المكاتب الصحفية (الخدمية) في الوزارات والمؤسسات الرسمية
رغم أن كل التفاصيل المتعلقة بعمل المكاتب الصحفية التابعة للوزارات والمؤسسات الرسمية، واضحة وصريحة تماماً في البلاغ الصادر عن السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 6/ب/1999/15 تاريخ 24/3/1997 ، إلا أن معظم السادة الوزراء ورؤساء المؤسسات التنفيذية الاخرى، دأبوا على تغيير مضمون هذا البلاغ عن طريق اصدار التعليمات والقرارات الموجهة الى مديرياتهم ومكاتبهم الصحفية، كمحاولة للحد من حرية الاعلاميين في الوصول الى المعلومة المتعلقة بهذه الوزارة أو تلك، فقد اخترعت معظم تلك المؤسسات آلية روتينية معقدة قيدت عمل الصحفيين وجعلت الحصول على معلومة بسيطة يتطلب أحيانا شهرا كاملا من تقديم الطلبات وانتظار انتهاء الاجتماعات والدراسات المفترضة حتى يتمكن الصحفي، إن حالفه الحظ، من إتمام التحقيق الذي يقوم به حول أي قضية تخص الشأن العام!..
يحدد البلاغ المذكور بشكل واضح وصريح مهمة المكاتب الصحفية وطبيعة العلاقة بينها وبين الاعلاميين العاملين في الوسائل المقروءة والمسموعة والمرئية، ويطالب كافة الوزارات والادارات والمؤسسات والجهات العامة بتوفير المعلومات المطلوبة والتسهيلات اللازمة للصحفيين المكلفين من قبل صحفهم ومجلاتهم ونشراتهم واجهزتهم الاعلامية بإجراء تحقيقات صحفية أو اذاعية أو تلفزيونية، بغية توضيح سياسة الدولة وخططها وشرح برامجها وإجراءاتها وكذلك كشف الأخطاء والمخالفات وكل أنواع الاهمال في المجالات الاقتصادية والإدارية والفنية والإنتاجية والمسلكية، أو كشف القصور التشريعي والتنظيمي عن مواكبة التطور العام.. حسبما يذكر البلاغ..
غالبا ما انشغلت معظم تلك الوزارات والمؤسسات بطقوس (البريستيج) و(الاتيكيت) التي توحي بأنها نفذت ذلك على أكمل وجه، حيث تستقدم الموظفين وتفتح المكاتب وتعلق اليافطات كدليل حاسم على انهماكها ببناء تلك الجسور من التواصل مع الإعلام، تنفيذا لبلاغ مجلس الوزراء المذكور، رغم أنه في معظم الحالات، لاتتعدى تلك المكاتب الصحفية المستحدثة كونها فلاتر محصّنة جيدا لاحتكار المعلومة أو حجبها أو توجيهها وممارسة التعديلات عليها بما يتوافق مع رؤية المسؤول الأول في الوزارة أو المؤسسة، لأنهم يعتقدون بكل بساطة أن هناك فئة من الصحفيين المشاكسين والمصنفين عادة ضمن هواة المتاعب، لابد من إخضاعهم لآلية صارمة في التعامل بحيث لا يصولون ويجولون في مكاتب الوزارات والمؤسسات كما يشتهون.. في كل الأحوال فإن لموضوع المكاتب الصحفية والعلاقة بين المسؤول وأجهزة الاعلام والصحفيين عموما، أكثر من شجن يمكن أن يثار على هذا الصعيد..
- يقر الصحفيون بحق المكاتب الصحفية في تبني رأي الوزارة ووجهة نظرها حول مختلف البرامج والقضايا العامة، وكذلك الانبراء الى شرحها والدفاع عنها في وسائل الاعلام المختلفة.. لكن الغريب هو العمل على تقديم كل ذلك كحقائق مطلقة وغير قابلة للنقاش والاستقصاء والبحث من قبل الصحفيين، فهذا يشكل علامة استفهام كبيرة تطول جميع المحاولات الحثيثة لإغلاق الباب على بنك المعلومات الخاص بالوزارات والمؤسسات، وكذلك لجوء المكاتب بالتنسيق مع إداراتها العليا إلى إبقاء المسؤولين في حالة اجتماع دائمة، كحجة لعدم مقابلة الصحفي المراجع في أي موضوع يخص هذه الوزارة أو تلك!.. وعلى طريقة المثل الشهير عن المسلّة التي (تخز صاحبها) يعتقد الصحفيون أنه لولا وجود الكثير من المثالب والعيوب التي لا يريدون لأحد الاطلاع عليها، لما لجأت تلك الإدارات والمكاتب إلى هذا الأسلوب في التعامل مع الإعلام!..
استنادا لذلك، لن يكون غريبا أن ينتظر الصحفي أكثر من شهر ونصف دون أن يتمكن من مقابلة مدير الرقابة الداخلية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أو أن يقوم المدير المذكور بقفل باب مكتبه من الداخل متجاهلا طرقات الصحفي على الباب من الناحية الأخرى، بدعوى أنه ليس موجودا في المكتب!.. كذلك فإن الأمر سيبدو طبيعيا عندما يتمكن الصحفي من الحصول على موافقة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل على مقابلته وقيامها بالتوقيع على طلب المقابلة ذاك باللون الأخضر أيضا، ومن ثم يعمد المكتب الصحفي هناك الى إفشال المقابلة وعدم تحديد موعد لأن هذا الأمر لم يأت عن طريقه مثلا أو انه لا يروقه على الإطلاق!..
لن يكون غريبا أن يقوم المكتب الصحفي في مجلس الشعب مثلا، باستخدام كل أساليب الروتين لعرقلة تحقيق عن دور المجلس في مكافحة الفساد ويجهد لمنع اللقاء بين الصحفي ورئيس المجلس لمجرد أن الأسئلة لم ترق لمدير المكتب!..
وسيكون الأمر عاديا أيضا، عندما تقوم محافظة دمشق بكتابة الاسئلة التي يفترض أن يسألها الصحفيون حيال موضوع الهدم في كفرسوسة ووضع الاجابات لها على أوراق مطبوعة يتم توزيعها على الصحفيين كي يريحوا ويستريحوا!.. أو أن تعمد وزارة الشؤون مرة ثانية، الى الطلب من الصفحيين بضرورة الحصول على موافقة احدى الهيئات القضائية العليا حتى يتمكنوا من دخول معهد الفتيات الجانحات لكتابة أي تحقيق، ومن ثم تقوم الجهة المذكورة بإحالتهم الى وزارة العدل كي ينتظروا أكثر من شهر دون الحصول على شيء..!
وإذا ما تورط مدير المكتب الصحفي في إحدى الوزارات بإعطاء أي معلومات للصحفيين خلافا لتوجيهات الوزارة، بضرورة الحجب والاحتكار، لن نستغرب أن تتم معاقبته من قبل الوزارة بالحسم من راتبه مبلغا لمدة ثلاثة أشهر كي يتعظ..!
واذا ما اكتشفت وزارة الكهرباء أيضا، بأن أي موظف فيها قد قام بإعطاء أية معلومات للصحافة، لن نتفاجأ عندما يتم فصله من الوظيفة من جراء فعلته النكراء، وكأن الصحفيين مطالبون بالحصول على المعلومات من المريخ مثلا!..
كذلك، فإن مدير المكتب الصحفي في المؤسسة العامة للاتصالات لن ينجو بفعلته عندما ينشر خبرا على أحد مواقع الانترنت يعزز مكانة المؤسسة وسياستها، فيتم رفع طلب بضرورة معاقبته ونقله من مكانه وتكليف خريج معهد اتصالات مكانه!..
كثيرا ما يتعرض مدير المكتب نفسه للظلم من قبل إدارته إذا ما غرّد خارج السرب، فهو ملزم بالارشادات والقرارات التي لا تنتهي عن طبيعة العلاقة مع الإعلام.
من غير المنطقي أن يخضع موضوع العلاقة بين الإعلام والمسؤول إلى الحظ في انتقاء مدير المكتب الصحفي ومدى مهنيته وطريقة تفكيره وكذلك اجتهادات المسؤول الاول في الوزارة أو المؤسسة، وكأن الامور تُبنى على النيّات مثلا أو محكومة بالمصادفة التي تدفع بفلان من الناس مديرا للمكتب الصحفي في وزارة ما ليرتبط الامر بالتالي بمسألة الحظ إن كان ذاك الشخص مناسبا للأمر أم لا؟ بخلاف ما يطالب به بلاغ مجلس الوزراء المذكور سابقا حول ضرورة أن يكون صحفيا وعضوا عاملا في اتحاد الصحفيين؟!.
يطالب الصحفيون بأن يكون مديرو المكاتب الصحفية إعلاميين في الشهادة والمهنة وأعضاء عاملين في اتحاد الصفحيين، كي نتجاوز الإصرار على إعادة انتاج المشكلة على نحو أشد تعقيدا في كل مرة، إذ إن ذلك يساهم مع غيره من العوامل في إساءة تقدير دور الاعلام وقيمة المعلومة وحجمها في ايصال سياسة الدولة الى الرأي العام، فمدير المكتب الصحفي اذا لم يكن اعلاميا غالبا ما يعمد إلى قطع العلاقة مع الإعلام أو تحجيمها إلى أبعد الحدود، وذلك تمشيا مع المثل الشهير (ابتعد عن الشر وغنِّ له) فهو يؤمن بما لايدع مجالا للشك أبدا، بأن هذه العلاقة ليست لصالحه بل إنها محفوفة بالمخاطر أيضا..!
-تتنافس الوزارات في اختراع التعقيدات وابتكار العراقيل أمام عمل الصحفيين، حيث يطالبون الصحفي بإملاء استمارة خاصة بالأسئلة التي يريد الإجابة عنها، حتى ولو كانت متعلقة بأصغر دوائر الوزارة، ليقوم بعد ذلك المكتب الصحفي برفعها الى السيد الوزير الذي يطلع بدوره عليها ثم يحولها الى المسؤول المختص للاجابة خطياً عن تلك الأسئلة ومن ثم اعادتها مجددا الى السيد الوزير، حيث يعيد قراءة الاجابات فيحذف أو يضيف، ثم يرسلها بعد ذلك الى المكتب الصحفي الذي يوصلها بدوره الى الصحفي راضيةً مرضيةً ومنهكةً أيضاً، وربما بعد أن تكون المشكلة المثارة في التحقيق الصحفي قد انتهت وفات أوانها، وكأن الوزارة تريد أن تقول للصحفي (الحشري) هنا: كان من الافضل ألا تتعب نفسك منذ البداية وذلك بالاكتفاء بأجوبة المكتب الصحفي دون الحاجة لتضييع الوقت كل هذه المدة الطويلة!..
الطريف بالموضوع أنه وبعد قدوم معلقة الاجوبة من رحلة الصيف والشتاء تلك، غالبا ما تكون المسألة المطروحة قد انتهت وصار مجرد النشر عنها غير مبرر ودون أية فائدة..! مع العلم أن المدة التي تتطلبها الإجابة على أسئلة الإعلاميين قد تختلف من وزارة لأخرى، وذلك بحسب الموضوع، فإن كان بسيطا، فمن الممكن أن تستهلك ثلاثة أيام على أقل تقدير، أما إذا كان من العيار الثقيل فحدّث ولا حرج..!
تدّعي الوزارات أنها تقوم بذلك بهدف تنظيم وتسهيل العمل الصحفي والحرص على نشر المعلومة مفصلة وموثقة من مصادرها مباشرة. لكنها لا تجيب عندما نرد عليها بأنه لو كان ذلك صحيحا لسمحتم للصحفي بالصعود مباشرة إلى المكتب المعني لأجل مقابلة المدير المختص والحصول على الأجوبة فورا دون الحاجة إلى هذه اللفة الطويلة، اللهم إلا إذا كانت هناك غايات أخرى من ابتكار هذه التعقيدات..؟!
ماذا نستطيع أن نستنتج من كل هذه الإجراءات الروتينية المملة والطويلة والمعقدة التي تقضي برفع الطلبات والأسئلة والانتظار.. سوى عدم وجود ثقة بين المسؤول الذي يشكل رأس الهرم في الوزارة والمؤسسة، وبين بقية المديرين في مديريات الوزارة وأقسامها المختلفة، وهي ما تدفعه إلى التدقيق بكل ما يمكن أن يدلوا به الى الصحافة من معلومات..؟!.
إن من أغرب الحالات أن يقوم بعض مديري المكاتب الصحفية بحجب نتائج الاجتماعات التي تعقد في وزاراتهم وكذلك أنباء القرارات والمشاريع الصادرة عن تلك الوزارات، بهدف القيام بنشرها في الصحف الرسمية بأسمائهم هم وليس مندوب الصحيفة المكلف بمتابعة أخبار الوزارة وشؤونها، وكأن مدير المكتب الصحفي لم يكتف بالبيضة التي يحصلها من الوزارة من جراء السفر والمهمات والسيارة في بعض الوزارات...الخ إنما يريد الحصول على (التقشيرة) أيضا عبر نشر الأنباء في الصحف باسمه شخصياً كي يضرب كل العصافير بحجر واحدة...!
- الطريف الآخر في الموضوع، أن بعض مديري المكاتب الصحفية ومنذ اللحظة الاولى التي يستلمون فيها منصبهم الجديد، يسعون إلى إقصاء بقية الإعلاميين من الصحف المختلفة، عن حضور اجتماعات الوزير مع المديريات والدوائر، على غير ما درجت عليه الوزارة في عهدها السابق، ويبررون ذلك بحضور مدير المكتب الصحفي لهذه الاجتماعات حيث سيقوم في نهايتها بصياغة الخبر الذي يريد ثم يقوم بإرساله الى (سانا) أو إلى الصحف مباشرة، دون الحاجة لنشر الغسيل أمام الصحفيين الغرباء كي لا يكتبوا مثلما يشتهون، خصوصا إذا كانت بعض هذه الاجتماعات، قد تحتمل نقاشاً ساخناً بين الأطراف.. وغالباً مع تتم هذه المسألة بالتنسيق بين الوزير ومدير المكتب الصحفي الذي يعيش هستيريا دائمة من أي تهديد يمكن أن يطول سلسلة النعم المستحدثة لدى البعض منهم!..
وإذا ما حدث أي اختراق في تلك القاعدة وتمكن أي صحفي من الوصول الى معلومات مغايرة تماماً، فإن مدير المكتب الصحفي يحاول التدخل لأجل تعديلها بما يتناسب ومصلحة الوزارة، على اعتبار أنه هو من سيدفع الثمن في نهاية المطاف نظرا لمسؤوليته المباشرة عن موضوع الإعلام أمام إدارته العليا في الوزارة..! أما اذا لم تفلح تلك الجهود في تحديد طبيعة المادة الإعلامية التي سيكتبها الصحفي وبالتالي توجيهها بما يتناسب مع مصلحة الوزارة وليس مصلحة الشأن العام، فإنه من أسهل الامور أن يتم وضع اسم هذا الصحفي عند عامل الاستعلامات في الوزارة كشخص غير مرغوب فيه وممنوع من الدخول، وهو ما اشتهرت به بعض الوزارات المهمة في البلد، وسبق أن مارسته بحق العديد من الزملاء الإعلاميين، بل إن بعضها لم يكتف بذلك فحاول استصدار قرار بفصل الاعلامي من صحيفته التي يعمل بها!.. مع الإشارة إلى اعتماد الكثير من المؤسسات والوزارات أسلوب حرمان الصحفي المندوب لديها، إذا ما صُنّف عاقاً، من جميع المكافآت التي تصرفها الوزارة الى جانب سواها من الامتيازات التي تعتقدها كبيرة، وذلك حتى يعود الصحفي إلى رشده من جديد فيدخل بيت الطاعة وإلافإنهم يقيمون الحدّ عليه!..
-ليست الغاية هنا تقديم الصحفيين على أنهم أنبياء أو قديسين، فالواضح أنه في ظل هذا النشاط الاعلامي الذي تشهده سورية لجهة تعدد المطبوعات والصحف وتوزعها بين قطاعين عام وخاص، لاشك سنحصل بالتالي على تعدد فيما يتعلق بالصحفيين، إن كان من ناحية خبراتهم أو أساليبهم أو طريقة تعاطيهم مع المواضيع والقضايا التي يطرحونها، لكن وعلى طريقة أن كل واحد مسؤول عن أدائه وكلماته التي يكتبها، يمكن النظر إلى الموضوع ببساطة أكثر، مادامت إمكانية الرد متاحة أمام جميع الهيئات والمؤسسات والوزارات، إذا ما أحست إحداها بأنها قد ظلمت من جانب الصحفي مثلا، إضافة إلى وجود قانون ينظم ويحدد تلك التفاصيل بحيث يعطي كل ذي حق حقه.. بحيث لا يتحول ذلك الجانب إلى مجرد مبرر عند المكاتب والمؤسسات على حد سواء للهروب من أجهزة الإعلام بداعي أنها غير منصفة..
تطالب المكاتب الصحفية بايجاد آلية تنظم التعامل مع القطاع الاعلامي الخاص، حيث تتهم بعض الصحفيين بمحاولة الحصول على مكاسب خاصة، كتمرير الاشتراكات الخاصة بأعداد الصحيفة أو بهدف الحصول على إعلان من الوزارة يقبض الصحفي نسبة تصل إلى 35% من قيمته، اذا ما تمكن من الحصول عليه، وتضيف المكاتب بأنها غالبا ما تُستهدف من قبل أولئك الاعلاميين بالانتقام أو الضغط بغية تمرير تلك الامور!..
في كل الاحوال، فإننا نحيلهم إلى بلاغ السيد رئيس مجلس الوزراء المذكور في الأعلى فهو ينظم عمل الصحفيين وعلاقتهم بالإدارات والمسؤولين، ولا داعي للاجتهاد في هذا الموضوع، لأن القانون حدد كل هذه التفاصيل.. فالصحفي مهما كانت طبيعة المؤسسة التي يتبع لها، لايمكنه تلفيق الاتهامات أو نصب الكمائن مثلما يحب أو يشتهي، ذلك أنه لا يعمل في جزيرة معزولة، فهو يرتبط بإدارات تحرير ومؤسسة وقانون يمكن الالتجاء إليه اذا ما أحس أحد الاطراف بأنه قد تعرض للاضطهاد أو الظلم، لا سمح الله!!.
ماذا تقول المكاتب الصحفية؟
أحمد الخليل ـ المؤسسة العامة للاتصالات:
بعض الوزارات تنظر إلى المكاتب الصحفية كديكور في الوزارة بدون أي فعالية لدرجة أن بعض المكاتب الصحفية تقرأ عن وزاراتها في المنابر الاعلامية أكثر مما يردها من مديريات وأقسام الوزارة، أي أن المكتب الصحفي (كالزوج آخر من يعلم)..
بعض الوزراء أو المديرين ينظرون الى المكتب الصحفي باعتباره صوتاً مضموناً يأخذ رواتبه منهم، وبالتالي لا حاجة له ولا لآرائه!.. بينما يلجؤون إلى صحفيين واعلاميين من خارج الوزارة لتسريب المعلومات وتلميع صورتهم، مثلا وزارة الخارجية تعرف أخبارها من خلال الجرائد الصادرة في لندن!..
هناك نوع من المكاتب الصحفية يعوق وصول أي معلومة الى الاعلام وهذا النوع هو المفضل لدى الوزراء والمديرين.. ويوجد نوع اخر من المكاتب الصحفية يسهل عمل الصحفيين ويقدم لهم المعلومات ويسوق لسياسة مؤسسته بشكل مهني وهو نوع غير مستحب لابل يمكن أن يتعرض المسؤول فيه الى العقوبة..! مثلا أنا أحيانا أطلع على ما يجري في وزارة الاتصالات من خلال أخبار الزميلين علي هاشم وعدنان سعد.. ولولا وجود شخص كالدكتور هيثم شدياق مدير عام مؤسسة الاتصالات الذي يقدر مهمة الاعلام وجهود الاعلاميين، لكنت غادرت مكاني مبكرا.. فأنا لا أستطيع إلا التعامل كما يجب مع زملائي الصحفيين، إن كان بإعطاء المعلومات أو بأسلوب التعامل..
سامر جديد ـ وزارة التربية:
يعمل المكتب الصحفي في وزارة التربية على تزويد الصحف الرسمية والخاصة وكافة وسائل الاعلام بالمستجدات التربوية وجميع القرارات والتعميمات والخطط والبرامج الصادرة عن وزارة التربية وبالتالي فإننا نتابع ايضا جميع الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية فيما يتعلق بالتربية.
إن مهمتنا هي تسهيل مهمة الاعلاميين الراغبين بالاطلاع على انجازات الوزارة ومديرياتها وأيضا تحديد الشكاوى الواردة في الصحف اليومية ومتابعتها مع المديريات المعنية لمعالجتها بالسرعة الممكنة.. نحن لدينا آلية للتواصل مع الصحفي المتابع إذ إن موافقة السيد الوزير ضرورية وهي تسهل عمل الصحفي في الوزارة بحيث يمكنه في النهاية الحصول على المعلومات التي يريد، وعندما يكون الصحفي لديه استفسار واحد أو نقطة بسيطة أو محددة فلا مشكلة من تسهيل لقائه مباشرة مع المديرية التي يريد بغية الحصول على ذلك.. وهذه هي مهمة المكتب الصحفي..
لابد من توجيه ملاحظة حول أسلوب عمل الإعلام الخاص أو بعضه من الصحف والمجلات التي تنشر في بداية كل عام عدة مواضيع عن وزارة التربية، ثم يأتي بعدها مندوبون إلى الوزارة لأجل مطالبتنا بالاشتراك والاعلان.. إضافة إلى أن بعض الإعلاميين يريدون الحصول على المعلومة دون جهد يذكر، ما يوقعهم بأخطاء على صعيد صحة المعلومات، كما حدث سابقا عندما نشر أحدهم موعدا خاطئا لإحدى مسابقات التربية ما أوقعنا بإرباك كبير.
علا جربوع ـ وزارة الادارة المحلية:
نحن نتابع الصحف الرسمية ومعظم الصحف الخاصة، ونعتمد آلية بسيطة وغير معقدة في التعامل مع الصحفيين، وذلك حسب الموضوع والأسئلة والجهة التي يريد الصحفي مقابلتها.. فاذا كان المطلوب إجراء حوار مع السيد الوزير فإننا نطلب الاطلاع على الاسئلة ثم نعرضها على السيد الوزير، ونحدد له موعدا للقاء.
أحيانا يأتي الصحفي وهو غير قادر على تحديد ماذا يريد.. فيطلب منا أن نضع له الاسئلة وهذا شيء يدعو الى الاستغراب.. وهناك بعض السلبيات التي نلاحظها في عمل بعض الصحفيين مثل محاولات تمرير بعض الطلبات الخاصة بتعيين أقربائهم مثلا او محاولات ترويج مجلة أو مطبوعة ما عند الوزارة عن طريق طلب الاشتراك والاعلان.!
نحن نتعامل مع الصحفي بالطريقة التي يريد فإن كان قد أعد الاسئلة مكتوبة ويريد إجابات مكتوبة من الجهة المعنية في الوزارة فيمكنه ذلك وإذا رغب بمقابلة المدير المعني بالأمر فلن يكون هناك مشكلة أبداً.
ابراهيم حسن ـ وزارة الصحة:
نحن نتابع جميع الصحف الرسمية ومعظم الصحف الخاصة حيث نرفع تقريرا الى السيد الوزير يتضمن كل ما ينشر حول القطاع الصحي، فاذا تطلب الامر تسليط الضوء على بعض الجوانب فانه يوجه الى الجهات المعنية من أجل إرسال الردود بالتنسيق مع المكتب الصحفي إلى الصحف المعنية.
المكتب الصحفي هو حلقة وصل بين الصحفي والوزارة فنحن لا نمانع من مراجعة الصحفي لأية دائرة من دوائر الوزارة، ولكن في بعض الأحيان تطرح مواضيع بحاجة إلى تدقيق لجهة الارقام والاحصائيات لذلك لابد من التنسيق الدائم مع الصحفيين اذ إن التثقيف الصحي عبر الاعلام عملية ضرورية جدا لذلك فإن الوزارة تعتبر أن الاعلام شريك اساسي لها في هذه العملية... نحن لا نمانع في التواصل مع الصحفي حتى عندما يكتب عن أداء المستشفيات لأن ذلك يساعدنا في معالجة وتلافي السلبيات إن وجدت.
أنطوان شار ـ محافظة دمشق:
إن الهدف من وجود مكتب صحفي في المؤسسات الرسمية هو ايجاد صلة وصل بين الصحافة والمسؤول، وقد تم الايعاز بذلك من قبل رئيس مجلس الوزراء على أن يتبوأ مهام مديري المكاتب زملاء من أصحاب الخبرة وأن يكونوا من الاعضاء العاملين في اتحاد الصحفيين، وهذا غير ملحوظ دائما من قبل مديري المؤسسات، في كل الاحوال فإن عمل مدير المكتب هو تسهيل عملية نقل المعلومة للصحفيين من الجهات المعنية في الوزارات والادارات.. وهنا لابد من التأكيد على وجوب الاشارة الى الايجابيات وعدم الاقتصار على السلبيات فقط..
نحن في محافظة دمشق نتابع الصحف الرسمية فهي الأساس، أما الصحف الخاصة فهي تطلب اشتراكات معينة لا نقدر عليها، أما اذا أرسلوها مجانا فنتابعها..
الصحافة الخاصة جزء متكامل مع الرسمية، لكن نتيجة اعتمادها على بعض الكوادر الجديدة وضعيفة الخبرة فإنها تبتعد أحيانا عن الدقة والحرفية.. وهنا لابد من الاشارة الى أنه يجب تحديد صيغة معينة للتعامل مع الصحافة الخاصة..
كثيرا ما يحضر الصحفي اجتماعات مجلس المحافظة ويتصرف بعلاقات خارجة عن الاختصاص الصحفي، لذلك نشدد على ضرورة تعاون الجميع بغية الوصول الى أفضل أداء.
بالنسبة للصحفي المراجع في أي شأن، فإنه يتقدم الينا بالاسئلة التي يريدها مكتوبة بشكل واضح حيث نقوم نحن في المكتب بتحويلها عبر الفاكس الى الجهة المعنية ومن ثم يحولها المدير الى الموظف المعني بالاجابة وخلال يومين أو ثلاثة كحد أقصى تكون الاجابات جاهزة بعد عرضها على السيد المحافظ لاغنائها والتأشير عليها، لتصل بعد ذلك عبر المكتب الى الصحفي المعني..
ماذا يردّ الصحفيون؟!
شعبان أحمد:
في البداية لابد من إبداء ملاحظة جديرة بالاهتمام، فغالبا ما يتم تغيير رئيس المكتب الصحفي إثر تغيير المسؤول الاول في الوزارة او المؤسسة، وهذا ما يؤكد أن معظم المكاتب الصحفية ليس لها أي صفة صحفية بل هي ادارية!..
ورغم أن السيد رئيس مجلس الوزراء اصدر بلاغا بتسيير عمل الصحفيين واعطائهم المعلومة، فإن الوزارات غالبا لا تلتزم بذلك، بل إنها تلجأ الى التعقيد أكثر بربط الحصول على أية معلومة بموافقة الوزير!..
هنا لابد من أن يتم تعيين رؤساء المكاتب الصحفية من قبل جهة أخرى غير المؤسسة التي يتبعون لها لكي يكون عمل هذه المكاتب مهنيا وصحيحا.. بدل التكتم على المعلومة ومحاولة تغييرها، فلايوجد أي مسوّغ لهذا السلوك ابداً إلا إذا كانت هناك اخطاء تمارس ولا يريدون أن يكتشفها أحد..
أكثر ما تتجلى العقبات أمام صحفي التحقيقات بشكل خاص، اذ إنه على احتكاك دائم مع تلك الجهات حسب طبيعة عمله، وهنا لابد من الاشارة الى المندوبين الصحفيين في الوزارات الذين يستمرون في أمكنتهم لعدة سنوات ما يجعلهم ينشئون سلسلة علاقات صداقة يمكن أن تؤثر سلبا أو ايجابا في عملهم..
تخيل أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تطلب من الصحفي موافقة النائب العام حتى تسمح له بدخول معهد الجانحات مثلا.. لابد أن تدرك هذه الاطراف ان الصحفي لا يمثل نفسه بل هو يمثل الرأي العام، ولابد من التعامل معه على هذا الاساس.. وفي المقابل، فإن هناك وزارات تستقبل الصحفيين دون أية تعقيدات مثل وزارة النقل ووزارة الاسكان.
أصعب مؤسسة هي محافظة دمشق، فلا أحد قادر على الحصول على أية معلومة منها..!
حمود المحمود:
المكاتب من حيث الفكرة صحيحة، حيث من الممكن أن تساهم في الوصل بين الصحفي والمسؤول، لكن الامور لا تجري على هذا النحو أبداً!..
المشكلة التي نواجهها هي الروتين «المقصود» من أجل حجب المعلومات حيث يملّ الصحفي من العمل والاستقصاء.. أنا كصحفي أستعيذ بالله عندما أكون أمام تحقيق يتطلب الذهاب الى الجمارك مثلا أو وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لان هناك سلسلة من التعقيدات التي لا تنتهي!..
الجمارك مثلا أحدثت مكتبا صحفيا أضاف تعقيدات كثيرة الى العمل وسلمت ادارته الى شخص غير مهني أبدا، لدرجة أنني تقدمت بسؤال لم أحصل على اجابته خلال شهر ونصف من الانتظار..!!
في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل مثلا، وعلى الرغم من أنني أعرف أحد االمديرين، فإن الوزارة تعقد الامور بقصد عرقلة العمل الصحفي.. فقد كنت أقوم بتحقيق لأكثر من شهر ونصف ولم أتمكن من الحصول على جواب حول أحد الاسئلة، وحاولت الحصول على الرقم الخاص للمسؤول وتحدثت اليه فوعدني بعد ثلاثة أيام ومضى أسبوعان ولم يحدث اللقاء، حيث كان يحولني الى المكتب الصحفي، فصعدت الى مكتبه في إحدى المرات بعد أن تحدثت معه بالهاتف الداخلي، لكنه أقفل الباب من الداخل ولم يفتح لي أبدا..
الأخطر من ذلك، أنني طلبت مقابلة السيدة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل عبر طلب تقدمت به اليها، فأتى الرد بالموافقة مكتوبا باللون الاخضر أيضا، ومنذ شهرين حتى هذه اللحظة لم أتمكن من أخذ موعد عن طريق المكتب الصحفي الذي يعرقل اللقاء..!
المكتب الصحفي في وزارة الاقتصاد يستحق الشكر فليس هناك أي روتين بل إنه يقدم كل التسهيلات اللازمة حتى ولو كان اللقاء مع الوزير.
ماهر منصور:
في إطار الحديث عن المكاتب الصحفية في المؤسسات الرسمية والوزارات، أتذكر حادثة غريبة حصلت معي منذ عدة سنوات، فقد حصل نقص في أدوية الامراض المزمنة وكتبت بعض الصحف عن هذا الموضوع، وعندما ذهبت الى وزارة الصحة (المكتب الصحفي) لم يكن لديه أي علم بالمسألة، لأنه بكل بساطة لا يقرأ..!
هناك العديد من المؤسسات الرسمية لا تعترف بالصحافة الخاصة ويقتصر عملها على متابعة الصحف الرسمية الثلاث، علما أن الصحف الخاصة تطرح الكثير من المواضيع الجريئة.. أما بالنسبة للانظمة الاجرائية التي تفرضها الوزارات والمكاتب الصحفية على الاعلاميين فأقل ما يمكن أن يقال عنها إنها مزعجة ومعقدة جدا.. فوزارة التربية مثلا تلزم الاعلامي بمراجعة المكتب الصحفي عند القيام باجراء تحقيق صحفي يتعلق بها، حيث يقوم بإملاء طلب يتضمن نموذجاً من الاسئلة التي يريد إثارتها ثم ترفع الى السيد الوزير الذي بدوره يحولها الى المكتب او الجهة صاحبة الشأن (مديرية او معاون).. وحسب الحظ فقد تأخذ المسألة عدة أيام ريثما يتم توقيع البريد واعادته، هذا إذا كانت جميع الاطراف المعنية بالاجابة موجودة!...
محافظة دمشق تتبع الالية نفسها حيث يطلب منك تقديم طلب يتضمن الاسئلة مكتوبة فترفع الى الجهة المعنية كي تجيب عنها كتابة ايضا اذ انه تتعذر مقابلة المسؤول حتى اذا ذهبت الى بلدية كفرسوسة مثلا للسؤال حول نقطة ما، فإن رئيس البلدية سيرفض الاجابة على أي سؤال الا بعد موافقة المكتب الصحفي في المحافظة!..
غريب أمر الوزارات، فما المشكلة في أن يذهب الصحفي الى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لأجل الحصول على أسماء وعناوين الجمعيات الاهلية التي تتقاطع مع عمل الوزارة؟ ستتفاجأ بأنهم يرفضون ذلك، ويطلبون موافقة الوزير ولا أحد يدري ما الحكمة من كل ذلك التعقيد، اللهم سوى إعاقة عمل الصحفي!..
فلاشات
ـ أحد الصحفيين المشهورين سابقا بزواياهم اللاذعة، تحول من مهنة الكتابة الى ادارة المكتب الصحفي في إحدى الوزارات، فتناسى كل الانتقادات التي كان يوجهها لأداء وأسلوب عمل تلك الوزارة، وقد أصبح الان من ألدّ أصدقائها وأشهر المدافعين عنها.. فسبحان مغيِّر الأحوال..!
ـ ابتكر أحد المكاتب الصحفية طريقة جديدة في الرد على أسئلة الصحفيين تتلخص في قيامه بإعداد الأسئلة والأجوبة على حد سواء وذلك من باب (سبحان من ريّح وارتاح)!..
ـ في فترة ما، اضطرت إحدى الوزارات الى طرد أحد الاعلاميين من مكاتبها ووضعت اسمه على الباب الرئيس للوزارة، كشخص غير مرغوب بدخوله أبداً، مالم يقلع عن عادته السيئة «بالتنكيش» وراء السلبيات، كما تقول..!
ـ طلب أحد الصحفيين من المكتب الصحفي في إحدى الوزارات تحديد موعد لاجراء حوار مع السيد الوزير، وتمنّى على المكتب أن يقوم بتحديد موضوع الحوار وكتابة الأسئلة أيضا، لأن زميلنا الصحفي سيتكفل بالباقي كله، وهو تقديم طلب التعيين الخاص بأحد أقربائه بغية الحصول على توقيع السيد الوزير في نهاية الحوار!..
ـ تحول بعض مندوبي الصحف الدائمين لدى الوزارات الى أشد المدافعين عن سياستها وبرامجها وأساليب عملها، وذلك بحكم «العشرة الطويلة»، واستنادا الى مقولة: من عاشر القوم سنوات.. صار منهم طبعاً..!
ـ نقترح على القائمين على تعديل قانون المطبوعات حاليا، أن يضيفوا مادة خاصة بحق الحصول على المعلومات من قبل الصحفيين..!
زيد قطريب
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد