أكاذيب وأضرار .. في تقارير الأشرار
الجمل: عادة ماتقوم شراذم النخب والدوائر الخاصة الغربية، بإعداد الدسائس والمكائد السرية، وتقوم بتحويلها إلى مراكز البحوث والدراسات التي تمولها وتشرف على إدارتها نفس هذه النخب الشريرة، وذلك لإضفاء قدر من الطابع العلمي والأكاديمي على هذه الدسائس، ثم يتم بعد ذلك تحويلها إلى أجهزة الإعلام والدعاية تبدأ عملية الترويج والتسويق المنظم لها، على نحو يكون في الأغلب مصحوباً بتصريحات وإيماءات كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية أو البريطانية، أو ربما الفرنسية بشكل يحقق المساندة المتبادلة بين التوجهات الرسمية والإعلامية.
ويعقب ذلك قيام مراكز الدراسات نفسها بالتأكد من مدى استفحال السموم التي أفرزتها عن طريق استطلاعات الرأي، وعندما يتبين لها أن هذه الأفكار الكاذبة الشريرة، قد سيطرت على عقول شعبها (المغلوب على أمره)، يتم تحويل الأمر برمته إلى الأجهزة المؤسسية مثل: البنتاغون، ووكالة المخابرات المركزية في أمريكا، أو جهازي الـ إم – أي – 5 ، و الـ إم – أي – 6 ، في بريطانيا أو المكتب الأول لقلم المخابرات الفرنسية، .. وذلك لكي يتم وضع (الأفكار الشريرة) في موضوع التنفيذ.
في هذا السياق، وعلى هذه الخلفية، أصدر مركز باين آر، تقريراً قام بإعداده بريّانماهير حمل عنوان: تغطية المصالح السورية والإيرانية في لبنان، ومن الناحية التنظيمية الشكلية يتضمن التقرير، المفاصل الآتية: تمهيد: المحور السوري – الإيراني، التهديدات المقنَّعة من جانب سوريا وإيران، الأنظمة العربية المهتمة بالنفوذ الشيعي في المنطقة، وأخيراً : الاستنتاجات.
يبدأ التقرير تمهيده بالاستناد إلى مغالطة غير منطقية، وذلك عندما أشار قائلاً بأن سوريا وإيران ظلتا تتقاسمان تاريخاً طويلاً من التنسيق الاستراتيجي القائم على اهتمامات ومصالح إقليمية متقاطعة، متجاهلاً بذلك حقيقة أن إيران قد ظلت خلال كل السنوات الطويلة التي سبقت قيام الثورة الإيرانية في وئام وتحالف كامل يصل إلى درجة العمالة مع الولايات المتحدة، وإسرائيل أكبر أعداء سوريا في المنطقة.. كذلك لم يتوانى كاتب التقرير عندما حاول بخبث أن يستند إلى الخلافات السورية- العراقية، والخلافات الإيرانية – العراقية، في فترة حكم صدام حسين السابقة، باعتبارها تمثل الأساس المشترك الذي قامت على أساسه العلاقات والروابط السورية الإيرانية.
في المفصل الثاني يتحدث التقرير عما أسماه بـ (المحور السوري – الإيراني)، من جهة واصفاً سوريا بأنها قد ربطت مصيرها وقدرها بإيران، من أجل تجنب وتفادي الضغوط الدولية، ومن جهة أخرى واصفاً إيران بأنها تستخدم وزنها الجيوبولينكي الكبير في العمل عبر سوريا من أجل تمديد وبسط نفوذها الإقليمي في المنطقة المتوسطية.
كذلك لم ينس كاتب التقرير أن يشير مفترضاً وجود اتفاق سوري – إيراني تقوم بموجبه سوريا- إن لم تكن قد قامت بالأساس، بتخزين بعض (المواد والأسلحة الإيرانية) في حالة فرض العقوبات الدولية على إيران، وكل ذلك مقابل أن تقوم إيران بتقديم المساعدات المالية لسوريا لجهة دعمها وتعويضها عن الضغوط والعقوبات الغربية ، إضافة إلى أن تقوم إيران أيضاً بإيواء أي مسؤول سوري يتم توجيه الاتهام ضده، بالتورط في علمية اغتيال الحريري.
هذا، وبغض النظر عن جانب المساعدات، فإن عملية الإيواء هذه غير ممكنة لأن التحقيق في قضية الحريري تقوم به جهة دولية لايمكن تفاديها أو الالتفاف حولها بهذه السهولة، إضافة إلى أن سوريا قد كونت لجنة قضائية لذلك ، وأعلنت مراراً وتكراراً عن إدانتها لعملية الاغتيال وحرصها على توقيع أشد العقوبات بمرتكبيها.
حمل المفصل الثالث عنوان( تهديدات مقنعة من جانب سوريا وإيران)، وقد روَّج إلى بعض الاتهامات القائلة بأن سوريا كانت وراء المظاهرات الفاضية التي اندلعت بعد نشر بعض الصحف الغربية للرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للإسلام والمسلمين، متناسياً هذا الكاتب بأن هذه المظاهرات لم تكن في سوريا ولبنان فقط ، بل كانت هناك مظاهرات أكثر عنفاً وعداءاً للغرب في أندونيسيا ونيجريا والباكستان، وعلى مايبدو أن كاتب التقرير لم يجد ذريعة خبيثة أخرى تمكنه من الحديث عن (الدور السوري – المفترض) في مظاهرات أندونيسيا أو نيجريا ، أو الباكستان.
كذلك اتهم التقرير سوريا بأنها تقوم بعملية(تخليط الوعاء اللبناني) عن طريق دعم أعمال العنف والشغب التي حدثت في لبنان في الفترة الأخيرة، متجاهلاً الحقائق والملابسات الفضائحية التي انكشفت وأوضحت حقيقة الدور الحقيقي السري الذي كان يريد المحقق الدولي ميليس أن يقوم به في لبنان، ولو أمعن كاتب التقرير القليل من الفحص والتدقيق في مهمة ميليس السرية الحقيقة ، لاستطاع بكل سهولة أن يعرف لا الحقيقة الكاملة في لبنان بل ومعرفة من يقوم حقيقة وفعلاً بعملية (تخليط الوعاء اللبناني)!!
المفصل الثالث في التقرير حمل عنوان (الأنظمة العربية المهتمة والمعنَّية بأمر النفوذ الشيعي)، والذي حدد فيه السعودية بالاسم، واصفاً إياها بالتخوف من ظهور هلال شيعي يضم : إيران ، العراق، سوريا، ولبنان.
ولكي يعطي تحليله المزيد من المصداقية، افترض الكاتب وجود تحركات سعودية لقطع الطريق أمام تمديد وتوسيع إيران لرقعة نفوذها، وذلك على نحو تجاهل فيه حقيقة أن الانتماء الوطني والقومي العربي في سوريا ظل واقفاً بقوة ليس أمام (القومية الفارسية)، بل وأمام كل محاولات تمديد وبسط النفوذ التي حاولت القوى الكبرى والعظمى تمديدها بدءاً من تركيا العثمانية وفرنسا.. وغيرها، إضافة إلى محاولات استخدام اتفاقيات الصداقة والتعاون لبسط النفوذ على سوريا، بواسطة القوى العظمى، والتي لا يمكن مقارنة إيران بها.
الجمل
إضافة تعليق جديد