مزيريب: آثار مهملة وخدمات تنتظر
من يقصد درعا للسياحة أو الزيارة، أول ما يتبادر لذهنه زيارة منتجع مزيريب السياحي لأخذ قسط من الراحة بظلال الأشجار الوارفة ومياه البحيرة الرقراقة... تلك هي مزيريب التي حباها الخالق نعمة الماء والخضرة، فكانت محط رحال القوافل على مر الزمن بين الشام والجزيرة العربية ومصر، وماؤها العذب أطفأ ظمأ ملايين البشر الذين ساروا على طريق الحج الشامي ذاهبين إلى الديار المقدسة، مزيريب أعطت الناس أغلى ما تملك وهو الماء ولكنها لم تأخذ ولو حتى جزءاً بسيطاً من حقها، فهي بحاجة للكثير الكثير لرد الجميل... فإلى التفاصيل :
استقطب منتجع مزيريب أعين الكثير من المستثمرين، فمنهم من نجح بتوقيع عقود مع البلدية أو الجهات المعنية الأخرى وبعد فترة بسيطة فسخت العقود لخلل في التنفيذ والاستثمار أو لتعدد المرجعيات الوصائية على هذا المكان، فعندما كانت تنجح البلدية أو السياحة في تأمين مستثمر لاستثمار جزء بسيط من الموقع يصطدم المستثمر بشروط وأنظمة مديرية الري صاحبة الأرض، وبعد جهود مكثفة واجتماعات ومضي سنوات في هذا المضمار، تم تنسيق الأمر بين جميع الجهات المعنية حيث وضعت خطة متكاملة لاستثمار الموقع بالإضافة لإعداد دراسة شاملة للموقع من قبل وزارة السياحة وخلصت الدراسة إلى إقامة منتجع سياحي حول البحيرة يتألف من موتيلات وملاه وملاعب ومطاعم وجلسات شعبية ومسابح، وقدرت الدراسة كلفة المشروع الأولية بنحو 548 مليون ل.س وذلك حسب الدراسة المقدمة لسوق الاستثمار السياحي، حيث تم طرح المشروع منذ عدة سنوات للاستثمار وحتى الآن ما زال ينتظر!!
ولدى الاستفسار عن إشكالية هذا المشروع، أكد مدير سياحة درعا السيد محمد سليم قطيفان أن مزيريب تعتبر منطقة جذب سياحي هامة في الجنوب السوري ونظراً لأهمية هذا الموقع فقد تمت دراسته من قبل وزارة السياحة وتمثلت الدراسة بإقامة مدينة سياحية حول البحيرة من الجهة الجنوبية والشرقية مع ترك حرم مائي لمنع التلوث للمياه.
وأشار مدير السياحة إلى أن كلفة المشروع حسب الدراسة المعدة وصلت إلى 548 مليون ل.س وسعت مديرية السياحة لطرحه على المستثمرين منذ عدة سنوات ومن خلال ملتقيات سوق الاستثمار السياحي ولكن حتى الآن لم يتقدم أي مستثمر له.
وحول إمكانية تغيير الدراسة والكلفة المادية لتتناسب مع قدرات المستثمرين أكد مدير السياحة أنه لا يجوز تعديل الدراسة أو الكلفة إلا في المؤتمر القادم للاستثمار السياحي إذا رغب في ذلك أحد المستثمرين والترويج للمشروع وأهميته السياحية، حيث سيتم تخصيص منطقة الحرم المائي لإقامة جلسات شعبية ولا يجوز البناء فيها أو إقامة خدمات صرف صحي بالقرب منها وذلك للحفاظ على مياه البحيرة من التلوث.
وحول أسباب إغلاق الموقع في حرم البحيرة هذا العام أمام السياح أشار مدير السياحة أن هذا الإجراء جاء للحفاظ على حياة السياح من الغرق في المياه أثناء السباحة كما حدث في مناطق أخرى من القطر، حيث قرر السيد المحافظ إغلاق المكان لمنع وقوع حوادث مؤلمة بالإضافة لتسوير مياه البحيرة من قبل مديرية الري بشبك سياحي وإخراج كل القوارب من المياه ومنع الترخيص للمراكب بالعمل في بحيرة مزيريب كونها بحيرة مخصصة لمياه الشرب.
أما من الناحية التاريخية والآثارية لمزيريب فقد أكد المهندس حسين مشهداوي مدير آثار درعا أن هذه البلدة تضم عدة مواقع أثرية هامة ومنها القلعة المملوكية والتل القديم وطاحونة الماء مؤكداً أن القلعة هي من القلاع النادرة التي تقع على أرض منبسطة بالقرب من ينابيع البحيرة.
وقد تعرضت منذ عقود غابرة إلى عمليات تخريب وسكن ومنذ نحو خمسة الأعوام قامت الدائرة بأعمال التوثيق والكشف والترميم لأجزاء منها حيث جرى ترميم البرج الجنوبي الغربي بكلفة 1.7 مليون ل.س ومشروع ترميم البرج الشمالي بكلفة /3/ ملايين ل.س وتم الكشف عن أجزاء من أساسات القلعة في مواسم سابقة بالإضافة لرفع دراسة وكشف للترميم لهذا العام بقيمة 3.9 ملايين ل.س وحتى الآن لم تتم الموافقة عليه، ونوه مدير الآثار إلى أن القلعة تحتاج للكثير من الأعمال والأموال وأن المبالغ المرصودة أو التي تأتي من المديرية العامة ضئيلة جداً ولا تناسب ما هو مطلوب من الدائرة من أعمال سنوية وخطط مدروسة.
وأفاد مشهداوي أن الدائرة أعدت إضبارة استملاك للقلعة والأرض المحيطة بها والتي يتواجد فيها منازل سكنية وعادت الإضبارة لتدارك وتلافي بعض الملاحظات حيث يتم ذلك حالياً من أجل رفعها لرئاسة الوزراء لإعداد مشروع الاستملاك في حال تمت الموافقة على الإضبارة، علماً أن المبالغ المادية غير كافية لدفع بدلات الاستملاك.
وطالب مشهداوي بضرورة تعاون الجهات المعنية لإيجاد حل لذلك الأمر وتخصيص أصحاب المنازل بأراض أخرى للسكن ودفع بدلات الاستملاك لهم كي تستطيع الدائرة الكشف عن محيط القلعة وإظهارها بشكلها الجمالي وفسح المجال للسياح للدخول إليها بشكل مريح.
وصرح مدير الآثار أن هذه القلعة (المملوكية - العثمانية) كانت مركزاً لتجمع واستراحة القوافل التجارية والحجيج إلى الديار المقدسة.
وعن الجانب الخدمي حدثنا السيد خالد النابلسي رئيس مجلس بلدة مزيريب حيث قال: إن عدد سكان البلدة /14/ ألف نسمة معظمهم يعمل بالزراعة حيث يشكل منتجع البحيرة نقطة جذب سياحية وهذا الأمر أدى إلى زيادة الأعباء على مجلس البلدة من حيث خدمات النظافة العامة، فالبلدية لديها عشرة عمال نظافة فقط بالإضافة لجرارين وسيارة جمع قمامة وهذا ليس بالكافي ورغم ذلك تعتبر أعمال النظافة جيدة، مشيراً إلى أنه تم الطلب من الجهات المعنية توسيع المخطط التنظيمي ليشمل الأحياء والمنازل المتواجدة على أطراف البلدة من أجل تخديمها وتنظيمها بالشكل المناسب، حيث تبلغ مساحة المخطط الحالي 3520 دونماً فقط.
وحول الأعمال والمشاريع الخدمية أفاد النابلسي أن البلدية قامت بحملة شاملة لإعادة تأهيل الإنارة والأرصفة والأطاريف والمسطحات الخضراء وإكمال مشروع الصرف الصحي، حيث قدمت وزارة الإدارة المحلية إعانة مالية لمزيريب قدرها 20 مليون ل.س. لتحسين واقعها السياحي والخدمي، حيث تم تطوير مداخل البلدة من جميع الجهات وإنجاز مشروع طريق الكورنيش الشرقي الذي يربط المنطقة الغربية من المحافظة بمدينة درعا دون الدخول للبلدة وبلغت كلفته عشرة ملايين ل.س. وقد خلص هذا الكورنيش البلدة من الازدحام بالآليات العابرة إلى درعا وطفس، ونوه إلى أن البلدية قامت بانجاز مشروع مركز الانطلاق والمبنى الخدمي والتجاري بكلفة عشرة ملايين ليرة واستكمال شبكة الصرف الصحي للبلدة بكلفة 4 ملايين.
أما الأمر الآخر الذي يؤرق السكان والمسؤولين في بلدة مزيريب فهو محطة المعالجة لمياه الصرف الصحي، حيث تأخر هذا المشروع كثيراً وحول ذلك المشروع أكد رئيس البلدية أن موقع المحطة تقرر أخيراً عند نهاية المصب غرب البحيرة بـ 2كم وهو في اللمسات الأخيرة، حيث سيتم استملاك الموقع ورصد الأموال اللازمة للإنجاز وتقدر كلفتها بنحو 70 مليون ل.س وهناك مراسلات وتنسيقات مع شركة الصرف الصحي في هذا الأمر كونها الجهة المسؤولة عن تلك المشاريع.
أما الانجاز الجيد الذي قام به مجلس البلدة هو قيامه بترحيل مطمر القمامة شرق البلدة بالتعاون مع الخدمات الفنية وتم ترحيله إلي المكب الرئيسي شرق درعا وأصبح مكانه حالياً حديقة كما ذكر رئيس المجلس.
وطالب رئيس المجلس بضرورة الاسراع بترميم القلعة والطاحونة واستملاكها بالإضافة لتوسيع المخطط التنظيمي ليواكب التزايد السكاني وكذلك الاسراع بانجاز محطة المعالجة لمياه الصرف الصحي وتحسين واقع مياه الشرب وزيادة مخصصات البلدة من المياه فهل يعقل أن تكون مزيريب على بحر من المياه وأهلها عطشى.
جهاد الزعبي
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد