دمشق تبدأ سحب الجيش من المدن المتوترة والتنفيذ التدريجي لخطة أنان
أعلن مسؤول حكومي سوري، أمس، أن القوات السورية بدأت الانسحاب من المدن الهادئة والعودة إلى ثكناتها، مشيرا إلى أنها ستخرج من المدن التي تشهد توترات إلى محيطها، وذلك فيما يستعد فريق من الأمم المتحدة لزيارة دمشق خلال ساعات من أجل التحضير لمهمة مراقبين محتملة في حال تنفيذ وقف إطلاق النار، فيما يبحث أعضاء مجلس الامن إصدار بيان جديد يدعم الموعد الذي اتفق عليه مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان مع السلطات السورية لوقف القتال في 10 نيسان الحالي.
وحصل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيلنبرغر، من المسؤولين السوريين في دمشق، على وعد بتسهيل إيصال مساعدات إلى المناطق المتضررة وزيارة اللجنة للسجون.
في هذا الوقت، اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مجلس الأمن بدعم «القمع» الذي يتعرض له الشعب السوري بصورة غير مباشرة بإخفاقه في اتخاذ موقف موحد بشأن الأزمة السورية، فيما شككت الدوحة في عزم الحكومة السورية على الالتزام بخطة انان، معتبرة انه «لا ثقة لديها في الوعود السورية».
وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند «قيل لكوفي أنان ان (الرئيس السوري بشار) الاسد سيباشر الوفاء فورا بالتزاماته بالانسحاب من المدن». وأضافت «أريد الاشارة هنا الى اننا لم نرَ اليوم (امس) اي دليل يثبت انه وفى بأي من التزاماته». وتابعت «سنحكم على هذا الشخص بناء على أفعاله وليس أقواله».
وقال مسؤول حكومي سوري لوكالة «اسوشييتد برس»، إن القوات السورية بدأت الانسحاب من المدن الهادئة والعودة إلى ثكناتها. وأوضح «بدأت القوات عملية الانسحاب خارج المدن الهادئة والعودة الى ثكناتها، وهي تنسحب من المدن التي تشهد توترا إلى محيطها». ولم يشر المسؤول إلى متى بدأت عملية الانسحاب.
وكان أنان أبلغ مجلس الأمن الدولي أمس الأول أن السلطات السورية بدأت التنفيذ التدريجي لبنود خطته عبر اتخاذ خطوات على صعيد سحب القوات العسكرية بحلول 10 الحالي. ووافق «المجلس الوطني السوري» المعارض على خطة انان المكونة من ست نقاط، لكنه لم يصدر تعليقا رسميا بشأن هدف وقف إطلاق النار في 10 الحالي.
وطلب انان، بحسب دبلوماسيين، من مجلس الأمن دعمه في موضوع نشر بعثة مراقبين للإشراف على وقف إطلاق النار في سوريا.
وأعلن المتحدث باسمه، احمد فوزي أن فريقا من الأمم المتحدة سيتوجه الى سوريا في الساعات الـ48 المقبلة لإعداد خطة نشر المراقبين. وقال «يفترض ان يقوموا بإعداد خطة نشر المراقبين»، موضحا ان هذا الفريق المتقدم سيتألف من خمسة او ستة اشخاص.
وعن موعد نشر المراقبين، قال فوزي «نحتاج الى قرار لمجلس الامن الدولي، ووقف للعنف قبل نشرهم». واضاف «انان ممتن للتأييد الروسي والصيني والوحدة التي ظهر بها مجلس الامن مجددا في مساندة خطته وضمان تطبيقها».
وكان مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري اعلن، امس الاول، ان «الكلام عن المراقبين سابق لأوانه قبل انتهاء المفاوضات مع أنان».
وقال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبد العزيز إن «العالم يراقب ما يحدث في سوريا حاليا ولا يزال يشعر بالقلق إزاء الوضع الحالي هناك»، مشيرا إلى أنه «طلب من انان تقديم إحاطة عن الوضع إلى أعضاء الجمعية العامة». وأضاف «من المفترض أن يقوم انان بتحديد موعد لاطلاع أعضاء الجمعية العامة على مهمته، وأتوقع أن يكون ذلك يوم 12 أو 13 من نيسان الحالي».
وأعلن فوزي ان الجنرال النروجي روبرت مود سيقود بعثة المراقبين نظرا لخبرته في الشرق الاوسط. وقال ان مود «سيقود الفريق الذي سيتوجه الى دمشق»، موضحا ان انان ومود سيلتقيان في مقر الامم المتحدة في جنيف اليوم لمناقشة آليات البعثة في سوريا.
وبعثة المراقبين هذه أدرجت في مشروع بيان رئاسي وزعته واشنطن وباريس ولندن من اجل تبنيه في مجلس الأمن غدا. وقال دبلوماسيون ان نص البيان يأخذ في الاعتبار النتائج التي توصل اليها انان في سوريا. وسيشكل النص تأكيدا رسميا على موافقة دمشق على سحب قواتها العسكرية قبل العاشر من نيسان وعلى الاستعدادات لبدء نشر مراقبين من الامم المتحدة في سوريا.
ويحدد نص البيان ان «المجلس سيدرس أي إجراء آخر يراه ملائما» في حال لم تحترم دمشق التزاماتها. وكانت هذه الصياغة التي اختيرت في بيان تم تبنيه في مجلس الأمن الدولي في 21 آذار الماضي لدعم بعثة انان.
وقال اردوغان، خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية في انقرة، «من خلال عدم اتخاذه قرارا، دعم مجلس الامن التابع للامم المتحدة بشكل غير مباشر القمع. الوقوف مكتوف الايدي بينما يموت الشعب السوري كل يوم هو دعم للقمع». واضاف «لن ندير ظهورنا للشعب السوري. لن نترك الشعب السوري لمصيره».
واعتبر أردوغان أن «العالم فقد الثقة بالأسد»، مشدداً على أن «تصديق وعوده سيمنحه المزيد من الوقت لارتكاب المجازر». واعلن ان حكومته تعمل على تأمين الافراج عن اثنين من الصحافيين الاتراك فقدا في سوريا منذ نحو شهر.
وقال وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو إنه «بعدما أطلع أنان مجلس الأمن بشأن سوريا بدأت مرحلة مهمة»، مشددا على «ضرورة مراقبة سوريا عن كثب، والتأكد مما اذا كانت ستفي بوعودها أم لا».
وأضاف داود أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره البرتغالي باولو بورتاس في أنقرة، «المهم في تلك المرحلة الحساسة ليس الكلمات الجوفاء بل الخطوات التي تتحول إلى أفعال». وأشار إلى أن «الدول الـ83 التي شاركت في مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول اكدت أن مهمة أنان لن تكون مفتوحة المدة».
وشككت قطر في عزم الحكومة السورية على الالتزام بخطة انان لوقف العنف. وقال وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد العطية «أتمنى أن تتم الاستجابة للنقاط الست في مبادرة انان، لكن لم تعد لدينا ثقة في وعود الحكومة السورية».
وأضاف العطية، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الافغاني زلماي رسول في الدوحة، ان «اول مؤشر للاستجابة لنقاط خطة انان هو سحب القوات المسلحة ووقف القتل والافراج عن المعتقلين. الى الان لم نر ما يفيد باستجابة الحكومة السورية للنقاط الست او حتى لنقطة واحدة منها، فالحكومة السورية ذكرت انه سيتم فى العاشر من نيسان تطبيق النقاط الست وأتمنى ذلك حقنا للدماء».
وأكد الامين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، في مؤتمر صحافي عقده عقب مباحثات أجراها مع وزير خارجية تشيكيا كارل شوارزنبرغ في القاهرة، أن «مطالبته الأمم المتحدة باتخاذ قرار طبقا للفصل السابع من ميثاقها لا يعني استخدام السلاح ضد سوريا»، مشيرا إلى أن «الجامعة العربية منظمة إقليمية دولية تخضع لأحكام القانون الدولي وليس لها دخل في السلاح إطلاقا».
واضاف العربي أن «مؤتمر أصدقاء سوريا في اسطنبول له فوائد محدودة لكن المهم هو الوقف الفوري لإطلاق النار (في سوريا) حتى يمكن لمهمة أنان أن تبدأ وأن تكلل بالنجاح». وأشار الى أنه «كان هناك كلام كثير قيل في هذا المؤتمر ووجهة نظري بكل وضوح في البيان الذي ألقيته على المؤتمر، وقلت أنه يوجد مساران أحدهما سياسي يقوم به انان، كما لا بد من تحقيق تطلعات الشعب السوري، ويجب الوقف الفوري لإطلاق النار».
وأعربت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «عن ارتياح موسكو لقرار دمشق سحب القوات الحكومية من المدن السورية حتى 10 نيسان كأول خطوة في إطار تنفيذ خطة أنان».
وقالت الوزارة، في البيان، ان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف والسفير السوري في موسكو رياض حداد بحثا الأوضاع الراهنة في سوريا. وأطلع حداد المسؤول الروسي «على جهود الحكومة السورية الرامية إلى تطبيع الأوضاع في البلاد، مؤكدا أنها أقدمت على تنفيذ التزاماتها وفق خطة انان». وأشار البيان إلى أن «الطرفين أكدا ضرورة اتخاذ المعارضة السورية وجماعاتها المسلحة خطوات مماثلة، بما فيها تأكيد استعدادها لتنفيذ خطة انان».
وقالت باريس انها ستعقد اجتماعا خلال الاسبوعين المقبلين لبحث العقوبات على سوريا لضمان تنفيذها قبل الاجتماع المقبل لمجموعة «اصدقاء سوريا» الذي من المقرر ان يعقد في باريس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو «في ضوء الأنباء التي تصلنا بشأن استمرار الحملة (الحكومية) في سوريا يتعين ان يبدأ هذا الالتزام الان. هناك موعد نهائي هو العاشر من نيسان لكن ينبغي على السيد الاسد ان يبدأ من الان تنفيذ الاجراءات الفورية التي تعهد بها». واضاف «اذا واصل النظام رفضه ومذابحه فسيكون ذلك استهزاء بالمجتمع الدولي بأسره واهانة له».
وحصل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيلنبرغر، من المسؤولين السوريين في دمشق، على وعد بتسهيل إيصال مساعدات إلى المناطق المتضررة.
ووعد وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال اجتماعه مع كيلنبرغر بانجاح المهمة الانسانية التي يقوم بها الصليب الاحمر في سوريا. وجدد المعلم «التأكيد على استمرار سوريا في توفير ما يلزم لإنجاح عمل اللجنة الدولية في سياق مهمتها الإنسانية وبالتنسيق مع منظمة الهلال الأحمر السوري».
وعبر كيلنبرغر من جهته، «عن تقديره للتعاون الذي تبديه السلطات السورية وسماحها بوصول اللجنة إلى المناطق المتضررة جراء الأحداث الراهنة لتقديم المساعدة لمحتاجيها».
واعلن الصليب الاحمر ان كيلنبرغر سيتوجه الاربعاء الى درعا لتوزيع مساعدات. وتم الاتفاق بين سوريا واللجنة الدولية للصليب الاحمر على «آلية للتعاون والتنسيق» لتسهيل مهمة هذه اللجنة الانسانية في المناطق المتضررة.
وذكرت وكالة الانباء السورية (سانا) ان اجتماع كيلنبرغر مع وزير الداخلية محمد الشعار تركز حول «التسهيلات التي يمكن أن تقدمها الوزارة خصوصا في ما يتعلق بإطلاع اللجنة على بعض دور التوقيف ولقاء النزلاء فيها لا سيما سجن حلب المركزي». واعرب كيلنبرغر عن امله في زيارة سجن دمشق المركزي بالتنسيق مع منظمة الهلال الأحمر السوري «بما يسهم في تأمين أفضل الظروف الانسانية الممكنة للموقوفين».
وذكرت «سانا» ان «الجهات المختصة احبطت محاولة مجموعة إرهابية مسلحة التسلل من الأراضي اللبنانية قرب قرية الجوبانية شمال بلدة القصير بريف حمص، وتم إلقاء القبض على عدد من أفراد المجموعة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد