(وثائق سورية):رسالة رئيس ديوان ملك سورية فيصل إلى اللورد كرزن
رسالة رئيس ديوان ملك سورية فيصل إلى اللورد كرزن- بواسطة الكولونيل ايسون
عندما عقد الاتفاق الفرنسي الإنكليزي الذي وقعه لويد جورج وكليمنصو والقاضي بتطبيق اتفاقية سايكس بيكو التي طرحت نفسها مجدداً بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الساحة الدولية بعد مؤتمر السلم في باريس نتيجة رفض الكونغرس الأميركي ذو الأغلبية الجمهورية على مشروع الرئيس ولسن الديمقراطي المتضمن انتداب الولايات المتحدة الأميركية على سورية. انعقد المؤتمر السوري العام وأعلن عدة مقررات أهمها إعلان استقلال سورية وتتويج الأمير فيصل ملكاً على سورية في صباح الثامن من آذار عام 1920م. وبعد تتويجه ملكاً طلب الملك فيصل من رئيس الديوان بإرسال هذه الرسالة إلى اللورد كرزن البريطاني ،هذا نصها:
يا حضرة الكولونيل!
أتشرف بأن أرجوكم أن تتكرموا بإرسال البرقية الآتية إلى فخامة اللورد كرزن، وهي البرقية التي أمرني جلالة مولاي الملك فيصل الأول المعظم بإرسالها إليكم:
( جواباً على برقيتكم المؤرخة في 9 آذار سنة 1920، أتشرف بأن الفت نظر فخامتكم إلى أن المؤتمر السوري الذي اجتمع في السابع من هذا الشهر، هو نفس المؤتمر الذي عقد اجتماعات عديدة على مرأى ومسمع من السلطة البريطانية التي كانت في يدها قيادة سورية في ذلك الحين.
وقد اجتمع هذا المؤتمر لابداء للجنة الأميركية التي جاءت لأخذ آراء الأهالي، وفقاً لقرار الصلح، وطال اجتماعه بعد ذلك ثلاثة أشهر. وفي نهاية السنة الماضية عقد اجتماعاً آخر، وبحث في مسائل داخلية متنوعة، ولم تقابل اجتماعاته الأخيرة بأدنى احتجاج من السلطات البريطانية أو الفرنسوية. وهو مؤلف من هيئة نظامية، أعضاؤها مندبون منتخبون انتخاباً قانونياً، فبعقده اجتماعه الأخير الذي أعلن فيه استقلال البلاد والمناداة بي ملكاً عليها، لا يمكن أن يعتبر أنه تصرف خلافاً لآراء الحكومتين الإنكليزية والفرنسوية ما دام بيانه مؤسساً على ما لهاتين الحكومتين وسواهما من الحلفاء من التصريحات والوعود. يضاف إلى ذلك أن المؤتمر قد وضع أمامه- بالوسيلة التي اتخذها- تسكين الشعب والمحافظة على البلاد من الأفكار المريبة، التي بدأت بالانتشار في الشرق. وأعلن بأوضح أسلوب إخلاصه لدول الحلفاء وعلى الأخص للحكومتين (إنكلترا وفرنسا) فالشعب وأنا في أوله قد أظهر لبلادكم تعلقه المخلص يوم كان للريب مجال، وحارب في صفوفكم. وكان له السرور أنه في الظفر الذي تم في الشرق لا يمكن أن يتصرف اليوم خلافاً لمصالح بريطانيا العظمى وحلفائها. بل بعكس ذلك يدافع دفاع المتحمس عن هذه المصالح، ويكون مستعداً على الدوام لوضع كل موارده في خدمة الحلفاء. وقد أظهرت الحرب الأخيرة برهاناً ساطعاً على نياتنا. ولكن يجب أن لا يذهب عن البال أنه أثر الوعود التي قطعت لنا، أخذت على عاتقي إدخال الشعب العربي في الحرب العالمية، وتعرضت لمسؤولية عظيمة تجاه الشعب، فهذا الشعب يطلب مني الآن إنجاز الوعود التي وعدته بها، مما يضطرني أن أرجوكم إيجاد حالة تمكنني من إنجاز الوعد).
وإن لي مزيد الأمل في هذه الظروف وإنكم تبلغوني- جواباً على هذه البرقية- الاعتراف مبدئياً باستقلال سورية التام ووحدتها، الأمر الذي يسمح لي بالذهاب إلى أوربا، لأقدم الشكر لحكومة جلالة ملك بريطانيا على ذلك، ولتنوير المجلس الأعلى على موقف سورية الحقيقي.
وتفضوا يا حضرة الكولونيل بقبول فائق احترامي.
دمشق في آذار 1920م. رئيس ديوان الملك فيصل
عوني عبد الهادي
المصدر:
يوم ميسلون- صفحات من تاريخ العرب الحديث، ساطع الحصري، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 2004.
الجمل- إعداد: سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد