راديكال: تركيا خسرت دمشق وأردوغان لن يصلي بالأموي
أثار اقتراح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو أن يتولى نائب الرئيس السوري فاروق الشرع قيادة سوريا في مرحلة انتقالية لأنه «حكيم وعاقل ويعرف النظام جيدا»، تساؤلات عما إذا هناك تغير في الموقف التركي من العملية السياسية في سوريا، فالشرع لا يزال واحدا من أركان النظام. واقتراح واحد من داخله يعني أن أنقرة مستعدة لفعل أي شيء، ولو مع رجل من النظام من أجل هدف واحد وهو: الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد. وبالتالي فإن موقف داود اوغلو يعكس يأسا من إمكان تغيير الأسد في المدى المنظور. من هنا تطوير أي صيغة مهما كانت لتطيير الأسد، وذلك وفق قاعدة قتل الناطور وليس أكل العنب.
كذلك دفع اقتراح داود اوغلو أنظار المراقبين إلى نقطة أخرى بعيدة عن خط النار بين تركيا وسوريا، حيث تلبدت سماء الحدود بينهما بغيوم الحرب ومحاولة حرف الأنظار عما يخطط على الحدود.
من كل المؤشرات لا يبدو في الأفق أي جنوح نحو حرب فعلية بين البلدين، والأسباب باتت معروفة، ومن أهمها أن تركيا عاجزة عن دخول الحرب بمفردها في ظل رفض الإدارة الأميركية منحها الضوء الأخضر لذلك.
لكن أنقرة، التي تدرك مسبقا أن مذكرة الحرب لن تنفعها في حرب مع سوريا، تريد أن تخلق واقعا جديدا عنوانه «الاستعداد لأي احتمال» مستقبلي. وهو ما تترجمه في الرد اليومي على قذيفة سورية أو من دونها، بشكل تخلق حالة من الاعتياد على تسخين دائم للجبهة لا يرقى إلى مرحلة الحرب أو حتى الاستنزاف الواسع، لكنه يهدف الى:
1 ـ إبقاء الباب مفتوحا على سرعة وحرية الحركة للجيش التركي، لمواجهة أي مستجد خطير ومفاجئ على الحدود بين البلدين.
2ـ التحرك بذريعة أو بأخرى لمواجهة أي تطورات تتصل بـ«الشريط الكردي» في سوريا في حال تفاقم الوضع في سوريا، أي أن مذكرة البرلمان هدفها المعلن الجيش السوري النظامي، لكن من بين أهدافها الأساسية التحرك لضرب أي محاولة استقلالية كردية في سوريا ووأدها في المهد. وما يؤكد هذا الهدف تهديد الرئيسة الثانية لحزب السلام والديموقراطية الكردي في تركيا غولتين كيشاناك من أن أي محاولة للجيش التركي لعبور الحدود إلى سوريا، واحتلال المنطقة الكردية هناك، ستواجه بالرد وسيرتمي أكراد تركيا أمام الدبابات التركية لمنعها من الذهاب إلى هناك.
3ـ التذرع بالتوتر مع سوريا لحشد القوات على الحدود لمساعدة «الجيش السوري الحر» في عملياته العسكرية، وتشكيل حائط دعم خلفي له. وهو ما ظهرت أولى ترجماته في سيطرة «الجيش الحر» على قرية خربة الجوز على الحدود التركية مباشرة، والتمهيد لخلق مناطق محررة أو مناطق عازلة غير مباشرة.
هذا المناخ يضع تركيا طرفا مباشرا، إلى جانب مسلحي المعارضة، في خضم المواجهة مع الجيش السوري.
إن الإطاحة بالأسد شخصيا دفع بالمؤرخة عائشة حرّ في صحيفة «راديكال» لتصف رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان بأنه يريد أن يكون «فاتح دمشق»، ولا سيما عندما تمنى أن يصلي، في وقت قريب جدا، في الجامع الأموي، خصوصا انه تشبّه في خطابه أمام المؤتمر الأخير لحزب العدالة والتنمية بالسلطان السلجوقي ألب ارسلان «فاتح الأناضول» والسلطان العثماني محمد الفاتح «فاتح القسطنيطينية».
لكن المؤرخة حرّ أوردت مثلين عن حربي البلقان، عشية الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، اللتين قادتا جمعية الاتحاد والترقي إلى قرع طبول الحرب، و«هي التي قرعها اردوغان قبل أيام، والى إعلان الحرب فيهما وأدتا (الحربان) إلى انهيار السلطنة العثمانية». وتقول إن «السلطنة انحسرت عن ثلاث قارات بعدهما، وانتهت إلى بقعة صغيرة في الأناضول. وأذكّر بهذا التاريخ لمن يزرعون الخيال أن يكون اردوغان فاتح دمشق».
محمد نور الدين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد