استئناف العلاقات مع سوريا وإشكالية "الخيار المقلوب"

12-08-2009

استئناف العلاقات مع سوريا وإشكالية "الخيار المقلوب"

الجمل: سعت واشنطن خلال فترة إدارة بوش الجمهورية إلى تطبيق سياسة العزل بدلاً عن التعاون مع سوريا، وبسبب روابط علاقات عبر الأطلنطي الأمريكية – الأوروبية فقد أدت سياسة العزل الأمريكية إلى الإضرار بعلاقات سوريا مع الأوروبيين الذين برغم إدراكهم الواضح لمدى خطأ توجهات إدارة بوش إلا أنهم بدوا أكثر تردداً إزاء التعاون مع دمشق ولكن بعد خروج إدارة بوش الجمهورية ومجيء إدارة أوباما الديمقراطية التي أعلنت عن نوايا التعامل والتعاون مع سوريا، هل ستنتقل عدوى التعاون هذه إلى أوروبا أم أن الأوروبيين سيكونون أكثر حرصاً لجهة الاحتفاظ بترددهم إلى حين ظهور نتيجة التعاون الأمريكي الذي بدأ مع دمشق؟
* العلاقات الأوروبية – السورية: ماذا يقول آخر التقارير؟
أعد الدكتور دومنيك موران مراسل شبكة المعلومات السويسرية في تل أبيب تقريراً نشرته الشبكة اليوم على موقعها الإلكتروني ركز على ظاهرة المساعي الأمريكية – الأوروبية الناشطة للانفتاح على التعامل والتعاون مع دمشق، هذا ويمكن الإشارة إلى أبرز النقاط التي أوردها تقرير موران على النحو الآتي:
• شهدت دمشق خلال الأشهر الماضية زيارة لمبعوثين ذوي مكانة رفيعة المستوى من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة.
• الزيارات الأمريكية – الأوروبية التي شهدتها دمشق يمكن اعتبارها بمثابة الإشارة لانهيار سياسة العزل التي كانت مطبقة خلال الأعوام الماضية.
• أصبح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكثر اقتناعاً برأي بعض المحللين السياسيين الأمريكيين القائل بأن دور سوريا الإقليمي يجعل منها لاعباً هاماً في تأمين الاستقرار بقدر أكبر في منطقة الشرق الأوسط.
• التخلي الأمريكي – الأوروبي عن التحفظ في العلاقات مع دمشق قابلته بعض التحولات في مواقف دمشق وهي تحولات وإن كانت صغيرة فإنها تعتبر هامة لجهة ارتباطها بالقضايا المعنيّة.
• أداء السياسة السورية إزاء العراق ولبنان خلال الفترة الأخيرة حاز على رضا جميع الأطراف بما شكل محفزاً أكبر لدفع الأمريكيين والأوروبيين للقيام بتنشيط حيوية العلاقات مع سوريا.
• فشل محكمة لبنان الخاصة في توجيه أي اتهامات ضد الضباط اللبنانيين الأربعة فيما يتعلق بملف اغتيال رفيق الحريري كان في حد ذاته أحد عوامل إقناع وتحفيز الأوروبيين والأمريكيين من أجل التعامل مع سوريا.
• توجد تفاهمات أوروبية – أمريكية مع إيران ومع سوريا وتوجد علاقات سورية – إيرانية، وفي حالة نجاح التفاهمات الأوروبية – الأمريكية مع إيران فإن ذلك قد لا يكون في مصلحة سوريا والشيء ذاته في حال نجاح التفاهمات الأوروبية – الأمريكية مع سوريا فإنه قد لا يكون في مصلحة إيران، وبالتالي فإن نجاح التفاهمات مع الطرفين سيكون في مصلحة الجميع.
• استقرار العلاقات السورية – اللبنانية سيترتب عليه المزيد من استقرار علاقات دمشق مع الرياض.
• برغم خلافات دمشق – الرياض فقد ظل موقف دمشق الداعم لمبادرة السلام السعودية سليماً كما هو.
• تزايد الجهود الأمريكية لجهة إعادة الروابط والعلاقات مع سوريا هو أمر تنظر إليه إدارة أوباما باعتباره جزءاً متكاملاً من توجهاتها الساعية لنقل عملية السلام العربي – الإسرائيلي إلى إطار إقليمي أكبر ولكن حدود نهايات هذا الجهد ما زالت غير واضحة.
• تستطيع سوريا أن تلعب دوراً إما لجهة تقويض الاستقرار أو بناء الاستقرار في المنطقة، مع ملاحظة أن تأثير دمشق في لبنان يعتبر الأكبر مقارنة بتأثيرها على بغداد وطهران ورام الله.
• توجد فرصة صغيرة لإجراء محادثات سورية – إسرائيلية حول الجولان لأن كل أحزاب الائتلاف الحاكم في إسرائيل –باستثناء حزب العمل- ترفض صراحة الانسحاب الإسرائيلي من الجولان.
هذا، ويختتم الدكتور دومنيك موران تقريره التحليلي بتساؤل مفتوح قال فيه أنه بينما يسعى الأوروبيون والأمريكيون لجهة بناء الروابط مع دمشق فمن المهم معرفة حدود دور دمشق الإقليمي ومكانتها الاستراتيجية.
* استئناف العلاقات مع سوريا: إشكالية الخيار المقلوب؟
سعت إدارة بوش الجمهورية السابقة إلى تبرير دبلوماسية عدم التعاون مع سوريا تحت مبررات وذرائع أن دمشق تتعاون مع إيران وأنها تدعم الإرهاب وتتدخل في الشؤون اللبنانية. وأكدت إدارة بوش على أنه لا تعاون أو تفاهم مع دمشق إلا إذا كفّت عن القيام بذلك.
الآن جاءت إدارة أوباما وتشير المعلومات والتحليلات إلى أنه برغم وجود اتفاق عام حول أهمية التعاون والتفاهم مع دمشق فإن هناك خلافاً بين طرفين:
• طرف يراهن على ضرورة أن ينحصر التعاون مع دمشق على حثها باتجاه تنفيذ نفس المشروطيات التي سبق أن اعتمدتها دبلوماسية بوش.
• طرف يراهن على التفاهم مع دمشق لجهة حل وتسوية أزمة الصراع باعتبارها بؤرة المشكلة.
نلاحظ أن الجهود الأمريكية – الأوروبية الساعية لإعادة الحيوية للعلاقات مع سوريا هي جهوداً يركز معظمها لجهة السعي لاستخدام سياسية التفاهم كوسيلة لإنجاز ما عجزت إدارة بوش عن تحقيقه باستخدام سياسة العزل.
تأسيساً على ذلك فإن الانطباع السائد يتمثل في أن سياسة التفاهم مع دمشق يتوجب على الخبراء الأوروبيين والأمريكيين السعي لتصحيحها وتخليصها من البداية المقلوبة، التي سوف لن تعود على هذه الجهود سوى بالفشل الذريع والذي لن يقوض استقرار المنطقة وحسب وإنما سيلحق الأضرار الفادحة بالمصالح الأوروبية والأمريكية فيها.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...