الحركة الأخيرة لتحالف «المعتدلين العرب» قبل إعلان وفاته
الجمل: برزت بعض التسريبات الإسرائيلية القائلة بأن تفاهماً مصرياً – سعودياً يجري على خط القاهرة – الرياض لجهة وضع خطة مشتركة لإدارة أزمة قطاع غزة وتقول التسريبات بأن تفاهم خط الرياض – القاهرة يجد المتابعة الوثيقة واللصيقة على خط تل أبيب – واشنطن.
* خلفيات التفاهم السعودي – المصري:
أدت نتائج هزيمة القوات الإسرائيلية على يد حزب الله اللبناني صيف العام 2006م إلى بلورة ثلاثة ملفات هي:
• ملف تداعيات الهزيمة على السياسة الداخلية الإسرائيلية.
• ملف نشوء ظاهرة تحالف المعتدلين العرب.
• ملف صعود قوة حركات المقاومة في الشرق الأوسط.
وأدت هذه الملفات إلى المزيد من التفاعلات في البيئة الداخلية والخارجية الإقليمية والدولية لمنطقة الشرق الأوسط، وتحديداً منطقة شرق المتوسط، ومن أبرز التفاعلات نجد:
• انكسار قوة الردع الإسرائيلي.
• محاولة المعتدلين العرب الدفع باتجاه إنجاز ما عجزت إسرائيل عن إنجازه بالوسائل العسكرية.
• ارتباك مفهوم السلام الأمريكي – الإسرائيلي.
شكل تحالف المعتدلين العرب الظاهرة الأكثر خطورة لجهة تحديد استقرار وتماسك البيئة الإقليمية العربية التي ظلت برغم الضعف والهشاشة موحدة على الأقل إزاء قضايا السلام القائم على رد الحقوق العادلة المشروعة.
* سردية التفاهم الجديد على خط الرياض – القاهرة: خطة غزة الجديدة:
تقول المعلومات والتسريبات بأن خط الرياض – القاهرة بصدد اعتماد خطة تتكون من ثمانية نقاط ويجري حالياً الاتفاق على ترتيبات السيناريو النهائي بين العاهل السعودي الملك عبد الله والرئيس المصري حسني مبارك وتشير التسريبات أيضاً إلى أن الهدف من الخطة هو إعادة السيطرة على قطاع غزة يمثل ما كانت عليه في فترة ما قبل الحرب عام 1967م، والنقاط الإحدى عشرة المتعلقة بخطة غزة تتمثل في الآتي:
• إنهاء حركتا فتح وحماس للأحقاد الدائرة بينهما.
• قيام فتح وحماس بإطلاق السجناء بحيث يطلق كل طرف السجناء المنتمين للطرف الآخر.
• عناصر فتح النازحين من قطاع غزة يتوجب السماح لهم بالعودة.
• أن تقوم كل من فتح وحماس بإنهاء حظر المؤسسات التابعة للآخر في مناطق نفوذهما.
• أن تقوم حركة حماس بإعادة المؤسسات الفلسطينية التي استولت عليها إلى السلطة الفلسطينية.
• أن تقوم حركة حماس بتعليق وإيقاف عمليات قوات المليشيا والشرطة التابعة لها.
• أن يتم السماح لمراقبين عرب بقيادة مصريين لجهة القيام بالإشراف على قوات الشرطة بقطاع غزة.
• أن تقوم لجنة برئاسة ضباط مصريين بإعداد برنامج إصلاح للأجهزة الأمنية الفلسطينية الموجودة في قطاع غزة بما يؤدي لإنهاء سيطرة حماس على هذه الأجهزة.
• إلى حين اكتمال عملية الإصلاح تقوم قوة عربية قوامها 3000 عنصر بقيادة ضباط أمن مصريين يتولى مسؤولية الأمن في قطاع غزة.
• أن يتم تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة في رام الله بدلاً عن حكومة سلام فياض الحالية على أن تتكون الحكومة الجديدة من التكنوقراط المحايدين الذي توافق عليهم حركتا فتح وحماس.
• أن تتم عملية فحص وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية بما يفسح المجال لمشاركة حماس في المنظمة.
وأشارت التسريبات الإسرائيلية إلى أن خطة غزة الجديدة سيتم عرضها على الحكومة الإسرائيلية لجهة الموافقة عليها، وبكلمات أخرى لن يستطيع تحالف القاهرة – الرياض القيام بأي خطوة عملية إلا بعد الحصول على الضوء الأخضر من تل أبيب وتشير التسريبات إلى أن الحكومة الإسرائيلية ستقوم بإجراء المشاورات وعمليات التدقيق اللازمة بما يجعل من خطة غزة الجديدة بمثابة وسيلة داعمة لحماية أمن إسرائيل وعلى وجه الخصوص المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة للقطاع هذا ومن المتوقع أن يطلب الإسرائيليون من العاهل السعودي والرئيس المصري إضافة لبعض التعديلات لجهة جعل الخطة أكثر انسجاماً مع التوجهات الإسرائيلية إزاء مستقبل القطاع.
* خطة غزة الجديدة: محاولة لإعادة الروح لتحالف المعتدلين العرب؟
شكلت الفترة الممتدة من حرب صيف 2006م وحتى لحظة قيام الوفاق اللبناني بالتوقيع على اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس اللبناني الجديد بمثابة العصر الذهبي لتحالف المعتدلين العرب.
تحليل مسيرة تحالف المعتدلين العرب يشير إلى العديد من المحطات المثيرة للجدل التي من أبرزها:
• معارضة مقاومة حزب الله للعدوان الإسرائيلي.
• التورط في العمليات السرية داخل لبنان لجهة استهداف سوريا وإضعاف خصوم إسرائيل.
• بذل الجهود لعزل سوريا وإضعاف موقفها التفاوضي في مواجهة إسرائيل.
• دعم ومساندة مخطط استهداف سوريا عبر البوابة اللبنانية.
• تأييد مخطط استهداف إيران.
• التورط في التنسيق الأمني المخابراتي مع إسرائيل.
• مشاركة إسرائيل في توجهات مذهبية أمنية – عسكرية تنظر إلى إيران وسوريا وحزب الله والمقاومة الفلسطينية باعتبارها تمثل مصدر الخطر المهدد لأمن واستقرار وبالشرق الأوسط.
ولكن بعد مسيرة عامين تقريباً كان واضحاً أن تحالف المعتدلين العرب أصبح أكثر تفككاً وانكشافاً بسبب:
• مبالغة المعتدلين العرب في تنفيذ الإملاءات الوحيدة الاتجاه القادمة من واشنطن وتل أبيب.
• عدم قبول الرأي العام العربي لأجندة المعتدلين العرب.
• إدراك الرأي العام العالمي لحقيقة تحالف المعتدلين العرب وفضيحة أنه مجرد تجمع يهدف إلى مساعدة إسرائيل في إنجاز تحقيق ما عجزت عنه بالوسائل العسكرية.
بانتخاب الرئيس اللبناني الجديد وحصول حزب الله على الثلث الضامن لجهة ممارسة الفيتو داخل الحكومة اللبنانية انتهى تماماً وجود المعتدلين العرب في منطقة الشرق الأوسط وبكلمات أخرى فقد شكل اتفاق الدوحة إعلان عودة الاستقرار للساحة اللبنانية من جهة ومن الجهة الأخرى شهادة وفاة تجمع المعتدلين العرب إضافةً إلى تراجع النفوذ الفرنسي – الأمريكي في الساحة اللبنانية.
تمثل خطة غزة الجديدة المحاولة الأكثر أهمية وخطورة لجهة إعادة الروح لتحالف المعتدلين العرب ولكن ضمن صيغة جديدة تقوم هذه المرة على التغيرات الآتية:
• الاعتماد على المتغير الجيو-سياسي كمجال حيوي لنفوذ وتأثير المعتدلين العرب بدلاً عن المتغير الجيو-سياسي اللبناني.
• الاعتماد على متغير ثنائية القاهرة – الرياض في التعامل مع ملف غزة مع استبعاد عمان مؤقتاً وذلك لحساسية العلاقات الأردنية – الفلسطينية إضافةً إلى حساسية التوازنات السياسية الأردنية الداخلية التي أصبحت تتضمن صراعاً ثنائياً قطباه الحركة الإسلامية الأردنية في مواجهة النظام الملكي الأردني.
• التأثير على قطاع غزة عن طريق استخدام متغير النفوذ الديني والمالي السعودي واستخدام متغير الجوار الجغرافي والقدرة العسكرية – الأمنية المصرية.
حتى الآن، لا يوجد ما يشير إلى موقف أردني – ملكي – رسمي واضح إزاء خطة غزة الجديدة ولا حتى ردود فعل واضحة من جانب نخبة رام الله ولكن كما هو معروف فإن خط عمان – رام الله لن يكون غائب الحضور في كل ما يتعلق ببنود هذه الخطة وعلى الأغلب أن يكون هذا الخط قد اختار القيام بدور "الخلايا النائمة" في هذه المرحلة لحين اتضاح الخيط الأبيض من الأسود ومعرفة من أين تهب الرياح!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد