"القاعدة" يعزز نفوذه بسياسة الذبح.. والتجسس
قاد مقاتلو تنظيم "القاعدة"، في ملابسهم السوداء، مسلحين بالبنادق الآلية شاحناتهم بهدوء إلى بلدة في شمال سوريا، واستولوا على المبنى الفخم التابع لوزارة الزراعة هناك. وقطعوا رأس قناص من مجموعة معارضة منافسة، وعرضوه في الميدان الرئيسي ونصبوا المتاريس على الطرق الرئيسية.
لم يطلق مقاتلو "القاعدة" رصاصة واحدة خلال عملية الاستيلاء على بلدة ترمنين، التي أدى فيها المخبرون، ومن بينهم إمام مسجد محلي، دورا جوهريا.
ويتكرر المشهد في ترمنين الذي رواه ناشط عايشه الأسبوع الماضي في بلدات على طول الحدود مع تركيا. وسواء بسبب ضعفها أو رغبتها في التركيز على القوات السورية تفسح وحدات من مقاتلي المعارضة المجال أمام صعود تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) المرتبطة بـ"القاعدة" التي يقودها أجانب خاضوا غمار الحرب في العراق والشيشان وليبيا.
وتقول مصادر المعارضة ومسؤولون أمنيون في الشرق الأوسط إن "داعش" يسيطر على خطوط الامداد الى المناطق التي يهيمن عليها مقاتلو المعارضة، ويستميل أفراد مجموعات مقاتلة أقل تنظيما، ما يقوض جهود واشنطن لاحتوائها قبل محادثات تعقد في جنيف.
وقال ديبلوماسي في الشرق الأوسط أنه "إلى جانب إنهاء حكم (الرئيس بشار) الأسد فمن الأهداف الرئيسية لمثل هذا الاتفاق تشكيل حكومة وجيش معتدل قادر على التصدي للدولة الإسلامية في العراق والشام". وأضاف "واقعيا سيكون هذا صعبا للغاية. ربما نحن بصدد حرب طائفية بالوكالة - سواء بقي الأسد أو ذهب - ستكون فيها الدولة الإسلامية طرفا رئيسيا".
وعند سؤال قيادي في "داعش" معروف بـ"الجزايري" في بلدة أرمناز في شمال سوريا حارب في ليبيا عن هدف التنظيم قال إنه يقاتل "لاسقاط الطاغية بشار" لكنه يسعى أيضا لتطبيق الشريعة الاسلامية.
وبالاستفادة من دروس الحرب الليبية في العام 2011، قال إن "الدولة الاسلامية أكثر اصرارا على الاحتفاظ بالأراضي التي تقع تحت سيطرتها". ويضيف "غلطتنا كمجاهدين هو أن قتال (معمر) القذافي كان الهاجس الأساسي بالنسبة لنا، ولم نعط اهتماما كافيا بكيفية الاحتفاظ بالأرض".
وفي مؤشر على القلق من المكاسب التي يجنيها "داعش" عقدت الامارات، وهي حليف وثيق للولايات المتحدة، اجتماعا الأسبوع الماضي لعشرات من زعماء القبائل في منطقة دير الزور. وقالت مصادر المعارضة إن اجتماع الإمارات كان يهدف إلى دراسة إمكانية إقامة قوة شبيهة بميليشيات "الصحوة" في العراق. وقال مصدر "وقعت بعض الاشتباكات بسبب النفط لكن الدولة الاسلامية حرصت ألا تثير حفيظة العشائر. وفي نفس الوقت ترى العشائر كيف تحب الجماعة قطع الرقاب وهم أيضا حريصون على عدم المواجهة".
وفي سهل الروج في إدلب المتاخم لتركيا، قال حسن عبد القادر إن "داعش" اقام معسكرات تدريب لمجندين من السكان المحليين ووزع ملابس تغطي كامل الجسد في مناطق جنوب شرقي مدينة إدلب لترتديها النساء. وقال نشطاء إنه في مدينة الباب بحلب، حيث أبو معاوية القيادي في "الدولة الاسلامية" هو الحاكم الفعلي، فرضت الجماعة منهجا دراسيا اسلاميا يدرس في المناطق التي تهيمن عليها "القاعدة" في اليمن. وذكر تقرير لـ"الجيش السوري الحر"، أعده لوزارة الخارجية الأميركية ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" مؤخرا مقتطفات منه، أن لدى "داعش" 5500 مقاتل أجنبي، بينهم 250 شيشانيا في حلب، و17 الف مجند محلي.
وفي مناطق على طول الحدود مع تركيا في حلب وادلب حيث يقل وجود القوات السورية، كان التنظيم أكثر عزما على الاستيلاء على اراض من "الجيش السوري الحر" وكتائب اسلامية متشددة أخرى. ويقول الناشط فراس أحمد، الذي شهد الاستيلاء على ترمنين، إن العملية كانت نموذجية، مضيفا "كان لديهم مخبرون يحددون الأهداف الضعيفة في البلدة. كما استولوا على المخبز ونصبوا المتاريس على الطرق الرئيسية ليضمنوا السيطرة على الغذاء والتحركات". وتابع "كان الهدف من عمليات الإعدام هو أن تحدث أكبر قدر من التأثير"، مشيرا إلى فيديو يظهر الجماعة وهي تعدم قائد وأعضاء في كتيبة "غرباء الشام" في منطقة الأتارب في ريف حلب.
وقال معارض حضر اجتماعا مع مسؤولين أميركيين بشأن الإمدادات "الأميركيون غاضبون من مدى سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام على خطوط الإمدادات، ويلقون باللوم في الأساس على الأتراك لأنهم فتحوا حدودهم بهذه الطريقة التي سهلت تسلل القاعدة".
(رويترز)
إضافة تعليق جديد