فعاليات التعبئة العسكرية الدولية على خلفية المسألة السورية
الجمل: تشهد الساحة السياسية السورية في هذه الأيام المزيد من عمليات التعبئة الفاعلة، وفي هذا الخصوص، فقد وصلت حدة المواجهات إلى مستويات مرتفعة الشدة، لجهة تواتر المواكب المصحوبة بتواتر التفجيرات، إضافة إلى تدخل الأطراف الثلاثة الإقليمية والدولية: فما هي طبيعة فعاليات عمليات التعبئة السلبية الجارية حالياً، وما هي ابعادها الداخلية والخارجية على مختلف المستويات السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية؟
* القوى الإقليمية والدولية: فعاليات التعبئة العسكرية الجارية
تقول المعلومات والتسريبات بأن حاملة الطائرات الروسية السفينة أدميرال كوزنيتسوف قد وصلت إلى ميناء طرطوس السوري، في يوم الأحد 8 كانون الثاني (يناير) 2012، ومعها مجموعة الضربة العسكرية البحرية المرافقة لها والتي من أبرزها: المدمرة الروسية أدميرال شابانينكو، والفرقاطة الروسية باروسلاف مودري. هذا وعلى أساس اعتبارات منظومة توازن القوى العسكرية البحرية، فقد سعت اطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، الحفاظ على صيغة توازن القوى البحرية على الساحل السوري، بما تضمن الآتي:
• قيام باريس بإرسال المدمرة البحرية الفرنسية فوربين لجهة التمركز قبالة المياه البحرية السورية المواجهة لميناء طرطوس حيث تتواجد القطع البحرية الروسية.
• توحيد صيغة توازن القوى البحرية بما يجمع منطقة شرق المتوسط (المياه البحرية السورية) ومنطقة الخليج (المياه البحرية الخليجية ـ الإيرانية) ومنطقة بحر العرب (المياه البحرية الإيرانية) ضمن معادلة واحدة.
هذا، وأضافت التسريبات بأن اللافت للنظر بالنسبة للخبراء والمحللين الأمريكيين والأوروبيين والإسرائيليين تمثل في الطريقة التي قامت بها القطع البحرية العسكرية الروسية باستقبال وزير الدفاع السوري داوود راجحة، والتي تضمنت إطلاق الأبواق العسكرية، وإجراءات وترتيبات الاحتفاء بالشرف العسكري، إضافة إلى التحليق المكثف للطائرات الحربية الروسية المتطورة من طراز سوخوي ـ 33، وسوخوي ـ 25. وأضافت التسريبات بأن جميع الخبراء والمحللين والمراقبين قد أقروا إشارات الرسالة الروسية الواضحة: إن موسكو تقف بحزم إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
* ملف الحدث الاحتجاجي السياسي السوري: لعبة الخيار العسكري ـ الدبلوماسي المزدوجة؟
سعى خصوم دمشق الدوليين لجهة تدويل ملف الحدث الاحتجاجي السياسي السوري عن طريق مجلس الأمن الدولي وفشلت المحاولات بسبب الفيتو الروسي ـ الصيني المزدوج، وبعد ذلك تم اللجوء إلى العديد من المسارات التدويلية الفرعية على أمل أن يؤدي التصعيد المتدرج من خلالها لجهة إعادة الملف مرة أخرى إلى طاولة مجلس الأمن الدولي مسنوداً بقوة، وفي هذا الخصوص تشير التطورات الجارية إلى الآتي:
• سعت دول مجلس التعاون الخليجي ومن ورائها جماعات المعارضة السورية لجهة المطالبة بتدخل الجامعة العربية.. وضغطوا باتجاه قبول دمشق للبروتوكول العربي المعد سلفاً دون مشاورة سوريا المرفق معها.
• وافقت دمشق على المبادرة العربية ورفضت المعارضة السورية الموافقة عليها.. وبرغم ذلك فقد اتهم خصوم سوريا دمشق بأنها لم تلتزم بإنفاذ المبادرة وفي نفس الوقت تفادى هؤلاء الخصوم الضغط على المعارضة لكي تقبل بالمبادرة..
• وافقت دمشق على البروتوكول.. وجاءت بعثة المراقبين العرب إلى سوريا وقامت بتفقد الأوضاع والمناطق.. وعندما قدمت بعثة المراقبين تقريرها الأول لأمانة الجامعة العربية، ارتفعت أصوات رموز المعارضة السورية ورموز خصوم دمشق الخليجيين إضافة إلى الرئيس الفرنسي ساركوزي، والإدارة الأمريكية، وهي تطالب بإنهاء بعثة المراقبين العرب.
