الأجندة الخفية لحرب النفط الأمريكية
الجمل : ما يحدث في العراق، من جانب الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا، يتم من أجل الحصول على أكبر وأرخص احتياطي نفط في العالم يمكن السيطرة عليه.
قامت الحرب في العراق، بالوكالة عن الشركات النفطية الأنجلو - سكسونية العملاقة، والتي تتمثل في: بي. بي. إكسون، موبيل، شيفرون، تيكساكو، وشل. وذلك من أجل تحقيق هدف أساسي، هو سيطرة القوات الأمريكية - البريطانية على منشآت النفط العراقي في منطقة الخليج.
يبلغ الاستهلاك المحلي للنفط في الولايات المتحدة حوالي 20 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل 26% من إجمالي استهلاك العالم، وهي كمية تفوق حجم الاستهلاك السنوي لقارتي أوروبا وأفريقيا مجتمعتين. وتمثل واردات الولايات المتحدة النفطية حوالي 56% من إجمالي الاستهلاك. ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 66% في عام 2020، علماً بأن الولايات المتحدة تحتوي على 2,8% فقط من إجمالي الاحتياطات النفطية المكتشفة حالياً في العالم (في منطقة الشرق الأوسط، وبالذات في السعودية وبلدان الخليج وإيران والعراق). وثمة احتياطات نفط وغاز كبيرة، توجد في إقليم حوض بحر قزوين (أذربيجان، كازاخستان، روسيا، تركمانستان، وإيران). وتقول التقديرات الأولية التي تعلنها إدارة معلومات الطاقة، بأن إجمالي احتياطات النفط والغاز المكتشفة والمحتملة الاكتشاف في العالم، تبلغ حوالي 243 مليار برميل، أي بزيادة تبلغ حوالي 25% من احتياطات العالم الحالية. والعراق ينتج 11% من الإنتاج النفطي العالمي، ويأتي في المرتبة الثانية تماماً بعد السعودية، من حيث حجم الاحتياطي النفطي (يبلغ احتياطي العراق حوالي 112 مليار برميل). كذلك، فإن تكلفة استخراج النفط العراقي، أقل من نصف تكاليف النفط في أعماق البحار؛ لذلك فإن السيطرة المباشرة على الخليج العربي والمحيط الهندي، سوف تؤدي إلى تعزيز وتدعيم استراتيجية السيطرة على منابع وطرق نقل النفط الأساسية في العالم.
ظلت شركات النفط الأنجلو - سكسونية العملاقة (بي .بي، شيفرون، تيكساكو، شل إكسون، وموبيل) ولفترة طويلة غير متواجدة لا في العراق ولا في إيران، ووقعت هاتان الدولتان عقوداً نفطية واتفاقيات شراكة إنتاجية للنفط مع الشركات النفطية الفرنسية والروسية والصينية. وبسبب عقوبات الأم المتحدة على العراق، فإن الاتفاقيات التي وقعتها بغداد لم تعد سارية رسمياً.
الأجندة الخفية :
ذكرت صحيفة الواشنطن بوست في 15 كانون الأول 2002: «إن الإطاحة بصدام حسين، تحت قيادة وإشراف الولايات المتحدة، يمكن أن تفتح منجماً وافر الثراء لشركات النفط الأمريكية التي حُرمت طويلاً من العراق، بسبب الصفقات النفطية بين العراق وكل من روسيا وفرنسا وبعض البلدان الأخرى، على النحو الذي غير ملامح الأسواق النفطية العالمية لفترة طويلة. وكذلك فإن هذا الأمر سوف يعطي لأمريكا وحلفائها فرصة لقطع الطريق أمام صفقة نفطية متوقعة، تبلغ قيمتها 40 مليار دولار، ستعقد بين العراق وروسيا، إضافة إلى اتفاقية اقتصادية تتضمن المزيد من المزايا والفرص الممتازة للشركات الروسية، وهو ما يمنحها الامتياز والحق في استكشاف واستغلال النفط في صحراء غرب العراق. إضافة إلى أن شركة النفط الفرنسية (توتال فينا إلفا) قد تفاوضت مع العراق من أجل الحصول على حقوق تطوير حقل (مجنون) الواقع على مقربة من الحدود العراقية - الإيرانية، وهو يحتوي على حولي 30 مليار برميل من النفط».
وعلى التوازي، فإن تجمع الشركات النفطي (الفرنسي- البلجيكي) الذي يضم توتال - فينا - إلفا، والذي يتشارك مع الشركة الإيطالية (إيني)، استطاع أيضاً الحصول على استثمارات هائلة في إيران، وتمكن من القيام (وذلك بالتشارك مع شركة غاز بروم الروسية، وشركة بتروناس الماليزية) بعقد اتفاقية شراكة مع شركة النفط الإيرانية الوطنية. ومن ثم فإن بإمكان الولايات المتحدة، بالاستناد إلى العديد من المبررات، أن تقوم بكسر الصفقة الفرنسية مع طهران، وذلك على خلفية أن قيام فرنسا بذلك، يمثل انتهاكاً للعقوبات الدولية المفروضة ضد إيران وليبيا.
قد لا يبدو مدهشاً أن الحوار في مجلس الأمن الدولي، حول الإجراء الواجب اتخاذه ضد العراق، قد تضمن انقساماً بين الأعضاء الدائمين في المجلس. فهناك دولتان هما الولايات المتحدة وبريطانيا، قد طالبتا بعمل عسكري فوري، ودولتان هما فرنسا وروسيا، عارضتا بوضوح هذا العمل، ودولة واحدة هي الصين وقفت جانباً. وبناء على ذلك، كان قرار مجلس الأمن الدولي الصادر، يعكس هذا الانقسام وعدم التوافق. ومن ثم قامت الولايات المتحدة وبريطانيا بتنفيذ تهديدهما بشن الحرب ضد العراق. علماً بأن هاتين الدولتين كانتا تقصفان العراق باستمرار وتفرضان حظراً جوياً على الطيران في الأجزاء الجنوبية والشمالية من العراق، تحت ذريعة جوفاء، هي حماية الأقليات الاثنية الموجودة في هاتين المنطقتين. وإضافة إلى ذلك، فإنه وبعد صدور قرار مجلس الأمن، في الثامن من تشرين الثاني، قام البنتاغون بالشروع في تنفيذ خطته المتعلقة بغزو العراق، ونشر القوة العسكرية الأمريكية: البرية والبحرية والجوية، التي يتراوح عددها من 200 ألف إلى 250 ألفاً.
علقت وكالة الأسوشيتد برس على ذلك قائلة: «توقع مخططو البنتاغون بأنه من الممكن تنفيذ خطة، يستطيع بموجبها 100 ألف أو أقل من القوات غزو واحتلال العراق، ولكنهم وضعوا قوات أكثر بكثير من هذا الرقم تحت تصرف الجنرال تومي فرانكس قائد القيادة الوسطى الأمريكية، لتنفيذ ذلك المخطط».
الجمل : قسم الترجمة
المصدر : غلوبال ريسيرتش
الكاتب : البروفيسور إيريك واديل
إضافة تعليق جديد