مصير غزة مازال مرتهناً لأجل الجندي الإسرائيلي المخطوف

بدا أمس، ان الوساطات التي طلبتها اسرائيل وتجاوزت مصر لتصل الى روسيا وفنلندا، دخلت في مأزق، وسط تجدد الحديث عن مهل نهائية لإطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الاسير، بينها مهلة تنتهي مساء اليوم، فيما لم يستبعد مسؤولون اسرائيليون ان يتطلب حل الازمة شهورا. ودعا رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الجيش لاستخدام كامل قوته، بهدف التأكد من ان احدا لا ينام الليل في قطاع غزة، وركز وزير دفاعه عمير بيرتس على ضرورة تحميل سوريا مسؤولية مباشرة. وكانت قوات الاحتلال قد دمرت مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية في غزة وقتلت اربعة مقاومين في اليومين الماضيين جنوبي غزة وشمالها.
في غضون ذلك، قال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شمعون بيريز، لشبكة سي ان ان، ان وزراء ونواب ومسؤولي حماس الذين اعتقلتهم اسرائيل مؤخرا سيحاكمون لمشاركتهم في اعمال ارهابية. اضاف كانوا مسؤولين حكوميين وشاركوا بعد ذلك في اعمال ارهابية. سيحاكمون ويخضعون لمحاكمة جزائية... وسيتهمون بالمشاركة والدعم في اعمال ارهابية ضد حكومة مدنية. وستقول المحاكم كلمتها.
وقال ضباط إسرائيليون، خلال محاكمة الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات في سجن عوفر، أن موعد محاكمة الوزراء والنواب سيكون غدا الثلاثاء ودعوا الصحافيين للحضور من أجل تغطيتها.
الوساطة
ونقلت اسوشييتد برس عن مسؤول مصري قوله ان الرئيس المصري حسني مبارك طالب نظيره السوري بشار الاسد، في اتصال هاتفي، بمحاولة اقناع قادة حماس في دمشق باطلاق سراح الجندي جلعاد شاليت، فيما يجري مدير الاستخبارات المصرية عمر سليمان محادثات مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل مباشرة، بينما يقوم وفد من الاستخبارات المصرية بمحادثات مع مسؤولي حماس في القطاع. اضاف ان الجهود مستمرة، لكن الوقت ينفد بالنسبة الى الجانب الفلسطيني.
وقال مسؤول مصري رفيع المستوى قريب من فريق الوساطة المصرية ان القاهرة ستمضي قدما لمساعدة الفلسطينيين حتى آخر لحظة من أجل إنهاء الأزمة السياسية والإنسانية في الأراضي الفلسطينية مشيرا الى وجود بطء شديد في عملية التفاوض من أجل إطلاق سراح الجندي.
وذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ان مبارك والرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) بحثا، في اتصال هاتفي امس، جهود مصر الدبلوماسية مع جميع الاطراف لايجاد مخرج للازمة الحالية بالوسائل السلمية.
وقال دبلوماسي كبير ان مصر تتحرك من دون خطة مسبقة، ولا يجب التقليل من اهمية النفوذ المقابل لسوريا حيث يقيم رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، والنفوذ الايراني معتبرا ان المهم بالنسبة الى مصر هو ان تبقى ضمن اطار اللعبة وان تحاول الظهور امام الولايات المتحدة بمظهر الشريك العاقل الوحيد في المنطقة.
وتتضمن الوساطة المصرية اقتراحات بالإفراج عن شاليت فورا، في مقابل تعهد إسرائيلي بإطلاق مجموعة من الأسرى الفلسطينيين في المستقبل القريب. وقال مسؤولون فلسطينيون في القاهرة ان روسيا وقطر تركيا تتوسط في الازمة ايضا. وكان الاسد قد التقى وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن خليفة آل ثاني في دمشق امس الاول.
ونقلت الاذاعة الاسرائيلية عن مسؤول فلسطيني كبير، ان القاهرة حذّرت حماس من أنها ستوقف مساعي الوساطة إذا لم ترد الحركة على المقترحات المصرية في هذا الشأن بحلول موعد أقصاه مساء اليوم. وقال المسؤول أن مصر وجهت رسالة الى خالد مشعل مفادها أنه إذا لم تتلق القاهرة ردا من حماس فإنها ستوقف مساعيها، مضيفا، ان خالد مشعل رفض المجيء إلى القاهرة لمناقشة الاقتراحات المصرية وطلب من مصر التحدث مباشرة مع خاطفي الجندي.
غير ان القيادي في حماس محمد نزال شدد على ان لا موعد نهائيا للمحادثات مع المفاوضين المصريين. وقال لا احد حدد مواعيد نهائية لاي كان مضيفا ان الجندي ليس مصريا لكي يمكنهم ان يحددوا موعدا. وتابع انه يتعين ان يكون هناك موعد محدد لاطلاق سراح اسرى فلسطينيين في مقابل الافراج عن شاليت، وان تتعهد اسرائيل بعدم شن عدوان على غزة، وهو ما ترفضه تل ابيب.
