فريق خبراء آثاريين ينهي زيارة لمدينة تدمر ويؤكد امكانية ترميم الآثار
أنهى فريق ضم خبراء آثاريين من المديرية العامة للآثار والمتاحف بالتعاون مع خبيرين بولونيين في مجال ترميم التماثيل عملوا سابقا في بعثة أثرية بمدينة تدمر زيارة قام بها إلى المدينة اطلع خلالها بشكل ميداني على التدمير والتخريب الممنهج الذي ارتكبه إرهابيو “داعش” بحق المقتنيات الأثرية في المتحف الوطني بتدمر والمدينة الأثرية وإمكانية ترميمها.
وأوضح الدكتور أحمد ديب مدير شؤون المتاحف ورئيس فريق مديرية الآثار أمس أن الزيارة استمرت لأسبوع بهدف الوقوف على الأضرار التي طالت متحفها الوطني جراء جرائم إرهابيي “داعش” وتقييم الأضرار التي لحقت بالتماثيل الأثرية والأسرة الجنائزية الموجودة فيه والتي لم تستطع المديرية نقلها لضخامتها مبينا “أنه نقل في وقت سابق نحو 400 تمثال ورأس تمثال إضافة إلى 400 قطعة أثرية من متحف تدمر إلى أماكن آمنة”.
وحول حجم التخريب الذي تعرضت له المدينة قال ديب إنه “يصل إلى نسب عالية في البنية الإنشائية للمتحف وفي الأبراج الجنائزية بالجهة الجنوبية بالمدينة وإن نحو 80 بالمئة من المشهد العام لمدينة تدمر الأثرية بحالة جيدة ومنها المسرح وشارع الأعمدة “التترابيل” مع إمكانية القيام بترميم مختلف السويات بهذه الأماكن”.
وعن التدمير الذي طال معبدي بل وبعل شمين قال ديب “الأضرار التي طالت كلا المعبدين كبيرة ورغم بقاء سوريهما قائمين لكن بناءهما الداخلي منهار بالكامل وبحسب الخبراء يمكن إعادة ترميمهما لكون العناصر الحجرية موجودة بنسبة 70 بالمئة”.
وحول قلعة تدمر الأثرية بين ديب “إن التخريب طال الجهة الشرقية منها وأجزاء من بنائها الداخلي لكن إمكانية الترميم قائمة وخاصة أن المديرية قامت بأعمال ترميم مشابهة في قلاع سورية تعرضت لتخريب مماثل”.
وأشار مدير شؤون المتاحف إلى أن الفريق يواصل عملية الدراسة والتوثيق حيث يقوم فريق متخصص حاليا بجرد الموجودات بالمتحف وتسجيل الأضرار وتحديد الآثار المسروقة والقيام بأعمال ترميم إسعافية حال توافر الدعم اللازم مؤكدا أن ترميم موقع أثري بحجم مدينة تدمر يحتاج إلى وقت.
وذكر ديب أن فريق التقييم لم يستطع الوصول إلى جميع الأماكن الأثرية بسبب وجود مفخخات وألغام زرعها إرهابيو “داعش” والتي يواصل الجيش العربي السوري إزالتها بالتعاون مع خبراء روسيين مبينا أنه يمكن إعطاء تقييم أدق حالما تنزع كل الألغام للوصول إلى كل المناطق ولا سيما منطقة المدافن الجنوبية الشرقية.
من جهة أخرى تحدث مدير شؤون المتاحف عن تعرض مواقع أثرية سورية أخرى لأضرار كبيرة وعمليات تنقيب سرية جراء الحرب الإرهابية على سورية وخاصة في المنطقة الشمالية ومنطقة الجزيرة وجنوب سورية موضحا أن مديرية الآثار ووزارة الثقافة اطلقتا العديد من البرامج لحماية عدد من المواقع الأثرية من خلال أبناء المجتمع المحلي عبر حملة “سورية بلدي”.
وأشار إلى أن المديرية تقوم بالتعاون مع الجهات المعنية بالتواصل مع الانتربول الدولي لاستعادة القطع الأثرية التي تم تهريبها عن طريق الحدود الأردنية والتركية و اللبنانية من قبل التنظيمات الإرهابية وتجار الآثار كاشفا عن نجاح مديرية الآثار بوقف بيع قطعة أثرية سورية عبارة عن نصب آشوري من تل شيخ حمد الأثري كان مزمعا بيعها في لندن ويتم حاليا القيام بالترتيبات اللازمة لاستعادتها.
وكشف ديب عن أن 99 بالمئة من المقتنيات الأثرية السورية موجودة في أماكن آمنة باستثناء متحف الرقة الوطني الذي سرق منه ألف قطعة اثرية وقطع أخرى من متحف دير عطية من قبل الإرهابيين.
وفي حديث مماثل أوضح الخبير البولوني بارتوس ماركوفسكي أن الفريق كشف في تدمر عن تعرض أكثر من 200 قطعة اثرية من تماثيل ورؤوس تماثيل للكسر وتقطيع الأيدي لافتا إلى أنه لم يتم حصر الأضرار بشكل نهائي ولكن تم حفظ نحو 130 قطعة من هذه التماثيل المحطمة ليصار إلى نقلها إلى دمشق وترميمها متوقعا أن تحتاج عمليات ترميمها إلى أكثر من أربع سنوات.
ووصف ماركوفسكي الذي قام بترميم تمثال أسد اللات في تدمر عام 2005 إنه شعر بالغضب الشديد عند رؤية التمثال محطما واصفا هذا العمل بالإجرامي بحق تمثال له أهمية وقيمة اثرية كبيرة حيث تعرض التمثال المصنوع من الرخام إلى أضرار كبيرة وحطم على ما يبدو بأداة حادة جدا مؤكدا في الوقت نفسه إمكانية ترميمه ولكنه يحتاج إلى وقت طويل.
من جهته قال الخبير البولوني روبيرت زوكوفسكي “إن معبد بل تعرض لضرر كبير ولكن اساسات المعبد باقية ما يساعد على إعادة ترميمه في حين أن قوس النصر الأثري تعرض لضرر أقل ومن الممكن ترميمه”.
وأكد الخبيران أنهما سيعرضان مشاهداتهما عما تعرضت له تدمر للمجتمع الدولي بهدف دعوة الجميع للعمل وتوزيع المعلومات على الخبراء الذين عملوا في تدمر والدعوة لعقد اجتماع لحشد الطاقات والإمكانيات المادية اللازمة للشروع بأعمال الترميم.
وتعرضت آثار مدينة تدمر لتدمير وتخريب ممنهج على يد تنظيم “داعش” الإرهابي بدءا من تحطيم تمثال أسد اللات في تموز من العام الماضي وتفجير معبدي بل وبعل شمين في شهر آب ثم تدمير المدافن البرجية في أيلول وكانت آخر جرائم “داعش” المعلن عنها بحق آثار تدمر تدمير قوس النصر الأثري الشهير في تشرين الأول إضافة الى تحويل متحف تدمر الوطني إلى سجن وما يسمى “محكمة شرعية” تضاف إليها جرائم التنظيم الإرهابي بحق أهالي مدينة تدمر ومنها إعدام الباحث خالد الأسعد.
سانا
إضافة تعليق جديد