كيف نعالج مصاب كورونا دون أن نقتله؟
زيد قطريب:
أجرت مجلة (الفينيق) حوارًا مع الدكتور بسام زوان، عضو الكلية الملكية البريطانية للجراحين، زميل البورد الأوروبي لأمراض المفاصل والعظام، استشاري في جامعة لندن في الجراحة العظمية، والباحث في وباء الكورونا، تحدث خلاله عن الوضع الوبائي في سورية، ووصف الموجة الأخيرة من انتشار فيروس كورونا، بأنها الأسوأ، ضمن فوضى عدم الالتزام بأي إجراءات وقائية. وفي هذا الجزء من الحوار، يتابع الدكتور زوان حديثه عن تشخيص وعلاج مصابي كورونا، وطرق العناية بهم في المنازل، مؤكداً أن أغلب حالات الوفاة بين السوريين، حدثت نتيجة الأخطاء العلاجية، فيقول:
لا أعتقد أن هناك بروتوكولاً علاجيًا موحدًا يطبق في سورية، بل توجد اجتهادات من قبل الأطباء، وأغلبها لا تنسجم مع آخر الدراسات والأبحاث. وهو ما سبّب أخطاءً كثيرةً في العلاج. منذ أكثر من سنة ونصف، وأنا أنشر أهم البروتوكولات العالمية في العلاج، وأهم الدراسات، فهناك أدوية كثيرة سحبت من التداول في علاج كورونا، لعدم فائدتها، ولتأثيراتها الجانبية، إلا أنها لاتزال توصف للمصابين في سورية حتى الآن. مثل (الازيثروميسن)، والمعروف باسم (ازيترو)، أو (الهيدروكسي كلوروكين)، كما يتم إعطاء (الكورتيزون) بكميات كبيرة، وللحالات الخفيفة او المتوسطة، ما يعتبر مخالفاً للدراسة العالمية. كما يتم وصف (الصادات) بشكل روتيني لجميع مصابي كورونا، وأستطيع القول بأن سورية هي البلد الوحيد في العالم التي تنهج هذا النهج الخاطئ في العلاج، وهو ما سبب ظهور الجراثيم المعنّدة على العلاج بالصادات. في سورية أيضاً، يتم وصف الأدوية المميعة بشكل روتيني لجميع المصابين، وهذا البروتوكول لا يطبق عالميًا، لأن خطر المميعات يضاهي خطر التخثر، ولا يوجد أي دليل علمي يوصي بذلك، وباعتقادي أن كثيرًا من حالات الوفاة، حدثت نتيجة النزيف من المميعات، أو نتيجة الأخطاء العلاجية.
أما عن المتحور (دلتا)، وسبل اكتشاف الإصابة، فيؤكد الدكتور زوان قائلاً:
لم تختلف أعراض الإصابة بفيروس كورونا في جميع المتحورات، حيث تظهر على شكل أعراض تنفسية تشبه (الغريب) أو (الانفلونزا)، بما فيها من جفاف وألم في البلعوم، بالإضافة إلى احتقان الأنف وسيلانه، وارتفاع حرارة الجسم، والاحساس بنوبات البردية، مع صداع وألم في المفاصل والعضلات، وأحيانًا تترافق تلك الأعراض مع غثيان، وفقدان للشهية، وإقياء، وإسهال، بينما يفقد البعض حاستي الشم والتذوق. وعلى الرغم من تشابه أعراض الإصابة، إلا أن (دلتا) يختلف عن بقية المتحورات بسرعة دخوله إلى الخلية، وتضاعفه بأعداد كبيرة جدًا، ما يعزز قدراته في الانتشار، وسهولة العدوى به.
تشابه أعراض الإصابة بين (الانفلونزا) و(كورونا)، يجعل من الصعب تحديد نوع الإصابة، لذا يتم في الحالات المثالية إجراء فحص (PCR) أو فحص سريع آخر يسمى (lateral flow test) وعندما لا تتوافر تلك الفحوصات، يتم اعتبار جميع أعراض الإصابة بـ(الرشح) أو (الغريب)، هي إصابة بفيروس (كورونا)، حتى زوال الأعراض، وهو إجراء احتياطي يهدف إلى الحد من انتشار الوباء.
وعن تشخيص حالة المصاب بكورونا، والأدوية التي يجب إعطاءها له، يقول الدكتور زوان:
تبدأ أعراض الإصابة بفيروس كورونا على شكل أعراض تنفسية خفيفة، لا يحتاج المصاب خلالها إلى أي دواء، لكن ينصح بتطبيق البروتوكول التالي:
عزل المصاب عن الآخرين. الابتعاد عن القلق والخوف. تهوية المكان بشكل جيد. في حال وجود
سعال، نعطي المصاب سوائل فاترة، مع ملعقة عسل صغيرة. أما إذا كان السعال شديدًا، فيتم إعطاء مهدئات السعال المركزية، ويجب عدم الاستلقاء على الظهر.
– عند ارتفاع الحرارة وتجاوزها 38 درجة، يتم إعطاء المصاب كبسولتي (سيتامول) كل ست ساعات، مع كمادات باردة. يفضل إعطاء فيتامين (D3) (عيار 5 آلاف) حبة باليوم – يمكن إعطاء فيتامين (سي) – يجب مراقبة أكسجة المصاب.
ويضيف الدكتور زوان:
80٪ من المصابين يتم شفاؤهم بعد أسبوع من ظهور الأعراض، ويعودون إلى حياتهم الطبيعية، بينما تتطور الأعراض عند 20٪ من المصابين، وتتحول الإصابة لديهم من خفيفة، إلى متوسطة، أو شديدة، ويمكن التمييز بين تلك الحالات، ومعرفة متى يتوجب علينا نقل المصاب إلى المستشفى. الحالات المتوسطة: تتشكل عند إصابة الفيروس مساحة لا تتجاوز 50٪ من الرئتين، الأمر الذي يحافظ على استقرار نسبة الأكسجة في الجسم، حيث أنها لا تنخفض عن 94٪، وحينها لا يحتاج المصاب إلى أكسجين، ولا يحتاج أي أدوية، مثل: (ديكساميتازون) و(الكورتيزون)، ولا حتى (الصادات)، مثل: (الروزفلكس) أو (ازيتر)، ولا يحتاج المميعات، لكن من كان يتناول مميعات الدم أو (الأسبرين) قبل الإصابة، عليه متابعة علا
جه بشكل طبيعي، ويجب مراقبة الأكسجة والحرارة.
وبحسب إحدى الدراسات الجديدة، فقد وجدت أن إعطاء المصاب بخاخًا فمويًا (كورتيزوني) budesonide))، يُسرّع من عملية الشفاء. أما الحالات الشديدة فتُظهر الأعراض التالية، ويتوجب خلالها مراجعة المستشفى:
1- ضيق تنفس، مع ألم صدري شديد.
2- إزرقاق في الوجه والشفاه.
3- تغيم في الوعي وهذيان.
4- انخفاض نسبة الأكسجة إلى ما دون 93٪ في حالة الراحة، وأقل من 90٪ عند المشي. لكن بسبب الضغط الشديد على المستشفيات، وعدم توفر الأسرة، يمكن متابعة علاج المصاب في المنزل مع إجراء بعض الفحوصات الدموية، لمعرفة تطور المرض، وهي:
تعداد عام وتعداد الصفيحات الدموي Ferritin لمعرفة شدة الحالة الالتهابية. – D’Dimer) يرتفع في حالة اضطراب عوامل الت
خثر – (LDH) يدل على شدة تخرب الانسجة ضمن الجسم. وعن تعريف (الأكسجة)، وطرق التعامل معها، يقول الدكتور زوان:
(الأكسجة) تعني مقدار الأكسجين في الدم، وتقاس عادة بمقياس(oximeter) ، وتكون القيمة الطبيعية للإنسان فوق 95%، أما عند المدخنين، والمصابين بأمراض الرئة المزمنة، فتكون نسبة الأكسجة لديهم 92٪ . لكن هناك ظاهرة عُرفت باسم (نقص الأكسجة الصامت)، تم ملاحظتها عند بعض الأشخاص المصابين بفيروس كورونا، حيث تهبط الأكسجة لديهم إلى نسب منخفضة جدًا، من دون ظهور أي أعراض، كالدوخة، أو ضيق وتسرع التنفس، وهي ظاهرة خطرة، وخاصة عند المصابين بأمراض مزمنة، كالسكري، والضغط، والقلب، وأمراض مناعة ذاتية. تقاس نسبة الأكسجة أثناء الراحة، وبعد المشي عدة مرات ضمن الغرفة، فعندما نجد نقصًا بنسبة الأوكسجين إلى ما دون 93٪ أثناء الراحة
، أو نقصًا إلى ما دون 90٪ بعد المشي، أو تحت 88% عند المدخنين أو أصحاب الأمراض الرئوية المزمنة، حينها يتوجب علينا إعطاء المريض أوكسجين. يتم إعطاء الأوكسجين بأقل قدر ممكن، كأن نبدأ بضخ ليتر إلى ليترين في الدقيقة، والهدف هو رفع الأكسجة، والوصول بها إلى نسبة تتراوح بين 94-95٪ أثناء الراحة، وأثناء الجهد، ولا يجب أن نتخطى تلك النسبة، لأن إعطاء الأكسجين بشكل مكثف، والوصول به إلى نسبة مرتفعة، قد يؤدي إلى التسمم بالأوكسجين، والتسبب بأذية الرئتين. لكن عند إعطاء المريض الحد الأقصى من الأكسجين في المنزل، من دون مشاهدة أي تحسن على نسبة الأكسجة، أو حدوث انخفاض فيها، حينها يجب إسعاف المريض إلى المستشفى، لأنه يحتاج أكسجين بتقنيات وضغط مختلفين عما هو متوفر في المنزل. وعند وضع المريض على الأكسجين، يجب إجراء الفحوصات الدموية، ونبدأ في هذه المرحلة بإعطاء (الديكساميتازون) 6 ملغ لمدة عشرة أيام، للتخفيف من العاصفة المناعية، وليس لعلاج الفيروس، أما عند ملاحظة ارتفاع الـ(D’Dimer)، ينصح بإعطاء المميعات بإشراف طبي، بعد تقييم المريض، ويراعى أخذ صورة، أو طبقي محوري للصدر، إذا كان المريض يعالج في المستشفى. ويمكن الإشارة إلى أن التجارب أثبتت وجود وضعيات معينة، تخفف من ضيق التنفس، (كما في الرسوم المرفقة)، حيث أن الاستلقاء على البطن، يحسّن من أكسجة المصابين.
أغلب المرضى يتماثلون للشفاء بعد أسبوع من ظهور الأعراض، فيما يعتبر المصاب ناقلاً للفيروس خلال الأيام الخمسة الأولى من الإصابة، وقد أثبتت الدراسات أنه من غير المرجح أن يتسبب المصاب بالعدوى للغير، بعد أسبوع من الإصابة، وتعتبر 24 ساعة خالية من الحرارة، بدون تناول دواء، مؤشرًا على الشفاء.
إضافة تعليق جديد