وثائق سورية:بيان وزيرالحربيةإلى المؤتمرالسوري حول الأزمةمع غورو
أيها السادة:
نرى من الواجب أن نعرض عليكم خلاصة الأحوال الحاضرة في هذه الدقيقة الحرجة: تعلمون أن خطة الوزارة تلك الخطة التي كانت ولم تزل أساس حركاتنا، وتذكرون أننا قلنا في بيان هذه الخطة التي نالت الاستحسان في مؤتمركم الموقر(( إننا سنحافظ على صلات الصداقة مع جميع الحلفاء، ولا سيما دولتي فرنسا وانكلترا)) وتعلمون أيضاً أننا حافظنا على هذه الخطة، ساعين لتحقيقها ولتحقيق آمال الأمة التي أعلنت للعالم على لسانكم أنتم موكليها في هذا المؤتمر الموقر.
بدأت المفاوضات وسارت على طريق حسن، وتلقينا ما تعلمونه من قرارات مؤتمر سان ريمو القائل بالاعتراف بسورية دولة مستقلة، ومن التبليغات الرسمية من حليفتنا بريطانيا العظمى التي تشير إلى الاعتراف بجلالة مليكنا المعظم ملكاً على سورية، علاوة على تأييد الاستقلال المذكور. وقد عزمنا في المدة الأخيرة على إرسال وفد إلى أوروبا لإتمام المفاوضات وحل المسألة السورية حلاً نهائياً يحقق آمال الأمة وسعادتها، ولنبرهن للعالم وللدول كلها أننا لسنا معادين لأحد ولا معاكسين لقرارات مؤتمر السلم، ما دام هذا المؤتمر يضمن استقلالنا وشرفنا. وقد عزم جلالة الملك على السفر بالذات حباً بإنهاء المفاوضات بسرعة مستفيداً من شخصية جلالته وتأثيرها في أوروبا، وكنا مطمئنين آملين بأننا سوف نأخذ البشائر قريباً بتطمين آمالنا التي هي آمال الأمة معاً.
وبينما كنا مثابرين على خطتنا العملية آملين خيراًً من سفر الوفد تحت رئاسة جلالة الملك إذ حصل ما لم يكن بالحسبان، وحدثت الحالة الحاضرة الخطرة التي نريد أن نبينها لكم وهي:
أن الجنرال غورو أراد- وهو مستفيد من تحشيداته العسكرية- أن يعرقل أو يمنع سفر جلالة الملك لأسباب لا نعلمها، وقد أظهر لموفدنا بعض الشروط التي قال له أنه يريد أن يطلبها منا، ولكننا لم نطلع بعد على نصها الرسمي ولا يمكننا أن ننظر إلى هذه الشروط بصورة رسمية، أو نعتقد بأنها صحيحة، أو نبلغكم إياها ما لم نتلقاها مكتوبة من يد رسمية.
أيها السادة:
إذا نظرنا إلى بعض هذه الشروط نراها ليست مخالفة فقط لمطالب الأمة ورغائبها وعزمها القطعي على مخالفة استقلالها، بل تخالف بالوقت نفسه روح المقررات التي اتخذت بين الدول في مؤتمر سان ريمو، وتخرق حرمة هذه المقررات التي وقعت عليها حكومة فرنسا أيضاً، إذ أن هذه الشروط –إذا كانت صحيحة- تخل في أساس استقلالنا والسيادة التي اعترفت بها الدول في مؤتمر سان ريمو. وقد حشد الجنرال جيوشاً على حدود المنطقة الشرقية من الشمال والغرب وربما كانت غايته من ذلك تعزيز الشروط المذكورة التي تكرر بأنه لم يبلغنا إياها بصورة رسمية حتى الساعة، وأرسل جنوداً لتعزيز القوة الافرنسية في رياق وصرح حاكم زحلة الافرنسي العسكري لقائد المحطة العربي في رياق أنه احتل رياق احتلالاً عسكرياً، وأعاد القوة الافرنسية التي كانت احتلت المعلقة في العام الماضي.
ولقد تلقينا البارحة مع الكولونيل كوسى عن لسان الجنرال غورو أن احتلال رياق والمعلقة هو مقابل تعزيز قواتنا في مجدل عنجر وهي نقطة عسكرية وضعت لتأمين الأمن الداخلي في ذلك الجوار فقط وذلك منذ ابتداء الاحتلال، وتعزيزه من قبلنا أخيراً ليس إلا تدبيراً اضطررنا أن نتخذه بعد أن رأينا تحشيدات الجنرال على حدود منطقتنا.
فحكومتنا بعد أن احتجت على معاملة الجنرال غورو التي لا تلتئم مع التحالف، وطلبت إحالة القضية إلى التحكيم الدولي، تعلن إلى أن الأمة وإلى العالم أجمع من على هذا المنبر ما يأتي:
1- نحن لا نريد إلا السلام والمحافظة على استقلالنا وشرفنا الذي لا نتحمل أن تشوبه شائبة.
2- نحن نبرأ من كل تهمة توصم بنا ويراد بها الإيهام بأننا نريد الإخلال بعلاقاتنا مع حليفتنا وحلفائنا.
3- نحن لا نرفض المفاوضات. ومستعدون أن ندخل بها. وها أن الوفد تحت رئاسة جلالة الملك مستعد للذهاب لمواصلتها ونحن نقبل كل حل لا يمس باستقلالنا وشرفنا ويكون مبنياً على أساس الحق والاستقلال.
4- إننا مستعدون كل الاستعداد ومصممون كل التصميم على الدفاع عن شرفنا وحقوقنا بكل ما أعطانا الله من قوة.
فهذا هو الموقف الحاضر أيها السادة، بسطناه لحضراتكم والله معنا إذ لا نريد إلا حقنا والدفاع عن كياننا.
ولكن على كل حال أن الوجوه والمشايخ مسئولون شخصياً بالدرجة الأولى.
أما إذا اكتفوا بذكر الوقائع من غير إسنادها إلى فاعليها ومتجاسريها الحقيقيين فيعد ذلك دليلاً كافياً على عجزهم وينحون عن وظائفهم.
هذا وليعلم الموظفون والأهلون أنهم إذا راعوا ما ذكرناه وقاموا بواجباتهم المتقابلة بصدق واستقامة ويكونون قد مشوا خطوة بعيدة نحو غايتهم الشريفة من استقلالهم المنشود وإلا فاللوم على أنفسهم.
في 5آب / سنة 1920
رئيس الوزراء
علاء الدين
المصدر: وثائق مديرية الوثائق التاريخية- دمشق.
إعداد: الجمل
إضافة تعليق جديد