الثورات العربية في الأجندة القطرية
الجمل: تحدثت التقارير كثيراً عن توجهات قطر الرامية إلى تعزيز قدراتها الدبلوماسية في المنطقة، ولاحقاً وعلى خلفية موجة الاحتجاجات الشرق أوسطية الأخيرة، فقد بدأ دور القدرات الدبلوماسية القطرية، يأخذ طابعاً مثيراً للاهتمام، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بالطبيعة التدخلية السافرة التي استهدفت العديد من بلدان المنطقة، وعلى وجه الخصوص سوريا وليبيا، فما هي حقيقة الدبلوماسية التدخلية القطرية. ومن أين اكتسب تأثير العامل القطري هذه القدرة المضافة التي أتاحت له كل هذا الصعود؟
* الدور القطري الشرق أوسطي الجديد: توصيف المعلومات الجارية
كشفت التحركات الدبلوماسية الجارية عن سعي قطر الحثيث لجهة القيام بدور القائد الإقليمي الجديد في منطقة الشرق الأوسط، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
• تزايد اللقاءات الرفيعة المستوى الأمريكية ـ القطرية، خلال الأشهر الماضية، والتي كان آخرها لقاءات الزعيم القطري الشيخ حمد مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ونائبه السيناتور جو بايدن.
• تزايد سعي الدبلوماسية القطرية لجهة تقديم المبادرات والقيام بدور الوسيط الساعي لحل النزاعات والصراعات.
• الدور الكبير الذي قامت به قطر في تعزيز التحالف الدولي الذي يقوم حالياً باستهداف ليبيا.
• الدور الملحوظ الذي ظلت وما زالت تقوم به قطر، في عملية استهداف دمشق، وعلى وجه الخصوص جانبه المتعلق بالأداء الإعلامي المعلن وغير المعلن الذي ظل وما زال مستمراً على شاشة قناة الجزيرة.
• التقارير المتزايدة التي تحدثت عن تفاهمات الزعيم القطري الشيخ حمد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي لجهة تزويد إسرائيل بإمدادات النفط والغاز القطري.
• التقارير المتزايدة التي تحدثت عن احتمالات وشيكة، بأن تقوم قطر باستبدال سياسة التعامل غير المعلن مع إسرائيل باتجاه سياسة التعامل المعلن معها بما يتضمن جعل قطر تقف عملياً في مقدمة ركب المنخرطين في مسيرة التطبيع مع إسرائيل وتعزيز جهود إدماجها في البنية السياسية الاقتصادية الاجتماعية الشرق أوسطية.
هذا، وتقول المعلومات بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد حرص على كيل الثناء والشكر لجهود دولة قطر، قائلاً بأنه لولا الجهود القطرية لما تمكنت أمريكا من بناء التحالف الدولي الذي يباشر الآن تحت قيادة حلف الناتو عملية استهداف ليبيا، وأيضاً لما استطاعت واشنطن تحقيق النجاح في جهود دعم وتعزيز الاحتجاجات الشرق أوسطية الجارية حالياً.
* منعطف الدبلوماسية التدخلية القطرية الحرج: أبرز المعطيات
تحدث الخبير الأمريكي كليفورد كراوس، في تحليله الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، واصفاً عملية التدخل الدولي في ليبيا بأنها تمثل نقطة التحول والمنعطف الأكثر أهمية في التاريخ الدبلوماسي القطري، وفي هذا الخصوص أشار إلى النقاط الآتية:
• السعي العملي المكشوف لجهة التعاون مع واشنطن ضمن ووفق بنود جدول أعمال السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية.
• السعي الحثيث من أجل القضاء على أهمية العواصم الشرق أوسطية الرئيسية الثلاثة: دمشق ـ الرياض ـ القاهرة، وذلك عن طريق تقديم الخدمات التي تعزز إدراك واشنطن بأن الدوحة هي الأكثر قدرة لجهة تعزيز فعاليات السياسة الخارجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
• السعي المبكر لجهة الحصول الاستباقي على الدعم الأمريكي، بما يتيح لقطر الحصول على عامل دعم القوة الأمريكية في مواجهة صعود القوة الإيرانية، والقوة السعودية والقوة العراقية المتحملة.
• استضافة الفعاليات العسكرية والأمنية والدبلوماسية الأمريكية، بما يتيح لقطر استخدام قدرات الردع الاستباقي الرمزي في مواجهة دول وحكومات الشرق الأوسط.
هذا، وأشار الخبير الأمريكي كليفورد كراوس في تحليله إلى أن جهود قطر الحالية تهدف أولاً وقبل كل شيء إلى استخدام النفوذ الأمريكي من أجل تغطية نقطة الانكشاف القطرية الأساسية وهي:
• تمتلك قطر حوالي 14% من احتياطيات مخزونات الغاز العالمي.
• تقع مخزونات احتياطيات الغاز القطري ضمن حقل يقع في منطقة بحرية مشتركة إيرانية ـ قطرية.
وعلى خلفية هواجس الدوحة المتزايدة إزاء احتمالات سيناريو الكابوس الإيراني، إذا قامت طهران بوضع يدها بالكامل على حقل مخزونات الغاز، فإن ما هو مهم في الوقت الحالي قطرياً لدرء احتمالات حدوث هذا السيناريو، هو السعي القطري الاستباقي لجهة تقديم كافة المزايا الممكنة لواشنطن المشاركة في استهداف ليبيا ـ التورط في استهداف سوريا ـ السعي من أجل دعم مخططات جعل رموز نظام حسني مبارك يحافظون على مواقعهم في الحكومة المصرية الجديدة. وأيضاً جعل رموز نظام زين العابدين بن علي يحافظون على مواقعهم في الحكومة التونسية الجديدة، وذلك بما يوفر الحماية للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة ويدرأ عن واشنطن مواجهة أي خسائر بسبب سقوط نظام الرئيس التونسي بن علي والرئيس المصري حسني مبارك.
* الانقلاب القطري الشرق أوسطي: مقاربة اللوبي الإسرائيلي
تحدثت تقارير وتحليلات مراكز دراسات اللوبي الإسرائيلي، وعلى وجه الخصوص معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، إضافة إلى مؤسسة جيمس تاون، ومؤسسة هريتدج بشكل واضح عن تزايد وتائر صعود علاقات خط واشنطن ـ الدوحة، وما كان لافتاً للنظر في مقاربات مراكز دراسات اللوبي الإسرائيلي والصحف الأمريكية المرتبطة بهذا اللوبي تمثل في تركيزها المتزايد على النقاط التي تدعم الاستنتاجات الآتية:
• بدأت فعاليات الشراكة العسكرية ـ الأمنية ـ الدبلوماسية القطرية ـ الأمريكية تتقدم يوماً بعد يوم.
• تسعى قطر إلى تقديم المزايا التي يصعب على نظراءها الخليجيين تقديمها، فالسعودية تستطيع تقديم المال واستضافة القوات الأمريكية، وتستطيع قطر القيام بكل ذلك إضافة إلى القيام ببناء الروابط والعلاقات العلنية مع الإسرائيليين، وهو ما لا تستطيع السعودية القيام به.
• تسعى قطر لجهة القيام باللعب على جميع الخطوط الخارجية والداخلية، فهي تبدو أكثر تعاطفاً مع طهران مقارنة بالسعودية وبقية البلدان.
وتأسيساً على الأداء السلوكي الدبلوماسي القطري الجاري حالياً، تشير المعطيات الجارية إلى أن فشل واشنطن في تحقيق هدف إبعاد دمشق عن حركة حماس الفلسطينية، قد نجحت الدوحة في تعويضه من خلال إنفاذ مخطط إبعاد حماس عن دمشق، وسوف لن يتوقف الأمر عند هذه الحدود، وإنما سوف تشهد الفترة المقبلة نجاح الضغوط القطرية في دفع حركة حماس لجهة تقديم المزيد من التنازلات لصالح حركة فتح الفلسطينية بما يتضمن احتمالات موافقة حماس على شروط اللجنة الرباعية التي ظلت حماس ترفضها طويلاً.
سعت قطر إلى تغيير مفردات وبنود المعادلة الجيو ـ سياسية الخليجية، بما يؤدي إلى جعل واشنطن تنظر إلى بلدان منطقة الخليج عبر نظارات الأمير القطري بدلاً عن نظارات الملك السعودي، والأكثر وضوحاً في الوقت الحالي هو أن الدوحة قد سعت مبكراً لجهة القيام بدفع ثمن الدعم الأمريكي مقدماً وبأضعاف ما كان يتوقعه الأمريكيين والذين لم يكونوا يصدقون يوماً أن تقبل قطر بتوجيه إعلامها من أجل بث الدعاية السوداء ضد سوريا، وإرسال الطائرات القطرية لضرب ليبيا، وسوف يكون مؤسفاً أن تشهد بعد فترة قيام واشنطن بأخذ كل ما تريده عبر بوابة الدوحة ثم بعد ذلك يقوم البيت الأبيض الأمريكي بإدارة ظهره، وترك الدوحة وحدها، وفي مهب العواصف الخليجية، والتي سوف يكون هواءها: "غربي.. وشمالي".
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
اتوقع أن جيوش قطر ستحرر
من رأى العبرة في غيره فليعتبر
على قطر أن تعرف حجمها جيدا
انتهت فصول المؤامرة بعدكشف
لن ننساك
ماذا تتوقعون من شخص انقلب على أباه
الثورات العربيةفي الأجندة القطرية
إضافة تعليق جديد