سيناريو الصراع العراقي والتأثيرات العابرة للحدود

06-04-2010

سيناريو الصراع العراقي والتأثيرات العابرة للحدود

الجمل: تناقلت التقارير الإعلامية المزيد من الأخبار والمعلومات, حول التطورات الجارية المتسارعة في العراق, وإضافة لذلك, فقد تزايدت التحليلات السياسية, التي تحاول التعرف على شكل السيناريو السياسي العراقي القادم, فما هي طبيعة التحولات الجديدة في أزمة العملية السياسية العراقية, والتي أصبحت وكأنما هي تدور في حلقة مفرغة؟
العملية السياسية العراقية: السياقات المؤسسية والتطورات الميدانية
أصبح واضحا, أن نتائج الانتخابات العراقية العامة الأخيرة, قد بدأت تفرض نفسها, على أساس اعتبارات أنها تمثل نتائج الأمر الواقع, وبرغم خلافات القوى السياسية العراقية التي سعت إلى التشكيك في نزاهة ومصداقية هذه الالعراقنتائج, فقد أصبح من غير الممكن, على الأقل على المدى القريب, النجاح في أي اختراق يتيح لأي طرف سياسي تغيير هذه النتائج:
• الحركة الوطنية العراقية (إياد علاوي): 25,87% من الأصوات (91 مقعدا).
• ائتلاف دولة القانون (نوري المالكي): 25,76% من الأصوات (89 مقعدا).
• الائتلاف الوطني العراقي (الحكيم+الجعفري): 19,43% من الأصوات (70 مقعدا).
• التحالف الكردستاني (البرازاني+الطالباني): 15,27% من الأصوات (43 مقعدا).
• حركة التغيير (أكراد): 4,39% من الأصوات (8 مقاعد).
• جبهة التوافق (سنة): 2,72% من الأصوات (6 مقاعد).
• تحالف وحدة العراق (سنة): 2,90% من الأصوات (4 مقاعد).
• الاتحاد الإسلامي الكردستاني (أكراد): 2,27% من الأصوات (4 مقاعد).
• التجمع الإسلامي الكردستاني (أكراد): 1,41% من الأصوات (2 مقعد).
• الأقليات العراقية (مسيحيين+صائبة+إيزيديين+شبك+كاكائيين) (8 مقاعد).
هذا, وعلى أساس اعتبارات الوضع الكلي فقد شارك في التصويت 10,171,871 ناخب عراقي بما يمثل 62,4% من إجمالي عدد المسجلين الكلي. وهذا معناه أن 37,6% من المسجلين قد امتنعوا عن التصويت وهو عدد كبير يشير إلى عدم رغبة أكثر من ثلث المسجلين في المشاركة وإضافة لذلك, فإن عدد سكان العراق هو 31234000 نسمة, وبعملية حسابية بسيطة نلاحظ أن عدد الذين لم يشاركوا في هذه الانتخابات هو في حدود 21 مليون, طالما أن عدد المشاركين في حدود 10 مليون!! وهذا معناه أن أكثر من 66% (أي من الثلثين) من سكان العراق هم عمليا خارج العملية السياسية!!
لعبة المساومات العراقية الجارية:
من المتوقع أن يستمر سيناريو المساومات السياسية العراقية لفترة أطوتوزيع الانفجارات في المناطق العراقيةل, ومن أبرز ملامح هذه اللعبة نشير إلى الآتي:
• اللاعبين الرئيسيين: الحركة الوطنية العراقية (إياد علاوي)-ائتلاف دولة القانون (نوري المالكي)-الائتلاف الوطني العراقي (الصدر-الحكيم-الجعفري)-التحالف الكردستاني (البرازاني-الطالباني).
• اللاعبين الثانويين: حركة التغيير (كردية)-تحالف وحدة العراق (سنة)-جبهة التوافق (سنة)-الاتحاد الإسلامي الكردستاني (أكراد)-التجمع الإسلامي الكردستاني (أكراد)-الأقليات (مسيحيين-صائبة-إيزيديية-شبك-كاكائيين).
وفي هذا الخصوص نلاحظ أن الخيارات المطروحة بشكل أولي لجهة تشكيل الائتلاف الحاكم, هي:
• خيار الائتلاف الوطني: ويؤسس لحكومة واسعة الطبق بحيث يتم تمثيل كل المكونات الموجودة, وتتم الموافقة الإجماعية عليها داخل البرلمان.
• خيار الائتلاف الشيعي: ويؤسس لحكومة تضم الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون.
تقول المعلومات والتسريبات, بأن الأغلبية العظمى من العراقيين نفضل تشكيل حكومة ائتلافية تقوم على خيار الائتلاف الوطني الشامل, ولكن المشكلة الرئيسية تتمثل في رفض التحالف الكردستاني, والذي يصر على ضرورة تلبية بعض الشروط المسبقة, والتي تتضمن الآتي:
• الحصول على منصب الرئيس العراقي ومنصب وزير الخارجية العراقي, إضافة إلى زيادة عدد المناصب الوزارية والسياسية الأخرى.
• تقديم التنازلات حول مصير منطقة كركوك بما يتيح ضمها لإقليم كردستان.
• زيادة نصيب إقليم كردستان من عائدات النفط العراقي.
وإضافة لذلك, فهناك خلافات بين الساسة العراقيين, من أبرزها:
• خلافات المالكي-البرازاني
• خلاف الصدر-الأكراد
• خلافات الصدر-المالكي
وأشارت التحليلات, إلى أن إنفاذ خيار الحكومة الائتلافية, أو خيار حكومة الائتلاف الشيعي, سوف ينطويان على الكثير من المخاطر, وذلك للأسباب الآتية:
• الكتل والتحالفات السياسية العراقية التي خاضت الانتخابات تتميز بالمزيد من الهشاشة وعوامل الضعف وعدم التماسك الداخلي.
• تزايد تأثير النفوذ الخارجي على الكتل السياسية الرئيسية, وعلى سبيل المثال: التأثير السعودي على كتلة علاوي, والتأثير الأميركي على كتلة المالكي وكتلة الأكراد. والتأثير الإيراني على كتلة الحكيم-الصدر-الجعفري.
• وجود صراعات نفوذ داخل الكتل, وعلى سبيل المثال لا الحصر, يسعى البرازاني لإضعاف الطالباني داخل الكتلة الكردية, ويسعى الصدر لإضعاف الحكيم والجعفري لأن الصدر وحده حصل على 40 مقعدا من إجمالي عدد مقاعد الكتلة البالغ 70 مقعدا, وفي هذا الخصوص, فقد سعى الصدر إلى توجيه الضربة الاستباقية ضد الحكيم والجعفري, وذلك عندما قام الصدر بإجراء استفتاء بين أنصاره لجهة تحديد من الذي يتوجب اختياره لملء منصب رئيس الوزراء, وهذا معناه أن الجعفري والحكيم لن يستطيعا فرض رأيهما داخل الائتلاف الوطني العراقي.
من المتوقع أن تنتقل عدوى الصراعات الداخلية إلى الكتل الأخرى, ومنها على سبيل المثال لا الحصر, التوقعات بحدوث الصراعات داخل كتلة علاوي, وذلك بسبب تمسك القوى السنية داخل هذه الكتلة بمبدأ عدم تقديم أي تنازلات للأكراد حول الموصل وكركوك.
سيناريو الصراع السياسي العراقي: التأثيرات العابرة للحدود
سيناريو الصراع السياسي العراقي, يمكن أن يأخذ أحد ثلاثة مستويات هي:
• أسوأ سيناريو: عدم تشكيل أي حكومة, ويتضمن الصراع السياسي المرتفع الشدة, والذي سوخارطة النفط العراقيف يتضمن العودة إلى خيار الحرب الداخلية, والتفجيرات وفرق الموت.
• سيناريو الوسط: تشكيل حكومة أغلبية هشة, ويتضمن حدوث قدر محدود من الصراعات, ولكنه سوف يكون في نفس الوقت قابلا للاشتعال أكثر فأكثر بفعل تأثير الضغوط والتجاذبات السياسية والتي سوف تكون مستمرة.
• أفضل سيناريو: تشكيل حكومة ائتلاف وطني: ويتضمن القبول الواسع بواسطة الأطراف العراقية, طالما أن الكتل السياسية العراقية سوف تكون متوافقة, وطالما أن القاعدة الشعبية التصويتية سوف تكون منسجمة مع الحكومة الجديدة.
التأثيرات العابرة للحدود, سوف تختلف باختلاف شكل ونوع السيناريو الذي سوف يحدث:
• في حالة أسوأ سيناريو: سوف تتزايد موجات اللاجئين العراقيين العابرة للحدود, وفي هذه الحالة سوف تكون سوريا هي الأكثر تعرضا لضغوط الأزمة.
• في حالة سيناريو الوسط: سوف تتزايد خلافات السياسيين العراقيين داخل الحكومة وداخل البرلمان, وهو أمر سيؤدي إلى تزايد ارتباط الساسة العراقيين بالأطراف الخارجية, وعلى وجه الخصوص أميركا, والتي لن يتردد بعضهم في اللجوء لواشنطن طلبا لدعمها, وهو دعم سوف يكون له ثمنه, وسيتضمن بلا شك تسويق الصراع إلى سوريا وإيران.
• في حالة أفضل سيناريو: سوف يتزايد توافق العراقيين بما يمكن أن يتيح عودة المزيد من اللاجئين العراقيين, وهو أمر سيخفف الضغوط على دول الجوار العراقي ومن أبرزها سوريا.
الملاحظة الأكثر أهمية تتمثل في مدى العلاقة الارتباطية بين شكل الحكومة العراقية الجديدة, وعملية انسحاب القوات الأميركية من العراق, وفي هذا الخصوص يمكن ملاحظة الآتي:
• التحالف الكردستاني يسعى إلى عرقلة انسحاب وخروج القوات الأميركية من العراق.
• ائتلاف دولة القانون, يسعى من جهة إلى التأكيد على ضرورة سحب القوات الأميركية من العراق, ولكنه من الجهة الأخرى سوف يسعى إلى إنفاذ الاتفاقية الأمنية العراقية-الأميركية التي تتيح لأميركا إبقاء القوات والقواعد العسكرية الأميركية في العراق.
• الائتلاف الوطني العراقي: يسعى إلى المطالبة بخروج القوات الأميركية, وأيضا إلى إسقاط الاتفاقية الأمنية العراقية-الأميركية.
برغم الخلافات العراقية-العراقية حول مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق, فإن الخلافات الأميركية-الأميركية سوف تلعب دورا هاما ورئيسيا في تحديد خروج أو عدم خروج القوات الأميركية من العراق, وبكلمات أخرى, فإن جولة انتخابات الكونغرس الأميركي النصفية التي ستعقد في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2010م القادم, سوف تحدد مصير ومستقبل الوجود الأميركي في العراق, وفي حالة تراجع شعبية الديموقراطيين وصعود شعبية الجمهوريين, فإن مقاعد الكونغرس في هذه الانتخابات ستكون من نصيب الجمهوريين, الأمر الذي سيؤدي بلا شك إلى جعل الجمهوريين يسيطرون على أغلبية مقاعد مجلس النواب الأميركي وأغلبية مجلس الشيوخ الأميركي. وبرغم ذلك, فإن ما هو أكثر خطورة يتمثل في أن الكتل السياسية العراقية, لم تبن حتى الآن موقفا واحدا إزاء خروج أو عدم خروج القوات الأميركية من العراق.
السبيل الأفضل لإخراج القوات الأميركية من العراق, يمكن أن يتمثل في إقامة حكومة ائتلاف تركز على تجميع الأطراف العراقية الرافضة للوجود الأميركي في العراق, وعملية تجميع هذه الأطراف ليست أمرا صعبا, وإنما هي ممكنة, وإذا سعى بعض النواب العراقيين إلى تكوين تجمع برلماني جديد ينضوي وينضم إليه النواب بشكل فردي, أي أن تتم عملية انسلاخ واسعة النطاق في أوساط الكتل الرئيسية.
الكتلة الجديدة يمكن أن تجمع كل القوى الرافضة للوجود العسكري الأميركي, وعلى الأغلب أن ينضم إلى هذه الكتلة الجديدة العديد من النواب العراقيين, وتجد التأييد بواسطة أغلبية المواطنين العراقيين, طالما أنها سوف تكون كتلة وطنية بحتة غير مقيدة بالانقسامات الطائفية الشيعية-السنية, أو الانقسامات الاثنية العربية-الطكردية.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...