الرئيس لحود: الحكومة اللبنانية فقدت مقومات السلطة الدستورية
حدد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد اميل لحود ملاحظاته على مشروع الاتفاق بين الامم المتحدة والجمهورية اللبنانية في شأن تأسيس محكمة خاصة للبنان، وعلى مشروع نظام المحكمة الخاصة للبنان وفق الصيغة التي وردت من الامم المتحدة وحملت تاريخ 9 تشرين الثاني ,2006 وأرسلها الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في كتاب رسمي تبلغته الامانة العامة للامم المتحدة في نيويورك مساء امس.
وقد حذر الرئيس لحود في سياق ملاحظاته من تداعيات تسمية المحكمة الخاصة للبنان على مكانة لبنان الدولية التي قد تحمل على الاعتقاد انه بلد من بلاد الإجرام في تاريخ الانسانية، والاثار السلبية الناجمة عن هذا الربط على صورة لبنان ومكانته وحضارته المتجذرة في التاريخ.
وأورد الرئيس اللبناني لحود ملاحظات حول توسيع ولاية المحكمة الدولية زمنياً وموضوعياً، مشيراً الى خلو المشروع من أي اشارة حول كيف يمكن ان تشمل ولاية المحكمة الجرائم التي قد تحصل في لبنان بعد تاريخ 12 كانون الاول 2005 من دون ان تقع في الاستنساب الخطير والتسييس، لافتاً الى ان في ذلك انتقاصاً متمادياً لسيادة القضاء اللبناني كأنه قضاء رديف تستغني دولته والامم المتحدة عنه بمجرد اتفاقهما على نزع اختصاصه الدستوري منه على اراضي ولايته وبقرار استنسابي من مجلس الامن بالموافقة على نزع الاختصاص هذا.
وتوقف الرئيس لحود عند الصلاحيات التي تنيطها الاتفاقية بالامين العام للامم المتحدة لجهة تعيين القضاة اللبنانيين والدوليين، متسائلاً عن المعايير التي سوف يعتمدها الامين العام في عملية اختيار القضاة اللبنانيين، وهو بالتأكيد لا يعرفهم وما هو دور وزير العدل في هذه العملية وهو رأس المرفق القضائي عملاً بالمادة 66 من الدستور، ولماذا تغييبه عن تبني اقتراح مجلس القضاء الاعلى اسماء هؤلاء القضاة.
وعدد الرئيس لحود ملاحظاته على المواد الواردة في المشروع، لافتاً الى أن المادة المتعلقة بتمويل المحكمة فارغة من أي مضمون.
واعتبر الرئيس لحود ان اعتماد قانون العقوبات اللبناني يجب ان يحصل دون تخصيص، اذ يمكن الاكتفاء باستثناء بعض احكامه تحديداً كتلك المتعلقة بعقوبة الإعدام مثلاً.
وفي ما خص المسؤولية الجزائية الشخصية وتجريم المسؤول عن المرؤوس، سجل الرئيس لحود مأخذين يندرجان في خانة الإبهام الذي لا يجوز في مواد التجريم، هما:
1 بالنسبة للمسؤولية الجزائية الفردية، لم نفهم ما المقصود بأن يكون الشخص مساهماً في الجريمة وبالتالي مسؤولاً جزائياً في حال كان الهدف من مساهمته تفعيل او تفاقم او تصعيد النشاط الإجرامي العام لمجموعة اشخاص يعملون على هدف مشترك؟
2 بالنسبة الى تجريم المسؤول عن المرؤوس، فواجب اذا ثبت الأمر او العلم. اما مسائل القدرة او انتفائها لدى المسؤول، او فشله في التحكم بمرؤوسيه مما ادى الى تفلتهم لارتكاب الجرم (عدم اتخاذ الاجراءات الضرورية والمعقولة؟)، فهي مسائل فيها استنساب كبير لا يتوافق ومبادئ القانون الجنائي اللبناني او الدولي على حد سواء.
وبعدما دعا الرئيس لحود الى فصل التحقيق عن المحكمة الدولية وفصل وظيفة التحقيق عن وظيفة المدعي العام، قال إنه يجب الحؤول دون هضم التحقيق واختصاره وإيكال امر متابعته ووضع قرار الاتهام الى المدعي العام الدولي لأننا نكون بذلك قد نلنا من وحدة التحقيق وأحلنا مجرد مشتبه بهم الى محكمة خاصة، في حين لم يصدر بحقهم أي قرار ظني بنتيجة تحقيق عدلي وطني مدعوم بلجنة تحقيق دولية مستقلة اذ ان التحقيق المستقل عن المحاكمة يستطيع ان يصدر بنتيجته قرار اتهام وإحالة متهمين الى محاكمة مستقلة ايضا بذاتها عن مراحل التحقيق وفقا للممارسة القضائية اللبنانية التي نشأ عليها وتعودها القضاء اللبناني وسواه من السلطات القضائية في الدول العريقة.
