عرب روتانا: تدمير سورية بدلا من الدفاع عن غزة

21-11-2012

عرب روتانا: تدمير سورية بدلا من الدفاع عن غزة

الجمل -  ترجمة: رندة القاسم:  رغم احتجاج دول مثل تركيا و قطر و مصر على تدمير إسرائيل لغزة المدعوم و المسهل من الغرب، إلا أنها إلى جانب تلك الدول ذاتها التي تعترض عليها، بما فيها إسرائيل، تستمر ببذل الجهود المشتركة لإسقاط سورية و تدميرها. فالأسلحة و المساعدات التي يود الكثير من العرب لو أنها ترسل للدفاع عن غزة، توضع عوضا عن ذلك في أيدي إرهابيين يقتلون العرب عبر المشرق في تنفيذ لخطة وضعت منذ زمن على يد الولايات المتحدة و إسرائيل و السعودية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط بما يتناسب و طموحاتهم في الهيمنة.
ففي الحقيقة، هجوم إسرائيل على غزة  مغامرة عقيمة ستنتهي إما بوقف إطلاق نار مبكر محرج لإسرائيل أو  هزيمة إستراتيجية أخرى من نمط حرب لبنان 2006، غير أن الهجوم صمم لأجل منح تركيا و قطر و مصر، و دول أخرى عبر المنطقة تعمل مع الولايات المتحدة و المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي و إسرائيل على تدمير سورية، إحساسا بالشرعية في أعين العالم الإسلامي. و ليست وحدها الدول الإسلامية المتعاونة مع الغرب من سيستفيد من هذه "الاستعادة المفاجأة للشرعية"، و لكن أيضا منظمات دولية مثل العفو العام و مراقبة حقوق الإنسان التي تعرضت سمعتهما للأذى بسبب تأييد و الدفاع عن الإرهابيين العاملين داخل سوريه مع إدراك الرأي العام للفظاعات التي يرتكبوها و حقيقة دوافعها الطائفية.
فالهجوم واحد من أحداث كثيرة وقعت هذا الشهر بهدف تعزيز الحملة المترنحة المتباطئة الهادفة إلى تغيير حكومي مدعوم من الغرب في سورية و هي خطة تهدف بالمحصلة إلى تدمير إيران.
الحيلة الأخرى تمثلت فيما سمي "مجلس المعارضة السوري" المنتقى من قبل الولايات المتحدة في لقاء الدوحة، عاصمة حكومة قطر الاستبدادية, و مجلس المعارضة ما هو سوى واجهة لشبكة من الإرهابيين المرتبطين مباشرة بالقاعدة, و الممولين و المسلحين من قبل الغرب منذ عام 2007 لأجل إسقاط الحكومة السورية بعنف. و يضم المجلس  تجمعا لأشخاص غير فعالين خدموا المصالح الأميركية زمنا طويلا و قد رفضوا من داخل و خارج الحدود السورية. و لخلق الشعور بشرعية المجلس الذي خلقه الغرب حديثا، قامت كل دولة تقف وراءه بلعب دورها خلال الأسبوع الماضي حيث أعلنت بشكل دراماتيكي الاعتراف بالمجلس كممثل شرعي وحيد للشعب السوري.
و استضافة الدوحة عاصمة قطر لخلق ما سمي بمجلس المعارضة السوري أمر يدل على الكثير. فبينما تظاهرت قطر بالغضب من الاعتداء الإسرائيلي الأخير على غزة، تستضيف الدولة المستبدة خلية التفكير الأميركية "مؤسسة بروكينغز" و مركزي الدوحة و صبان السياسيين التابعين لها ( الكثير من العاملين و المدراء في مركز صبان مقرهم الدوحة، و يتم تمويل مركز الدوحة من قبل حكومة قطر).
و مركز صبان مسؤول عن تقرير "ما هو الطريق إلى بلاد فارس؟" و هو تصريح رسمي يهدف إلى إحراز هيمنة غربية عبر الشرق الأوسط، باستخدام كل من الولايات المتحدة و إسرائيل كأداة تنفيذ عن طريق مهاجمة و تدمير كل من سورية و إيران.
أسس مركز صبان من قبل حاييم صبان ، رجل أعمال أميركي إسرائيلي و إمبراطور إعلامي احتل المرتبة المائة و أربع و ثلاثين في قائمة أثرياء أميركا. و قيام قطر باستضافة هذا التجمع من صناع السياسة في عاصمتها، و هم الأشخاص الذين يتلاعبون بطرفي صراع طويل متعمد يهدف إلى تأكيد المصالح الغربية عبر المنطقة، يساعد في شرح سبب اكتفاء الشيخ القطري غير المنتخب و الحاكم مدى الحياة بحشد كلمات قاسية ضد الاعتداء الإسرائيلي على غزة. فعجز قطر لأسباب سياسية لا عملية، اذ أنها أظهرت قدراتها العملية في ليبيا ، و حتى إنها نشرت طائرات حربية و قوات خاصة و كميات كبيرة من الأسلحة و الأموال للإرهابيين الذين عملوا على تدمير عدو الغرب معمر القذافي. و تم الكشف عن الأمر حين استضافت قطر مؤتمر ما بعد مرحلة القذافي و الذي حضره قائد المجلس الانتقالي الوطني ، مصطفى عبد الجليل، الذي قال بأن القطريين خططوا المعارك التي شقت الطريق نحو النصر.
و تحت عنوان "المتمردون الليبيون يتلقون أسلحة مضادة للدبابات من قطر"  ذكرت صحيفة الغارديان: "قطر تقوم سرا بتزويد أسلحة مضادة للدبابات للمتمردين الليبيين كجزء من إستراتيجيتها الهادفة إلى إسقاط نظام القذافي. و أكد مسؤولون في الدوحة أن جيش الدولة الخليجية قام بشحن صواريخ ميلان فرنسية الصنع إلى معقل التمرد في بنغازي"
و بشكل مشابه، تشترك قطر في مؤامرة الولايات و المتحدة و إسرائيل و السعودية الهادفة إلى  تدمير و إسقاط الحكومة السورية، الخطة التي تم الكشف عنها عام 2007 من قبل الصحفي سيمور هيرش الحاصل على جائزة بوليتزير في مقالة "إعادة التوجيه" التي نشرتها New Yorker.و فيه ورد : "التحولات السياسية جمعت السعودية و إسرائيل في عناق استراتيجي جديد. لأن كليهما تعتبران إيران تهديدا وجوديا. لذا شاركتا في محادثات مباشرة ، و السعوديون الذين يؤمنون أن استقرارا أكبر في إسرائيل و فلسطين سيمنح إيران فاعلية أقل في المنطقة، أصبحوا أكثر انهماكا في المفاوضات الإسرائيلية العربية".
و من الواضح أن قطر انضمت إلى آل سعود و الإسرائيليين في هذا "العناق الاستراتيجي". لذا مع سقوط القذائف على غزة مانحة قطر الفرصة لتسجيل نقاط بشجبها إسرائيل،كانت تستمر في استخدام قدراتها العملية لمتابعة زعزعة و تدمير عدو إسرائيل في الشرق، سورية. و دول مثل تركيا و مصر تظاهرت أيضا بدعم غزة تشترك أيضا مع ملوك الخليج في هذا "العناق". و يجب ملاحظة أن الأخوان المسلمين متضمنين في خطة  2007 كمتآمرين مع الولايات المتحدة و إسرائيل و السعودية .
أما تركيا فهي متورطة من قبل مركز صبان كعنصر أساسي في تعاون إسرائيلي – تركي بالضغط على الحدود السورية بهدف إثارة الانشقاق داخل صفوف الجيش السوري. و في تقرير "تقييم خيارات لأجل تغيير النظام" الذي نشره مركز صبان التابع لمؤسسة بروكينغز ورد ما يلي: "تمتلك خدمات الاستخبارات الإسرائيلية معرفة قوية بسورية و مصادر ضمن النظام السوري يمكن استخدامها لتدمير قوة النظام و الضغط لرحيل الأسد. و يمكن لإسرائيل وضع قوى في او قرب مرتفعات الجولان و بقيامها بذلك قد تحول أنظار قوات النظام عن إخماد المعارضة. هذه الحالة ستخلق الرعب في نظام الأسد من حرب على عدة جبهات، و خاصة اذا كانت تركيا مستعدة للقيام بالشيء نفسه على حدودها هذا مع الاستمرار بمد المعارضة بالسلاح و التدريب. تعبئة كهذه  قد تحث القيادة العسكرية في سورية على التخلص من الأسد لحماية نفسها. المؤيدون لهذا الاقتراح يرون أن هذا الضغط الإضافي قد يقلب الموازين ضد الأسد داخل سوريه، إذا اصطفت قوى أخرى بشكل مناسب".
و بوضوح صرف القادة الأتراك أوقاتا كثيرة و هم يختلقون الأعذار المختلفة للالتقاء مع متطلبات واشنطن في هذا الخصوص و هي الاستفادة من عنف تقوم تركيا نفسها بتغذيته على طول الحدود مع سورية. كما و بدأت إسرائيل بوضع الضغوط على الحدود السورية قرب مرتفعات الجولان في تجسيد حرفي لخطة مركز صبان .
و كحال قطر، ذرفت القيادة التركية دموع التماسيح على غزه، بينما هي تتعاون بصراحة مع إسرائيل ضد سورية بناء على خطط مركز صبان. بينما قام المتآمرون مع الولايات المتحدة و إسرائيل و السعودية مثل قطر و تركيا و مصر و دول أخرى بالقاء خطب بلاغية ضد إسرائيل خلال الصراع الإسرائيلي الغزاوي الأخير، كانوا يستمرون بالتعاون مع كل من الغرب و إسرائيل ضد سورية. و مع محاولات الغرب دعم "مجلس المعارضة" الذي أعاد تشكيله مؤخرا، فان المنصة تعد لأجل دفع أخير ضد سورية.
و محاولات تركيا نشر بطاريات صورايخ باتريوت على طول الحدود التركية السورية ترمي لتحقيق هدف آخر متضمن في الورقة السياسية التي قدمها مركز صبان في الدوحة و هو "تأمين مأوى شمالي آمن لعمل الإرهابيين المدعومين من الناتو و تأمين مقر سلطة محمي لمجلس المعارضة الذي أعاد تشكيله الغرب حديثا.
و بينما يستمر الغرب في وضع أفكار متعلقة بالمنطقة و التلاعب بها، فان الاعتداء الغربي قد وصل إلى حدوده العملية ، وبينما بإمكانه الانطلاق نحو مواجهة أكثر علنية مع سورية، ينبغي على كل من الشعب السوري و حلفاء سورية الالتزام بالدفاع عن سيادتها، عندها لن يفشل هذا الاعتداء فحسب، بل سيخلق قوة دافعة  تدحرج الغرب و مصالحه الخارجية إلى الوراء بشكل كبير،هذا اذا لم يكن نهائيا. و يبقى الاتفاق هو خيار سورية الأوحد.


عن موقع Land Destroyer

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...