لافروف للإبراهيمي: لسنا وسطاء مع الأسد ولا نتدخل لتغيير النظام
لم تمنع الاشتباكات وأعمال القنص التي أدت إلى توتر الوضع مجددا في مخيم اليرموك في دمشق، أمس، الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من العـودة إليه وفتح محالهم.
في هذا الوقت، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مناقشته مع المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي معوقات التسوية السياسية في سوريا، على ضرورة الضغط على طرفي النزاع في سوريا، والأطراف الخارجية أيضا، لتنفيذ ما ورد في «اتفاق جنيف» في 30 حزيران الماضي. وأكد لافروف أن موسكو لن تكون وسيطاً بين الرئيس السوري بشار الأسد وأولئك الذين يريدون منه الرحيل والبحث عن ملاذ آمن في الخارج، مضيفاً أن روسيا لن يكون لها أي دور في تغيير النظام في دمشق.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مؤتمر صحافي في ختام قمة الاتحاد الأوروبي وروسيا في بروكسل، أن «سوريا ليست بعيدة عن حدودنا، ولا نريد أن تعمها الفوضى، كما نلاحظ في بعض بلدان المنطقة». وقال «المهم بالنسبة إلينا، هو النظام في سوريا»، مضيفاً أن روسيا «مهتمة» بإقامة نظام ديموقراطي في سوريا، مشيراً إلى أن بلاده «ليست المدافعة عن السلطات السورية».
وذكــرت وكـالة «مهـر» أن وزير الخارجيـة الإيراني علي أكبر صالحي بحث في اتصال هاتفي تلقاه من نظيره المصري محمد كامل عمرو قضايا المنطقة و«الأزمة السورية وسبل الخروج منها».
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان بعد اتصال هاتفي بين لافروف والإبراهيمي، أن «وزير الخارجية ركز في إطار عمله مع الأطراف السورية على ضرورة الاستناد إلى تطبيق بنود الإعلان النهائي للقاء الوزاري في جنيف في 30 حزيران، الذي لا بديل له، ما يسمح بإيجاد مخرج للوضع المتعثر ووقف نزيف الدم واستخدام القوة، وبدء حوار وطني سوري حول الإصلاحات في البلاد التي تصب في مصلحة جميع المواطنين».
وأضاف البيان أن «لافروف أشار إلى انه يجب، ليس فقط على الأطراف السورية، بل على اللاعبين الخارجيين الرئيسيين، التقيد بالاتفاقيات المتمخضة عن لقاء جنيف». وتابع «أكد الإبراهيمي استعداده لاستمرار التواصل مع الطرف الروسي حول الأزمة السورية».
وقال لافروف، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» بثت مقتطفات منها أمس على أن تبث كاملة الاثنين المقبل، «نحن لا نبحث تغيير النظام. بعض دول المنطقة يقولون لنا لماذا لا تبلغوا الرئيس (الأسد) بأن عليه الرحيل، وسنرتب له ملاذاً آمناً». وأضاف «إذا كان اللاعبون الذين اقترحوا هذه الفكرة يفكرون فيها حقيقة، كان حرياً بهم أن يطرحوا هذه الفكرة مباشرة على الأسد». وتساءل «لمَ عساهم يستخدموننا كساعي بريد؟ إذا كان الأسد مهتما (باقتراحهم)، يجب مناقشة هذا الاقتراح مباشرة معه». وأكد أن موسكو «لن تؤدي أي دور في تغيير النظام في سوريا».
ونقل مراسلنا عن مصادر فلسطينية قولها ان عمليات قنص واشتباكات محدودة جغرافياً استمرت في مخيم اليرموك بعد يومين على توصل أطراف النزاع لاتفاق حول «تحييد المخيم»، استمرت شخصيات فلسطينية بالتشكيك بإمكانية تنفيذه.
وقالت مصادر ميدانية إن المسلحين انكفأوا إلى داخل المخيم في المناطق المحاذية لمنطقتي التضامن والحجر الأسود المحيطتين بالمخيم. وجرت عمليات قنص أمس ذهب ضحيتها ثلاثة أشخاص على الأقل، كما جرت اشتباكات وصفت بـ«العنيفة» قرب محكمة اليرموك.
إلا أن هذه المناوشات لم تمنع الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم. وقدرت مصادر فلسطينية عددها الإجمالي بعشرة آلاف شخص. وخرجت تظاهرة هتفت «بدنا نحكي علمكشوف سلاح ما بدنا نشوف»، وذلك قبل إقامة أكثر من صلاة جماعية في مساجد المخيم، دعا فيها الخطباء المصلين إلى تشجيع أهاليهم ومعارفهم على العودة والحفاظ على «حياد» المخيم.
لكن تحقق هذا الحياد ما زال مشكوكاً فيه، برأي المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة أنور رجا، الذي أعاد التأكيد أن كامل قوات الجبهة انسحبت خارج المخيم. وقال رجا إن «الاتفاق لن يحصل. فهو يحتاج لطرفين صاحبي قرار. الطرف الفلسطيني لديه القدرة على اتخاذ قرار وتنفيذه، أما الطرف الآخر فمن هو؟ هل هو الجيش الحر، أم جبهة النصرة، أم لواء الإسلام أم لواء أحفاد الرسول...الخ؟ ومن يملك القدرة لأمرهم بتنفيذ هذا الاتفاق؟».
الأمر الذي يدفعه لتخيل عودة الأمور إلى التوتر مجددا، ربما أسوة بمناطق أخرى سبق لها أن شهدت اتفاقات متشابهة، مثل الزبداني وقدسيا وبعض مناطق ريف حمص، حيث انتهت معظم الاتفاقات بمواجهة مباشرة بعد حين.
وفي إطار هذا التوتر، ذكرت مواقع تابعة للمعارضة على شبكات التوصل الاجتماعي أن اشتباكات عنيفة حصلت بين عناصر من «الجيش الحر» والجيش السوري في منطقة الريجة قرب ثانوية البنات، شكك فلسطينيون في أن تكون بين مجموعات مختلفة من المسلحين، حيث قال أحد منسقي الاتفاق إن هذه المنطقة لا تحتوي سوى مسلحين معارضين، فيما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن المسلحين هاجموا حاجزا للجيش.
وقال مسؤول العلاقات الخارجية في حركة فتح محمد يونس إن لجنة ميدانية تتواصل مع قيادات المسلحين في المخيم بغرض تأمين انسحابهم الكامل. وأضاف أن الاجتماع الذي عقد في مقر السفارة الفلسطينية منذ يومين بحضور «القيادة العامة» انتهى إلى هذا الاتفاق، مشيرا إلى أن السفير الفلسطيني محمود الخالدي على اتصال مع الخارجية السورية التي أثنت على الخطوة، وأن الجميع يرغب في تطبيق هذا الاتفاق، مشيرا وجود مشكلة لدى الطرف الآخر، تتعلق بوجود فئات خارج السيطرة. وشددت اللجنة الميدانية التي تتواصل مع المسلحين «على ضرورة الانسحاب الكامل من المخيم».
وما زال الجيش السوري يحافظ على وجوده على مدخل المخيم، كما يحافظ على مواقع تتيح له حصار اليرموك، في الوقت الذي لم يتوقف عن استهداف مواقع المسلحين في الحجر الأسود.
وقال أحد ركاب حافلة، خلال دخولها إلى المخيم، «نعود لأننا اكتفينا من الذل، خسرنا أرضنا (فلسطين) ولا نريد أن نفقد منازلنا ونقيم في خيم كما فعل أهلنا». وعاودت محال تجارية عدة، لا سيما تلك التي تبيع المواد الغذائية، فتح أبوابها.
زيادحيدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد