الشيوعية التحررية

23-11-2008

الشيوعية التحررية

الجمل: ترجمة: مازن كم الماز

مقدمة المترجم– مازن كم الماز:    تنبع أهمية الكتاب من دوره التاريخي الاستثنائي في أحداث تاريخية استثنائية هي أيضا , إنها الثورة الإسبانية في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن العشرين . ألهم هذا الكتاب العمال و الفلاحين و المثقفين الإسبان في بحثهم و نضالهم لتأسيس عالم جديد و مختلف . ليس الكتاب صدى للماركسية اللينينية , بل هو يتحدث عن عالم يختلف تماما عن المجتمع الذي أقيم على أساس ديكتاتورية البروليتاريا التي اختزلت في "منظمات طليعية" بيروقراطية و فوقية فوقه أو في رأس هرمه تماما كما كان الوضع عليه من قبل , إنه يتحدث عن عالم يقوم على الاتحاد الطوعي و المساعدة المتبادلة بين جمهور المنتجين المتساويين لا يعرف أية تراتبية هيكلية صارمة على النحو المسمى بالمركزية الديمقراطية , عالم يقوم على أنقاض آخر المجتمعات الطبقية التي تقوم على استغلال أقلية للأكثرية و على تبعيتها ( أو بالأحرى عبوديتها الفعلية ) لنخبة حاكمة مطلقة التصرف في تفاصيل حياتها و على إلحاقها بعشرات المؤسسات القائمة على القمع و تهميش ما يسمى بالأتباع و إدعاء الوصاية عليهم . التاريخ لا يعيد نفسه لكن هذه الوثيقة الهامة هي ملك لأولئك الحالمين بالغد الأفضل , بعالم أفضل , عالم يقوم من أجل الإنسان و بالإنسان .

صدر لأول مرة من قبل الفيدرالية الوطنية للعمل باللغة الإسبانية ككراس وزع على نطاق واسع عام 1932 , مع طبعات تالية كثيرة . - ظهرت الترجمة الانكليزية الأولى في "استعراض مطبعة سينفويغوس الأناركي" # 6 أوركلي 1982 .
صدرت هذه الطبعة عام 1985 من قبل
مطبعة مونتي ميللر
صندوق بريد 92 , برودواي
سيدني 2007 , أوستراليا
- مطابع القط الأسود –

-----------------------------------------------------------------

مقدمة ( الطبعة الانكليزية )

كان إسحق بونتي واحدا من الأعضاء القلائل جدا من الطبقات غير العاملة الذين تمتعوا بأي نفوذ داخل الفيدرالية الوطنية للشغل ما قبل الحرب في إسبانيا . بحسب خوسيه بيراتس في مؤلفه أناركيون في الثورة الإسبانية فقد كان "طبيبا و اشتراكيا باسكيا , محرضا و داعية للشيوعية التحررية . و تعاون مع الصحافة السينديكالية و الأناركية ..." . لكن لا يوجد أي شيء في هذا الكراس الذي ظهرت طبعته الأولى في عام 1932 يقترح أنه كان ملتزما بشيء آخر غير الأناركية .
ليست الشيوعية التحررية مخططا لمجتمع المستقبل . إنها بالأحرى مجموعة من المبادئ لتقوم الطبقة العاملة بتطبيقها , و كل من هو مستعد للعمل إلى جانبها , لتولي و إدارة القاعدة الاقتصادية للمجتمع بغرض إعادة تشكيله بما يتوافق مع العدالة الاجتماعية . فيما هي جماعية في الروح و الطريقة توفر الشيوعية التحررية أكبر فرصة ممكنة للحاجات و الطموحات الفردية . إنها ليست برنامج طوباوي , لكنها الوسيلة التي يمكن من خلالها بلوغ يوتوبيا الأناركية .
في ديسمبر كانون الأول 1933 شكل بونتي و سيبريانو ميرا و دوروتي اللجنة التي نظمت الانتفاضة في آراغون . وصف ميغيل فوز , و هو رفيق شارك في تلك الأحداث , هذه الأحداث بشكل بليغ :
"قام الرفاق بمهمتهم في إحراق أرشيف الملكية , و سجلات الكنيسة و البلدية , الخ...حظر إعلان عام منذ ذلك الحين تداول النقود...عشنا لخمسة أيام في ظل الشيوعية التحررية , معتمدين على ولاء القرية و خوف العدو . حضر بعض خصومنا إلى النقابات ( الاتحادات ) ليسألوا , في تجمع كبير , عن إيضاحات عن معنى الشيوعية التحررية , و بعضهم غير موقفه عفويا" .
تم القضاء على انتفاضة آراغون بوحشية كبيرة من جانب السلطات . كان بونتي من بين الذين تم اعتقالهم و تعذيبهم من قبل البوليس . بعد خمس شهور أطلق سراحه أخيرا مع بقية المنظمين بفضل الضغط الشعبي الهائل , و أسقطت القضية القانونية ضد جمهور المنتفضين بعد غارة جريئة على مكاتب الإدعاء نفذت من داخل السجن .
كان كراس بونتي مقروءا على نطاق واسع . و كان مصدر إلهام البرنامج التاريخي الذي صاغته الفيدرالية الوطنية للشغل ( المنظمة الأناركية السينديكالية للعمال الإسبان – المترجم ) في مؤتمرها في أيار مايو 1936 في ساراغوسا . كانت هذه المدينة مركز انتفاضة ديسمبر كانون الأول 1933 . استنادا على هذا البرنامج قام العمال الإسبان التحرريون , في نضالهم ضد الفاشية الذي كان قد بدأ قبل عدة أسابيع فقط , بدفع التحرر الاجتماعي إلى مستويات غير مسبوقة . لسوء الحظ , كان بونتي واحدا من أوائل ضحايا الفاشيين , ألقي القبض عليه خلف خطوطهم و أطلقت عليه النار في يوليو تموز 1936 .
بين الحركات الإصلاحية العمالية في معظم أنحاء العالم اليوم , و قادتها الرجعيين ( و قادتها المستقبليين التسلطيين من الطبقة الوسطى ) , و بين طراز الاتحادات الثورية التي وصفها بونتي , الفروق عديدة و هائلة .  حتى لو أن كل موظفيها الذين يعملون بدوام كامل , كل متعاقدي النقابات , كل الوارد المالية المغرية للتقاعد و كل بقية جهاز الوهم و الابتزاز الذي يبقي عبيد الأجر اليوم مقيدين فيزيائيا و نفسيا إلى دولاب الطاحون الدائر – إذا اختفى كل ذلك بين عشية و ضحاها , فإن العمال لن يستيقظوا في الصباح التالي و قد أصبحوا فجأة دون دفاع أمام الجشع عديم الرحمة لأصحاب العمل . على العكس , سيكونون منظمين في أماكن عملهم , لكن مع فارق أنهم سيكونون قادرين على أن يتوحدوا كما لم يفعلوا من قبل , مدركين أخيرا لمصالحهم الحقيقية .
عندما يصبح صراعهم أكثر ثقة و أكثر اتساقا , موجها لا محالة نحو إلغاء عبوديتهم , للرأسمالية و للدولة , فإن مبادئهم التنظيمية التي سيتبنونها ستكون حتما تلك التي يجري وصفها هنا من قبل المعالج الإنساني و المناضل التحرري اسحق بونتي .
م .  ه .

----------------------------------------------------------------- 

الشيوعية التحررية

إن الفيدرالية الوطنية للشغل ( المنظمة الأناركية النقابية الإسبانية التي قادت نضال العمال الإسبان في النصف الأول من القرن العشرين – المترجم ) , إذا جاز التعبير , هي السبيل لكل النضالات الثورية التي تقوم بها الطبقة العاملة باتجاه تحقيق هدف معين خاصة : بناء الشيوعية التحررية . هذه الشيوعية التحررية هي نظام للوجود الإنساني يحاول أن يجد طريقا لحل المعضلة الاقتصادية دون اللجوء إلى السلطة أو السياسة بالتوافق مع الوصفة التالية : من كل حسب قدرته , و لكل حسب حاجته .
تتقدم حركة حرية الطبقة العاملة عبر معاناة الدروس المرة للتجربة . إنها تنبعث من كل تراجع متجددة بحيوية جديدة . إنها قوة في صناعة و صياغة المستقبل . إنها تحمل في داخلها بذرة الكمال الاجتماعي و تشير إلى وجود كفاح ينبع من أعماق الإنسان , كفاح لأنه لا يمكن أن يفنى حتى لو فقد طريقه لمئات المرات مرة أخرى .
لقد خرجت حركة العمال سالمة من قمع بربري . لفترة طويلة سمحت بإغرائها بالصوت المزيف للإصلاحية و بالأغاني المغوية للسياسة التي تقود فقط إلى تحرير القادة و المنقذين أو المخلصين , الذين تحولوا فجأة من كونهم أخوة إلى أعداء .
كان العمال هدفا للكثير جدا من التبشير . بعضهم قال لهم أن عليهم أن يبقوا هادئين , بعضهم قال أنهم يحتاجون إلى الثقافة , و البعض الآخر إلى التدريب . بحسب تصور أولئك الذين يفترض أن يكونوا رعاتهم لم يكن العمال أبدا ناضجين بما فيه الكفاية ليحرروا أنفسهم . إذا قدر للوضع أن يستمر فإن التحضيرات ستستمر إلى الأبد : الطريقة الوحيدة التي يمكن بها للعمال أن ينفضوا عن كاهلهم الجهل و الحرمان الثقافي الذي يفرضه عليهم النظام و الدولة الرأسمالية هو عن طريق الثورة . إن كل حرية جزئية ستتكلف جهدا هائلا تماما مثل الانعتاق الكامل , إذا كان المطلوب هو الفوز بها جماعيا و ليس فقط كأفراد .
إذا بحثنا عن طرق لفعل ذلك من دون مهاجمة النظام , لن يوجد عندها حل ممكن للمشكلة الاجتماعية . إنها مثل بيضة كولومبوس . إذا أقمناها على نهاية و حاولنا موازنة البيضة على نهاية واحدة فإننا فقط سنضيع الكثير من الوقت . لا بد أن نلجأ إلى تسوية إحدى نهايتي البيضة بضربها على الطاولة و بالتالي مهاجمة الشكل الفعلي للبيضة نفسها .
تقوم الفيدرالية الوطنية للشغل بدور مفسر حركة حرية العمال , محذرة من النسيج الناعم للإصلاحية و تعطي الطريق المسدود للسياسة ولادة جديدة . إنها تشق طريقا مستقيمة , هو طريق الفعل المباشر , التي تقود مباشرة إلى بناء الشيوعية التحررية , الطريق الوحيد إلى الحرية . لا يوجد أي معنى في بناء حركة قوية ستفوز بالإعجاب من كل من أعضائها و من الخارج ما لم تحقق هدفها بالتحرير . لا يوجد هناك أي هدف غامض لإخفائه : إنها خط الجبهة . هذا الهدف في شكل الأناركية , و التي تقدم التوجيه و القوة المحفزة .
إن الشيوعية التحررية هي مجتمع ينظم من دون دولة و من دون ملكية خاصة . و لا توجد هناك حاجة لاختراع أي شيء أو استحضار منظمة جديدة في سبيل هذا الهدف . إن المراكز التي ستنظم حولها الحياة في المستقبل موجودة بالفعل في مجتمع اليوم : الاتحاد الحر و المجلس الحر .
الاتحاد ( النقابة ) : إنه يضم عفويا العمال من المصانع و كل أماكن الاستغلال الجماعي .
و المجلس الحر : جمعية تمتد جذورها إلى الماضي عندما انضم , مرة أخرى بشكل عفوي , سكان القرى و البلدات معا , و التي تدل على الطريق إلى حل المشاكل في الحياة الاجتماعية في الريف . ( يعني المؤلف بالقرية مستوطنة ريفية تضم حتى سبعة آلاف ساكن , محرر الطبعة الانكليزية ) .
تتم إدارة كلتا المنظمتين وفق المبادئ الاتحادية و الديمقراطية , ستكون سيدة نفسها عند اتخاذ القرارات , بدون أن تلحق بأية هيئة أعلى , سيكون التزامها الوحيد هو أن تتحد الواحدة مع أخرى كما تستدعي ذلك الحاجة الاقتصادية لهيئات الارتباط و الاتصال المنظمة في الاتحادات الصناعية .
سوف تأخذ النقابة و المجلس البلدي الحر على عاتقها الملكية الجماعية أو المشاعية لكل شيء هو تحت الملكية الخاصة الآن و سوف تنظم الإنتاج و الاستهلاك ( أو بكلمة الاقتصاد ) في كل منطقة .
إن الجمع نفسه بين مصطلحي الشيوعية و التحررية هو دلالة في نفسه على اندماج فكرتين : أولهما هي الجماعية التي تريد أن تجلب التجانس في المجموع عبر مساهمات و تعاون الأفراد بدون أن تقوض استقلاليتهم بأي شكل من الأشكال , أما الأخرى فهي الفردية , التي تريد أن تطمئن الفرد على أن استقلاليته سوف تحترم .
بما أنه لن يستطيع أن ينجز أي شيء وحيدا , فإن عامل المصنع أو عامل السكة الحديدية أو الشغيل يحتاج إلى أن يضم قواه مع زملائه , لكي يقوم بعمله و أيضا ليحمي مصالحه كفرد . على العكس فإن الحرفي و عامل المزرعة يمكنهما أن يعيشا على نحو مستقل و حتى يمكنهما أن يكونا ذاتيا الاكتفاء , كنتيجة لذلك فإن روح الفردية متأصلة عميقا فيهما . لذلك فإن النقابة تلبي الحاجة إلى منظمة جماعية , فيما يناسب المجلس الحر أكثر المشاعر الفردية للفلاحين .
إن الفقر هو العرض و العبودية هي المرض . إذا اكتفينا بالظاهر فإننا سنتفق جميعا أنه يجب تخصيص الفقر على أنه أسوأ معلم في مجتمعنا المعاصر . لكن أسوأ بلاء هي العبودية , التي تكره الإنسان على أن يعيش في ظل الفقر و تمنعه من الثورة عليه . إن أكبر الشرور ليس رأس المال الذي يستغل العامل و يزداد غنى على حسابه , لكنه الدولة التي تبقي العامل عاريا و من دون دفاع , مبقية إياه في حالة خضوع بالقوة المسلحة و بالسجن .
إن كل مرض نستهجنه في المجتمع اليوم ( و هذا ليس محل ذكرها جميعا هنا ) يصدر عن مؤسسة السلطة , التي هي الدولة و مؤسسة الملكية الخاصة , التي يؤدي تراكمها إلى تشكل رأس المال . إن الإنسان تحت رحمة هذين البلاءين الاجتماعيين و اللذان يقعان خارج سيطرته : إنها تجعله تافها جشعا و مجردا من التضامن عندما يكون غنيا و عديم الإحساس على نحو متحجر تجاه المعاناة الإنسانية عندما يكون فقيرا . إن الفقر يقود إلى الانحطاط لكن الثروة تفسد . إن الإذعان يقود الإنسان إلى حالة من الذل , فيم السلطة تمسخ وعيه . لم يسبب أي شيء دموعا أو إراقة أكثر للدماء من رأس المال , بشهيته التي لا حد لها للربح . إن التاريخ كله مليء بالجرائم و الفظائع التي ارتكبتها السلطة .
إن تراكم الثروة مثل تراكم السلطة في يد أقلية ما يمكن فقط تحقيقه على حساب حرمان البقية . لتدمير الفقر , و أيضا لإنهاء العبودية , يجب مقاومة تراكم الملكية و السلطة بحيث أن أي كان لا يحصل على أكثر مما يحتاجه و لا يسمح لأي كان بأن يسود على كل الآخرين .
دافعان رئيسيان . بسبب طبيعتنا نفسها و الطريقة التي نعيش بها فلدى الشعب دافعان لا يمكن كبتهما : للخبز , و هو كل شيء نحتاجه كي نلبي حاجاتنا الاقتصادية ( كالطعام و اللباس و السكن و التعليم و المعونة الطبية و وسائل الاتصال ) , و للحرية , أو السيطرة على أفعالنا . إن الضغوط الخارجية نفسها لا تملك أي ضغينة لنا حيث أننا ننحني أمام تلك الضغوط التي تمارسها الطبيعة نفسها . ما الذي يدفعنا للثورة و التمرد هي الضغوط الاستبدادية , نزوة الآخرين . إننا لا نمانع في وجود تقييدات إذا اعتقدنا أنها عادلة , و أنه قد ترك لنا الحكم في أنها كذلك . لكننا نرفضها بكل القوة التي نملكها إذا كانت شيئا مفروضا علينا دون أن يكون لنا أي رأي في هذه المسألة .
إلى هذا الحد تكون المشاعر تجاه الحرية كبيرة و هائلة ( هذا الطموح لنكون سادة أنفسنا ) بحيث أن هناك حكاية شعبية قديمة حيث يقوم رجل نبيل بهجر السفينة , الاستقرار و الدفء في نزل و يذهب إلى طريق مفتوح , لقد فعل ذلك ليحافظ على حريته , لأن ثمن بقائه و راحته في النزل كان أن يخضع لنظامه الذي يشبه نظام الثكنة العسكرية .
يجب أن تجعل الشيوعية التحررية من الممكن تلبية الحاجة الاقتصادية و في نفس الوقت احترام هذه الرغبة في الحرية . انطلاقا من التوق إلى الحرية فإننا نرفض أية شيوعية رهبانية أو على نمط الثكنات , الشيوعية المضادة للأكداس و خلايا النحل , و شيوعية روسيا التي على نمط الراعي و القطيع .
الأحكام المسبقة : لكل من يقرأ هذا بطريقة متحاملة و شعر جسده منتصب , فإن كل هذا سيبدو أحمقا . دعنا نتفحص هذه الأحكام المسبقة المعينة لكي نساعد أولئك الذين يعانون منها للتغلب عليها .

التحامل الأول : الاعتقاد بأن الأزمة مؤقتة فقط

إن رأس المال و الدولة مؤسستان قديمتان , إنهما في أزمة على مستوى العالم , أزمة تتقدم و لا شفاء لها . إنهما عضويتان , مثل أي شيء في العالم الطبيعي , تحملان داخل جسديهما المتفسخين بذور العضويات التي ستأخذ مكانهما . في عالم الطبيعة لا يوجد خلق و لا تدمير – فقط تحول في كل شيء . إن رأس المال يغرق في قذارته . تزداد البطالة باطراد لأن الاستهلاك لا يمكنه أن يقابل المعدل الذي يتوسع به الإنتاج بواسطة الآلة . إن العاطلين عن العمل هم قوات الثورة . إن الجوع يجعل من الفرد المعزول جبانا لكن عندما يكون الشعور بالجوع عاما فإنه يصبح مصدرا للغضب العارم و للجرأة . إن الأفكار الهدامة تنمو بين الطبقة العاملة و هي تحرز المزيد من التقدم . إن الدولة أيضا تختنق وسط مكائد القوة . إنها تجد نفسها مضطرة إلى تشكيل قوى قمعية أكثر و بيروقراطية أكبر تزيد من تكديس الحمل الثقيل الطفيلي على الضرائب المسروقة من دافعي الضرائب . يدعم المرء البناء فقط لأنه مهدد بالسقوط . إن الوعي الفردي الذي يصبح أكثر حدة مع كل دقيقة تمر هو في تعارض مع القيود التي تفرضها الدولة . لقد دفع اقتراب سقوطها الدولة لكي تعكس تطورها التاريخي نحو أشكال أكثر ديمقراطية , لكي تلبس ثوب الفاشية في إيطاليا و الديكتاتورية في كل مكان آخر , بما في ذلك ديكتاتورية الطبقة العاملة في روسيا . ما الذي أدى بمطالب الطبقة العاملة المتزايدة ضد مؤسسة رأس المال القديمة إلى أن تصبح أزمات إنتاج أو هبوط , الدولة هذه المؤسسة القديمة جدا تتصدى اليوم للمطامح التحررية للجماهير . لكنهم سوف يتغلبون عليها .
من غير المجدي أن نبقى معلقين بالأنظمة القديمة و نحاول إيجاد مسكنات أو إصلاحات , أو أن نبحث في الشقوق حتى لو كانت هذه المسكنات مغرية مثل "الضريبة الوحيدة" لهنري جورج , لأنها تأتي متأخرة جدا لتبعث حياة جديدة في العضوية البالية . عوضا عن ذلك يجب أن تفكر في هذا الذي يجاهد كي يولد , هذا الذي يسعى ليحل مكان ما يوشك على الزوال , هذه القوى الجنينية التي تحاول أن تجد مكانا في حياة المجتمع .

التحامل الثاني : افتراض أن الشيوعية التحررية هي نتاج الجهل    

لأن الشيوعية التحررية قد ناصرها و دافع عنها أشخاص معروفين بأنهم غير مثقفين و جاهلين , أشخاص لا يحملون دبلومات جامعية فقد افترض أنها حل تبسيطي يفشل في أن يأخذ تعقيدات الحياة بعين الاعتبار و المصاعب المتأصلة في تغيير على نطاق ضخم كهذا .
جماعيا يعرف العمال عن السيوسيولوجيا – علم الاجتماع أكثر من المثقفين , إنهم أبعد نظرا بكثير عندما يتعلق الموضوع بالحلول . لذلك فعندما نأخذ مشكلة الأعداد الزائدة من الأشخاص المحترفين , لنقل الأطباء و المحامين , فإن الحل الوحيد الذي يخطر في البال أو يقترح نفسه هو في تقييد الدخول إلى الكليات , أو القول " لقد ملأت كل الشواغر . لا يوجد أي مكان لأي شخص آخر " . بقولهم هذا فإنهم يرسلون الأجيال الصاعدة الذين تشق طريقها إلى قاعات المحاضرات بأعداد متزايدة إلى مهن أخرى أو إلى احتجاجات صاخبة . كما أن ذلك الحل سخيف تبسيطي و مؤذي – بالكاد يناسب الأشخاص الذين يقوم كبرياءهم على تفوقهم على الآخرين .
أما العمال من جهة أخرى , بما ينسجم مع ( مقارعتهم ) في كتب علم الاجتماع , فإنهم يتجرؤون على أن يقترحوا حلا لا يقتصر على طبقة واحدة , و لا على جيل واحد من طبقة واحدة , بل حلا ينطبق على كل طبقات المجتمع . حل سبق لعلماء الاجتماع المؤهلين أن تطرقوا إليه على مستوى علمي و فلسفي و هو حل يمكنه اليوم أن يقف في مواجهة أي حل نظري للمسألة الاجتماعية , على أساس توفير الخبز و التعليم لجميع الناس .
إذا كان "الجهلة" هم الذين يجاهرون بهذا الحل , فهذا بالتحديد بسبب كل تعليمهم ذا السمعة الحسنة ( المعتبر )  , فإن المثقفين لا يعرفون أي شيء عن هذا الحل . و إذا ما تبناه العمال كراية لهم , فإن السبب هو أن الطبقة العاملة تملك جماعيا رؤية أكثر دقة بكثير عن المستقبل و اتساع روحي أكبر من كل الطبقات المثقفة مجتمعة .

التحامل الثالث : الأرستقراطية الفكرية

هذا موقف يقول بأن الشعب غير مؤهل ليعيش حياة الحرية و بالنتيجة فإنه بحاجة للوصاية . يريد المثقفون أن يستمتعوا بنفس الميزة الأرستقراطية على الشعب كما فعل النبلاء حتى اليوم . إنهم يتوقون ليكونوا قادة و موجهي الشعب .
ليس كل ما يلمع ذهبا . و لا موقف المثقفين من كل الذين كان قدرهم أن يحرموا من التعليم أن يتم تحقيرهم ( ازدرائهم ) . يعجز الكثير من المثقفين عن الترفع فوق القطيع العام أو العادي , حتى على الأجنحة التي تمنحهم إياها شهادات تخرجهم . و بالعكس فإن الكثير من جمهور الطبقة العاملة متساوون مع المثقفين فيما يتعلق بالموهبة .
إن التدريب الجامعي لمهنة ما لا يقتضي التفوق , لأن تدريبا كهذا لا يجري الفوز به من خلال المنافسة الحرة بل بالأصح تحت حماية و ضمان الامتيازات الاقتصادية .
ما نسميه بالفطرة السليمة , الفهم السريع للأشياء , القابلية الفطرية , المبادرة و الأصالة هي أشياء لا يمكن أن تباع أو تشترى في الجامعات . يمكنها أن توجد في الأميين و في المثقفين بدرجة متساوية .
بسبب جهلها الشديد , فإن الذهنية الجاهلة مفضلة على العقول التي تم تسميمها بالامتيازات و نخرها الاجتهاد و الكدح الروتيني للتعلم .
قد يكونون مثقفين , لكن مثقفينا مع ذلك جاهلين في فهمهم للكرامة , فهم يشع أحيانا بشكل أكثر بريقا بكثير في الأشخاص الذين يفترض أنهم غير مثقفين .
إن عملا نظيفا لا يعني التفوق أكثر من كون المرء يعمل في مهنة و من التبسيط و الصبيانية الإدعاء بأن الأشخاص في هذا النوع من العمل يجب أن يأمروا و يوجهوا الآخرين الذين لا يعملون فيه .

التحامل الرابع : الزعم بأننا نشعر فقط بالازدراء تجاه الفن , العلم , أو الثقافة

إن موقفنا هو أنه لا يمكننا أن نفهم لماذا لكي تتألق هذه الفعاليات الثلاثة فإنه علينا أن نبقى في فقر أو تحت عبودية الإنسان . من وجهة نظرنا فإن عليها أن تكون متناقضة مع هذه الشرور غير الضرورية . حتى , لغرض أن تتألق , فإنها تحتاج إلى أن تعارض القبح , و الجهل , و انعدام الثقافة , عندها سنعلن هنا و الآن أننا لا نريد أيا منها و أنه ليس لدينا أي تأنيب ضمير لننطق بمثل هذه الهرطقة بقولنا هذا .
إن الفن , العلم و الثقافة لا يمكن شراؤها بالمال أو أن يستولى عليها بالقوة . على العكس إذا كانت لديها أية قيمة , فإنها ترفض كل تبعية و تتحدى الخضوع . إنها تولد من التفاني الفني , من الموهبة , من الرغبة في التساؤل و الميل إلى الكمال في حد ذاته . إنها لا تستحضر من قبل أي من الأنصار الكرماء أو القياصرة . إنها تزدهر في كل مكان بطريقة عفوية و ما تحتاج إليه هو ألا تقف أية عقبة في طريقها . إنها ثمرة ما هو إنساني و من السذاجة الاعتقاد بأن أي شيء يضاف إليها بأن تقيم الحكومات مكاتب لبراءات الاختراع أو جوائز ثقافية .
عندما يطالب العامل بالخبز و يشدد على العدالة و يحاول أن يحرر نفسه , فقط ليواجه بتهمة أنه سيدمر الفن , العلم أو الثقافة , فإنه من الطبيعي أنه يجب أن يهاجم قداسة المؤسسات التقليدية و أن يثبط بضربة واحدة ذلك الإله المنبوذ الذي يستخدم لتثبيته في عبوديته و فقره . و من هذا الذي يقول أن الفن , العلم أو الثقافة سوف تنقص بأي طريقة ببداية سعادة و متعة الحرية ؟  

التحامل الخامس : أننا غير مؤهلين لبناء حياة جديدة

يحتاج النظام الاقتصادي الجديد إلى مساعدة تقنية , مثل تلك التي توجد بين المختص و العامل غير الماهر . بالضبط كما تتعاون حتى اليوم القوى الثورية في الإنتاج , و بالتالي سيكون على كل واحد غدا أن يفعل كذلك . حيث لا يجب أن يحكم على الحياة الجديدة من القدرات التي توجد الآن في المجتمع ككل . ليس حب البرجوازية هو الذي يحث الفني على العمل , بل الضرورة الاقتصادية . في الغد أيضا الشيء الذي سيحفز كل إنسان على التعاون في الإنتاج سيكون أيضا الضرورة الاقتصادية , لكنها ضرورة اقتصادية سيشعر بها كل المواطنين سليمي البنية . إننا لا نثق فقط في أولئك الذين يعملون بدافع التفاني أو الفضيلة .
لذلك فإننا لا نحتاج إلى إبهار العالم بمواهبنا , و لا بهباتنا الخارقة , التي قد تكون أي شيء ضئيل و مزيف مثل مواهب السياسيين . إننا لا نقترح أن نفتدي أي كان . إننا ندافع عن نظام لن يكون من الضروري فيه للناس أن يكونوا عبيدا لدفعهم إلى الإنتاج و لن تكون فيه أية دعوة لإفقار الناس لإخضاعهم لجشع رأس المال حيث لن تكون النزوة أو المنفعة الخاصة أو الشخصية هي التي تحكم أو توجه , لكن حيث نشارك جميعنا بانسجام الكل , كل منا بعمله , بما يتناسب مع قوته و موهبته .  

التحامل السادس : الاعتقاد بالحاجة إلى مخطط اجتماعي

هذا الاعتقاد بأن المجتمع يحتاج إلى السلطة ليحافظ على النظام , أو أن الجمهور سوف ينحل إلى الفوضى ما لم توجد قوة شرطة تمنع حدوث ذلك , إنه حكم مسبق , تعهده السياسيون . ما الذي يحافظ على تماسك المجتمعات الإنسانية ليس إكراه السلطات , و لا الحكمة الذكية لمن هم في الحكومة , الذين يتخيلون أنفسهم دوما بشكل مزيف على أنهم يمتلكون هذه الميزة . ما الذي يحافظ على تماسك المجتمعات هو غريزة الاجتماع ( رغبة الاختلاط بالآخرين ) و الحاجة إلى المساعدة المتبادلة . إلى جانب ذلك تميل المجتمعات إلى أن تتخذ أشكالا أكثر كمالا أبدا ليس لأن قادتها يختارون ذلك , بل لأن هناك ميلا عفويا نحو التطور بين أولئك الذين يشكلونها , بإلهام فطري من هذا النوع في أية مجموعة من الكائنات البشرية .
بحسب ذات الفكرة الخاطئة فإننا ننسب نمو و تطور الطفل لرعاية والديه كما لو أن النمو و النضوج هما نتيجة سبب ما خارجي . لكن النمو و التطور يوجدان دائما في أي طفل من دون أن يحتاج أي كان إلى أن يستحثهما . الشيء الضروري هو ألا يقوم أي كان بعرقلتهم أو إعاقتهم .
يعلم الطفل و يربى بنفس الطريقة : بالاستعداد الطبيعي . قد ينسب الفضل إلى المعلم بسبب موهبة الطفل لكونه قادرا على الفهم و لأنه قد تم تشكيله , لكن حقيقة الأمر أن الطفل يتعلم و يربى حتى من دون أن يوجهه أي أحد , بشرط ألا توجد أية عقبات في طريقه . و في علم التربية العقلاني ( أو أصول التدريس ) ( الذي هو "التدريس الذي يركز على الطفل" – محرر الطبعة الانكليزية ) , فإن الدور الرئيسي للمعلمين هو أن يعمدوا أنفسهم في المهمة المتواضعة بيولوجيا لفتح الطريق و إزالة العقبات التي تقف في طريق استعداد الطفل ليفهم العلم و ليشكل نفسه . يقدم الأشخاص الذين يعلمون أنفسهم بأنفسهم دليلا كبيرا عن أن المعلم ليس شريكا ضروريا في عملية التعلم .
يمكننا أن نقول نفس الشيء عن الطب . يمكن للطبيب أن يدعي الفضل في شفاء مريض ما و قد يصدقه الناس إلى حد كبير . لكن المسؤول فعلا عن شفاء المريض هو الميل العفوي في الجسد لاستعادة توازنه , و آليات دفاع الجسم نفسه . يقوم الطبيب بعمله على أفضل وجه عندما , مرة أخرى مع التواضع البيولوجي , يقوم فقط بإزالة العوائق و العقبات التي تقف في طريق الدفاعات التي تعمل على استعادة الصحة . و في حالات ليست قليلة يتعافى المريض رغم الطبيب .
لكي تتنظم المجتمعات الإنسانية , و لتحقق كمال هذا التنظيم , لا توجد هناك أية حاجة لأي كان لكي يحركها . يكفي ألا يعيقها أحد ما أو ألا يوقفها . مرة أخرى من السذاجة أن نرغب بتحسين الإنسان و أن نسعى إلى استبدال الاتجاهات الطبيعية الإنسانية باختلاق السلطة أو التلويح بعصا المرشدين . مع التواضع البيولوجي فإننا نحن الأناركيون نطالب بأن يطلق العنان لتلك الاتجاهات و الغرائز التنظيمية . 

التحامل السابع : وضع المعرفة قبل التجربة

إن هذا يشبه أن نريد أن تسبق البراعة التدريب : أن تسبق المهارة التمرين : و أن تسبق الخبرة العملية المحاولات أو الأشياء قبل العمل الجاد .
إننا نطالب منذ البداية بأن نأتي بنظام سليم من دون نواقص , و أن نضمن أن الأشياء ستعمل بهذه الطريقة , و من دون أي حوادث طارئة أو أخطاء . إن كان تعلم أن نحيا يجب أن يتم بهذه الطريقة , فإن تدربنا ( تتلمذنا ) لن ينتهي أبدا . و لن يتوقف الطفل عن أن يتعلم المشي أبدا , و لا الشاب كيف يركب دراجة . على العكس , ففي الحياة الفعلية تحدث الأشياء بالطريقة الأخرى تقريبا . تبدأ مرة باتخاذ قرار العمل و من خلال هذا العمل يتعلم المرء . يبدأ الطبيب بالممارسة فيما هو ليس بعد عالم في فنه , الشيء الذي يكتسبه عبر المجابهة , الخطأ , و الكثير من الإخفاقات . من دون تدريب مسبق في الاقتصاد المنزلي , فإن مدبرة المنزل يمكنها أن تبقي رؤوس أفراد أسرتها فوق الماء من خلال التدبير الجيد لأجر غير كاف . يصبح المرء متخصصا بالانبعاث من الجمود شيئا فشيئا .
إن الحياة في الشيوعية التحررية ستشبه تعلم الحياة . نقاطها الضعيفة و إخفاقاتها ستنكشف عندما سيجري وضعها موضع التطبيق . لو كنا سياسيين لرسمنا نعيما أو جنة طافحة بالأشياء المتقنة الخالية من النواقص . لكن لكوننا بشرا و لكوننا مدركين لما يمكن للطبيعة الإنسانية أن تكون , فإننا نثق بأن الناس ( الجماهير , الشعب ) ستتعلم أن تسير في الطريق الوحيد الممكن بالنسبة لهم للتعلم : عن طريق السير قدما .


التحامل الثامن : السياسيون كوسطاء

إن أسوأ هذه الأحكام المسبقة هو الاعتقاد بأن مثالا أعلى يمكن أن يدخل حيز الوجود من خلال وساطة أقلية , حتى لو أن هذه الأقلية قد لا ترغب بأن تعرف على أنهم سياسيون . يكتفي السياسيون بوضع شعار على الوجه الخارجي لنظام ما و أن يكتبوا إرشادات جديدة في الوثائق الدستورية . هكذا كان من الممكن أن يصور النظام الروسي على أنه شيوعية , و أصبح من الممكن تصوير إسبانيا على أنها جمهورية للعمال حيث يبلغ عدد العمال من كل الطبقات 11 مليونا ( من بين مجموع سكان يبلغ 24 مليونا – محرر الطبعة الانكليزية ) . إذا كان الأمر بيد السياسيين ليجلبوا الشيوعية التحررية إلى حيز الوجود سيكون علينا أن نتدبر أمورنا مع نظام غير مؤهل بأية طريقة لا كشيوعي و لا كتحرري .
كما ضد تلاعب أو احتيال العمل السياسي , فإننا ندافع عن العمل المباشر الذي ليس إلا التحقق المباشر للفكرة في العقل , و جعلها ملموسة , حقيقة واقعية و ليست قصة مكتوبة بشكل مجرد على نحو ما أو وعد بعيد المنال . إنه التطبيق من قبل الجميع أنفسهم لاتفاق وضعوه هم جميعهم , دون أن تضع نفسها بيد المخلصين أو المنقذين و من دون أن تضع ثقتها في أية وساطة .
كلما كان علينا أن نلجأ أكثر إلى العمل المباشر و أن نتخلص من الوسطاء , كلما أصبح تحقق الشيوعية التحررية أكبر .
 

التنظيم الاقتصادي للمجتمع

تقوم الشيوعية التحررية على تنظيم اقتصادي للمجتمع , بحيث تكون المصلحة الاقتصادية الرابطة العامة المنشودة بين الأفراد على أنها الرابطة الوحيدة التي اتفق عليها الجميع . ليس للتنظيم الاجتماعي للشيوعية التحررية أي هدف آخر سوى أن يجعل كل شيء يستخدم لصنع ثروة المجتمع ملكية عامة , أي , وسائل و أدوات الإنتاج و المنتجات نفسها و أيضا أن تجعل التزاما عاما بأن يشارك كل فرد في هذا الإنتاج بحسب طاقاتهم و مواهبهم و عندها أن تتولى توزيع هذه المنتجات بين الجميع بحسب حاجات كل فرد .
كل شيء لا يحدد كوظيفة أو فعالية اقتصادية يقع خارج صلاحية هذا التنظيم و خارج سيطرته . و بالنتيجة منفتحة للمبادرة و النشاط الفرديين .
إن التناقض بين التنظيم القائم على السياسة , التي هي خاصية مشتركة بين كل الأنظمة التي تقوم على الدولة , و التنظيم الذي يقوم على الاقتصاد , في نظام ينأى بنفسه عن الدولة , لا يمكنه أن يكون أكثر راديكالية أو أكثر كمالا . لكي نوضح هذا التناقض بشكل كامل فإننا قد وضعنا هذا المخطط المقارن التالي .

-----------------------------------------------------------------

التنظيم السياسي

1 – تعامل الشعب على أنه غير ناضج و غير قادر على تنظيم أو حكم نفسه دون إشراف أو وصاية .
2 – تنحصر كل السلطات في الدولة : في الاقتصاد , في التعليم , في إدارة القضاء , في تفسير القانون , في تشكيل الثروة و تنظيم كل الوظائف .
3 – الدولة هي صاحبة السيادة , كل القوى ( الجيش , الشرطة , المحاكم , السجون ) تتركز في قبضتها . إن الناس فاقدي الحماية و غير مسلحين – الأمر الذي لا يحول دون تسميتهم "سادة" في الديمقراطيات .
4 – يجتمع الناس بحسب اعتقاداتهم السياسية , الدينية أو الاجتماعية , التي يمكن القول أنها الدرجة الأدنى بمقدار ما هي القضايا التي يختلف الناس و يتنوعون وفقا لها غالبا .
5 – تدعي الدولة , التي هي أقلية صغيرة , أنها تملك أفضل بصيرة و قدرة و حكمة من المجموعات الاجتماعية المختلفة . "رأس واحد يعرف أفضل من البقية مجتمعين" .
6 – بتحديدها نموذجا ثابتا لكل زمان ( بنيته أو قانونه ) فإن الدولة تشوه المستقبل و تفسد الحياة , التي هي متعددة الوجوه و دائمة التغير .

-----------------------------------------------------------------

التنظيم الاتحادي ( النقابي )

1 – اعتبار كل جمعية مهنية كإطار ملائم لتنظيم شؤونها الخاصة . اعتبار الوصاية على أنها غير ضرورية و الدولة على أنها زائدة .
2 – تنتقل المبادرة إلى المنظمة المهنية . الإشراف على التعليم إلى المعلمين . الإشراف على الخدمات الصحية للعاملين في هذه الخدمات . الإشراف على الاتصالات لاجتماع التقنيين و العمال في جمعية , فيما يعود الإشراف على الإنتاج إلى فيدرالية النقابات .
3 – تعاد السلطة إلى حيث جاءت في أن كل مجموعة ستمنحها لأعضائها , و لن تعود مركزة بعد اليوم , سيكون لكل فرد نصيبه و ستملك الجمعية ما يخولها إياها كل فرد .
4 – سيجتمع الناس وفقا لوظيفتهم العامة و حاجاتهم العامة في الاتحاد , و حتى الآن فيما يتعلق بالبلديات الحرة , وفقا للمحليات و المصالح المشتركة . بهذه الطريقة , يجري تعزيز الأشياء المشتركة إلى أقصى حد .
5 – كل في مهنتها الخاصة , تملك الجمعية أفضل بصيرة , و قدرة و حكمة . الأفراد مجتمعين يعرفون أفضل من شخص واحد , مهما كان متعلما .
6 – تحت تنظيم الاتحاد فإن التوجيهات التي سيجري التقيد بها سيعاد فحصها باستمرار على ضوء الظروف المستجدة .

 


التنظيم السياسي

7 – الدولة تلغي كل شيء لصالحها . ليس للجماهير أن تفعل أي شيء , عدا أن يدفعوا كل ما عليهم , أن يكونوا مطيعين , أن ينتجوا و يسجدوا للإرادة العليا للفرد المسيطر . تقول الدولة : "أعطوني السلطة و سأجعلكم سعداء " .
8 – ينقسم المجتمع إلى طبقتين متعاديتين : أولئك الذين يعطون الأوامر , و أولئك الذين يطيعونها .
9 – ما يمنح هو فقط حقوق خيالية على الورق : الحرية , السيادة , الاستقلال الخ . لكي تتم تغذية النار المقدسة للوهم السياسي .
10 – يقود تقدم و تطور المجتمع الدولة عبر الأشكال الاستبدادية و التسلطية إلى انهيارها . الفاشية هي حل متأخر , كما هي الاشتراكية . تتنكر الدولة و تخفي امتيازاتها فقط لتخسرها في نهاية المطاف شيئا فشيئا مع تطور الوعي الفردي و الطبقي .
11 – عندما تقوم المنظمة على أساس سياسي , يجري تأكيد التراتبية الهرمية باتجاه القمة . فوق الشعب يجد الإنسان – مجلس المدينة : فوقه مجلس المقاطعة : أعلى من ذلك حتى : الحاكم و حتى إلى الأعلى أكثر , الحكومة .


التنظيم النقابي ( الاتحادي )

7 – في غياب الوسطاء و المخلصين سيكون على كل فرد أن يعتني بشؤونه الخاصة و أن يعتاد على أن يتدبر أموره من دون وسطاء , محررين أنفسهم بذلك من عادة اكتسبوها عبر قرن بعد قرن من التثقيف السياسي .
8 – يرفض كل مواطن أن يكون منتجا فقط و لا شيء أكثر من ذلك . المناصب الإدارية ستكون مؤقتة , من دون أي إعفاء من العمل المنتج . هذه المناصب ستكون معتمدة باستمرار على القرارات التي تتوصل إليها الجمعيات .
9 – الحرية الأساسية , التي هي الحرية الاقتصادية , توضع موضع التنفيذ . الديمقراطية , التي هي حكم الشعب من قبل الشعب نفسه , ستكون واقعا . الفيدرالية ستكون حقيقة , مع منح الاعتراف لأقصى استقلالية ذاتية و استقلالية البلديات و كل كيان منتج .
10 – يؤدي تطور المجموعات المهنية إلى كمالها و نموها بشكل أكبر . إنها تتحول من الدفاع عن المصالح الأنانية الاقتصادية للفرد إلى التدريب الذي سيجهزه للقبول بالمسؤولية عن دوره في المجتمع .
11 – عندما تقوم المنظمة على أساس اقتصادي , فإن التراتبية تعمل من الأسفل إلى الأعلى . يمكن لقرارات لجنة ما أن تلغيها الجمعية العامة , قرارات جمعية ما من قبل الجمعية التشريعية و جمعية تشريعية ما من قبل الشعب .

 


الثروة و العمل

هناك شيئان يجب أن يوزعا بين أفراد شعب ما : الثروة , أو المنتج لتلبية استهلاك كل السكان , و العمل المطلوب لإنتاجها . إن هذا سيكون حلا عادلا مناسبا . و حلا عقلانيا أيضا . لكن في المجتمع الرأسمالي تذهب الثروة إلى جزء واحد , جزء لا يعمل , فيم يلقى بالعمل على كاهل قطاع آخر و الذي لا تتم تلبية حاجاته , فيما يتعلق بالاستهلاك . أي أنه لدينا وضع هو تماما نقيض ما يجده الإنسان في الطبيعة , التي تعطي قوتا أكثر و دما أكثر للفرد أو للعضو ( من الجسم ) الذي يقوم بالعمل .
يقدر أن الثروة ستصل إلى دخلا سنويا مقداره 25,000 مليون بيزيتا سنويا { 1935 } . إذا ما وزعت بشكل ملائم فإنها ستعني أن كل سكان إسبانيا , حوالي 24 مليون مواطن , سيكونون في رغد من العيش , مع أكثر بقليل من 1000 بيزيتا سنويا . هكذا فإن عائلة مؤلفة من خمسة أشخاص سيكون دخلهم السنوي 5000 بيزيتا – و هو وضع سيسمح لكل فرد بأن يعيش في رغد نسبي , نتحدث هنا من وجهة النظر الاقتصادية .
لكن حيث أن رأس المال , في ظل النظام الرأسمالي , يتوقع أن يحقق زيادة ( فائدة ) بمعدل 6 بالمائة سنويا , و أن على السلطة أن تماثله في الدخل , بحيث أن بعض الأشخاص سيملكون دخلا من عدة ملايين من البيزيتات سنويا , فيجب أن تكون هناك عوائل بأكملها يقل دخلها عن نصف حاصل ما هو لكل فرد كحصة كل منهم .
إن قضية البيزيتات و كيفية توزيعها لن تطرح مرة أخرى في ظل الشيوعية التحررية . سيجري التعامل فقط بالبضائع و هذه لن يكون بالإمكان تغييرها إلى بيزيتات , و لا يمكن مراكمتها , و سيجري توزيعها بين الجميع بما يتناسب مع حاجاتهم .
الشيء الآخر الذي نحتاج إلى مشاركته هو العمل . و هنا أيضا يمكن للمرء أن يرى ذات انعدام العدالة الظالم و الباعث على الثورة . لكي يتمكن البعض من أن يقضوا حياتهم و هم يتسكعون بكسل , يجب على الآخرين أن يتصببوا عرقا لثمانية ساعات يوميا , إن لم يكن لعشرة أو أربعة عشرة ساعة .
الآن حيث أن قرابة سبع ملايين عامل منهمكين في إنتاج الثروة و أن هذا يعني أن عليهم أن يعملوا 8 ساعات وسطيا في اليوم , فإذا كان على ال 14 مليون مواطن سليمي الجسم أن يعملوا فإن هذا سيعني يوم عمل من أربعة ساعات فقط لكل شخص .
هذا هو الدرس الواضح و البسيط عيانيا الذي يمكن استنتاجه من توزيع جيد و عادل . هذه هي اليوتوبيا التي يريد الأناركيون أن ينجزوها .


الإمكانية الاقتصادية لوطننا

كما قد يتوقع المرء فإن تطبيق الشيوعية التحررية في وطننا , من بين كل شعوب أوروبا , سوف يجلب معه عداوة الأمم الرأسمالية . مستخدمة الدفاع عن مصالح رعاياها كذريعة , ستحاول البرجوازية الإمبريالية أن تتدخل بقوة السلاح لتسحق نظامنا في مهده . إن التدخل المسلح من طرف واحدة أو عدد من السلطات المعزولة سيعني إطلاق العنان لحرب عالمية . و ذلك لغرض تجنب تهديد الثورة الاجتماعية في بلدانهم , ستفضل الأمم الرأسمالية المؤامرة السرية بتمويل جيش عميل أو مرتزق كما فعلت في روسيا , و الذي سوف يعتمد على أي واحد من حصون الرجعية التي قد تبقى .
إن ذكريات نضالات مشابهة و أوضاع مشابهة في تاريخ شعوبنا تمنحنا الثقة في المعركة في سبيل استقلالنا , و الظروف الطبوغرافية التي تمنحنا إياها أرضنا . إذا قام الشعب بإنتاج معظم خيرات الريف , و بالتالي وصل إلى مستوى أكثر رغدا من الحياة , فإنه سيكون المدافع الأكثر استعداد لبذل الدم دفاعا عن الشيوعية التحررية .
تهديد آخر هو خطر محاصرة سواحلنا من قبل السفن الحربية للأمم الرأسمالية و نتيجة لذلك سيفرض علينا أن نعتمد فقط على مواردنا الخاصة فقط . و أخذا بالاعتبار طول سواحلنا فإن حصارا كهذا سيمكن التملص منه بسهولة . لكن هذا الاحتمال يبقى قائما , لذا علينا أن نطرح هذا السؤال مقدما .
هل ننتج نحن بأنفسنا ما يكفي لكي نكون في وضع نتدبر فيه أمورنا بشكل كامل من دون واردات .
دعونا نرى . إن الأرقام الحالية لن تكون مطابقة تماما للوضع المستقبلي , لأنها لا تعتمد كثيرا على حاجاتنا المستوردة مثلا ما هو مربح ليتم استيراده , و هي ليست دائما نفس الشيء . هكذا الفحم , مثلا , يمكن التنقيب عليه من طبقات غنية به في تربتنا , مع ذلك فإننا نستورده من انكلترا لأنه مقارنة بفحمنا , فإن الفحم الانكليزي ذا أسعار تنافسية . و في هذه السنة يتم استيراد القمح الأرجنتيني رغم أنه لا توجد حاجة فعلية لذلك , حيث أن هناك الكثير من القمح في الأندلس .
تظهر الإحصائيات أننا مكتفين ذاتيا فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي : فنحن نصدر كميات كبيرة من زيت الزيتون , البرتقال , الأرز , الخضراوات , البطاطا , اللوز , الخمور و الفواكه . و نحن مكتفون ذاتيا في الحبوب , بغض النظر عن حقيقة أننا نستورد الذرة الصفراء . و نحن نملك من المعادن أكثر مما يكفي حاجاتنا .
لكننا معتمدين على الاستيراد فيما يتعلق بالنفط و مشتقاته ( البنزين , الزيوت الثقيلة , زيوت الانزلاق , الخ ) , و المطاط , القطن و لب الخشب . استنادا على أنها ضرورية للنقل , فإن نقص البترول قد يثبت أنه عقبة فعلية لتنمية اقتصادنا . بالنتيجة , ففي حالة فرض حصار , سيكون من الحيوي أن نحشد كل طاقاتنا لحفر أبار جديدة بحثا عن البترول , الذي ما نزال نحتاج إلى تحديد أماكنه , رغم أنه يعتقد بوجوده بالفعل . يمكن الحصول على البترول بتقطير الفحم اللين و الليجنيت ( نوع من الفحم الحجري – المترجم ) , اللذين يوجدان بوفرة في بلدنا . إن هذه الصناعة موجودة بالفعل و يجب أن تعزز لكي تتمكن من تلبية حاجاتنا . يمكننا أن نزيد من إمداداتنا من البنزين بمزجها مع 30 % إلى 50 % من الكحول , و هو مزيج يعطي نتائج ممتازة في كل المحركات . إن إمداد الكحول لن ينضب , لأنه يمكن الحصول عليه من الأرز , القمح , البطاطا , الدبس , العنب , و الخشب , الخ .
فيما يتعلق بالمطاط , سيتعين إنتاجه بطريقة صناعية تركيبية , كما يجري في ألمانيا اليوم .
تجري زراعة القطن فعليا في بلادنا , خاصة في الأندلس , بنجاح كبير , و يمكن الحكم عليها : من الزيادة المستمرة في إنتاجها سيكون هذا الإنتاج في القريب العاجل كاف لتلبية حاجاتنا كشعب . و تمكن زراعته بدلا من الكرمة و الزيتون , المحصولين اللذين يفيض إنتاجهما عن حاجتنا .
يمكن توسيع صناعة الأخشاب لتلبية حاجاتنا من هذا المنتج , مع زيادة مماثلة في برنامجنا لإعادة التشجير .
تعد أشجار الأكالبتوس و الصنوبر أفضل المصادر للب الخشب .
لكن بغض النظر عن الإنتاج في حالته الراهنة يوجد هناك أساس للتفاؤل عندما يتذكر المرء الإمكانيات التي تملكها إسبانيا للإنتاج . إنها ما يمكن للمرء أن يعتبرها كبلد ما تزال بانتظار أن تستثمر , بلد لم تستثمر حتى اليوم حتى عشر مواردها الكلية .
لدينا إمدادات لا تحصى من الكهرباء , حيث نأتي ثانيا فقط خلف سويسرا . و بناء مستودعات و قنوات الري هو مجال بكر في الواقع . إننا حتى لا نزرع نصف أراضينا الزراعية , التي تقدر بخمسين مليون هكتار . تحتاج أراضينا الزراعية إلى التحسين : يجب تعزيز استصلاحنا للأرض و يجب أن تدخل آلات الزراعة في كل مكان . سيسمح نظام يعمل فيه كل الجميع معا بزيادة الإنتاج ما أن يتم توفير آلات الزراعة , الموجودة اليوم فقط بتصرف كبار أصحاب الأراضي الأغنياء , لكل ممتلكات البلديات .
إن مطابقة الإنتاج مع الاستهلاك هو شيء يجب أن نحاول تحقيقه . لدينا أكثر ما يكفي من الأرض . لكن بغض النظر عن الأرض لدينا من الطاقة البشرية أكثر مما نحتاج , مما يعني وجود إمكانيات كامنة للإنتاج .
بعيدا عن أن تكون مشكلة لمنظومة الشيوعية التحررية , فإن فائض الطاقة الإنسانية سوف يكون , عوضا عن ذلك , ضمانة للنجاح . إذا كان هناك فائضا من العمال فإن هذا سيعني أنه ستكون هناك حاجة لعمل أقل و أنه أمامنا سبيلين متاحين لنا . إما أن نقلص يوم العمل أو أن نزيد الإنتاج .
تعني قوة العمل الإضافية أنه سيمكننا أن نقلص يوم العمل للفرد , نلبي الزيادة في العمل ( بناء مستودعات و قنوات الري , القيام بإعادة التشجير , زيادة استصلاح الأراضي , زيادة إنتاج المعادن و استغلال الطاقة المائية و إطلاق الإنتاج في صناعة ما .
بفضل تنظيم ورديات العمل سيكون من الأسهل تشغيل مجموع العاملين بأفضل شكل لزيادة الإنتاج في مصنع ما أو لمضاعفة أرقام إنتاجه اليومي من دون زيادة عدد آلاته . ينظر إلى العمال الحاليين على أنهم ماهرين بحيث يمكن تقسيمهم إلى ورديتين , واحدة تعمل بعد الأخرى يضم كل منها عددا كبيرا من المبتدئين المتدربين .
بهذه الطريقة حتى في أكثر الصناعات ضعفا يمكن مضاعفة الإنتاج من دون الحاجة للتفكير بإقامة مصانع جديدة و من دون الحاجة لتحسين أو زيادة الآلات .
ظهر بالنتيجة أن بلدنا يمكنه أن يكون مكتف ذاتيا و بالتالي أن يصمد في وجه قسوة سنوات عدة من الحصار . ما أن تحدق بنا الحاجة الفعلية , عندها فإن الحلول التي يمكننا نحن , غير المختصين , أن نبتدعها بطريقة مرتجلة , سيجري تحسينها , كما ستقوم الشدة بتحفيز عزيمتنا و إبداعنا .
لا يمكن للمرء أن يترك كل شيء للارتجال لكن لا يمكن رفض اللجوء إليه الظروف الصعبة حالا , لأنه في هذه الأوقات بالتحديد نكون أوسع حيلة .    


التطبيق

تقوم الشيوعية التحررية على منظمات توجد بالفعل , بفضل الحياة الاقتصادية في المدن و القرى يمكن أن تستمر على ضوء الحاجات الخاصة في كل منطقة . هذه الكائنات هي الاتحاد و البلدية الحرة . يجمع الاتحاد الأفراد معا , مقسما إياهم في مجموعات وفقا لطبيعة عملهم أو الاتصال اليومي أثناء نفس العمل . أولا تقوم بجمع عمال مصنع ما , معمل أو شركة , تشكل هذه أصغر خلية تتمتع بالاستقلالية فيما يتعلق بأي شيء يهمها وحدها . تشكل إلى جانب الخلايا المشابهة قسما داخل الاتحاد الصناعي أو المهني . هناك نقابات عامة لتتعامل مع أولئك العمال الذين لا تكفي أعدادهم لتشكيل اتحاد خاص بهم . تتحد الاتحادات المحلية مع بعضها البعض , مشكلة اتحادات محلية , مؤلفة من لجنة تنتخبها الاتحادات , و من الجمعية العامة لكل اللجان , و من الجمعية العامة التي , في التحليل الأخير , تمتلك السيادة العليا .
البلدية الحرة هي جمعية كل العمال في منطقة صغيرة جدا , قرية أو ضيعة , تتمتع بالسيادة فيما يتعلق بكل قضايا المنطقة . كمؤسسة ذات أصول قديمة جدا , بغض النظر عن التعتيم عليها من قبل المؤسسات السياسية , تستعيد سيادتها القديمة و تضطلع بمهمة تنظيم الحياة المحلية .
إن الاقتصاد الوطني هو نتيجة تعاون مناطق مختلفة تشكل الشعب . عندما تنظم كل منطقة اقتصادها بشكل جيد و تديره بشكل جيد , فإن المجموع يجب أن يكون تنسيقا منسجما و أن يكون الشعب في سلام مع نفسه بكل ما تعنيه الكلمة . القضية هو أنه لا يجب فرض هذا الكمال من الأعلى , بل يجب أن يزدهر على مستوى القاعدة , بحيث يكون نموا عفويا و ليس تفتحا مفروضا . كما هي الاتفاقات بين الأفراد التي يمكن التوصل إليها من خلال التواصل بينهم , يمكن تحقيق الانسجام بين المناطق بطريقة مشابهة , من خلال الاتصالات الظرفية و المنتظمة في الجمعيات العامة و المؤتمرات و أخيرا , الاتصالات المتطورة باستمرار التي تقوم بها الفيدراليات الصناعية التي سيكون ما يلي عبارة عن إيجاز خاص بها .
دعونا نقوم بنظرة منفصلة على التنظيم في الريف , في المدن , و تنظيم الاقتصاد ككل .


في الريف

في الريف سيؤدي تطبيق الشيوعية التحررية إلى أقل المضاعفات , لأن ما يحتاج إليه فقط هو تفعيل البلدية الحرة .
البلدية الحرة , أو الكومونة , هي اجتماع كل القاطنين في قرية أو ضيعة في جمعية ذات سلطات كاملة لتدير و تنظم الشؤون المحلية , بشكل أساسي الإنتاج و التوزيع .
المجلس اليوم ليس أداة حرة , حيث يعتبر كيانا ثانويا , و يمكن إلغاء قراراته من قبل الشركة , مجلس الريف أو الحكومة , المؤسسات الطفيلية الثلاثة التي تعتاش على ظهره .
في البلدية الحرة ستكون كل المنطقة الخاضعة لسلطته خاضعة للملكية العامة و ليس فقط أن تكون جزءا من الأرض البلدية كما هي الحال اليوم , الهضاب , الأشجار و المروج , الأرض الزراعية , حيوانات العمل و الحيوانات التي تربى من أجل لحمها , المباني , الآلات و أدوات المزرعة , و الأدوات الفائضة , و المحصول الذي يجمع أو يوضع في المستودعات من قبل السكان .
بالتالي فإن الملكية الخاصة الوحيدة التي ستوجد ستكون تلك الأشياء الضرورية لكل فرد – مثل المسكن , الملبس , الأثاث , أدوات الحرفة , الحصة التي يدخرها كل مواطن و مواد الحياة الصغرى أو الدواجن التي تربى في المزرعة التي قد يرغب بالاحتفاظ بها للاستهلاك الشخصي أو كهواية .
كل شيء زائد عن الحاجة يمكن أن يجمع في أي وقت من قبل البلدية , بشرط الموافقة المسبقة للجمعية العامة , حيث أن كل شيء نحتفظ به دون أن نكون بحاجة إليه لا نملكه بالفعل , لأننا بطريقة أخرى نحرم منه الآخرين . تعطينا الطبيعة حق امتلاك ما نحتاجه , لكن لا يمكننا أن ندعي امتلاك ما يفيض عن حاجتنا دون أن نكون قد ارتكبنا فعل السرقة , من دون أن نستولي على حقوق ملكية الجماعة .
سيكون كل السكان متساويين :
1 – سوف ينتجون و يساهمون بصورة متساوية في إدامة الكومونة , من دون أي تمييز أو تفريق ما عدا ذلك الذي يقوم على الأهلية ( مثل العمر , التدريب الحرفي , الخ )
2 – سوف يقومون بدور متساوي في اتخاذ القرارات الإدارية في الجمعيات العامة , و
3 – سيتمتعون بحقوق متساوية في الاستهلاك بحسب حاجاتهم , أو , عندما يكون ذلك حتميا , وفق حصص الإعاشة .
أيما شخص يرفض العمل لصالح الكومونة ( عدا الأطفال , المرضى و المسنين ) سيحرم من حقوقه الأخرى : أن يشارك في بحث أمورها و أن يستهلك .
سوف تتوحد البلدية الحرة مع مثيلاتها في بقية المناطق و مع الفيدراليات الوطنية الصناعية . ستعرض كل منطقة فائض نتاجها للتبادل , في مقابل تلك الأشياء التي تحتاجها . و ستقوم بمساهمتها الخاصة نحو أعمال المصالح العامة , مثل السكك الحديدية , الطرق العامة , مستودعات المياه , مساقط المياه , إعادة التشجير , و غير ذلك .
في مقابل هذا التعاون في المصالح العامة في الإقليم أو الأمة , سيكون أعضاء البلدية الحرة قادرين على أن يجنوا فوائد الخدمات العامة مثل البريد , البرق , التلفونات , السكك الحديدية و النقل , شبكة الإمداد بالكهرباء مع فروعها , المآوي , المستشفيات , المصحات و منتجعات المياه المعدنية , التعليم العالي و الجامعي , السلع و المنتجات التي لا تنتج في منطقتهم .
ستستعمل الطاقة البشرية الفائضة في العمل الجديد و الإنتاج الجديد ذلك الذي يناسب المنطقة , و بتوزيع العمل بين الجميع , و إنقاص عدد ساعات العمل و مدة يوم عمل كل عامل .
لا يجب على القرويين أن يقلقوا من البلدية الحرة , لأن أسلافهم قد عاشوا في نمط مشابه حقيقة . يمكن للمرء أن يجد في كل قرية العمل المشترك , و الملكية المشتركة إلى درجة أكبر أو أصغر و فعاليات مشتركة ( مثل جمع الوقود أو رعي الماشية ) . هناك أيضا في التقاليد الريفية إجراءات تقليدية و طرق و وسائل يمكن من خلالها إيجاد حل لكل مشكلة محتملة , و في هذه الإجراءات لا يؤخذ القرار أبدا من قبل فرد واحد , حتى لو أنه قد انتخب من قبل الآخرين لهذه المهمة , بل من خلال اتفاق الجميع .


في المدينة

في المدينة , فإن دور المجلس البلدي الحر تقوم به الفيدرالية المحلية . في المراكز الكبرى للسكان يمكن لمثل هذه المنظمات أن توجد في كل مقاطعة . السيادة المطلقة في الفيدرالية المحلية للاتحادات الصناعية توجد في أيدي الجمعية العامة لكل المنتجين المحليين .
إن مهمتها هي تنظيم الحياة الاقتصادية لمنطقتها , خاصة الإنتاج و التوزيع , على ضوء حاجات منطقتها , و أيضا , حاجات المناطق الأخرى .
في وقت الثورة , ستحوز الاتحادات على الملكية الجماعية للمصانع , المعامل , و حجرات العمل , أماكن السكن , الأبنية و الأرض , للخدمات و الأدوات العامة و المواد الخام و المواد الخام المحفوظة في المستودعات .
ستنظم اتحادات المنتجين التوزيع , باستخدام التعاونيات و مباني المصانع و الأسواق .
إن دفتر الحساب المصرفي لمنتج ما , الذي يقدمه الاتحاد صاحب العلاقة سيكون ضروريا إذا رغب أي شخص بأن يتمتع بكل حقوقه , بالإضافة إلى المعلومات المفصلة التي تتعلق بالاستهلاك مثل حجم العائلة , مثلا , عدد ساعات و أيام العمل سوف تذكر أيضا في هذه الدفاتر الحسابية . سيكون الأشخاص الوحيدون المستثنون من هذا الشرط هم الأطفال , المسنين و المقعدين .
يعطي الدفتر الحسابي للمنتج الحق لكل هذه الأشياء :
1 – أن يستهلكوا كل المنتجات التي يجري توزيعها في تلك المنطقة , بشكل يتماشى إما مع حصة الإعاشة أو مع حاجاتهم .
2 – أن يملك , لاستخدامه الخاص , منزلا مناسبا , و الأثاث الضروري , مزرعة دواجن في ضواحي المدينة , أو حصة , أو حديقة حسبما تقرره التعاونية .
3 – أن يستخدم الخدمات العامة .
4 – أن يشارك في التصويت على القرارات التي تتخذ في مصنعه , معمل شركته , قسمه الخاص , الاتحاد أو الفيدرالية المحلية .
سوف ترعى الفيدرالية المحلية حاجات منطقتها و ستحرص على أن تطور تلك الصناعة الخاصة بها التي تناسبها أكثر ما يمكن , أو التي يحتاجها الاتحاد بشكل أكثر اضطرارا .
في الجمعية العامة , سيجري توزيع العمل بين الاتحادات الكثيرة , التي سوف توزعه بين أقسامها , كما ستقوم هذه الأقسام بتوزيعها بين ورشها بهدف دائم هو الحيلولة دون ظهور البطالة , و زيادة الإنتاج اليومي لوردية العمال في الصناعة , أو لتقليص المقدار اللازم من طول يوم العمل .
كل المطالب التي هي ليست اقتصادية تماما تترك للمبادرات الخاصة للأفراد أو للمجموعات .
يجب على كل اتحاد أن ينخرط في النشاطات التي تجلب المنفعة للجميع , خاصة تلك النشاطات التي تهتم بحماية صحة المنتجين و جعل العمل أكثر جمالا .


النظام الاقتصادي العام

ترغم الضغوط الاقتصادية الأفراد على التعاون في إطار الحياة الاقتصادية لمنطقتهم . نفس هذه الضغوط الاقتصادية يجب أن تشعر بها الجمعيات , مجبرة إياها على التعاون في إطار الحياة الاقتصادية للشعب . لكن لتحقيق هذا لا توجد هناك حاجة لا لمجلس مركزي أو لجنة عليا , تلك التي تحمل بذور التسلطية و التي هي بؤر للديكتاتورية , إضافة إلى أنها مأوى للبيروقراطية . لقد قلنا أننا لا نحتاج إلى مخطط أو إلى أية سلطة آمرة أبعد من الاتفاق المشترك بين المحليات . حالما تنظم كل محلية ( مدينة , قرية , أو الضيعة ) حياتها الداخلية , سيكون عندها تنظيم الشعب كاملا . و هناك شيء آخر يمكننا إضافته فيما يتعلق بالمحليات . ما أن يتأكد كل أعضائها الأفراد أنه سوف تتم تلبية حاجاتهم , عندها سوف تصبح الحياة الاقتصادية للبلدية أو الفيدرالية كاملة .
في علم الأحياء ( البيولوجيا ) يتحتم على العضوية لكي تحقق فيزيولوجيتها الملائمة و حالتها السوية , يجب على كل واحدة من خلاياها أن تقوم بوظيفتها و هذا يتطلب شيئا واحدا فقط : أن يجري التأكد من وصول الدم و ارتباطها بالأعصاب . يمكننا أن نقول نفس الشيء عن شعب ما . يتم ضمان حياة الشعب و طبيعيتها عندما تلعب كل محلية دورها و عندما يتم ضمان استمرار التروية الدموية التي تأتي بكل ما تحتاجه و يأخذ بعيدا كل ما يعيقها ( أو لنضعها بطريقة أخرى , يجري ضمان النقل ) و عندما تكون المناطق في تواصل مع بعضها البعض و تتبادل حاجاتها و إمكانياتها المتبادلة .
و هنا حيث تأتي الفيدراليات الصناعية الوطنية إلى العمل , لتكون فقط أجهزة لإتقان و إحكام الخدمات التي يجري تنظيمها وفقا لمبادئ الجماعية التي تحتاج إلى أن تدار على مستوى وطني , مثل الاتصالات ( البريد , التليفونات , البرقيات ) و النقل ( السكك الحديدية , السفن , الطرق العامة و الطائرات ) .
فوق التنظيم المحلي , لا يجب أن توجد أية بنية فوقية فيما عدا هذه المنظمات المحلية التي لا يمكنها القيام بوظائفها الخاصة محليا . إن المعبر الوحيد عن الإرادة الشعبية هي المؤتمرات و حيث تتطلب الظروف فإنها سوف تمارس , بشكل مؤقت , سلطة كهذه قد تسند أو تعهد إليها من قبل القرارات المتخذة بالاستفتاء العام من قبل جمعياتها .
إلى جانب الفيدراليات الوطنية للنقل و للاتصالات يمكن أن توجد فيدراليات إقليمية أو ريفية , كالفيدراليات المائية , أو التي تهتم بالغابات , أو الكهرباء .
سوف تملك الفيدراليات الوطنية الطرق , السكك الحديدية , المباني , المعدات , الآلات , و المعامل كملكية مشتركة . و ستوفر خدماتها بحرية للمناطق أو للأفراد الذين يتعاونون مع جهودها الخاصة في الاقتصاد الوطني , عارضين منتجاتهم أو فائض نتاجهم , ساعين , بأقصى طاقتهم , إلى إنتاج يتجاوز حاجات الطلب الوطني , و مقدمين مساهمتهم الشخصية لعمل كهذا حيث تكون هناك حاجة لمثل هذه الخدمات .
إن مهمة الفيدراليات الوطنية للاتصال و النقل هو أن تجعل المناطق تتواصل مع بعضها البعض , و أن تبني خدمات النقل بين الأقاليم المنتجة و تلك المستهلكة , معطية الأولوية للأشياء القابلة للفساد التي يجب أن يتم استهلاكها بسرعة , بضائع مثل السمك , الحليب , الفواكه و اللحم .
يتوقف على التنظيم الصحيح للنقل تأكيد وصول الإمدادات إلى المناطق ذات الحاجة و عدم وجود ازدحام في المناطق التي تنتج فائضا .
لا يمكن لدماغ واحد و لا لهيئة من العقول أن ترعى هذا التنظيم . يصل الأفراد إلى اتفاق من خلال اجتماع بعضهم ببعض و تفعل المناطق نفس الشيء بالتواصل مع بعضها البعض . إن دليلا أو كتابا مرشدا , يظهر المنتجات التي ستتخصص كل منطقة بها , سوف يبسط إدارة الإمدادات , محددا ما الذي يمكن طلبه من منطقة ما و ما يجب تقديمه لها .
دع الضرورة تدفع الأفراد لكي يوحدوا جهودهم في المشاركة في الحياة الاقتصادية لمنطقتهم . و دع الضرورة بالمثل تدفع التعاونيات لتنظم نشاطها من خلال التبادل على نطاق وطني , و دع الدورة الدموية ( النقل ) و الجهاز العصبي ( الاتصال ) تلعب دورها في بناء الروابط المتبادلة بين المناطق .
لا إدارة الاقتصاد و لا حرية الفرد تتطلب أية تعقيدات إضافية .


النتيجة

إن الشيوعية التحررية هي طريق مفتوح يمكن للمجتمع من خلاله أن يتنظم بحرية و وفقا لانسجامه الخاص , و يمكن من خلاله لتطور المجتمع أن يواصل سيره الخاص من دون تحولات مصطنعة .
إنها الأكثر عقلانية بين كل الحلول للقضية الاقتصادية في أنها تتطابق مع مشاركة عادلة للإنتاج و العمل المطلوبة للتوصل إلى حل . يجب ألا يكون بمقدور أي كان أن يقلص هذه الضرورة ليشارك في جهد متناسب في الإنتاج , لأن الطبيعة نفسها هي التي تفرض علينا قانون العمل الصارم في بيئات لا تنمو فيها قوتنا تلقائيا .
إن الإجبار الاقتصادي هو رابطة المجتمع . لكنه , و يجب أن يكون فقط , الإكراه الوحيد الذي يجب أن يمارسه المجموع على الفرد . يجب أن تبقى كل بقية الفعاليات – الثقافية , الفنية , و العلمية –  بعيدة عن سيطرة أو تحكم المجموع و أن تبقى في أيدي تلك المجموعات الحريصة على أن تسعى إليها و تشجعها .
تماما كما أن يوم العمل الإجباري ( مثلا يوم العمل الضروري فعليا وفق التكنولوجيا المتوفرة , محرر الطبعة الانكليزية ) سوف لن , يستنزف قدرة الفرد على العمل –  فسيكون هناك , بجانب الإنتاج المخطط , هناك إنتاج آخر حر عفوي – إنتاج تحفزه الاندفاع و الحماسة , إنتاج سيكون هو نفسه إشباعه الخاص , مكافأته الخاصة . في هذا الإنتاج ستوضع و تستنبت بذور مجتمع آخر , المجتمع الجديد الذي سيعلي الأناركية و يبشر بها , و طالما كانت تستجيب لحاجات المجتمع , فإن المراقبة الاقتصادية للفرد من قبل المنظمات ستكون زائدة .
سوف يطرح ألف اعتراض , معظمها يخلو من أي معنى لتعتبر دحضا مستحقا . هناك اعتراض يردد غالبا هو الكسل . الكسل الآن هو النتاج الطبيعي لبيئة تخدم أشخاصا محددين خاصة , لأنه هنا الطبيعة تبرر الكسل , جاعلة الفرد خاملا .
إننا نقر بالحق في الكسل بشرط أن أولئك الذين يريدون ممارسة هذا الحق يقبلون بأن يتدبروا أمورهم من دون مساعدة الآخرين . إننا نعيش في مجتمع حيث نجد أن الشخص الكسول , الكائن غير الكفء و اللا اجتماعي هم نماذج الأشخاص الذين يحققون الازدهار و يستمتعون كثيرا , هم الذين يملكون القوة و يعاملون باحترام . إذا وافق أشخاص كهؤلاء على أن يتخلوا عن كل ذلك , لن تكون هناك أية عقبة أمام الآخرين , كمعروضات في المتاحف أو صالات العرض , تماما كما توضع الحيوانات المستحاثة في المعرض اليوم .

اسحق بونتي

--------------------------------------------------------

ما هو موقفنا : مجموعة العامل المتمرد

- إن الأناركية السينديكالية ( النقابية ) هي حركة عمالية تحررية تأسست على أساس الصراع الطبقي ضد النير المضاعف لرأس المال و الدولة . إنها تهدف إلى توحيد كل العمال في منظمات اقتصادية نضالية ( اتحادات نقابية ثورية ) لتحقيق هدف واع هو إعادة تنظيم الحياة الاجتماعية على أساس الشيوعية التحررية .
- للمنظمات الأناركية السينديكالية وظيفتان . الأولى خوض الصراع الثوري في سبيل تحسين الحالة الاقتصادية و الاجتماعية في إطار المجتمع الرأسمالي القائم , و ثانيها تثقيف العمال الذاتي عن ممارسة الإدارة الذاتية للإنتاج و التوزيع من خلال جمعنة ( جعلها جماعية ) الثروة .
- إن الأناركية السينديكالية تقف موقف المعارضة الكاملة لكل احتكار اقتصادي و اجتماعي . إنها لا تسعى إلى الاستيلاء على السلطة السياسية , بل بالأحرى إلى الإلغاء الكامل لكل وظائف الدولة في حياة المجتمع . لذلك فإنها ترفض كل النشاطات البرلمانية و أي تعامل مع الهيئات التشريعية . إنها تناضل لأجل بناء منظمات كفاحية في مكان العمل و المجتمع مستقلة و معارضة لكل الأحزاب السياسية و البيروقراطيات النقابية .
- تستخدم الأناركية السينديكالية كوسيلة وحيدة في الصراع العمل المباشر بكل أشكاله – احتلال المصانع , الإضرابات , المقاطعة , التخريب و الإضراب العام الخ . و لضمان مشاركة الجميع في النضال الحالي و في الإدارة الذاتية المستقبلية للمجتمع , فإنها تعارض المركزية في كل منظماتها . إنها تؤسس منظماتها وفقا للاتحادية التحررية . و ذلك من الأسفل إلى الأعلى بدون أية تراتبية هيكلية مع إطلاق كل الحرية لمبادرة المجموعات المحلية و المناطقية . تتألف كل الهيئات التعاونية لاتحاد العمال من مفوضين يمكن استدعاءهم أو سحبهم مع منحهم تفويض بالعمل تقرره جمعيات العمال المحلية .
- ترفض الأناركية السينديكالية كل الحدود السياسية و الوطنية التي يجري تشكيلها بطريقة استبدادية . إنها تقف ضد القومية و كل الدول القومية , إنها ترفع راية الأممية الثورية , سواء بالمشاعر و في العمل الكوني المتماسك و المساعدة المتبادلة .
- تعارض الأناركية السينديكالية العنصرية و التمييز الجنسي و الروح العسكرية و كل الاتجاهات و المؤسسات التي تقف في وجه المساواة و حق كل الشعوب في كل مكان بالسيطرة على حياتها و محيطها .

 

بقلم اسحق بونتي

نقلا عن   //flag.blackend.net/daver/anarchism/index.htm 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...