وأورد لحود مكامن الخلل والشوائب بالنسبة الى تنظيم المحكمة الخاصة وهيئاتها، ومنها:
1 لم يشر مشروع النظام الى إمكانية او عدم إمكانية تعيين اكثر من قاض واحد غير لبناني من رعايا دولة واحدة.
2 لم يشر مشروع النظام الى آلية إعادة تعيين القضاة لفترة إضافية. فهل تتم إعادة التعيين وفقا لقواعد التعيين المنصوص عنها في مشروع الاتفاق؟ وهل ان إعادة التعيين تتوافق مع مبدأ الاستقلالية والحيادية والامتناع عن السعي للحصول على التعليمات من اية حكومة او مصدر آخر؟
3 لا يشير مشروع النظام الى كيفية ملء الفراغ في حال شغور احد المناصب او الى امكانية إقالة احد القضاة او المدعي العام او نائبه او أمين السجل لأسباب تأديبية.
4 لا يشير مشروع النظام الى الجهة التي يمكن مداعاتها بشأن المسؤولية الناجمة عن اعمال القضاة في المحكمة الخاصة ممن يتولون النيابة العامة والتحقيق والحكم، ولدى اية هيئة قضائية مستقلة؟
5 لا يشير مشروع النظام الى اية هيئة قضائية مستقلة يمكن التقدم لديها بطلب رد احد القضاة، او بطلب تنحيته طوعاً؟
وجدد الرئيس لحود ختاما التأكيد على ان تأليف محكمة ذات طابع دولي يشارك فيها أقلياً قضاة لبنانيون هو امر حساس من حيث انه سابقة في القضاء الجنائي الدولي الذي لم ينظر الى حينه في جريمة ارهابية فردية وسياسية، ولا يسعنا ان نجعل من لبنان في هذه الظروف العصيبة التي تعصف بالمنطقة حقل تجارب واختبارات.
(ملاحظات الرئيس لحود جاءت في 22 صفحة فولسكاب وقد ورد معظمها في ملاحظاته السابقة على المسودة الاولى والتي نشرت السفير نصها بالكامل).
-من جهة ثانية دعا الرئيس لحود المجتمع الدولي إلى التحرك بفعالية لإرغام اسرائيل على تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بأزمة الشرق الاوسط والقرار 1701 لوقف انتهاكاتها للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا. وأبلغ اعضاء الوفد النيابي البريطاني الذي يزور لبنان تلبية لدعوة مجلس التعاون البريطاني العربي، ان النقاش الذي دار في مجلس الامن قبل ايام والفيتو الذي استعملته الولايات المتحدة الاميركية لعدم إصدار قرار إدانة بحق إسرائيل على المجازر التي ارتكبتها ضد الفلسطينيين، يظهران عجز الامم المتحدة عن تطبيق قراراتها بفعل نفوذ الدول الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة الاميركية، الامر الذي يعرض السلام والاستقرار العالمي ويعرقل تحقيق العدالة الدولية التي هي اساس قيام الامم المتحدة.
وكان رئيس الوفد النائب في مجلس العموم البريطاني اندي لوف الناشط في قضايا حقوق الانسان ولا سيما في الشرق الاوسط، اطلع الرئيس لحود على اهداف الزيارة تعبيراً عن التضامن مع الشعب اللبناني بعدما تعرض له من مآس في الفترة الماضية ولا سيما انهم كنواب تابعوا باهتمام يوميات الحرب وكانت لهم مساهمات هدفت إلى إيقافها والتخفيف من مضارها.
وفي حديث لوكالة فرانس برس دعا الرئيس لحود الى استئناف الحوار بين الفرقاء من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية بأسرع وقت ممكن حتى لا يصل الاحتقان الى الشارع.
وقال: يجب التوصل الى حكومة وطنية تمثل كل الاطراف في اسرع وقت ممكن حتى تبحث الامور المهمة (...) في المواضيع المصيرية يجب اشراك الجميع لان العكس يؤدي الى الشارع ونحن نرفض ذلك. واضاف: يجب ان يعود كل الفرقاء الى الحوار حتى يجدوا حلاً لحكومة وحدة وطنية لتجنب وضع خطير.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد