زيارة أوباما لموسكو والملفات الساخنة بين البلدين
الجمل: وصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما صباح اليوم إلى العاصمة الروسية موسكو في زيارة تكمن أهميتها في أنها يمكن أن تشكل نقطة البداية الحقيقية لاعتماد سياسات خفض حدة التوتر والوقاية من خطر اندلاع حرب باردة جديدة.
* ماذا يحمل جدول أعمال الزيارة؟
أشارت التقارير إلى أن لقاء ميدفيديف – أوباما سيتطرق إلى تناول الآتي:
• الملفات الخلافية التي تم إحراز التقدم فيها خلال الفترة الماضية ومن أبرزها الآتي:
- ملف خفض الأسلحة الاستراتيجية وتقول المعلومات أن الطرفين سيقومان بخفض الأسلحة وربما بوتائر أكبر مما تم الاتفاق عليه من قبل.
- ملف شبكة الدفاع الصاروخي وتقول المعلومات بوجود بعض الخلافات وعلى ما يبدو أن هناك صفقة روسية – أمريكية ي هذا الملف.
• الملفات الخلافية التي لم يتم إحراز التقدم فيها خلال الفترة الماضية ومن أبرزها:
- ملف الأزمة الإيرانية: ويتضمن الخلافات حول رفض موسكو لفرض العقوبات على إيران.
- ملف الأزمة الأفغانية: ويتضمن الخلافات حول خطوط إمداد القوات الأمريكية ومدى إمكانية قيام موسكو بدور في هذه الحرب.
- ملف منطقة شرق أوروبا: ويتضمن الخلافات حول مستقبل الشراكة التي تدعمها أمريكا لبناء تحالف بين الاتحاد الأوروبي ودول شرق أوروبا السابقة يتيح لواشنطن ودول الاتحاد الأوروبي تمديد قدراتهم العسكرية في شرق أوروبا وتحديداً البلدان المجاورة لروسيا.
- ملف إمدادات النفط والغاز: ويتضمن خلافات تنطوي على تنافس ميداني كبير في مخططات تمديد خطوط أنابيب نقل النفط والغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي فأمريكا تسعى من جهة إلى وضع هذه الإمدادات تحت سيطرة الشركات النفطية الأمريكية في مواجهة روسيا التي تسعى إلى فرض سيطرة شركة "غاز بروم" الروسية بما يجعلها أخطبوطاً نفطياً يسيطر على الأسواق النفطية الأوروبية.
لا توجد توقعات تفيد لجهة نجاح لقاء أوباما – ميدفيديف في حسم كل هذه الملفات ولكن ما هو أكثر احتمالاً للتحقق يتمثل في إنجاز صفقة خفض الأسلحة الاستراتيجية وتعزيز محفزات تحقيق التقدم الممكن في الملفات الأخرى.
* ماذا وراء زيارة أوباما؟
يقول المحلل والخبير السياسي الأمريكي جورج فريدمان أن زيارة أوباما لموسكو ولقاءه مع الرئيس الروسي تتطابق شكلياً مع ما حدث عام 1961 عندما قام الرئيس الأمريكي جون كيندي بزيارة موسكو ولقاء الرئيس السوفيتي خروتشيف، وفي معرض المطابقة بين الزيارتين أشار فريدمان إلى النقاط الآتية:
• عندما زار الرئيس كيندي موسكو كان خروتشيف ينظر إليه باعتباره في موقف الضعف لأنه كان يبدو في حالة تراجع إزاء الأزمة الكوبية، وبالتالي فقد كان هذا الإدراك محفزاً لخروتشيف لكي يتعامل مع كيندي بفظاظة وقسوة عدائية.
• يقوم الآن الرئيس أوباما بزيارة موسكو وينظر إليه الرئيس ميدفيديف بأنه رئيس ضعيف تحيط به المشاكل والضغوط فهو متورط في حرب العراق ويسعى للتراجع والانسحاب، ومتورط في حرب أفغانستان ويبحث عن تأمين خطوط إمداد قواته المنتشرة هناك، كما يعجز عن مواجهة إيران ، بالإضافة إلى ضغوط الأزمة المالية التي ما زالت أكثر تأثيراً على الاقتصاد الأمريكي. وبسبب كل ذلك يتوقع الخبراء بأن يكون ميدفيديف أكثر تصلباً في مواقفه عند الدخول في التفاهمات مع أوباما.
* ما هي الورقة الخفية في لقاء أوباما – ميدفيديف؟
تشير التسريبات والتحليلات إلى أن لقاء الرئيسين الأمريكي والروسي وإن كان يحمل من الناحية الظاهرية المعلنة أجندة التعاون، فإنه ينطوي من الناحية غير المعلنة على أجندة الصراع الخفي والحرب الباردة الجديدة للفوز بـ"ورقة الطرنيب" التي هي ألمانيا.
• يسعى الأمريكيون إلى إبعاد أي تقارب ألماني – روسي وقد فشلوا في الفترة الماضية من القيام بذلك وعلى وجه التحديد عندما وقفت ألمانيا إلى جانب روسيا في أزمة الملف الإيراني والملف القوقازي وملف إمدادات النفط والغاز إضافة إلى ملف شبكة الدفاع الصاروخي.
• يسعى الروس إلى تقريب ألمانيا أكثر إلى روسيا وفي الوقت نفسه قطع الطريق أمام أي احتمالات لعودة ألمانيا إلى دائرة سيطرة النفوذ الأمريكي.
هذا، وتشير التحليلات إلى أن موقف برلين الموالي لموسكو كان بسبب موقف باريس الذي سعى إلى موالاة واشنطن، فألمانيا تريد أن تقود أوروبا وبلدان الاتحاد الأوروبي باعتبارها الدولة الأكبر وعلى أساس اعتبارات تفوق قدراتها الاقتصادية بينما فرنسا تسعى إلى أن تقود أوروبا وبلدان والاتحاد الأوروبي على أساس تفوق القدرات العسكرية النووية الفرنسية.
انحياز ألمانيا إلى جانب روسيا سيعزز موقف شركة "غاز بروم" النفطية الروسية بما يؤدي إلى جعل ألمانيا تمثل بوابة العبور لخطوط أنابيب النفط والغاز القادمة عبر بيلاروسيا إلى بقية دول الاتحاد الأوروبي وعندها سوف تصبح الفرصة غير مواتية لتفعيل خطوط أنابيب النفط والغاز القادمة عبر جورجيا.
وعلى خلفية لقاء ميدفيديف – أوباما تقول المعلومات أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أصبحت مثل "العروس الإفريقية" التي تنتظر من سيفوز من الشباب بها نتيجة المصارعة القبلية، فميركل كما تقول التقارير تشهد حالياً صراعاً سياسياً سيترتب عليه تحديداً اتجاه مسار البوصلة الجيوبوليتيكية الألمانية وإضافة لذلك فإن احتدام المنافسة بين القوى السياسية في الانتخابات البرلمانية الألمانية القادمة لم يعد محصوراً حول ملف حرب أفغانستان وإنما كذلك حول ملف إمدادات النفط والغاز، وبكلمات أخرى فإن القوى السياسية الألمانية المعارضة لحرب أفغانستان تسعى لمعارضة سيطرة الشركات الأمريكية على إمدادات النفط والغاز القادمة عبر جورجيا في مواجهة القوى السياسية الألمانية المؤيدة لاستمرار الدور الألماني في حرب أفغانستان والتأكيد على ضرورة اعتماد ألمانيا على إمدادات النفط والغاز القادمة عبر جورجيا والتي تسيطر عليها الشركات النفطية الألمانية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد