من أوجه الصراع الديني - السياسي بين المسيحيين
لا يمكن فصل المسار الذي ذهبت فيه الاحداث في قضية الراهبة هندية، عن الصراع بين الكنيستين الغربية والشرقية، وعن التداخل بين السلطات الدينية والسياسية والتبعيات المحلية في لبنان. هذا ما يقوله المؤلف الباحث برنار هيبرجي في كتابه "هندية الصوفية الآثمة 1720 – 1798، ازمة دينية وسياسية في جبل لبنان في القرن الثامن عشر" الصادر عن "دار النهار للنشر"، بيروت 2010، وكان صدر قبلا في باريس عن "دار اوبييه" عام 2001 قبل ان يترجمه جان هاشم.
نخلص في نهاية هذا البحث الشائق والمثير والمهم الى ان هذه العوامل كلها أفضت الى اطالة قصتها وعدم الجزم بصحة صوفيتها والى الجرائم التي ارتكبت في ديرها وهي مما تقشعر له الابدان وتنفي عنها صفة التصوف بالمطلق وتحولها مريضة نفسانية، وإن بدا الحكم متسرعاً في نظر البعض.
لا يكفي ان يصطفي الانسان نفسه ليغدو قديسا حتى يتحقق ذلك، ونحن نعرف ان "الشهوات تبقى هي نفسها اياً يكن الشكل الذي تتنكر وراءه، فعند المتفاخر كما عند المتقشف، هو على الدوام التعطش نفسه الى السلطة". هذه الجملة نقتبسها من الرحالة فولني الذي زار المنطقة وعرف شيئا عن القصة وكتب وقائع منها عام 1755 لأن احدا على الارجح لم يخبره بما سبق هذا التاريخ وهو تاريخ ارسال الفاتيكان مبعوثا للنظر مرة ثانية في قضية هذه المتصوفة.
ولدت هندية عجيمي كما ذُكر في الكتاب، او لعل اسم العائلة هو عجمي، في اسرة مارونية ثرية في حلب في حيّ يوصف بأنه مسيحي، وعندما كتب مرشدها اليسوعي الذي آمن باصطفائها سيرتها عام 1743، ذكر أن والدتها لم تعان خلال حملها بها كما حصل مع اخوتها، ثم اعتبر ان من علامات اصطفائها، انها ولدت في 31 تموز وهو تاريخ ولادة القديس اغناطيوس مؤسس الرهبنة اليسوعية.
كانت حلب وغيرها من المدن الشرقية محط انظار الارساليات الاجنبية التي باتت شيئاً فشيئاً تُدخل انماطها الغربية في العبادة الى أسرها التي دأبت في تقليد الفرنجة في بعض سلوكها وثيابها كما في تدينها.
ويعزو المؤلف هيبرجي ميل هندية نحو التبتل الى تأثير امها التي ربّتها وفق هذه الذهنية المرغوب زرعها في الفتاة كدليل عفة، ويرى ان الفتاة الشرقية كانت تُهيأ للزواج لا للترهب، لذا كان نوعا من التمايز في القرن الثامن عشر ان تبدأ الفتيات أو النساء الارامل في العزوف عن الزواج للتمتع بامتياز الاستقلالية عن المحيط وعدم الخضوع لسلطة ذكورية، ويبدو ان هندية لسبب او لآخر كانت تربة صالحة لزرع بذرة الترهب فيها والشهرة ايضا، اذ أبدت اختلافها منذ الصغر وحاولت ابراز تفوقها.
باكرا استخدمت الوسائل التي قرأت عنها او سمعت بها، من استعمال القديسات الغربيات ادوات الاماتة وتجريح الجسد، في سن العاشرة كما نقل عنها مرشدها فنتوري، وقد لاحظ المؤلف من قراءة اعترافاتها اوجه الشبه بين ما ذكرته عن نفسها وحياة مرغريتا مريم ألاكوك (من راهبات الزيارة)، كما كتبها لانغي دوجيرجي، وكان الكتاب مترجما الى العربية ومتداولا بين الناس. كما ان ظهورات "الشخص" الذي أسرّت لاحقا انه المسيح بعدما كانت تسمّيه الملاك الحارس، تشابه ما ذُكر عن قديسات أخريات. هكذا يُستنتج ان سيرة هندية "سيرة مركبة تحوي العديد من القواسم المشتركة مع ادب القديسين وتختلط بالاحداث الفردية او توضحها". يضاف الى ذلك ان صور المسيح والعذراء المرسومة بالابعاد الثلاثة اي الاقرب الى التصوير الفوتوغرافي، وهي لا تشبه الايقونات حيث ثبات الرسوم وجمودها، كانت لا بد مختزنة في ذهن "الصوفية" التي استند تصوفها وانخطافها الى جسد المسيح اكثر من اي فكرة اخرى. هذا ما جعل راهبين طلب منهما الفاتيكان عام 1953 الحكم في المسألة بعد تحقيق اجراه الموفد ديزديريو دو كازاباتشيانا، يقولان "ان الرؤى كانت جسدية خيالية وليست فكرية ابدا بحسب ما يفترض". وشككا في اكثر من جانب في قدسية ما يحصل معها. طبعا هذه الحالة كانت قد وصلت اليها في مرحلة متقدمة وليس في البداية مع اليسوعي فنتوري، الذي يمكن القول إنه لم يثنها عن القيام بتجريح الجسد ككفارة، لكنه استنتج "انها ذات مزاج دموي وهو يوصلها اكثر من اي طباع اخرى الى الحب"، ولكنه نسي ان يذكر الكره ايضا، وطبعا كان يتحدث عن حب الاله.
يجب ان لا نحكم على فنتوري انه بسيط النية، لأنه كمعظم رجال الدين وعلماء اللاهوت يشككون في القداسة عند النساء ويتمتعون بكره الجنس اللطيف صراحة، ولكن يبدو ان هندية كانت مصممة على التميز، والارادة مهمة في حض الانسان على سلوك درب اختارها مهما تكن عوائقها، حتى المريض النفسي الذي يجيد السيطرة على مرضه يستطيع خداع الناس طويلا قبل كشف امره، فكيف إن كان الامر يتعلق بالناحية الدينية وتشابكت معه عوامل سياسية ومحلية؟
هندية كانت في رأينا صادقة في ما سارت فيه، وكان من اسباب اهتمام فنتوري بها ان الرهبانيات كانت تتنافس لكسب الاهمية بالحصول على مثل هندية والمرشحات للقداسة (كان يراها كذلك). وكان اليسوعيون يعانون انكفاء نفوذهم في اوروبا والشرق ويتلقون التهجمات في الغرب، لذا حرص على متابعة حالتها والاستماع اليها وتشجيعها ومحاولة اقناعها بدخول الرهبنة اليسوعية في لبنان. لم يكن تردد رهبان الارساليات الاجنبية على بيوت الناس محموداً عند رجال الدين الشرقيين من الطوائف المختلفة، فهم ينافسونهم في عقر دارهم وينشرون طقوسهم ويعلنون استخفافهم بالطقوس الشرقية، وهو كما نفهم كان ظنا سائدا عند معظمهم، بالنظر الى الكنائس الشرقية على أنها متخلفة ويريدون ادارتها وفق انظمتهم. لكنهم استطاعوا بنشر العلم وتعليم القراءة والكتابة، جمع نساء من طوائف مختلفة ليعشن "تبعا للمبادئ التوحيدية لنظام الكثلكة ما بعد المجمع التريدنتيني". ولا شك في أن حدس هندية وذكاءها في ما بعد، ساعداها في قلب العلاقة بينها وبين مرشديها الروحيين، ليجاروها هم في ما تريده وليس العكس. على كل حال يلاحظ المؤلف انها كانت تتجاوب مع من ترتاح اليه وترفض من تجده صارما. وهكذا امكن ان تطول اسطورتها. من بوادر حدسها ومما جعل الاب انطونيو فنتوري يؤمن بـ"اصطفائها" انها اخبرته بحل الرهبنة اليسوعية لأن افرادها متغطرسون عقابا على "خطيئة الكبرياء"، وهو ما حصل لاحقا فأذكى الاقتناع بقدراتها فوق الطبيعية.
