تطورات خط موسكو–هافانا وخيارات واشنطن في الحرب الباردة ضد موسكو

الجمل: تقول التسريبات الإخبارية التي أوردها اليوم موقع ستراتفور الأمريكي بوجود بعض طواقم ملاحي القاذفات الاستراتيجية الروسية في كوبا، وتشير التحليلات والتقارير إلى أن السلطات الأمريكية تنظر بحذر إلى التطورات الجديدة المتزايدة على خط موسكو – هافانا.
* ماذا تقول التقارير الاستخبارية الأمريكية؟
وصل إلى كوبا يوم 24 تموز 2008م الجاري بعض طواقم ملاحي القاذفات الاستراتيجية الروسية بعيدة المدى وقد أشارت التقارير إلى النقاط الآتية:
• التحركات الروسية الأخيرة هدفت إلى تنشيط وتفعيل خط موسكو – هافانا وموسكو – كاركاس.
• التفاهمات الأخيرة بين القيادة الروسية والرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، تعلقت بمشروع إقامة قاعدة عسكرية روسية في فنزويلا، إضافةً إلى منح الشركات النفطية الروسية المزيد من الامتيازات والتسهيلات في مجالات النفط والغاز الفنزويلي.
• الاستعدادات الأمريكية تحسباً للوجود الروسي المحتمل في كوبا شملت:
- تفعيل تعبئة محطة كي ويست البحرية – الجوية الواقعة على بعد 100 ميل من العاصمة الكوبية هافانا.
- تعزيز قدرات محطة كي ويست المخصصة لمواجهة الخطر الكوبي بالمزيد من طائرات إف – 18.
* السيناريوهات الجديدة في الحرب الباردة على خط موسكو – واشنطن:
برغم التفاهم والتوافق بين الكرملين والبيت الأبيض لجهة القضاء على الخلافات وبؤر التوتر وتعزيز المصالح المشتركة، فقد عادت على ما يبدو الحرب الباردة من جديد على خط موسكو – واشنطن وتقول المعلومات بأن أبرز معالم هذه الحرب يتمثل في الآتي:
• زحف القوات العسكرية الأمريكية شرقاً باتجاه الحدود الروسية.
• زحف القدرات النفطية الروسية غرباً باتجاه الحدود الأوروبية.
هذا، وعلى خلفية هذا الزحف المتعاكس، فقد تطرقت الكثير من التحليلات إلى معالم الصراع الجاري والذي مازال في مرحلة الحرب الباردة منخفضة الشدة، وتشير التقارير إلى اعتبار اجتماع قمة الناتو بالعاصمة الليتوانية فيلينوس عام 2006م وتحديداً خطاب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني الذي اتهم فيه روسيا باستخدام قدراتها النفطية لابتزاز الغرب بمثابة ضربة البداية التي أطلقت الحرب الباردة الجديدة بين موسكو وواشنطن.
وقعت روسيا المزيد من الاتفاقيات المتعلقة بتمديد أنابيب النفط والغاز الروسي إلى غرب أوروبا، وبالمقابل فقد سعت أمريكا لنشر مشروع الدرع الصاروخي في الدول المجاورة لروسيا. آخر التوقعات في مجريات الحرب الباردة الأمريكية – الروسية يشير إلى الآتي:
• الفعل: وقعت واشنطن اتفاقاً مع جمهورية التشيك تقوم واشنطن بموجبه بنشر بعض بطاريات مشروع الدفاع الصاروخي في الأراضي التشيكية.
• رد الفعل: فرض موسكو عقوبات نفطية على جمهورية التشيك بما أدى إلى خلق المزيد من الصعوبات الاقتصادية التشيكية الداخلية.
ولم تكتف موسكو بذلك، وإنما سعت لإشعال الصراع حول أبخازيا، والهدف من ذلك هو ردع الحكومة الجورجية من مغبة التمادي ومنح واشنطن التسهيلات المتعلقة بنشر شبكة بطارية الدفاع الصاروخي في الأراضي الجورجية وتقول المعلومات بأن الحكومة الجورجية لن تستطيع الصمود أمام مشروع العقوبات الروسية الذي سيعمق انكشاف أمن جورجيا في مواجهة مشكلة التضخم وانفصال أبخازيا.
* واشنطن وإشكالية الانكشاف في مواجهة الحرب الباردة الجديدة:
يرى بعض الخبراء العسكريين بأن تورط أمريكا في حرب العراق وأفغانستان قد ترتب عليه إضعاف قدرة أمريكا في تعبئة قدراتها الاحتياطية ويرى هؤلاء الخبراء بأن مشروع الحصار البحري ضد إيران وما يترتب عليه من حشد السفن والقطع البحرية الأمريكية في المناطق المجاورة لإيران، قد ترتب عليه انكشاف القدرات العسكرية البحرية العسكرية الأمريكية في بعض مناطق العالم الاستراتيجية الأخرى.
يقترح الخبراء الأمريكيون ضرورة أن تسعى الإدارة الأمريكية لإيجاد حل مبكر لانكشاف قدراتها في مواجهة الحرب الباردة الجديدة، ويرى هؤلاء بأن ما هو متاح حالياً أمام واشنطن هو الآتي:
• خيار توريط الهند في حرب أفغانستان لكي تقوم القوات الهندية بشن الحروب وكالةً وبالنيابة عن أمريكا في المنطقة، على أن يكون ثمن ذلك تعزيز التعاون الأمريكي – الهندي والإسرائيلي – الهندي.
• خيار توريط تركيا والسعودية في حرب العراق بحيث تقوما بشن حرب وكالة داخل العراق مقابل تعزيز السيطرة الأمريكية على السعودية وتركيا.
يقول الخبير الاستراتيجي روبرت أو فريدمان بأن التمرد الروسي ضد الهيمنة الأمريكية سيلقي بتداعياته على منطقة الشرق الأوسط ويرى بعض الخبراء بأن تصادم قاطرة موسكو مع قاطرة واشنطن ستكون إسرائيل أولى ضحاياه لأن الخسائر الإسرائيلية لن تكون حصراً في مجالات المواجهة العسكرية وإنما ستمتد إلى المجالات الأخرى التي من أبرزها مشروعات تمديد أنابيب النفط والغاز الروسي عبر تركيا إلى إسرائيل إضافةً إلى القضاء على المصالح الإسرائيلية في آسيا الوسطى والقفقاس.
تشير الحسابات إلى أن تصاعد الحرب الباردة على خط موسكو – واشنطن سيترتب عليه تغيير معادلة الحسابات الاستراتيجية الأخرى وعلى وجه الخصوص فإن واشنطن وباريس ولندن، ستجد نفسها مضطرة لمراجعة حساباتها مع دمشق لأن أي تفاهم استراتيجي سوري – روسي سيترتب عليه تغيير جذري في خارطة الأمن الإقليمي الشرق أوسطي.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة