إعادة توجيه "حماس"

18-11-2012

إعادة توجيه "حماس"

الجمل- ترجمة رندة القاسم: قام الحلفاء الغربيون بتمويل و تسليح و توجيه منظمات طائفية متطرفة مثل القاعدة و الأخوان المسلمين و تم خلق  فروع لهم  و هم حماس و الجيش السوري الحر و دعمهم لمواجهة المقاومة الحقيقية للمخططات الغربية الرامية إلى السيطرة على العالم الإسلامي.
كما و خلق الغرب إسرائيل و استمر في تخليدها لتبقى في حالتها الراهنة كدولة عسكرية استفزازية على الساحل تدعم أي أهداف عسكرية غربية عبر المنطقة، و تكون قوة دافعة دائمة لحشد المجموعات المتطرفة التي تنقلب فيما بعد ضد أعداء الغرب.
و بينما تقود إسرائيل عمليات حربية ضد حماس في غزة، تقوم بدعم أتباعها في سورية عبر الحدود مع مرتفعات الجولان و عبر سورية الأكبر بالتعاون مع الولايات المتحدة و فرنسا و انكلترا و السعودية و قطر.
و مع تكرار لقاء ممثلي الولايات المتحدة في الدوحة لدعم و تقوية الجبهة السياسية التي تعمل كغطاء للإرهابيين في سورية المدعومين من الغرب و السعودية و قطر، قام القائد القطري غير المنتخب و الباقي مدى الحياة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بالتسلل خلسة إلى غزة لإغداق 250 مليون دولار على حماس قبل اندلاع العنف الأخير بين الإسرائيليين و حماس.
و ذكرت الوثائق أنه منذ عام 2007 تآمرت الولايات المتحدة و إسرائيل و السعودية لأجل تسليح و إطلاق متطرفين طائفيين، القاعدة و الأخوان المسلمين، ضد أعدائهم الجمعيين عبر المنطقة. و لكن مع استخدام الغرب لقطر كقاعدة للعمليات،  ليس فقط للاستمرار بدعم ما سمي "المجلس الوطني السوري" و لكن لتكون الدوحة مكانا لخلية التفكير " مؤسسة بروكينغز"، هل علينا أن نصدق أن قطر تحاول بشكل غير سري تماما تدمير إسرائيل تحت أنف أميركا؟و من دون شجب أو احتجاج من قبل الولايات المتحدة و شركائها في المؤامرة؟
 ربما يصعب  تصديق أن الحكومة الحالية في إسرائيل تقوم عمدا بتعريض حياة مواطنيها و جنودها للخطر بتنفيذها عملا جيوسياسي مدبر يهدف إلى الحصول على دعم  شعبي يشبه ما حصل عليه حزب الله في دفاعه عن لبنان عام 2006. و بخلاف 2006، حين كان حزب الله وفق المصادر الغربية مدعوما من سورية و إيران، فان حماس، كما كانت دائما، مدعومة من السعودية و قطر مع قيام إسرائيل و الولايات المتحدة بلعب دور سري في تمويل المنظمة و التسلل إليها و توجيهها و التلاعب بها.
في مقالة تحت عنوان: "كيف ساعدت إسرائيل على إحداث حماس"، ورد على لسان السيد كوهين، اليهودي المولود في تونس و الذي عمل في غزة لأكثر من عقدين :"من دواعي أسفي الشديد أن حماس من صنع إسرائيل". و كمسؤول عن الشؤون الدينية في المنطقة حتى عام 1994، راقب كوهين الحركة الإسلامية و هي تتشكل و تطيح جانبا المنافسين الفلسطينيين العلمانيين و من ثم تتحول الى ما تسمى اليوم حماس، مجموعة مقاتلة أقسمت على تدمير اسرائيل.
و قال كوهين: "عوضا عن محاولة التخلص من إسلاميي غزة منذ البداية، احتملتهم إسرائيل لسنوات، بل إنها في بعض الأحيان شجعتهم كثقل مقابل للوطنيين العلمانيين في منظمة التحرير الفلسطينية و فصيلتها فتح التابعة لياسر عرفات. و تعاونت إسرائيل مع رجل دين مقعد و شبه ضرير هو الشيخ أحمد ياسين، حتى عندما كان يضع الأسس لما أضحى بعد ذلك حماس. و لا يزال الشيخ ياسين ملهما للمقاتلين حتى اليوم، و خلال الحرب الحالية في غزة، واجه مقاتلو حماس الجنود الإسرائيليين بقنابل صاروخية بدائية تحمل اسم ياسين كتكريم لرجل الدين.
و هذا هو بالضبط ما تستخدم له حماس حتى اليوم، و هو  مواجهة حركات مقاومة حقيقية عن طريق تقسيمها ضد بعضها البعض إلى منظمات إسلامية و علمانية في فوضى و معارك مسلحة، للحيلولة دون قيام جبهة كبرى متحدة ضد الاستغلال الغربي و توسعه في المنطقة.
و المجموعات المتطرفة التي انحازت بقوة إلى صف حماس، بما فيها القاعدة و الإخوان المسلمين، تدفقت إلى العراق خلال الاحتلال الأميركي لتعطل المقاومة السنية الشيعية المتوحدة ، و تخلق شجارات دموية كسرت ظهر معارضة مهمة ضد احتلال أجنبي.
و هذه الشبكات التي استخدمت لإغراق العراق بإرهابيين من كل أنحاء المنطقة، كانت تستخدم منذ عام 2007 من قبل الغرب و إسرائيل للبدء بمواجهة أكبر مع حزب الله و سورية و إيران. و قد كشف الأمر الصحفي  سيمور هيرش الحائز على جائزة بوليتزير في مقال "إعادة التوجيه" الذي نشرته New Yorker في السنة ذاتها، و فيه ذكر أن الكثير من هؤلاء المتطرفين الطائفيين ينتسبون فعليا الى القاعدة بشكل مباشر.
ورد في المقال: "لتقويض إيران، ذات الهيمنة الشيعية، قررت إدارة بوش إعادة صياغة أولوياتها في الشرق الأوسط. ففي لبنان تعاملت الإدارة مع حكومة السعودية، السنية، في عمليات سرية تهدف لإضعاف حزب الله المنظمة الشيعية المدعومة من إيران. كما و شاركت الولايات المتحدة في عمليات سرية تستهدف إيران و سورية، و من نتائج هذه النشاطات دعم جماعات متطرفة سنية تعتنق الرؤية العسكرية للإسلام و معادية لأميركا و متعاطفة مع القاعدة...و الحكومة السعودية، بموافقة واشنطن، ستوفر الدعم المالي و اللوجستي لإضعاف حكومة بشار الأسد في سورية. و تؤمن إسرائيل أن الضغط على حكومة الأسد سيجعلها أكثر طواعية و انفتاحا للمفاوضات".
كما و أشار التقرير إلى الدعم الغربي المباشر للإخوان المسلمين: "هناك أدلة على استفادة الأخوان المسلمين من إستراتيجية إعادة  التوجيه التي اتبعتها الإدارة الأميركية. فجبهة الخلاص الوطنية السورية ائتلاف يضم مجموعات معارضة أعضاؤها الأساسيون زمرة يقودها عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري الذي انشق عام 2005 ، و الأخوان المسلمون. و قال لي مسؤول رفيع المستوى في ال CIA  :"يوفر الأميركيون الدعم  السياسي و المال. و السعوديون أكثر الداعمين ماليا، و لكن يوجد دور أميركي " ، كما وذكر أن خدام ، الذي يعيش الآن في باريس، كان يحصل على النقود من السعودية بعلم البيت الأبيض(عام 2005 التقى وفد من أعضاء الجبهة مع مسؤولين من مجلس الأمن القومي وفقا لتقارير  صحفية). و قال لي مسؤول سابق في البيت الأبيض أن السعوديين زودوا أعضاء من الجبهة بوثائق سفر".
و اذا كانت القاعدة و الأخوان المسلمون و حماس يشكلون حقا تهديدا للغرب و حلفائه، عندها على الغرب أن يلوم نفسه. فالغرب كان و لا يزال حتى اليوم يدعم هذه  المجموعات المتطرفة بحيث بدأت تهتز مصداقيتها عبر العالم الإسلامي .
هل يمكن أن يكون هذا السبب وراء الأحداث الأخيرة بين حماس و إسرائيل؟ أهو محاولة لتعويض الخسارة الهائلة في المصداقية بعد حوالي عامين من دعم المخططات الأميركية الإسرائيلية السعودية القطرية ضد سورية؟ أهو نسخة أكبر عن الاعتداءات التي دبرتها الولايات المتحدة ضد سفاراتها هي، بهدف إعادة التأكيد على رواية " الحرب ضد الإرهاب" بعدما اتهمت روسيا علنا الولايات المتحدة بتمويل و تسليح القاعدة ضد سورية؟ أم أنها ببساطة "تنظيف" حماس من "المؤمنين الحقيقيين" بالقضية ليبقى العملاء المزدوجون في أعقاب العنف؟ ربما كلاهما.
و لكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن التهديد الذي تشكله حماس ضد إسرائيل يتناسب تماما مع الدعم الذي منحته هي بالذات للمنظمة عبر الدعم السري المالي و العسكري، الى جانب إزكاء النار في خطبها البلاغية عبر الاستفزاز الوقح و المستمر للشعب الفلسطيني.و من الواضح أن التهديد الوجودي الحقيقي الذي تواجهه اسرائيل و شعبها يكمن في نفاق و خداع و مؤامرات حكومتهم .
و مع استمرار الصراع، من الضروري فهم  لا شرعية حماس و أتباعها من خلال كل من القاعدة و الأخوان المسلمين، و كيف أن كل منهما تلاقي الدعم من قبل الغرب في كل مكان من مصر الى سورية و اليمن و ليبيا. و بينما سيموت أناس في كلا الجانبين، و سننقسم إلى مؤيدين للفلسطينيين و مؤيدين للإسرائيليين، علينا أن نفهم أن هذا الانقسام هو بالضبط ما يسعى إليه الغرب كأداة يمكنه من خلالها التخطيط  و الاستمرار بملاحق أهدافه في المنطقة.


عن موقع The 4th Media

الجمل: قسم الترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...