وذكرت اسوشييتد برس ان مصر والاردن تجريان اتصالات بسوريا في مسعى لاطلاق الجندي. ونقلت الوكالة عن مسؤولين عرب ان دمشق رفضت القيام بذلك طالما استمر العدوان على غزة.
وقال ممثل حماس في لبنان اسامة حمدان لا اتصال لدينا مع مختطفي الجندي، مضيفا أنه يتعين على إسرائيل أن تدرك أن الاحتفاظ بالاسرى بهذه الطريقة غير ممكن. وتابع حتى الذين يحاورون كان تشديدهم على ضرورة ألا نتوقف عند حدود الوعود ولن نثق بضمانات تقدمها الادارة الاميركية وإنما المطلوب شيء عملي يتحقق على الارض.
ورفض حمدان تصريحات مبارك التي قال فيها ان احتفاظ الفلسطينيين بالجندي سيقود إلى هلاك الشعب الفلسطيني. وقال عندما يحاول الفلسطينيون تحرير أسراهم فلا أظن أن هذا سيقود إلى هلاك فهناك، عشرة آلاف فلسطيني ولم نسمع صوتا يقول أفرجوا عن هؤلاء الاسرى... أعتقد أن الرئيس مبارك حريص على الشعب الفلسطيني ونتطلع الى أن يكون دوره داعما للمقاومة ومدافعا عنها.
من جهته، قال المتحدث باسم حماس مشير المصري ان الحل ان يتم تبادل للاسرى كما حصل في صفقة التبادل مع حزب الله ونعتقد ان هذا ما سيتم.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن أبو مازن تلقى اتصالاً هاتفياً من وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس.
إسرائيل
من جهته، قال رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي عاموس يدلين ان جهود اطلاق الجندي تتعثر لان احدا لا يعلم الى من يجب ان يتحدث حول المسألة. اضاف ان المصريين يحاولون التوسط، لكن معظم المفاوضات تجري مع انفسهم.
ونقلت وكالة يونايتد برس انترناشونال عن مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ان اسرائيل تسعى للحصول على وساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حل الأزمة، بعد فشل الوساطة المصرية. اضاف إن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ستتوجه إلى موسكو للقاء بوتين.
لكن موقع ملف ديبكا الالكتروني الإسرائيلي المتخصص في الشؤون الأمنية والاستخباراتية، ذكر إن ليفني ستعقد لقاء سريا مع الرئيس الفنلندي السابق مارتي أتيساري. أضاف الموقع أن أتيساري يعتبر أكبر خبير غربي للوساطة في العالم الإسلامي وللمفاوضات حول تبادل الأسرى مشيرة الى علاقاته جيدة مع العلامة يوسف القرضاوي المقبول من جميع المسؤولين في حماس.
وقال اولمرت عند بدء اجتماع الحكومة أقدر بصورة خاصة الجهود التي يبذلها مبارك في النهار والليل. إنه يبحث عن حل للأزمة بكل طريقة وليس من خلال موقف حيادي وإنما من خلال رغبة واستعداد كاملين لتحرير الجندي من دون شروط.
واوضح اولمرت اصدرت الاوامر الى الجيش والقوات المسلحة للتحرك بكامل قوتها لمطاردة الارهابيين ومنظريهم ومن يوفرون لهم الحماية مضيفا سنفعل كل شيء للافراج عن الجندي... قلت وأكرر انه لا حصانة لاحد. وتابع اسرائيل تمر بايام صعبة لكننا لا ننوي الاذعان للابتزاز. الكل يدرك ان الاذعان للارهاب اليوم يعني التشجيع على اعمال ارهابية جديدة معتبرا، إطلاق سراح أسرى هو إنجاز سيتم تحقيقه فقط من خلال مفاوضات مستقبلية بوجود شريك للسلام.
ونقل مسؤول عن اولمرت قوله اتحمل شخصيا مسؤولية ما يجري في غزة. اريد الا ينام احد ليلا في غزة. اريدهم ان يدركوا حقيقة ما يسببه العدوان. اضاف، اذا اطلق سراح الجندي، فسيتوقف نشاط الجيش الذي بدأ مع الخطف. وهدد أولمرت باعتقال قياديين في حماس في غزة. وقال لا يمكنني التعهد بأن تنحصر الاعتقالات في صفوف قيادة حماس بالضفة الغربية فقط.
وحول الأزمة الإنسانية في غزة، نقل مسؤول اسرائيلي عن اولمرت قوله قلت للامين العام للامم المتحدة (كوفي انان) صحيح ان الفلسطينيين ليسوا مستريحين من دون كهرباء. لكن احدا لم يمت لعدم وجود كهرباء. هناك قليل من المشقة وماذا في ذلك. لن نخلق ازمة انسانية. اضاف يقولون لنا ان الناس في غزة ليسوا مستريحين لكن احدا لم يمت بسبب انقطاع الكهرباء بل يموتون بسبب (صواريخ) القسام. وتابع المستشفيات تحصل على الكهرباء باستخدام مولدات فلا تقولوا لنا ان الناس يموتون بسبب توقف الاجهزة الطبية. وذكر بيان لمكتب اولمرت انه ابلغ وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس موقفه هذا.
وأوضحت رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن أولمرت قال، خلال اتصال هاتفي مع رايس، ان المفتاح لحل الأزمة موجود في دمشق لأن التعليمات والأوامر للقيام بأعمال إرهابية تأتي من هناك مضيفا على القيادة السورية إزالة مراكز قيادة المنظمات الإرهابية الموجودة على أراضيها.
من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس ان الخطط العسكرية المستقبلية تستند إلى التصعيد في نوعية الأهداف مضيفا أنه يتوجب تحميل سوريا المسؤولية الكاملة عن خطف الجندي معتبرا أن بشار الأسد يتنكر لحقيقة أن خالد مشعل هو الشخص المركزي الذي يحرك الخيوط.
وقال وزير الداخلية الاسرائيلي روني بار اون، بعد تدمير مكتب رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية في غزة، لقد ضربنا حماس وسنواصل ضرباتنا لكل المؤسسات المرتبطة بحماس مضيفا، هذه العملية تندرج في اطار جهودنا للحد من قدرات حكومة حماس للسيطرة على الوضع وعلى الحكم.
وقال رئيس جهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (الشاباك) يوفال ديسكين يجب التحلي بالصبر لان لا وجود للحلول المعجزة وحل هذه القضية قد يتطلب اشهرا معتبرا أن بإمكان إسرائيل إملاء قواعد جديدة للصراع في مواجهة حماس والحكومة الفلسطينية.

وأكد سياسيون سوريون وفلسطينيون امس، ان سوريا لن تضغط على حماس لإيجاد حل لأزمة أطلق شرارتها اسر جندي إسرائيلي، إلا إذا أوقفت إسرائيل عدوانها على غزة، مؤكدين ان الحكومة السورية أبلغت مسؤولين عربا أنها لن تمارس ضغطا على قيادة حماس للمساعدة في تحرير الجندي ما دامت غزة تحترق.
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان وعضو حزب البعث الحاكم، سليمان حداد، ان سوريا لن تتدخل مع حماس إلا إذا أوقفت إسرائيل عدوانها. عندها إذاً يمكن ان تؤدي سوريا دورا. وقال سياسيون فلسطينيون بارزون ان مصر وقطر والأردن أجرت اتصالات مع سوريا حول الضغط على حماس لإطلاق سراح الجندي.
وأكد سياسي فلسطيني في دمشق ان سوريا قالت انها لن تفعل شيئا ما دامت غزة تحترق. حماس لن تساعد على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مقابل لاشيء، خصوصا الآن. والشارع الفلسطيني لن يقبل بأقل من تبادل الأسرى. وأضاف إسرائيل تستخدم سياسة التفاهم بالنار الآن بشكل رئيسي. إذا أوقفت هجومها على غزة فعندئذ لكل حادث حديث بالنسبة لما سيفعل السوريون.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد استقبل امس الأول وزير الخارجية القطرية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، بحضور وزير الخارجية وليد المعلم. ورجحت مصادر دبلوماسية غربية أن تكون زيارة وزير خارجية قطر تهدف إلى القيام بوساطة مع حركة حماس لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي المخطوف. إلا أن مصادر في حماس نفت علمها بأي وساطة.
وحول تصريحات السفير الأميركي في الأمم المتحدة جون بولتون الذي اتهم دمشق بدعم الارهاب وبأنها مسؤولة عن الوضع الخطير في الشرق الأوسط، اعتبر القائم باعمال مندوب سوريا الدائم لدى الامم المتحدة ميلاد عطية امس الاول انه لا اساس لها من الصحة وهي امر غير مقبول.
من جهته، قال الامين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون السياسية السفير احمد بن حلي ان هذه مواقف لا بد من أن يعاد النظر فيها من قبل الولايات المتحدة. كما قال مندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية هاني خلاف توسيع الجبهات وفتح ميادين جديدة للمواجهة ليسا من صالح أي طرف دولي أو إقليمي.
وكان نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام اعتبر إن عملية تحليق الطيران الإسرائيلي فوق قصر الرئاسة في اللاذقية كشفت الخلل الكبير في بنية النظام في سوريا. وقال في بيان ان المسؤولية الوطنية توجب على كل السوريين التساؤل عن الأسباب في استباحة الأجواء السورية والاستهانة بكرامتها وعن الأسباب في نجاح لبنان الشقيق في تحرير جنوبه وعجز النظام في سوريا في استعادة الجولان المحتل وحماية أجوائه.
الى ذلك، قلل وزير المالية السوري محمد الحسين، من أهمية الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تمارس على دمشق. وقال إن سوريا من أقل دول المنطقة مديونية وبالتالي فإن الضغوط التي تمارس عليها في أي مجال ستكون محدودة التأثير. ونفى وجود أي ديون للبنك أو صندوق النقد الدولي على بلاده، كما نفى نية الحكومة التوجه نحو الاقتراض من الخارج.

المصد: وكالات