كانت هندية بلغت السادسة والعشرين من عمرها عندما اقنعها فنتوري بالالتحاق بأحد اديرة لبنان(وفرضت عليها الظروف ذلك بموت والديها) وكان صيت انخطافاتها ملأ حلب سنوات عدة. وقد التحقت اولا كغيرها من الحلبيات بدير عينطورة للرهبان اليسوعيين وهناك عاندت في ارتداء ثوب الرهبنة مع راهبات ارادوا ان يفتتحوا بهن رهبنة يشرفون عليها. وقاومت المحاولات والاغراءات والتهديدات بالعنف والتجويع والطرد خارج الدير من عام 1746 تاريخ وصولها جبل لبنان حتى عام 1750 تاريخ انشاء رهبنتها الخاصة باسم رهبنة قلب يسوع الذي لم يكن الفاتيكان قد سمح بالتعبد له بعد.
من هنا يمكن تقدير قوة ارادتها وشخصيتها وكذلك احساسها العميق بأنها متحدة بشخص مهم كالمسيح كان يعينها، واحساس الانسان بأن قوة فوق طبيعية تحميه يجعله يقارع الاهوال. ثم ان عناية الاب فنتوري لم تغب عنها الا مدة من الزمن.
رئيس دير عينطورة اليسوعي الفرنسي لم يكن مقتنعا بقداستها، وهذا جزء من صراع بين ايطاليين وفرنسيين، ولو كانوا ينتمون الى رهبنة واحدة. في تلك الفترة (1748) ظلت هندية مصرة على ان ملاكها الحارس يطلب منها أن يكون المطران جرمانوس صقر مرشدا روحيا. وسنفهم السبب اذا عرفنا ان صراعا كان قائما في الطائفة المارونية بين من قدموا من حلب ولقبوا بـ"الحلبيين" ومحازبيهم من اهل الجبل، والرهبان "الجبليين" الاقل تعلماً الذين يتحدرون من قراه. وكان من شأن هذا الخلاف ان يضعف سلطة اي بطريرك لأن طرفا من الاثنين سيناوئه في حال انتخبه الطرف الثاني، كما ان المرسلين اللاتين كانوا يعملون على اضعافه لتقوية سلطة البابا في الشرق. هكذا بحدس وذكاء، اختارت هندية المطران المقرّب من البطريرك سمعان عواد وكلاهما منحاز الى الحلبيين. ومع انه كان مشككا فيها في البداية، استطاعت التأثير فيه كما في غيره، قبلا ولاحقا، لتتغير حياتها وتصبح رئيسة دير بكركي عام 1750 ومعها راهبتان واحدة من دير حراش اصبحت نائبتها وهي جبلية تدعى كاترين من ساحل علما. وكانت تقرأ وتكتب وتؤمن بها، وثانية تدعى تريزيا وهي ابنة نوفل الخازن قنصل فرنسا في بيروت. هذا الرجل هو الذي دفع المال لرهبان مار اشعيا حتى اخلوا الدير لهندية. وكانت الأديرة في ذلك الوقت مؤسسات عائلية تتبع المقاطعجية واصحاب النفوذ ولا يمكن اغضابهم.
ذاع صيت هندية وعجائبها والفضل لكاترين والفتيات اللواتي انضممن الى رهبنتها. وازدهر الدير بالمال والاملاك بفضل النذورات ومهور الفتيات الآتيات اليه، وكلهن من وسط اجتماعي ثري نوعا ما. وتدفقت اموال الاسر الحلبية كمعونات، ووفرت مظاهر الاجلال التي احاطت بهندية توحد الموارنة لفترة واحساسهم بالتميز ليس الى جانب الاديان الاخرى فحسب، بل الى جانب الطوائف المسيحية وخصوصا الطائفة الملكية التي تتبع الفاتيكان مباشرة. وعلى رغم ان البعض لم يصدق قدسيتها خصوصا ان الفاتيكان كان قد بدأ يرفض هذا النمط من التصوف الذي عرف في اوروبا وسمي بمذهب الطمأنينة التصوفي، لم يكن في الامكان قلب المعادلة التي تشكلت بإجماع السلطة الدينية والمقاطعجية عليها وعلى رهبنة قلب يسوع، في ما وصفه الباحث كنوع من احساس الموارنة بأنهم شكلوا هوية قومية – دينية خاصة بهم، وقد دافع عنها الاب ميخائيل فاضل الذي كلفه البطريرك عواد عام 1750 بتّ صحة ما يبدو منها او عدمه، وهو متخرج من المدرسة المارونية في روما، قائلا ان مهمتها "تدبير عظيم من العناية الالهية كتب فيه لسوريا ان تلعب دورا تبشيرياً تطال ابعاده مجمل العالم المسيحي". من سخرية القدر ان هذا الراهب المتعلم نفسه سيكون رأس حربة في مطالبة الفاتيكان بحل رهبنتها بعد سنوات لأنه اختلف مع البطريرك يوسف اسطفان راعيها.
من ابرز المطالبين بفحص حالة هندية، اليسوعي الفرنسي مارك انطوان سيغوران، الذي كان يعرف اشخاصا مقربين من البابا وكان يرى الشرقيين متخلفين. هكذا صدرت اول ادانة لها ولرهبنتها في 4 كانون الثاني 1752 في عز تألقها والاهتمام بها، فثارت ثائرة الجبل اللبناني، ونكاية بالقرار شُرّع عيد قلب يسوع في لبنان. وفي نيسان 1753 وصل الموفد البابوي ديزديريو دو كازاباتشيانا واستجوبها واستجوب الراهبات ولاحظ تصرفها وذهب بانطباع ايجابي، لكنه ترك الحكم للبروباغاندا في الفاتيكان، وكان الشك فيها من لجنة الخبيرين مانشيني وغالي بعد قراءة التقرير.
لا شك في ان اخبار انخطافها كانت مختلطة بأخبار عن الشيطان واتهام كل معارضيها بمسّ منه، وكان دمها يفصد ويوزَّع تعاويذ في اشراف كاترين، ومن غرائب المصادفات ان جولات الشيطان في المكان توقفت خلال تحقيق الفاتيكان. وبالطبع لم يكن في الامكان نقلها الى دير آخر كما يحصل عادة في حالات كهذه للتأكد من صحة الظهورات التي تراها المترهبة لأن ذلك دونه عقبات وعقبات. فليس من سلطة روحية يمكنها الوقوف في وجه اللبنانيين الغاضبين، فكيف تخرج من ديرها؟
والحق ان ضعف الايمان والالتهاء بالنزاعات وتوزع المناصب والمكاسب والتبعية للمقاطعجية والامراء الحاكمين والولاة العثمانيين، هي التي أعمت الابصار او جعلت الرؤساء الدينيين يتظاهرون بالعمى وليس ضعف المؤسسات فقط هو السبب.
سيعاد التحقيق مع هندية مجددا عام 1755 مع الفرنسيسكاني المتزمت كارلو انيوشنزو دو كونيو الذي خاف على نفسه لشدة المناوأة التي واجهها من الجميع، فصارت بعد هذا عصية على اي سلطة او اي نظام، وانتهى الامر بأن صار البطريرك يوسف اسطفان الذي انتُخب عام 1766 يستشيرها في ما يجب ان يفعله ويعتمد على "اتحادها بالمسيح".
هكذا نجد الاسباب الفردية عاملا رئيسيا في اضفاء القدسية عليها او نزعها، عدا الجشع المادي، بما ان المعونات كانت تصل الى اديرة اكثر من اخرى. والواقع ان هندية، حتى الاعتراف بقدراتها، كانت تبدو متواضعة ولطيفة، كما اي انسان ذكي مقموع، حتى اكتسبت الثقة بتأثيرها على المطران والبطريرك والناس، فاستبدت وجارت!
يجب ان نذكر ان كرهاً للنساء وتشكيكاً في قداستهن كان سمة عامة عند رجال الدين الشرقيين والغربيين، ونحن نؤيد رأي الباحث في قوله ان المسألة ليست صراعا بين "حالة تعبدية شعبية" و"تعبد عقلاني" لأن الايمان بالشياطين والتعاويذ كان سائداً اينما كان، وان كان اتجاه الفاتيكان تحت حكم البابا بينيديكتوس الرابع عشر مال الى العقلنة والافادة من أطروحات عصر الانوار، فهو اذاً صراع كنسي غربي – شرقي، وشرقي داخلي وصراعات سياسية – اقتصادية كما ذكرنا.
بعد 1755 تبدلت الحال، ومع عودة الصراع مجددا بين "الحلبيين" و"الجبليين" خافت هندية على رئاستها من الراهبات الجبليات، وأبعدتهن عنها ما عدا كاترين، التي اضطهدتهن استنادا الى اتهامات بأنهن يردن قتل هندية، وقرّبت الحلبيات وبدأ فصل فظيع من الاجرام والتعذيب، ما كان يخطر في بال احد انه يحصل في الاديرة التي تزعم انها تطبّق رسالة المسيح. هذا الاجرام اشبه بمكائد قصور السلاطين وحريمهم. وقد قتلت راهبات عديدات حتى هربت تريزيا الخازن عام 1773 ومعها مريم ثم هربت وردة عام 1777، وكانت الشكاوى تنهال على الفاتيكان الذي اعاد ارسال بياترو دو موريتا للتحقيق، وهنا تكشف محفوظات الفاتيكان ما طمسته الذاكرة الشعبية وما تشمئز منه النفوس.
بين 1753 و1777 حدثت امور كثيرة سياسية ودينية، منها تقلب السلطة الزمنية وحل رهبنة قلب يسوع واقفال دير بكركي والحكم على هندية وكانت القطيعة قد تكرست نهائيا بين الحلبيين والجبليين عام 1770. وستعاني هندية بعض ما انزل براهباتها من سوء معاملة في اثناء تنقلها من دير الى دير، ثم سيتصالح الخصوم مجدداً بعدما عاثوا في الطائفة والبلاد فسادا وانقساماً، ومنهم ميخائيل فاضل والبطريرك اسطفان وكانا من الد الاعداء، ليتكتل خصوم الامس وينفرط عقد الذين كانوا اصحابا قديما، لأسباب فردية ومادية. المهم ان ايا ممن ستروا الجرائم ورفضوا تصديقها، لم يعتبر انه مذنب ولم يفحص ضميره. ولا هندية كذلك احست انها اذنبت بشيء بل ماتت وهي تعتبر نفسها ضحية، وقد اجبرت على طلب التوبة لتحسين معاملتها لكنها بقيت في داخلها موقنة انها مظلومة.
هكذا نالت من اسباب التعتيم على جرمها والاشفاق على حالها اكثر مما نالته الضحايا اللواتي سقطن في ديرها واللواتي لا يعرف احد الآن بقصتهن، على حد تعبير المؤلف وهو محق.
هذا الكتاب يوضح كيف تتشكل العبادة حول فكرة ما قد تساهم في جمع الناس تحت لواء رهبنة معينة. هكذا نعرف ان عقيدة "قلب يسوع" قد تخاصم اصحابها مع عقيدة "الحبل بلا دنس" لفترة، وان صلاة الوردية وغيرها دخلت من الغرب الى الشرق. وماذا لو لم تدخل، فهل كان هذا ليغير شيئا في صلب الايمان؟ سنعرف ان "الدين يحتاج صاحبه لتحقيقه على اصوله الى معرفة حقيقية لجوهره ومصدره والى توازن نفسي كبير ورجاحة عقل. ولقلة هذه العناصر ينحرف الكثيرون وينخدع الناس بأولئك الذين يبدون حماسة كبيرة من اجل الله وتقوى ملتهبة ويكون هذا اذا راقبتهم جيدا من بشريتهم لا من الله". القول نقتبسه من سيادة المطران جورج خضر. هكذا تحولت هندية من طالبة قداسة الى متمتعة بالسلطة كأي زعيم سياسي ودارت الامور في ديرها كما تدار الانظمة الاستبدادية.
مي باسيل
المصدر: النهار
إضافة تعليق جديد