المدينة الجامعية: ليست مدينة ولا جامعية

24-12-2007

المدينة الجامعية: ليست مدينة ولا جامعية

لو قدر لك وزرت المدينة الجامعية بدمشق وأردت التعرف عن كثب على واقع الحال فيها فسوف تحظى بمشاهدات لاتسرك، وربما تفاجئك.
ولو تساءلنا كم من الوقت تستطيع أن تقبع في أروقتها وغرفها الرطبة والمظلمة لجاء الجواب سريعاً ومؤيداً لطلبتها المستائين من عدم تحقيق الشروط المطلوبة.
هذا الصرح الذي جاء خدمة لأبناء المحافظات الأخرى ومن الطبقة الوسطى وما دون، تراه وقد استبيح فيه كل شيء دون النظر لأهمية هذا البناء كصرح. هذه المدينة هي مدينة الأحلام والمستقبل المبشر لشريحة كبيرة من طلبة العلم.
فهل من المعقول تقبل شكوى زيادة عدد الطلاب الجامعيين؟ وعدم القدرة على استيعابهم؟ ونحن من يبني الآمال على مقدراتهم وكفاءاتهم في سعينا نحو الأفضل!

شكا العديد من الطلاب شعورهم بعدم الاستقرار في وضعهم السكني وعزوا ذلك لتأخر صدور القوائم المتعلقة بتوزيع الطلبة المخصصين بسكن في المدينة الجامعية على غرف الوحدات والتي لا يسمح من دونها بالسكن، وإذا صدرت في موعدها أو بعد شهرين مثلاً.. فهل يحقق ذلك استقرار وضع الطلبة؟!
ولو أردنا الإجابة عن هذا التساؤل لوجدنا أنفسنا نقف وجهاً لوجه أمام عدة حقائق: فمن تسجيل أسماء وهمية لطلاب في غرفة ما (وهم مستأجرون خارج المدينة) يوحي بالفائض العددي فيها، إلى سياسة تطفيش الطلاب الجدد من الغرف (روح ندفعلك أجرة قد ما بدك أو دبر حالك)بدافع الأنانية أو بقصد تأمين سكن لأحد الأصدقاء وصولاً لبيع وشراء وصل استلام الغرفة والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف تتم معالجة تلك المخالفات من قبل إدارة المدينة الجامعية في حال تم الكشف عنها؟

كثرة عدد الطلبة في الغرفة الواحدة والتي قد تتجاوز الستة تفضي للاتكالية فيما بينهم بحيث يعتمد كل منهم على الآخر في القيام بالترتيب في غرف مزدحمة تصلح لمستودعات أكثر منها للسكن.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى اختلاف أمزجتهم الذي يؤدي لعدم احترام حريات بعضهم بعضاً، ولو أردنا الحديث عن توزيع الطلبة في الغرف لوجدنا عدم تناسب بين عدد الطلاب مع مساحة الغرفة؟ -على اعتبارها مسألة رياضية مثلاً -فكيف لطالب له متران أو متر ونصف المتر أن يحظى بترتيب يليق به يعينه على الدراسة؟ إضافة لسوء التجهيزات أو حتى انعدامها وللأعطال المتكررة في الخدمات. لقد أصبح الطلاب أشبه بساكني الليل يخرجون من الصباح ولا يعودون حتى المساء.
ترى هل تستطيع جامعة دمشق إقناع طلابها بعدم إمكانية إجراء أعمال الترميم والصيانه وما تتطلبه تلك الأعمال من حفر وردم وضجيج خلال فصل الصيف؟ وهل ستكون الحجة بعدم توافر الاعتماد اللازم لدعم البنية التحتية قبل بداية العام الدراسي. وفي هذه الحال لماذا لا يتم تحسين الظروف وتأمين متطلبات السكن من خلال الرسوم التي يدفعها الطالب؟

كان لمدير المدينة الجامعية بدمشق الدكتور محمد حسان الكردي رأي بعدم إشغال الوحدات 12-13 أي إيقافها عن العمل نظراً لقدم البناء وسوء الخدمات فيها كما تم سابقاً بالوحدتين 10 و16 حيث وضعتا خارج الخدمة.
وأكد عدم وجود وساطة ومحسوبيات في تأمين السكن والخدمات للطلاب.
وأضاف بأن للوحدات تقسيماً يتناسب مع الاختصاص من حيث عدد الطلاب القاطنين فيها ونحن نعمل على ترتيب الطلاب بحسب اختصاصاتهم وعلى تخفيض عددهم في الغرفة الواحدة أما من الناحية الإدارية فيوجد لكل وحدة: مدير ومشرف فني ومتسلم ذمة وعامل استعلامات (لورديات ثلاث يومياً) بالإضافة لوجود لجان صحية وتدفئة ترفع التقارير التي تقوم بتنظيمها وبشكل دوري لإدارة الوحدة لتبيان الخلل والعمل على تصويبه.
كما أخبرنا مدير المدينة أن بداية صدور قوائم الأسماء والتي بموجبها يوزع الطلبة على الوحدات تم بتاريخ العاشر من أيلول واستمر صدورها لغاية منتصف تشرين الثاني، فهل يعقل بقاء الطلبة دون سكن لحين صدور هذه القوائم؟! مع العلم أن بداية العام الدراسي الجامعي هو بداية الشهر العاشر لتأتي الحلول في غير محلها: حيث يتم إسكان بعض الطلبة في غرف مخصصة لطلبة عرب ومؤقتاً ما يخلق فوضى وعدم تنظيم ينعكس على الطلاب وعلى أدائهم العلمي بشكل أكثر من سلبي. أما بالنسبة للطلاب الراسبين فلا يحق لهم السكن في المدينة الجامعية باستثناء من لديهم ظرف خاص وهم الراسبون والمعاقون والمكفوفون وأبناء الشهداء.
ولدى سؤالنا عن سبب ارتفاع سعر الوصل قال لنا د. الكردي: إن السبب هو الاستفادة من عائد قيمته في العمل على تحسين الخدمات مع العلم أن ميزانية المدينة الجامعية تأتي من مخصصات جامعة دمشق فقط ونحن نسعى لتصبح المدينة الجامعية هيئة مستقلة بحيث يدرس مجلس الإدارة كامل المستلزمات في ضوء الميزانية التي تتناسب مع حجم الخدمات التي يسعى لتقديمها ما ينعكس بالشكل الإيجابي على البنية التحتية أما عن عائد الإيصالات لهذه السنة أخبرنا بأنه عاد لخزينة الدولة وأضاف بأن السكن الجامعي بات وثيق الصله بموجة ارتفاع الأسعار خاصة ارتفاع أسعار الإيجارات.
وكلما سألنا عن حل مشكلة ما قيل لنا: قيد الدراسة! أما آن لهذه الدراسة أن تنتهي؟

أحمد طالب في كلية طب الأسنان: كل الزوايا مليئة بالقمامة حتى درج النجاة وكذلك مستودعات الأثاث.
ميرنا طالبة في كلية الآداب حدثتنا عن معاناتها وزميلاتها في الوحدة الرابعة عشرة: إذ إنه في أحيان كثيرة لا تستطيع استخدام الحمام لعدم توافر المياه الساخنة فتستعين بدورها بطناجر طابقها لتسخين المياه واستخدامها.
وأيدت قولها لينا وهي طالبة سنة ثالثة أدب فرنسي وأضافت إنها تحاول عدم استخدام (wc ) في المدينة الجامعية لأنه وببساطة (مصطوم) وهي تقضي معظم وقتها في كليتها.
ومن حيث تجهيزات المرافق العامة قالت ميرفت طالبة صحافة سنة أولى: المطابخ خالية من البرادات ولا يوجد فيها سوى سلة مهملات والحنفيات ترشح والأبواب لا توصد ومفاتيح الكهرباء قديمة أو لا تعمل. وعن هذه الناحية أجابنا د. الكردي: إن أي تجمع سكني لا بد له من وجود خدمات أساسية وهنا إدارة المدينة الجامعية تسعى جاهدة لتقديم هذه الخدمات الرئيسية من خلال تأمين السكن والفرش والكهرباء والتدفئة بالإضافة لوجود خطة وبرنامج لتشغيل المياه الساخنة وتأمينها لكل الوحدات بحيث يتم تشغيلها ابتداءً من الساعة الثانية ظهراً حتى العاشرة ليلاً وزيادة عدد الساعات تتم في أيام العطل فقط.
أما موضوع النظافة فنحن نبذل جهوداً كبرى لتحسين واقع النظافة ولدينا عقد مع متعهد لكننا لم نفلح معه لذلك اضطررنا لرفع كتاب لرئاسة الجامعة لبيان واقع الحال وطلب الاستغناء عن خدماته للعقود القادمة فالمتعهد الذي لا يلتزم بحيثيات عقده يلغى.
و فيما يتعلق بمشاكل الصرف الصحي في المدينة الجامعية بدمشق قال د. الكردي: يوجد تعهد كبير الآن بهذا الخصوص حيث تم تكليف كلية الهندسة المدنية من خلال مجموعات العمل المهني وكخبرات داخلية بحيث تقوم بدراسة تفصيلية لإجراء الصيانة والتبديل اللازم والدراسة الآن على وشك الانتهاء لكنني أعتقد بأن أعمال الحفر ستبدأ مع بداية الصيف القادم.
وعن مشكلة الأعطال المتكررة للمصاعد أوضح د. الكردي: يوجد لدينا عقد صيانة للمصاعد وورشة نهارية ومناوب ليلي..
وأثناء متابعتنا علمنا بمجيء الإطفاء لأكثر من مرة لإنقاذ طلبة عالقين في أحد المصاعد فأين كانت الورشة؟ وأين كان المناوب الليلي؟
ولدى استفسارنا عن وضع المكتبة المركزية قال: لقد تم تحسينها من حيث الإنارة والمقاعد الآن في عهدة نجار ليتم إصلاحها ووضعها في خدمة الطلبة.
وجواباً عن سؤالنا عن إهمال فرع النهر المار في المدينة الجامعية وانتشار القمامة والحشرات فيه أجابنا: هنالك دراسة بصدد إغلاق النهر تابعة لمحافظة مدينة دمشق، وقد تمت مراسلات بين إدارة الجامعة ومحافظة مدينة دمشق وقسم رش المبيدات ومعالجة القوارض للقضاء على الحشرات والقوارض المنتشرة فيها كما تم تعقيم خزانات المياه وتنظيفها وقد وضعت مؤسسة مياه عين الفيجة المدينة الجامعية خارج نطاق التقنين.

هذا ماأشار إليه د. الكردي حين قال: إن العبث مقصود أحياناً من قبل بعض الطلاب وللحؤول دون انتشار هذه الظاهرة يتم الآن تسليم الأثاث الموجود في مستودعات المدينة بموجب بطاقة عهدة بحيث يسجل عليها في بداية العام الدراسي كل ما يستلمه الطالب من مستلزماته كالأسرة والأغطية والكراسي والطاولات ليتم تسليمها لأمين المستودع في نهاية العام الدراسي ولدينا عقد مع مؤسسة معامل الدفاع ( لرفد المدينة بتلك الحاجيات واستبدال القديم منها).

ميساء جمول

المصدر: الوطن السورية


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...