أمريكا تزويدهم بالهيليكوبترات الهجومية الأمريكية، وأصبح عملياً من غير الممكن لإسرائيل تزويدهم بهذه الطائرات.
• ظلت موسكو أكثر تردداً لجهة الاعتراف بمجلس المعارضة الليبية وأكثر انتقاداً لعمليات حلف الناتو ضد ليبيا، وفي هذا الخصوص فقد زار مارجيلوف العاصمة الليبية طرابلس ثم بعد ذلك زار بنغازي حيث التقى برموز المعارضة الليبية ثم بعد ذلك تغيرت التصريحات الروسية إزاء ليبيا.
الآن، هل يا ترى سوف ينجح وفد المعارضة السورية لجهة إقناع مارجيلوف وتوظيفه بالقدر الذي يعكس الموقف الروسي، الرافض لإدانة دمشق، أم لا، وكما يقول المثل الإنكليزي: دعنا ننتظر ونرى!
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
روسيا لن تغي موقفها
يستطيع مدرب الحيوانات في
كلاب الثوره السوريه
إضافة تعليق جديد