• تزايدت اتهامات رموز المعارضة السورية لبعثة المراقبين العرب، ناسين أنهم هم الذين طالبوا بها، وأن دمشق لم تختار رئيسها وأعضاءها بل الذي قام باختيارهم هو خصم دمشق الأول: رئيس الوزراء ووزيرر الخارجية القطري حمد بن جاسم مسنوداً برموز مجلس التعاون الخليجي وأمانة الجامعة العربية.
أشارت توقعات العديد من المراقبين والمحلليين السياسيين إلى أن خارطة طريق الحل الدبلوماسي سوف تصل إلى نفس النهاية المغلقة، وتأسيساً على ذلك، فإن المؤشرات الجارية تفيد لجهة الآتي:
• نجاح أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن في فرض السيطرة المطلقة على فعاليات المجلس الوطني السوري المعارض الموجود في خارج سوريا.
• نجاح واشنطن في فرض إملاءاتها على دول مجلس التعاون الخليجي لجهة القيام بتقديم الدعم المالي والدبلوماسي والإعلامي ـ الدعائي لفعاليات المعارض السوري.
وفي هذا الخصوص تشير التحليلات إلى أن المثلث الكبير الذي يتكون من (واشنطن ـ باريس ـ لندن ودول مجلس التعاون الخليجي والمجلس الوطني السوري المعارض خارجياً) يسعون حالياً لجهة تقويض جهود بعثة المراقبين العرب. إضافة إلى دفع أمانة الجامعة العربية لجهة القيام بإصدار المزيد من القرارات غير المتوازنة، ثم الدفع مرة أخرى باتجاه مشروع قرار مجلس الأمن الدولي.. والذي يصعب صدوره في ظل الفيتو الروسي ـ الصيني.. وتأسيساً على توقعات الفشل، فإن عسكرة الملف السوري سوف تكون هي المسار الأكثر احتمالاً وفي هذا الخصوص، تشير التوقعات إلى أن قيام أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن بعملية تدخل عسكري هي غير واردة على الأقل في المدى المنظور، والأكثر احتمالاً هو تصعيد فعاليات العسكرة الداخلية عن طريق تزويد المجموعات المسلحة بالمزيد من المال والسلاح، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك تشير إلى الآتي:
• ارتفاع أسعار قطع السلاح والعتاد العسكري من دول الجوار وبالذات من لبنان.
• تزايد تدفق العناصر الجهادية الانتحارية من دول الجوار السوري وتحديداً من لبنان والعراق وتركيا.
هذا، وتقول التسريبات بأن الطلب المتزايد على شراء السلاح والعتاد العسكري قد تزايد في لبنان بفعل ارتفاع عامل الطلب السوري، وفي هذا الخصوص تشير تسريبات تجار السلاح واللبنانيين إلى الآتي:
• سعر البندقية الروسية (47 ـ AK) ارتفع بنسبة 100%، أي من 1200 دولار في شهر آذار (مارس) 2011 الماضي إلى 2100 دولار في شهر كانون الثاني (يناير) 2012 الحالي.
• سعر قاذفة الـ (آر بي جي) ارتفع من 900 دولار في شهر آذار (مارس) 2011 الماضي إلى 2000 في شهر كانون الثاني (يناير) 2012 الحالي.
• سعر قذيفة الـ (آر بي جي) ارتفع من 100 دولار في شهر آذار (مارس) 2011 الماضي إلى 500 دولار في شهر كانون الثاني (يناير) 2012 الحالي.
هذا، وأضافت التسريبات بأن الطلب المتزايد على الرشاشات الروسية وقاذفات آر بي جي، إضافة إلى المواد التي تستخدم في صنع العبوات الناسفة سوف يزداد أكثر فأكثر في سوق السلاح السوداء اللبناني الأمر الذي يمكن أن يدفع باتجاه انتعاش سوق السلاح الأسود العراقي وبالذات في إقليم كردستان ومحافظة الأنبار العراقية، والتوقعات بانتعاش سوق السلاح السوداء في لبنان والعراق تجد مؤشرات واضحة تدعم فرضياتها على خلفية وجود المال السايب الذي درجت دول مجلس التعاون الخليجي على تقديمه للفعاليات السياسية والعسكرية المعادية لدمشق..
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد