نقيب الفنانين: النقابة ليست مزرعة لأحد
(أشعر أني نقيب ألف وخمسمئة فقير، ألف وخمسمئة مطحون وحالم، ونحن سنجعل حلمهم حقيقة، لأنه سهل التحقيق إذا تم من خلال عمل مؤسساتي). بهذه الرسالة الواضحة يبدأ الفنان صباح عبيد مهمته الجديدة كنقيب للفنانين في سورية.
وصباح عبيد رجل مبدئي فريد في صراحته وجرأته بالحق. ولطالما بدا مخيفاً لبعض المزيفين والمتطفلين وبعض من يلعبون في ساحة الفن. أما وقد انتخب نقيباً للفنانين، فيبدو مصمماً الآن على تجديد شباب النقابة وإحداث تغيير حقيقي في الأداء النقابي، وقيادة النقابة لاستعادة بعض الأدوار المفقودة والمنوطة بها أساساً، والتي تتناسب مع وزنها كنقابة للفنانين السوريين. كما يعلن انحيازه بقوة لزملائه الفنانين، وحقهم في العمل، ويقول إنه أخذ على نفسه ألا يعمل في الدراما حتى يعمل المغيبون والمضطهدون منهم.
وفي أول حوار معه بعد تسلمه مهامه أردنا أن يكون الحوار بياناً للنقيب ومجلس النقابة عما سيفعلونه، وهكذا كان.
- ہ صباح عبيد نقيباً للفنانين لمدة أربع سنوات، ما هي العناوين العريضة التي تضعها لهذه المرحلة؟
ہہ العناوين العريضة كثيرة أولها تحديث القانون، وتحديث البنود التي لا تتلاءم مع هذا الزمن، والتي سنت عام 1990. ثانياً تحديث آلية العمل واقعياً وليس بشكل خلبي! والاتصال بالآخر، وتطوير العلاقات مع النقابات الأخرى، ومن بوادر ذلك أننا وقعنا اتفاقاً لاتحاد نقابات فنية عربية في اليوم الأول لاستلامي ومقره دمشق. ثالثاً توزيع المهام بشكل حقيقي وديموقراطي لنعمل كفريق ومن خلال عمل مؤسساتي، ونفكر بالطريقة المؤسساتية التي نعول عليها لخلق تقاليد مهنة فيما بعد، فنحن سنحاول أن نزرع للأجيال القادمة كي يتطور الفن، ونكرس في أذهانهم مسألة التناوب على السلطة النقابية إذا جاز التعبير.
ہ تعرض انتخاب مجلس النقابة الجديد لانتقادات من قبل قلة قليلة غير راضية، فما هو موقفكم من ذلك؟
ہہ الناس لم تألف التغيير، ولم تعتد على تقبل الجديد، وكل قيادي نقابي عبر تاريخ النقابة كان يظن أنه محور العالم، ولا أحد يفهم بالقيادة النقابية غيره. أما نحن فقد ألغينا هذه المعادلة، وأصبح من حق أي فنان أن يرشح نفسه ويصبح نقيباً أو عضواً في مجلس النقابة، فهناك طاقات كامنة كثيرة لدى الأعضاء، لكن أحداً منهم لم يكن يجرؤ على التقدم للانتخابات، لأن بعض القيادات كانوا يصغرونهم ويهولون بأنهم إذا تركوا النقابة ستنهار. لكن النقابة لن تنهار، لأنها تخضع للعمل المؤسساتي، وأياً كان من يأتي لإدارتها فإنه سيخضع للقوانين ويطبقها. وأؤكد هنا أنه لم يعد هناك إقطاعية نقابية يعجب بها أحدهم ويقف ضدها آخر. الآن أصبح للجميع الحق في أن يفكروا بقيادة هذه النقابة لأنهم أعضاء فيها.
- ہ قيل إنك ستكون غضنفراً بحق ـ في إشارة إلى أحد أدوارك ـ إن لم تفشل، فبماذا ترد؟
ہہ من قال هذا الكلام يتمنى لي النجاح بلا شك، وأنا جئت بعناوين ووعود واقعية وليست خلبية. والمهم أن تكون حقيقياً وصادقاً مع أعضاء نقابتك، وألا تجمل نفسك بأشياء لا تمتلكها أصلاً، لأن فاقد الشيء لا يعطيه. ونحن بإذن الله لسنا فاقدين للصدق والأمانة وللرغبة والإرادة بوضع النقابة في مسار التطور.
ہ كيف تقيم وضع النقابة الآن؟
ہہ زملاؤنا في الماضي عملوا كما يعرفون، وأنا كنت عضواً في أحد المجالس سابقاً، فأخطأنا في مكان وأصبنا في آخر، لكن النقابة دخلت في حالة من السكون وعدم التطور، ولم يعد لها علاقات حقيقية. بل إنها تطبق القوانين في فرع ولا تطبقها في فرع آخر، وتطبقها على مسلسل ولا تطبقها على مسلسل آخر. كلنا أصبنا وأخطأنا، والآن سنحاول بإرادة جديدة، ومن خلال فريق العمل الجديد أن نطور آلية العمل النقابي وننهض بالنقابة، سواء بتطوير علاقاتها أو بخلق فرص عمل لزملائنا أو بجلب رؤوس أموال من سورية وخارجها كي نقضي على البطالة بين الفنانين. - ہ أراك تولي أهمية كبيرة لمسألة تشغيل الفنانين العاطلين أو المعطَّلين؟
ہہ أقول لك صراحة إن هناك مئة نجم، وهؤلاء ليسوا بحاجة للنقابة من وجهة نظري. أنا أشعر أني نقيب ألف وخمسمئة فقير، ألف وخمسمئة مطحون وحالم، ونحن سنجعل حلمهم حقيقياً، لأنه سهل التحقيق إذا تم من خلال عمل مؤسساتي. وبعض الذين أغاظهم هذا الكلام هم أناس محدودون، مشاكلهم محلولة، لا تعني النقابة لهم شيئاً، يتهربون من دفع الضرائب، وينظّرون علينا فيما يجب وما لا يجب، ويزايدون علينا في حديث الأخلاق. الآن كل من ينتمي لنقابة الفنانين عليه أن يلتزم بقوانينها، ومن لا يلتزم سيرى قراراتنا في المستقبل.
ہ كيف ستعالجون مشكلة الممثلين المغيبين عملياً؟
ہہ الزميلة جيانا عيد استلمت مكتب الدراما، ونحن جميعاً نقف وراءها داعمين لتحديث القوانين. وحصر العمل في الفن بالفنانين. إن بعض المخرجين السوريين عندما يعملون في التلفزيون تتفجر طاقات الإبداع عندهم ويصبحون مثل «فيسكونتي وبازوليني»، وعندما تراهم في القطاع الخاص، يأتي المنتج ويقول لأحدهم، هذا هو النص وهؤلاء هم الممثلون. وبالتالي فإن أي فتاة جميلة تستطيع أن تغري أي منتج أو مخرج وتصبح «نجمة» بين ليلة وضحاها، وهناك ظواهر سلبية أخرى كثيرة تراكمت عبر الزمن، لكننا لا نستطيع أن نحل كل هذه المشاكل في يوم واحد، سنحتاج وقتنا الذي لن يتعدى العام الواحد، وهذا وعد رجل. وأنا مسؤول أمام الفنانين والجهات المعنية والصحافة، وإذا لم أصنع شيئاً سأذهب إلى بيتي فعلا، وسأضرب لهم مثلاً، فإذا كنت عاجزاً يجب أن تستقيل. هناك الكثير من الفنانين المظلومين والمضطهدين ومهمة النقابة الدفاع عن حقوقهم. وسأبذل قصارى جهدي مع فريق متحمس لتغيير القوانين وإحداث فرص عمل والدفاع عن حقوق الأعضاء وسن القوانين الراعية والناظمة للمهنة بحق وليس بشكل خلبي كما كنا نعمل.
ہ أراك تنتقد نفسك أيضاً؟
ہہ نعم، فأنا كنت أحد المساهمين في الأخطاء السابقة، ولكنني لم أكن صاحب قرار، فعندما تتحدث عن تحديث القوانين تجد أن الجميع يرفض ذلك، ويخلقون لك مئة عقبة كي لا تحدث القوانين، لأنها ليست في مصلحتهم.
- ہ هناك من يتحدث عن فضائح مالية في النقابة، فما مدى صحة ذلك؟
ہہ أي إنسان عادي قادر بالاطلاع على الكشوف المالية للنقابة أن يكتشف إن كان هناك فساد أم لا، فهذا أمر سهل، وثمة من هاجم النقابة سابقاً وزعم أن هناك سرقات فيها، وقلنا لهم إئتونا بالرقابة والتفتيش فتنكشف الأمور فوراً. لكن المشكلة أن الفساد له أشكال أخرى فيما يتعلق بالأمور المالية، ويتمثل بالتغطية على بعض المحلات، وعلى بعض فرص العمل، والتهرب من دفع الضرائب، وهناك من يحصل على تعويضات مهمات لم يقم بها، فأحد أعضاء المجلس السابقين مثلاً لم يداوم في النقابة طوال أربع سنوات، وحصل على رواتبه كاملة. وأحدهم ترأس مكتباً، ولم يعمل فيه أي شيء وتقاضى راتباً خلال سنة ونصف أو سنتين عن هذا المكتب الخلبي!. هذا الفساد الذي كان في النقابة، أما سرقة أموال فلا. وكل هؤلاء سيحاسبون في المؤتمر العام القادم، وسنفتح الملفات بأثر رجعي لكل فاسد ومُفسد. سيحاسب الفاسد وسيكرم غير الفاسد، كما كرم الفنان الكبير أسعد فضة منذ أيام في النقابة.
- ہ هناك من يعتبر أن على النقابة أن تقوم ببعض الأدوار المفقودة، وأن تستمثر أموالها المكدسة في المصارف لمصلحة الفنانين، وغير ذلك من الأمور فكيف ستعالجون هذه الأمور؟
ہہ نحن سنعمل من خلال المؤسسات وأصحاب الاختصاص، فصباح عبيد كنقيب مثلاً لا يفهم في الأمور المالية كما يفهمها رجل اقتصاد. وسندعو الجهات المعنية للإشراف على استثمار المال إن استثمرناه، لكننا وُعدنا من جهات كثيرة بالدعم المالي، كي لا نضطر لاستثمار أموال النقابة، لأن هذه الأموال ليست كبيرة كما يدعي البعض، ونحن لدينا نقابة عجوز، سيحال نصفها إلى التقاعد خلال السنوات الثلاث القادمة، وهذا يتطلب أموالاً هائلة. فإذاً الاستثمار يجب أن يكون مضمون النتيجة، وسنستجير ببعض الجهات العامة والخاصة كي تدعم صناديق النقابة، ومن خلال عمل مؤسساتي ومشاريع. مثلاً الدولة ستمنحنا أرضاً على طريق المطار، وقد منحتنا بالفعل أرضاً في الزبلطاني، وسنستثمرها مستعينين باقتصاديين حقيقيين ومرشحين من جهات ضامنة كي يشيروا علينا بشأن استثمار هذا المال، وسنحول قدر المستطاع دون الاقتراب من صناديق النقابة والعبث بها من قبل أصحاب المشاريع الخلبية كما حدث في السابق.
- ہ أنت تقول: إن النقابة هرمة.. بمعنى أن هناك عدداً كبيراً من المتقاعدين أو الذين سيحالون إلى التقاعد قريباً، وبعض الفنانين الشباب لا ينتسبون إلى النقابة بانتظار سن 35 عاماً، وهو الحد الأقصى للانتساب، فيتجنبون دفع الضرائب طوال هذه السنوات، فهل هذا أمر منطقي وعادل؟
ہہ ومن قال إننا سنقبل هؤلاء في النقابة؟. التخرج له سن معينة ستحدد في القانون الجديد، لأن القانون الحالي مجحف، فلو كان الفنان (الذي يفعل ذلك) يعتبر نفسه فناناً حقاً لما قام به، حتى لو كان له بعض الانتقادات على النقابة. فليأت إلى النقابة ويساهم بالإصلاح، أما أن يهاجم النقابة دون أن يشارك في العمل النقابي ودون أن يؤدي واجبه تجاهها، ودون أن يساهم في إصلاح أحوالها، فهذا نوع من الانتهازية والتهرب من دعم زملائه، فهو في النهاية سيطالب براتب تقاعدي، وسيأخذ أضعافاً مضاعفة لما دفعه من اشتراكات سنوية، وسيأخذ من جيوب زملائه. وأنا أعد أمثال هؤلاء بأننا لن نقبلهم في النقابة.
- ہ ولكن بعض الفنانين الشباب يتساءلون عما تقدمه لهم النقابة عدا الضمان الصحي والراتب التقاعدي الموعود؟
ہہ فليأتوا ويطلعوا على قوانين النقابة، وما هو مسموح للنقابة أن تقدمه، أما أن نتكلم دون معرفة ودون علم، فهذا ظلم. النقابة تقدم ضماناً صحياً كاملاً، وهي أقوى نقابة في تقديم الضمان الصحي، وتقدم قروضاً وسكناً لائقاً لأعضائها، وسنؤسس جمعية سكنية جديدة للفنانين، وهي تقدم التقاعد الذي يضمن حياة الفنان الكريمة في المستقبل، وهذا الراتب التقاعدي ينمو عاماً بعد آخر، حيث يضاف إليه كل عامين مبلغ، لكي يصبح في السنوات القادمة راتباً تقاعدياً محترماً، يضمن للفنان الحياة الكريمة بعد تقاعده. وأتمنى على هؤلاء أن يقرؤوا قانون النقابة، وأن يفهموا حقوقهم وواجباتهم، وما لهم على النقابة وما للنقابة عليهم. وحقوق الشباب علينا كثيرة بتأمين السكن وخلق ظروف مريحة لعملهم، ولكن أيضاً عليهم واجبات، وبعضهم يتهرب من واجباته ويطالب بحقوقه!.
- ہ هناك انتقادات للنقابة بأنها لا تدافع عن الفنان عندما تحدث مشكلة بينه وبين الجهة الإنتاجية التي يعمل معها، فلماذا لا تتدخلون في إنصاف الفنان وحل مثل هذه المشكلات؟
ہہ ليس هناك فنان واحد وقع عقداً مع شركة، ورفضت الالتزام بهذا العقد، ثم لم تدافع عنه النقابة. إنما النقابة لا تستطيع الدفاع عن أحد دون أن يبرم عقداً. وبعض الفنانين لا يوقعون عقوداً مع الشركات ولا يوثقونها في النقابة، والنتيجة أن النقابة لا تستطيع الدفاع عنهم، لأنهم لا يحملون أية وثيقة تستطيع الاستناد إليها في هذا الدفاع.
ہ وعلى من تقع المسؤولية في ذلك؟
ہہ المسؤولية تقع على الطرفين. هي مسؤولية النقابة لتقصيرها في المتابعة، وهي مسؤولية الفنانين الذين لا يطالبون بحقوقهم من الشركة المنتجة، فلا يبرمون عقوداً معها، وعندما تقع مشكلة يطالبوننا بتحصيل حقوقهم.
- ہ ينتقد عدد من الفنانين عدم وجود مكتب للعلاقات العامة في النقابة، حتى إن بعضاً من الفنانين لا يُبلغون بأن فناناً توفي على سبيل المثال؟
ہہ هذا الكلام غير دقيق. أنا لست معنياً بالذهاب إلى منزل الفنان لإبلاغه, وإذا كان يرتاد النقابة أو مديرية المسارح أو التلفزيون، فسيرى الإعلانات معلقة في كل مكان. العلاقات العامة ليست مهمتها الاتصال بالفنانين فرداً فرداً، لتقول لهم: زميلك توفي وتفضل لتقديم التعزية، فلو كان مهتماً بهذا الزميل أصلاً لعلم أنه توفي، أو لعلم على الأقل أنه كان مريضاً، واهتم به كما اهتمت النقابة.
هذا شكل من أشكال البروبوغندا التي لن تمر بعد اليوم، لكني أقر بأن العلاقات العامة في النقابة تحتاج إلى تطوير، وخلال السنوات الماضية كان ألبير مخول الذي يقوم بهذه المهمة يتصل بالجميع. لكننا الآن حدّثنا مكتب العلاقات العامة، والزميلة كاميليا بطرس التي استلمت هذا المكتب قامت بتفعيله منذ اليوم الأول، وخلال شهر سيكون هناك مكتب علاقات عامة على مستوى راق جداً في النقابة.
إن من حق كل فنان أن ينتقد، ولكن عليه أيضاً أن يأتي إلى النقابة ويتحاور معنا، ويقول لنا أين أخطأنا، ويطلع على القوانين ويساهم معنا في تطويرها، لكن بعض الفنانين ينتقدون، وهم لا يعرفون القانون مع الأسف. صحيح أن هناك تقصيراً تراكم عبر سنوات، لكن التطوير يأتي من خلال العمل الجماعي وإنشاء فرق عمل. أما أنا فلست (سوبر مان) أستطيع تطوير قانون متخلف عمره ستة عشر عاماً بين عشية وضحاها. تحديث القانون حاجة ملحة ونحن نعمل عليه، ولكن من جانب آخر هناك (استعراض)! يمارسه البعض.
- ہ رغم كل ما تمثله نقابة الفنانين من وزن وثقل، فإنها تبدو غائبة عن ساحة الفعل الثقافي والفني، فلا ترعى ولا تشارك في أي نشاط، لماذا؟
ہہ النقابة مقصرة كثيراً في هذا الشأن. نحن نرعى فقط بضعة مهرجانات مسرحية في المحافظات، في حماة وحمص وطرطوس وحلب وغيرها، لكنها كادت تكون في إحدى السنوات أهم من المهرجانات المركزية التي يستعرضون بها. النقابة تعنى بشؤون الثقافة، لكنها قصرت في السنوات الماضية نتيجة أمور مالية، ونتيجة وضع العصي في العجلات من قبل البعض. النقابة مقصرة نعم، ولكن نطلب أن نعطى مهلة، فنحن استلمنا قبل أيام، وأنا شخصياً أرى أن النقابة إذا لم تقم بنشاطات وترعى نشاطات أخرى، فهي نقابة فاشلة.
- ہ هناك ظاهرة خطيرة تعاني منها الأغنية السورية، وهي ظاهرة الفرصة الخلبية، فكيف ستقوم النقابة بمعالجة هذا الموضوع المزمن؟
ہہ هذا كلام صحيح، ولكن المطلوب أولاً أن نوجد لهذا الفنان معادلاً لكي يعمل بكرامته، والمطربون يدفعون بأن الفنان إنسان ويحتاج إلى المال لكي يعيش، لكن عندما يحصل الفنان على فرصة للعمل، ويهتم فقط بأن يحصل على مبلغ من المال، ويجلس في بيته، بينما يأتي صاحب المربع بمطربين آخرين ليغنوا، فهذا يعني أن الفنان يجني على نفسه وعلى فنه. لكننا لا ننظر إلى خطورة هذه المسألة من هذه الزاوية فقط، بل إنها في جوهرها قضية أكبر. هي قضية الأغنية السورية برمتها. فعندما لا يعمل الفنانون السوريون، فهذا يعني تدهور الأغنية السورية، وانظر الآن أين هي الأغنية السورية؟. وأنت ترى أنه حتى مهرجان الأغنية السورية يكرس لمطربين سوريين يغنون بلهجات عربية أخرى، ولا يغنون باللهجة السورية، حتى تم تعميم فكرة أن الأغنية السورية ليس لها جمهور.
ہ ولماذا لا تضغط النقابة على التلفزيون لعرض أغنيات المطربين السوريين؟
ہہ يقولون لنا هاتوا أغنية سورية كي نبثها، ومعهم حق في ذلك لأنه لم يعد الكثيرون يغنون باللهجة السورية، فمعظم المطربين السوريين يغنون بلهجات أخرى.
- ہ ولكن لم تجبني عن سؤالي، ماذا ستفعل نقابة الفنانين لكي تقضي على ظاهرة الفرص الخلبية وتدفع الأغنية السورية للنهوض مجدداً؟
ہہ سنقيم مهرجان الأغنية المحلي الذي ستشرف عليه النقابة. وفي هذا المهرجان لن تقبل إلا الأغنيات التي تعتمد الكلمة السورية، وسيشترط بأن يكون الملحن سورياً والمطرب سورياً. وهذا ليس تعصباً، فنقابة الفنانين السوريين مسؤولة عن الارتقاء بالأغنية السورية، وهي الآن في حالة سيئة. وسيتم الإعلان عن هذا المهرجان ومسابقاته خلال الفترة القادمة، وسترى الجهات المعنية الأخرى كيف ستنهض الأغنية السورية من جديد.
- ہ إلى أي حد ترى أن نقابة الفنانين قادرة فعلاً على ممارسة دور فعال في الارتقاء بالفن السوري على كل الصعد؟
ہہ هي قادرة إذا توفر الحافز لهذا الفنان الذي انتخب للدفاع عن هذه الحقوق. نقابة الفنانين هي المشرفة الوحيدة على الفن على أراضي الجمهورية العربية السورية، ولا أحد سواها. وقد حدثت اختراقات من عدة جهات لاختصاص النقابة ومجال عملها من قبل البعض، وتواطأ بعض أعضاء النقابة معها ودعموها، ولكن هذه الجهات في الحقيقة ضعيفة، ولا تمتلك القوانين. أما النقابة فدورها مسنون بالقانون، وسنعمل لتحديث هذا القانون.
- ہ أثناء تسلمك لمكتبي الثقافة والإعلام والدراما، بدأت بمشروع توثيقي في النقابة، هل لا يزال هذا المشروع مستمراً، وما هي آفاقه؟
ہہ وصل إلى مراحل لا بأس بها، لكنه أوقف قسرياً، لأنهم رفضوا أن يمولوني، وكان المطلوب مبلغاً صغيراً جداً، وأنا لست ثرياً لأصرف من جيبي على هذا المشروع الذي يحتاج إلى مؤسسات، والآن سيعود هذا المشروع ليظهر ثانية.
ہ ماذا عن المشاريع الأخرى؟
ہہ نقوم الآن بإحداث موقع ضخم على الإنترنت سيصممه مهندسون محترفون، وقد أحدث مكتب اتصالات في النقابة تابع للنقيب مباشرة، وسنتصل بالنقابات الفنية الأجنبية وستأتي إلى سورية وتنتج، وعندما نعمل باللهجة السورية ستتم الدبلجة إلى اللغة الإيطالية والإسبانية والإنكليزية. وأنا لا أحب أن أتحدث بشكل مسبق، ولكن هذا من مشاريعنا التي ستتحقق فعلاً.
ہ هل ستتم دبلجة المسلسلات السورية؟
ہہ نعم، بعض الأعمال السورية المتميزة سيتم دبلجتها إلى لغات عدة، وستأتي في الوقت نفسه شركات لترفع من سوية الأعمال فنياً. والممولون سيكونون من شركات فنية أجنبية وسورية، حيث سنستقطب الشركات السورية وأصحاب رؤوس الأموال النظيفة، فهناك شركات ساهمت فعلاً في تطوير الدراما السورية، وكنا شركاء حقيقيين معها، وسنتحاور مع الجميع لخلق فرص عمل حقيقية وإعادة المغيبين المقهورين من الفنانين والمشهود لهم بالموهبة والكفاءة.
- ہ كيف ستوازن بين موقعك النقابي الجديد وبين مشاركتك بالأعمال الفنية، وأي من الدورين ستعطيه الأولوية؟
ہہ العمل النقابي طبعاً. ولن أعمل خلال العام القادم كله. وقد اعتذرت عن دور عرضه علي الصديق أيمن زيدان في اليوم الأول لاستلامي منصب النقيب، لأنني أخذت على نفسي ألا أعمل في الدراما حتى يعمل المغيبون والمضطهدون، وهذا وعد رجل.
ہ وبماذا تتوجه إلى الفنانين السوريين في بداية تسلمك لمهامك؟
ہہ أرجو من الفنانين السوريين الذين قاطعوا النقابة لفترة طويلة، أن يتواصلوا معنا لنضع أيدينا على الأخطاء، فهذه النقابة ليست مزرعة لأحد، وليست ملكاً لأحد، هي ملك كل فنان سوري، ومن حق كل فنان سوري أن يأتي ويحاور ويقترح ويطور معنا آلية العمل النقابي، لأن الفن عمل جماعي يكتمل بالآخر، ولا يكتمل بأفراد، فالأفراد زائلون والفن باق وكذلك النقابة. يجب أن نعمل للتطوير مع الجميع، ولا يوجد لنا كمجلس جديد أية خصومة مع أحد، سواء انتخبنا أم لم ينتخبنا، فهو فنان وله علينا الحق الكامل في أن نحمي حقوقه المكتسبة، ونحن نقبل الشراكة والحوار مع الآخر، وهذه المسألة ليست دعائية، فليأتوا ويروا إن كان هذا الكلام حقيقياً أم لا. وأعدهم أنهم في الشهور القادمة سيرون تغييراً حقيقياً في الأداء النقابي وآلية العمل النقابي، نحو آلية مطورة تعتمد على آرائهم جميعاً. لأن العمل المؤسساتي لا يقوم على فرد. فالفكرة تبدر من فرد، لكن تنفيذها يحتاج إلى الجميع.
عمار أبو عابد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد