الحدث السوري في المطبخ الأمريكي
الجمل: نشر مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي مؤخراً على موقعه الالكتروني تحليلاً سياسياً جديداً تطرق إلى فعاليات الحدث السوري، هذا، وقد حمل التحليل الذي نشره المجلس على موقعه الالكتروني عنوان (تحديات سوريا الجامدة المتصلبة)، والذي أعده خبير شؤون الشرق الأوسط بالمركز المحلل السياسي ديبورا جيرومي: ما هو محتوى التحليل الجديد، ولماذا عاد الحدث السوري مرة أخرى إلى سطح اهتمامات المركز بعد أن خبا لفترة من الوقت؟
* تحديات سوريا الجامدة المتصلبة: المحتوى والدلالة؟
سعى المحلل السياسي وخبير الشؤون الشرق أوسطية ديبورا جيرومي هذه المرة إلى توظيف فعاليات قيام المعارضة الخارجية السورية بتشكيل مجلسها الانتقالي، وفي هذا الخصوص أشار ديبورا جيرومي إلى النقاط الآتية:
• تعتبر عملية تشكيل المجلس الانتقالي السوري بمثابة تحرك هام لجهة توحيد المعارضة السورية المفككة.
• استمرار المواجهات السورية الداخلية في منطقة الرستن يشير إلى بداية حدوث عملية انزلاق إلى صراع أكثر عمقاً وأكثر خطورة.
• استمرار العنف يمكن أن ينطوي على احتمالات صعود العناصر المتطرفة إلى سطح الواجهة، بما يمكن أن يؤدي إلى المزيد من العنف والصراع.
• حركة الاحتجاجات السياسية السلمية، أصبحت الآن في مواجهة احتمالات أن تتحول إلى حركة مواجهات طائفية دامية.
• تصاعد الاضطرابات في سوريا يمكن أن يضيف الكثير إلى الاضطرابات الشرق أوسطية الجارية حالياً، والمتزايدة بالأساس.
• توجد المزيد من التوقعات لجهة احتمالات أن تنتقل عدوى الاضطرابات السورية إلى لبنان، إضافة إلى احتمالات أن تتورط طهران في سوريا، مع احتمالات أن تؤدي تزايدات تدفقات اللاجئين داخل تركيا إلى توريط أنقرا أيضاً في ملف المواجهات السورية.
• أصبحت توجهات أنقرا الأخيرة أكثر اهتماماً بعدم التسامح مع دمشق.
وإضافة لهذه النقاط، فقد انتقل الخبير ديبورا جيرومي، إلى وصف الموقف الأمريكي، واصفاً ما يدور في أروقة واشنطن، على النحو الآتي:
• استمرار التوترات والمواجهات في سوريا ظلت وما تزال تشكل مصدر قلق واهتمام كبير للولايات المتحدة الأمريكية.
• ظلت الإدارة الأمريكية تسعى لجهة التأثير على سوريا، ولكن واشنطن ما زالت تعاني من محدودية الخيارات المتاحة أمام البيت الأبيض.
• سعت واشنطن إلى اعتماد مجلس الأمن الدولي كقناة رئيسية من أجل استهداف سوريا والضغط على دمشق، ولكن تحركات واشنطن عبر هذه القناة وصلت إلى نقطة الانغلاق.
هذا، وتقول التقارير والتسريبات، بأن مسودة مشروع القرار الدولي الذي سعت واشنطن وحلفاءها الأوروبيين إلى تمريره داخل مجلس الأمن الدولي، قد تمت صياغة نصه بطريقة مضللة، بحيث لا ينص صراحة على التدخل الدولي المباشر، ولكنه في نفس الوقت يقدم تفويضاً واضحاً وصريحاً لخصوم دمشق بالتدخل ضد سوريا، والنقاط التي أشارت لذلك في بنود مذكرة مشروع القرار تضمنت الآتي:
• العبارة القائلة "أن مجلس الأمن يدين بشدة وقوة عمليات الانتهاك الفظيعة الواسعة المنهجية ضد حقوق الإنسان بواسطة السلطات السورية".
• العبارة القائلة "إذا لم ينجح النظام السوري في وقف استخدام القوة ضد المدنيين وإطلاح سراح جميع السجناء السياسيي، فإنه يتوجب على المجتمع الدولي اللجوء لاستخدام الخيارات الأخرى ضد دمشق".
أدى وجود هاتين العبارتين إلى انهيار مشروع القرار وعدم تمريره بفعل الفيتو الاعتراضي الروسي ـ الصيني المشترك.
* التحليلات السياسية الأمريكية الصفراء: ماذا تحمل؟
سعت مراكز الدراسات الاستراتيجية والسياسية الأمريكية عند بداية انطلاق فعاليات الحدث الاحتجاجي السياسي السوري، لجهة تصعيد الاهتمامات وبث التفاؤلات القائلة بأن انهيار دمشق قد أصبح وشيكاً. ولكن لاحقاً، وخلال الشهرين الماضيين خفت حدة تواتر هذه التحليلات. وانزوى العديد من خبراء الشؤون الشرق أوسطية والسورية بعيداً عن دائرة الاهتمام، وذلك بعد أن أثبتت التطورات الجارية عدم مصداقية الرهانات التي روجت وسوقت إليها تحليلاتهم.
خلال الأسبوع الجاري، بدأت التحليلات تظهر مرة أخرى، ولكن ضمن بنية تحليل سياسي منخفض الشدة، إضافة إلى محاولة تجنب استخدام العبارات والنتائج ذات المدلولات والمضامين القيمية القاطعة في إصدار الأحكام.
المحلل السياسي ديبورا جيرومي، وإيليوت أبراهام، وديفيد شينكر، وأندرو تابلر وكثيرون غيرهم ذهبت توقعاتهم أدراج الرياح، والآن نلاحظ وبالتدقيق الفاحص، كيف أن ديبورا جيرومي، قد سعى من خلال تحليله إلى الآتي:
• استخدام عنوان تضمن عبارة تصف الوضع في سوريا بأنه أصبح "متصلباً وجامداً".
• الحديث بشكل واضح عن انغلاق قناة مجلس الأمن الدولي كوسيلة لاستهداف دمشق.
اللافت للنظر بعد هذه النقاط، أن تحليل ديبورا جيرومي قد سعى إلى وصف توجهات واشنطن إزاء سوريا بالآتي:
• لقد فعلت واشنطن كلما في وسعها، ولكن المجتمع الدولي لم يستجب لذلك.
• إن استمرار الوضع السوري هكذا سوف ينطوي على المزيد من المخاطر.
• أصبحت واشنطن الآن فاقدة للنظر والاتجاه فيما يتعلق بالتعامل مع الملف السوري.
• يتوجب على واشنطن أن تقوم بإعادة النظر وإعادة التركيز في كيفية الحصول على الأسلوب المناسب لجهة التعامل مع الملف السوري.
وتأسيساً على هذه النقاط، توصل التحليل إلى الحلقة الشريرة الجديدة القائلة: أن على واشنطن أن تسعى إلى التجديد الاستراتيجي، وبدلاً من إضاعة الوقت والتركيز على إدارة الصراع العربي ـ الإسرائيلي، فإن على واشنطن التركيز حصراً على "إدارة الصراعات العربية ـ الإسلامية الداخلية". لأن هذه الصراعات تعرض المصالح الأمريكية لمخاطر تفوق حجم المخاطر التي تتعرض لها هذه المصالح بفعل الصراع العربي ـ الإسرائيلي!
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد